*سذاجةُ امرأة
يصلُ إلى بيته عِندَ المساء .. يقرعُ باباً خشبياً متهالكاً.. تفتحُ زوجته المُتجمّدة مِنَ البَردِ .. فيُباغتها بالقوْلِ : أتتْ هُدى .. تبدأ الزّوجةُ بالصّراخ عليه .. تقومُ بدفعه مِنْ أمامها بكل قوّتها .. تخرجُ كالمجنونةِ تَحْتَ المطرِ، وتبدأ بالبحثِ عَنْ هُدى في الزُّقاقِ وخلف الشُّجيرات الحانية بفروعها.. تعودُ بعد لحظاتٍ مِنَ البحثِ المجنون مُبلّلةً مِنْ المطرِ.. تسأله بهستيريةٍ تملأُ مُحيّاها أينَ هي؟ أينَ خبأّتها .. يُحاولُ إفهامها بأنّ "هُدى" مُجرّد اسم لعاصفةٍ
ستدخلُ المنطقةَ الآن ، لكنّها لا تفهمُ مِنْ كلامه أي شيء .. وتبدأُ بالصُّراخ.. فيرفعُ سمّاعةَ الهاتفِ ، ويتّصلُ بالأرصادِ ويتركُ عمداً مُكبّرَ الصّوت مفتوحاً، فتسمعُ زوجته ماذا يقولُ أحدُ العاملين في محطّةِ الأرصادِ.. تبدأُ الزّوجةُ المسكينةُ بالقهقهةِ بصوتها العالٍ .. وزوجُها المغلوب على أمره يضحكُ خفيةً ومستتراً خلفَ ستارةٍ متّسخةٍ ويقول بصوتٍ خافتٍ يا للسّذاجة ما أجمَلُها .. يتمتمُ في ذاته لا ألومُ هذه المسكينة ، فهي امرأةٌ أُمّيّةٌ ، وبسبب أنّه لا يوجدُ لدينا تلفاز ولا مِذياع ، فمِنْ أينَ لها تعرفُ عَنْ "هُدى"، لكنْ الحمدُ للهِ بأنّنا نملكُ هاتفاً ، ولولاه لكُنتُ تَحْتَ صُراخها أئِنُّ..
في المرّةِ القادمةِ سأقولُ لها بأنّ مُنخفضاً جوياً يدخلُ منطقتنا ، فهكذا هي تستوعب الحديث ، وحينها سأُوفّرُ على حالي إزعاجها المجنون، وأتّقي ضرباتَ يديّها القويتيّن .. فأنْ تعيشَ مع امرأةٍ ساذجةٍ لدرجةِ الجُنونِ ، فمعناه عليكَ تحمُّل النّتائج .. وإلّا ستجدُ نفسكَ غارقاً في معاركٍ جانبيّةٍ أنتَ في غِنىً عنها ..
*الخاتم
غابت الشمس وانتشرت خيوط العتمة في صحراء قاحلة، كانت السماء مليئة بالسحب، لم يريا القمر في تلك الليلة .. أضواء السيارت عللى الطريق السريعة المسرعة أضاءت قليلا حيث كانا يقفا، صوت الصحراء بدا هادئا وأعطى جوا من الخوف، بقيا يدوران في ذات المكان، كان هو يبحث بجنون بولاعته عن خاتم أهداه ذات زمن لامرأةٍ كانت خطيبته أما الآن فباتت زوجته وهي التي لم تنتبه وأضاعت الخاتم.. تعبا من البحث في العتمة.. كانت تصر على أنها أضاعت الخاتم هناك في تلك المساحة، التي جاباها ذهابا وإيابا، جلسا على الرمل الدافئ ، غير أن نسمات باردة كانت تهب وترطب وجهيهما، بقيا ينظران إلى السيارات المسرعة، ومن شدة التعب غفيا لبرهة من الزمن، لأنهما سمعا صوتا غريبا.. فقالت له هذا ابن أوى، وعادت بعد أن نظرت صوبه، وقالت له لقد جعتُ، هيا بنا لنعود إلى بيتنا غدا.. سنبحث عن الخاتم في النهار، فقال لها: لربما هنا في الصحراء حيوانات مفترسة أخرى كالضباع مثلا، لربما تفترسنا الحيوانات، فهيا بنا نذهب إلى الطريق السريعة، وسارا وبخطوات بطيئة على الرمال، وحين وصلا إلى الطريق السريعة، استوقفا سيارة، وركبا في مقعدها الخلفي، فقالت له: لماذا أنتّ مهتم بهذه الخاتم؟ فقال لها لأنه ذكرى من أُمّي..
*سررتُ لسرقتِها قلبي ذات ليلةٍ
ما أروع سرقة تلك المرأة لقلبي ذات ليلةٍ كنت فيها ضجِرا!، لكن الضّجر تبدّد فجأة حينما أتتْ امرأة أحببتها ذات يومٍ ونسيتها مع مرور الزمن، لأنها كانتْ وقحةً في أجوبتها عن أسئلة في الحُبِّ، لكنني سررتُ منها حينما سرقت مني قلبي ذات ليلةٍ، ومنعت أي حبّ ثانٍ يخترق جدران قلبي، الذي راح يخفق أعمدةً من فرحٍ مجنون من عناقها الساخن في غرفة رطبة وجدرانها باهتة بألوانها الغريبة منذ زمن..
إن روعة سرقتها لقلبي كانت تكمن في مسكها لنبضات القلب، الذي ظل يخفق بجنون من عناقٍ لم أعهده من قبل.. ففي العناق شعرتُ بأنني ولدتُ من جديدٍ بعد عيشي في ضجرٍ مجنونٍ منذ زمن ممل..
في تلك الليلة سُرقَ مني قلبي من شفتي امرأة مجنونة في الهمس عن الحُبِّ.. لم أكن أدري بأن سرقةَ القلوب في العتمة رائعة، رغم أنني بقيتُ أتنفّس همساتها من لمساتِ شفتيْن تواقتيْن للحُبِّ..
*النادلة
بات متلهفا للذّهاب إلى المقهى العصري ليس لأنّ ديكور وهدوء ذاك المقهى يجذبانه، بل لأن النادلة ترغمه على الحضور من ابتسامتها الغريبة، فابتسامتها الساحرة تجعله في مزاج رائع، رغم أنه لا يتكلّم معها سوى أنه يطلب منها كعادته فنجانا من القهوة ليحتسيه بهدوء في مكان هادئ، فالنادلة بابتسامتها تبدو ساحرة، رغم أنه لا ينظر إليها سوى ثلاث مرات، حينما يدخل إلى المقهى، وتراه وتبتسم، وتجعله يبتسم، وحين يطلب منها فنجانا من القهوة وتبتسم، وحين يدفع لها ثمن القهوة عندما يهمّ بالخروج.. ثلاث نظرات صوب النادلة باتت تجعله يحبّ الذهاب إلى ذاك المقهى، لكنه كان يقول في ذاته: هذه النادلة تجعلني أبتسم، رغم همومي، لأن من ابتسامتها أنسى همومي، ولو لحين..
*بائعة الورود
ترمي بزهورِ سنينها على رصيفِ الشّارع.. وجهُها كورودها ما زال ناضرا، أشاهدها كلّ يوم تذبح ضجرها بابتساماتها للمارّة.. تبيع للناس ورودها، تجلس على كرسيِّ يطوي، تحلُّ كلمات متقاطعة لقتلِ الملل.. تريد أن يمرَّ الوقتُ بسرعة لتعودَ إلى منزلها، أذهبُ كل يوم لشراءِ وردةٍ حمراء، تقول لي: كل يومٍ تشتري الوردةَ الحمراء يبدو بأنكَ غارقٌ في الحُبِّ، مع أنني أشتريها وأضعها في المزهرية، فهي لا تعرفُ بأنني غارقٌ في حُبّها، لم أقل لها، فهي لا تدري بأنّ شراءي للوردة الحمراء ذريعةٌ لكي أرى وجهها المشعّ بلون الورود، امرأة تبيع الورود على رصيفِ شارعٍ هادئ تحت شجرة بيتولا .. هي لا تدري بأنني أتودّد إليها، فحين تسألني لمن الوردة الحمراء؟ أصمتُ، لكنني في المرة القادمة سأقولُ لها الوردة الحمراء لكِ، إلا أنني اليوم لا أراها تجلس في مكانها المعتاد، ربما هي مريضة، لأنني شاهدتها البارحة تسعل، فبائعة الورود ستأتي غدا أو بعد غدٍ هكذا الحاسة السادسة تقول لي، لكن الحاسةَ تخبرني بأنني لن أتجرّأ للبوْح عن حبّي لها.. لا أدري ربما سأتجرّأ في يومٍ ما...
يصلُ إلى بيته عِندَ المساء .. يقرعُ باباً خشبياً متهالكاً.. تفتحُ زوجته المُتجمّدة مِنَ البَردِ .. فيُباغتها بالقوْلِ : أتتْ هُدى .. تبدأ الزّوجةُ بالصّراخ عليه .. تقومُ بدفعه مِنْ أمامها بكل قوّتها .. تخرجُ كالمجنونةِ تَحْتَ المطرِ، وتبدأ بالبحثِ عَنْ هُدى في الزُّقاقِ وخلف الشُّجيرات الحانية بفروعها.. تعودُ بعد لحظاتٍ مِنَ البحثِ المجنون مُبلّلةً مِنْ المطرِ.. تسأله بهستيريةٍ تملأُ مُحيّاها أينَ هي؟ أينَ خبأّتها .. يُحاولُ إفهامها بأنّ "هُدى" مُجرّد اسم لعاصفةٍ
ستدخلُ المنطقةَ الآن ، لكنّها لا تفهمُ مِنْ كلامه أي شيء .. وتبدأُ بالصُّراخ.. فيرفعُ سمّاعةَ الهاتفِ ، ويتّصلُ بالأرصادِ ويتركُ عمداً مُكبّرَ الصّوت مفتوحاً، فتسمعُ زوجته ماذا يقولُ أحدُ العاملين في محطّةِ الأرصادِ.. تبدأُ الزّوجةُ المسكينةُ بالقهقهةِ بصوتها العالٍ .. وزوجُها المغلوب على أمره يضحكُ خفيةً ومستتراً خلفَ ستارةٍ متّسخةٍ ويقول بصوتٍ خافتٍ يا للسّذاجة ما أجمَلُها .. يتمتمُ في ذاته لا ألومُ هذه المسكينة ، فهي امرأةٌ أُمّيّةٌ ، وبسبب أنّه لا يوجدُ لدينا تلفاز ولا مِذياع ، فمِنْ أينَ لها تعرفُ عَنْ "هُدى"، لكنْ الحمدُ للهِ بأنّنا نملكُ هاتفاً ، ولولاه لكُنتُ تَحْتَ صُراخها أئِنُّ..
في المرّةِ القادمةِ سأقولُ لها بأنّ مُنخفضاً جوياً يدخلُ منطقتنا ، فهكذا هي تستوعب الحديث ، وحينها سأُوفّرُ على حالي إزعاجها المجنون، وأتّقي ضرباتَ يديّها القويتيّن .. فأنْ تعيشَ مع امرأةٍ ساذجةٍ لدرجةِ الجُنونِ ، فمعناه عليكَ تحمُّل النّتائج .. وإلّا ستجدُ نفسكَ غارقاً في معاركٍ جانبيّةٍ أنتَ في غِنىً عنها ..
*الخاتم
غابت الشمس وانتشرت خيوط العتمة في صحراء قاحلة، كانت السماء مليئة بالسحب، لم يريا القمر في تلك الليلة .. أضواء السيارت عللى الطريق السريعة المسرعة أضاءت قليلا حيث كانا يقفا، صوت الصحراء بدا هادئا وأعطى جوا من الخوف، بقيا يدوران في ذات المكان، كان هو يبحث بجنون بولاعته عن خاتم أهداه ذات زمن لامرأةٍ كانت خطيبته أما الآن فباتت زوجته وهي التي لم تنتبه وأضاعت الخاتم.. تعبا من البحث في العتمة.. كانت تصر على أنها أضاعت الخاتم هناك في تلك المساحة، التي جاباها ذهابا وإيابا، جلسا على الرمل الدافئ ، غير أن نسمات باردة كانت تهب وترطب وجهيهما، بقيا ينظران إلى السيارات المسرعة، ومن شدة التعب غفيا لبرهة من الزمن، لأنهما سمعا صوتا غريبا.. فقالت له هذا ابن أوى، وعادت بعد أن نظرت صوبه، وقالت له لقد جعتُ، هيا بنا لنعود إلى بيتنا غدا.. سنبحث عن الخاتم في النهار، فقال لها: لربما هنا في الصحراء حيوانات مفترسة أخرى كالضباع مثلا، لربما تفترسنا الحيوانات، فهيا بنا نذهب إلى الطريق السريعة، وسارا وبخطوات بطيئة على الرمال، وحين وصلا إلى الطريق السريعة، استوقفا سيارة، وركبا في مقعدها الخلفي، فقالت له: لماذا أنتّ مهتم بهذه الخاتم؟ فقال لها لأنه ذكرى من أُمّي..
ما أروع سرقة تلك المرأة لقلبي ذات ليلةٍ كنت فيها ضجِرا!، لكن الضّجر تبدّد فجأة حينما أتتْ امرأة أحببتها ذات يومٍ ونسيتها مع مرور الزمن، لأنها كانتْ وقحةً في أجوبتها عن أسئلة في الحُبِّ، لكنني سررتُ منها حينما سرقت مني قلبي ذات ليلةٍ، ومنعت أي حبّ ثانٍ يخترق جدران قلبي، الذي راح يخفق أعمدةً من فرحٍ مجنون من عناقها الساخن في غرفة رطبة وجدرانها باهتة بألوانها الغريبة منذ زمن..
إن روعة سرقتها لقلبي كانت تكمن في مسكها لنبضات القلب، الذي ظل يخفق بجنون من عناقٍ لم أعهده من قبل.. ففي العناق شعرتُ بأنني ولدتُ من جديدٍ بعد عيشي في ضجرٍ مجنونٍ منذ زمن ممل..
في تلك الليلة سُرقَ مني قلبي من شفتي امرأة مجنونة في الهمس عن الحُبِّ.. لم أكن أدري بأن سرقةَ القلوب في العتمة رائعة، رغم أنني بقيتُ أتنفّس همساتها من لمساتِ شفتيْن تواقتيْن للحُبِّ..
بات متلهفا للذّهاب إلى المقهى العصري ليس لأنّ ديكور وهدوء ذاك المقهى يجذبانه، بل لأن النادلة ترغمه على الحضور من ابتسامتها الغريبة، فابتسامتها الساحرة تجعله في مزاج رائع، رغم أنه لا يتكلّم معها سوى أنه يطلب منها كعادته فنجانا من القهوة ليحتسيه بهدوء في مكان هادئ، فالنادلة بابتسامتها تبدو ساحرة، رغم أنه لا ينظر إليها سوى ثلاث مرات، حينما يدخل إلى المقهى، وتراه وتبتسم، وتجعله يبتسم، وحين يطلب منها فنجانا من القهوة وتبتسم، وحين يدفع لها ثمن القهوة عندما يهمّ بالخروج.. ثلاث نظرات صوب النادلة باتت تجعله يحبّ الذهاب إلى ذاك المقهى، لكنه كان يقول في ذاته: هذه النادلة تجعلني أبتسم، رغم همومي، لأن من ابتسامتها أنسى همومي، ولو لحين..
*بائعة الورود
ترمي بزهورِ سنينها على رصيفِ الشّارع.. وجهُها كورودها ما زال ناضرا، أشاهدها كلّ يوم تذبح ضجرها بابتساماتها للمارّة.. تبيع للناس ورودها، تجلس على كرسيِّ يطوي، تحلُّ كلمات متقاطعة لقتلِ الملل.. تريد أن يمرَّ الوقتُ بسرعة لتعودَ إلى منزلها، أذهبُ كل يوم لشراءِ وردةٍ حمراء، تقول لي: كل يومٍ تشتري الوردةَ الحمراء يبدو بأنكَ غارقٌ في الحُبِّ، مع أنني أشتريها وأضعها في المزهرية، فهي لا تعرفُ بأنني غارقٌ في حُبّها، لم أقل لها، فهي لا تدري بأنّ شراءي للوردة الحمراء ذريعةٌ لكي أرى وجهها المشعّ بلون الورود، امرأة تبيع الورود على رصيفِ شارعٍ هادئ تحت شجرة بيتولا .. هي لا تدري بأنني أتودّد إليها، فحين تسألني لمن الوردة الحمراء؟ أصمتُ، لكنني في المرة القادمة سأقولُ لها الوردة الحمراء لكِ، إلا أنني اليوم لا أراها تجلس في مكانها المعتاد، ربما هي مريضة، لأنني شاهدتها البارحة تسعل، فبائعة الورود ستأتي غدا أو بعد غدٍ هكذا الحاسة السادسة تقول لي، لكن الحاسةَ تخبرني بأنني لن أتجرّأ للبوْح عن حبّي لها.. لا أدري ربما سأتجرّأ في يومٍ ما...
عطا الله شاهين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق