وعليكم السلام
والرحمة
يحملنا اللون لتأخذنا
أنامله إلى تلك الأعماق، إلى رحلة الفرح و الوجع، يشاركنا الإحساس بين حنين و أشواق،
لنركب موجه و لحكايته نتّبع، هو الذي بالعطاء سبّاق، لتعبرنا دواخله و لنشيدها نستمع،
بين خطوطه نقطف الاشتياق، لابتسامة بريقها يسطع، فتخطفنا نحو الانطلاق و الانعتاق،
سفر للروح يبهج و يمتع، هو الذي أكد أن الفن عملاق، و لكل الأذواق يجمع، ليحصد بذلك
لقب الفنان عن استحقاق، و هدفه الإبداع و له يسجع، هو الفنان التشكيلي السوري فايز
الصدقة.
كل الحب والاحترام
لكم ولهذه اللفتة الجميلة شكرا لثنائك أهلا ومرحبا بك
س إذا ما استنشقنا
لون الفنان التشكيلي "فايز الصدقة"، كيف ينتشينا إحساس التواصل و العبور؟
ج شكرا لك، ببساطة
الفن التشكيلي هو قيمة جمالية نستطيع التواصل بها مثل النوت الموسيقية، لغة عالمية
نستطيع التواصل عبرها وقراءتها مهما اختلفت جنسيتنا ولغاتنا، وكل فنان له أسلوبه ومدرسته
التي ينتمي إليها... وأنا احد الفنانين الذين يعبرون بالفن أفضل من تعبيرهم بأي شيء
أخر..
س ماذا تخبرك اللوحة
عن خلجاتها و هل يرضيها تفاعلك معها؟
ج تخبرني الكثير
لا نهاية لما فيها، غالبا ما ابدأ حوار معها بين ما عندي وما ينتج عن ضربات ريشتي من
أسرار مقصودة أو لون ما بضربة ريشة ما لا إرادية من القلب تخرج فتعطيني سرا.. الرضى
من قبلها أمر أكيد فكل ضربة ريشة تدل لما بعدها، لا استطيع أن انتهي من لوحة ما إن
لم تكن قد رضت عن تفاعلي معها وتفاعلت هي معي لننتج عملا مميزا.
س كيف تنتظرك اللوحة
لتحتضن روحها و تمسك بطريقها إلى هنالك؟
ج هناك علاقة قوية
بين لوحتي وروحي، عندما نرسم كفنانين، هي ليست فقط تقنية ومزح لون، هي جزء من روح ينبثق
إلى اللوحة فيستطيع الجمهور الشعور بها، فعندما أقف أمام لوحتي أراها تنتظرني، تكلمني،
أنا احتاجك، يدلني كل نقص فيها إلى المرحلة التالية لأكمله، وهكذا تكون شوقا بيني وبيناها
لتكمل الطريق.
س متى يقول الفنان
التشكيلي "فايز الصدقة" افتكني نشيدك أيتها اللوحة، بضوضاء عزفت فيّ العودة
و الرحيل؟
ج أقولها بعد ساعات
من الرسم المتواصل والذوبان بين لوني ولوحتي، عندما ارجع إلى الخلف لأراها عن بعد بشكل
اصح واتامل فيها ما صنعته يداي على خشب وقماش ابيض لا قيمة له، انظر اليها وتناديني
وتقول ينقصني ويضطرب عقلي بما تريده وما أريد، فاصرخ افتكني نشيدك أيتها اللوحة بضوضاء
عزفت في العودة والرحيل.
س أوصافك أيتها
اللوحة تخطف اللون الجريح، فإلى أين؟
ج اغلب هذه اللوحات
خلقت ضمن سنوات مجروحة بإرهاب خطف البهجة من العقل واللون واللحن، فبغير إرادة، اللون
الجريح له دور بكل لوحة في نظرة العين في اللون دائما بغير إرادة نراه في اللوحة، فالفنان
يتأثر بما يدور حوله ويؤثر بمن حاله.
س نظرة اللون تثقب
الرماد، فيعلو بجناحيه ليعانق المسافات، كيف تناظر هذه الرؤية؟
ج اقتبس من قول
المعلم الكبير "بابلو بيكاسو" الفن يزيل عن الروح غبار الحياة اليومية. فهو
يثقب أتعابنا اليومية، فعندما نراه يحرك فينا الجزء الداخلي ويشعرنا بالحماسة لنحلق
بما نراه وكل لون له مقصد ودلالة يؤثر بنا كل بتأثيره
ج يكبرني كثيرا،
لان بكل لون الكثير من الدلالات والمعاني بحسب ما أراه وما أنا عليه من حالة نفسية،
فعندما أكون فرحا أراه بمعنى، وعندما أكون حزينا أراه بمعنى، فهو يكبرني كثيرا ويقوم
بمسايرتي والعطف علي بحسب حالتي ليساعدني بالتوازن.
س هدوء اللون،
مفعم بالضجيج، كيف يروّضه إحساس الفنان التشكيلي "فايز الصدقة"؟
ج توازن اللوحة
مابين الصخب الداخلي والهدوء الخارجي.. غالبا الجرأة في ضرب اللون في أي عمل تستطيع
ترويض اللون والتحكم بالعمل فافرض سيطرتي على الواني بجرأتي وثقتي برؤيتي لعملي قبل
أن أقوم بصنعه.
س ماذا تتبضّع
اللوحة من روح الفنان التشكيلي "فايز الصدقة"، فيتسلل إلى دواخلنا و يستكين؟
ج الأمل والصمت
والحب.. هذا ما تقوم اللوحة بالتفاخر به أنها أخذته من روحي
س تؤكد الروائية
الانجليزية "جورج إليوت" بأن "كل شيء في هذه الحياة سيغادرنا و يذهب
بعيدا عنا"، عندما تغادرك اللوحة، ماذا تقتلع من أعماقك، و كيف يزاحم فراقها النزف
فيك؟
ج أنا أشبه لوحاتي
بأجزاء روحي، عندما أفارق لوحة اتالم لاقتصاص شي من روحي وأخذه، انه الم فظيع مهما
كان أي عمل ولو كان سكيتش اتالم بمجرد أن انظر ولا أراه بمكانه الذي اعتدت، ولكن كما
ذكرت الروائية لابد أن تفارقني أعمالي، لا نهاية لألم الفقدان إلا فناء الروح..
س تقطفني ملامحي
العائدة من بين أنفاسك، أيها الخط الراكض في الحواس، فإلى متى؟
ج رحلتي مع الخط
رحلة عميقة جدا، هندسة الفراغ في الخط العربي وتناسق أبعاده ورصف نقاطه أمر يثيرني
ويدهشني، عندما أقوم بعمل لوحة من الخط العربي أو بنقل لوحة لخطاطين عظماء كهذا العمل
الذي نراه، اشعر بالدهشة، كل من يراني اكتب ترين ملامح الدهشة في عينيه، لأنه مجرد
رؤية الحبر ينزف من القصبة ذات الصوت الرنان على الورق الأبيض اللامع لتتحكم في فراغ
البياض وترسم السواد، أمر غاية في الروعة، الحط هو تهذيب للروح وراحة للنفس في مشقه
ورؤيته.. الخط علمني الكثير وثقلني بالفن التشكيلي أيضا وهذب روحي وخضرها لصنع ما هو
أفضل بكل المجالات...
س تلفّني تواشيحك،
أيها الخط، و لحنك يسقيني السفر، كيف تتفاعل مع هذه العاطفة؟
ج بانسياب روحي
مع كل تمايل موزون بنقاط لكل حرف، بنقاط مرصوفة كأنها وضعت لحماية الحرف من التأرجح
لا حدود لسفر الروح بين فراغ الحرف العربي.
س "لماذا
أراك على كل شيء، كأنك في الأرض كل البشر، كأنك دربٌ بغير انتهاء، وأني خلقت لهذا السفر،
إذا كنت أهرب منك .. إليك، فقولي بربك.. أين المفر؟"
ج للرائع فاروق
جويدة من أروع الاقتباسات التي أثرت ووجدت نفسي أطوف في محورها لتنساب ريشتي على لوحتي
وترسم شيء مما لمست فيها، فعندما انتهيت من الرسم وجدت أني أهدي العبارة للوحتي وليس
ارسم ما شعرت من المقولة فأقول للوحاتي دائما إذا كنت أهرب منك إليك فقولي بربك أين
المفر...
س "أصغي إلى
الليل الهائل"، عندما يتذوّق الإنسان "فايز الصداقة" شمائل الليل، ماذا
يستطعم الفنان التشكيلي "فايز الصدقة"؟
ج الهائل أكثر
في غيابك.. في الليل دائما تطفو الذكريات إلى سطح العقل وتبدأ تبعث بسيالات للقلب ليتشبع
بالحنين ويصبح السكوت مليء بالكلام، فابدأ باستطعام الخوف تارة والندم تارة بتنهيدة
والأمل ببسمة في منتصف السكوت هنا في منتصف الليل استطيع الرؤية بطريقة مختلفة لتتجمع
الأفكار وارى بوضوح وابدأ بالرسم باندماج مذهل بين ذكريات الماضي وخوف الحاضر وأمل
المستقبل.
س ما العطر الذي
تقطفه من أنشودة الذاكرة، اذا ما سقيتها بعبق الحاضر و أنفاس المستقبل؟
ج اقطف حياة لا
وجود للشر فيها، لا وجود للحزن المفتعل من الآخرين، نارنج وخضرة وألوان زاهية دافئة.
راحة، طواف، وحب، تمسكي برائحة الأمل في ياسمين دمشق يجعلني من غير إدراك رؤية مستقبل
لا خوف فيه، فيغمر عطر تلك الياسمينة قلبي ويملئ جدران قلبي.
س بين المحبة،
الأمل و ياسمين دمشق، أين يترجّل الإنسان، السوري "فايز الصدقة"؟
ج أترجل في تاريخ
دمشق، بقلعتها، بين أزقتها، في عصافيرها، في بسمات أهلها، في فقرائها، في بسطائها،
في أدق تفاصيلها أكون..
س كيف نكون و الوطن
جريح؟
ج نكون بتمسكنا
به، الوطن لنا بجرحه وعافيته، نحن من نلئم جرحه، نحن قلبا بقلب وحبا بِحُب وسلام بسلام،
ترين الوطن في بسمة كل فقير اختار البسمة ولئم جرحه. وطننا وان جُرح لن ترين انه جريح
لأنه ذو كبرياء عجيب. سنكون وسنرسم السلام بكل مكان سنرسم سنابل قمح وزيتون فوق الجرح
ليكون جميلا وسنكمل الحياة بابتسامة وحب وثبات.
س كيف تبتسم لك
سوريا، و الآه بالروح تملّكت؟
ج سوريا، مهما
تألمت تبتسم، كل ما تألمت تبتسم لا حدود لصبرها.. ترين بسمتها في رضا أهلها وتمسكهم
بها أكثر، الألم صحيح ولكن فيض الحب والأمل في شوارعها يزيله بسرعة الوقت يمر.. يمر
بسرعة هنا لأن خلق السعادة في بلدي أمر بسيط وساعات الفرح لا نشعر بوقتها وهنا في كل
ساعة تخلق بسمة رغم كل شيء.. ننظر للمستقبل ونتعلق بالأمل ونسعى للفرح مهما كان بعيدا...
شكرا لك الفنان
التشكيلي على حسن تواصلك و إلى لقاء آخر إن شاء الله
الشكر والامتنان
لك، لك تقديري واحترامي ومحبتي وتمنياتي بالحب
والسلام لكل الإنسانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق