اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

العصفورة ــ فصة قصيرة .. ..**هُدى محمد وجيه الجلاب

أمسية نقدية مُملّة، سرَت باردة القلب دون أنْ تنوي ترك غبار فوق سطوح أفكاري لولا نظراته التي ما انفكت تطاردني طيلة الوقت..
نهضَ قلبي قبلي حين اقتربَ مِن مكان جلوسي..
كالعادة كما عُرفت كنتُ أقبع في الصف الثالث مِن مقاعد صالة المركز الثقافي العربي، قبالة المنبر على الضبط..
تقدّم نحوي مُتردداً يرتدي الخجل سربالاً وفي عينيه ألف سؤال..
وقف، بلع ريقه، رتّب هندامه، بدا كأنّه يحاول التماسك، دون أنْ يرفّ له جفن كي يقنعني بحضوره قال: أحتاجكِ لموضوع هام.أفصصُ ملامحَ وجهه الأبيض المستطيل، ذقنه المُشذبة بإتقان:- أنا حاضرة.
عاد الحياء بوضوح فوق جبينه المُندّى رغم برودة شهر شباط: -لا ليس الآن ألا ترين؟ الجميع ينظر نحونا باستفهام، خاصة رفيقتك السمراء التي ترافقك باستمرار.
رجع إلى الوراء ببطء: أفضّل أنْ أرسلَ رسالة على الجوال.
أجبته بهدوء:- لا بأس كما تريد، أنتظر رسالتك.
نظر بتمعن في رقعة وجهي المحدود بحجاب أزرق، أدار ظهره ورحل دون التفاتة أخيرة.
كاد يخلع أوصالي لولا صوت صديقتي: - هيا تعالي ما قصتك؟
اختفى بسرعة كأنّه لمْ يكن على بعد خطوتين، رائحة عطره الحلو مازالت تعشش في رئتيّ، يا لذوقه الرفيع، سأسأله عن اسم هذا العطر يوماً كي أنثره كلّ ليلة على وسادتي.
- تصرخ صديقتي:- ماذا أصابك؟ خرج الجميع وأنت جامدة مثل فزاعة عصافير، سيأتي المُستخدم ويقفل الباب.
- طريقي اليوم مختلف عندي موعد مع طبيب الأسنان. حجة معقولة كي أبعدها عن طريقي.
أغوص وحيدة في بحر عذب، يموج فكري: أراه للمرّة العاشرة على نفس المسيرة، ينظر من بعيد لبعيد دون كلام، ما أرق صوته؟ ربّما يلحق بي ويتكلم على راحته.
أبتسمُ وفي بالي قولها: فزاعة عصافير؟
نعم تقول العصفورة أنّني معشوقة، وربّما عاشقة غداً، تقول أيضاً: يجب أن أفتح هاتفي النقال كي أستقبل الرسالة القادمة على جنح الأمل.
أفتح المحفظة كي أعيد الهاتف إلى حالته العامة بعد أن تركته يعاني حنظل الصمت مدة ساعتين خلال الأمسية حسب قواعد الجلسة . ياه هاتفي النقال فارغ الشحن، يجب العودة بسرعة البرق إلى البيت كي أسد جوع الحديدي الشره الذي لا يشبع شحن ولا وحدات.
خطوات سلحفاتية لا تعطي النتيجة المرجوة، لا بد من سيارة أجرة ويعوض الله.
في سيارة صفراء، ألف لون لعب أمام عينيّ بحريّة ..
مالها تلك السيارة تمشي بغنج صبية تتمشى بدلال على طريق العشاق؟ ما بال المرور هذا اليوم؟
إشاراته مستنفرة، آه نسيت اليوم 14/2 عيد العشاق ..
تقول العصفورة: إذاً يريد أن يقدم وردة حمراء، لكن لا أدري ما سيكتب في رسالته، العصافير لا تقرأ الغيب.
أنظر من خلال نافذة السيارة، لا أرى إسفلت الطريق، تقفز تفاصيل طيف قديم يزورني من حين إلى آخر في الأوقات السارحة وأسبح مع الطيف بتوق..
طيف غريب لكنه أحلى ما يدور حول مُخيلتي، أرقّ ما يترقرق في لحظ القلب، أراني معه في لجّة سِحر غامض، أجري وأنسابُ كجدول منسيّ..
أموجُ بين مد وجزر فيلطمني جلمود يأس ويُرجعني حيث أنا إلى واقع سيارة بطيئة بسبب الحواجز المُتتالية ..
هذا حظّي مِن الدُنيا، هذا نصيبي أنْ أغرس حبّات الفرح في القلوب ولا أفوز بلمس نسيجه بمسام روحي أتراني سأنتهي آخر المطاف حبيسة شِباك تعارك نوازع الشوق والحنين؟ بعناق بعض حروف وصور كربيع يبثّ عبير الألوان وبراعم الزهور ولا يحظى بطعم ثمرة صيفيّة ..
لا، ابعد عني يا شبح القلق المقيت، يبدو عاشقاً ستبوح رسالته بعد قليل ما هي إلا دقائق..
ينبضُ قلبي بسرعة فأنادي السائق: بسرعة أرجوك أشعر بغثيان.
مُفتاح البيت يختبأ في حقيبة يدي بين أوراق مُبعثرة و أقلام: لا وقت للعب أيّها المُفتاح المشاغب، الرسالة تنتظر على جمر.
ألجُ البيت أخيراً. أمشي فوق السجادة بحذاء ملوث بالطين، يؤنبني ضميري فأعود بقدمي وأمد جذعي ويدي نحو المأخذ كي أشحن معدة الجوّال وتنقطع في اللحظة الحاسمة رحمة الكهرباء، أضحك بهستريا: حتى أنتِ ضدي يا بنت الحلال.
أبحث عن شمعة وأتذكر ضوء الكاز المتربع على خزانة الأحذية وراء الباب، ذاك المشهد الذي أعاد زمن جدّتي..
على ضوء كاز فقير أخلع الحذاء وأضعه في مكانه المخصص، أحاور ذهني بأسف: معي ثلاث ساعات أو أكثر، أستطيع الوصول بهذا الوقت إلى مدينة حمص في الشمال، لكن هُناك لا يوجد كهرباء ولا تغطية.
على ضوء الكاز أتناول أحمر شفاه فاقع، ألون شفاه باهتة وأتباهى بشكل زاهي أمام المرآة: ها هو الحُبّ آت أخيراً كي يشبع عطش الروح بماء المطر، ليروي جفافاً سكن الفؤاد، سطره زمن أخرس أعمى..
أحاول النوم قليلاً على الأريكة ريثما تحن شركة الكهرباء، بجرعة قليلة نُحيّ فيها أنفاس هاتفي ولا جدوى، لا بد من الانتظار..
تلعب كلّ فئران العالم في تضاريس الصدر المُتعب: يجوز يريدني أن أمهد طريقاً لأجل صديقتي، لقد كان ينظر نحونا، ربَّما لم أميز هدفه. يا إلهي أشعر بضعف غريب، ما الذي أوصلني إلى هُنا؟ رسالة صغيرة تبعثرني؟ أنا التي كُنتُ أحسبُني سنديانة وإذ بي ريحانة ضعيفة تتلقفها أذرع ريح عابثة.
ذاكرة نشيطة تلعب لعبتها لتزيد الأنين في حجرة ساكنة: في حياتي مرّ الحبّ غيمة شحيحة، لمْ يرو عطش عروق ولمْ يُخيّم فوق الخاطر ولمْ يحفر أرض ذاكرتي ببصيص ..
أخشى أنْ تحبسني الظلال العنكبوتيّة، تجعلك صفحة وجهي ويبهت كستناء ضفائر في حفرة عمياء قبل ولوج فجر ضاحك إلى المُحيط المسجون ..
دبيبُ الوقت يُجفلني، أراه يتسلل هارباً منْ بين أصابع غافلة، يمشي شارداً كساعة رملية تتسرب حُبيباتها العابثة، تبهت ملامحها ليطويها زمن جاحد في صندوق متين،
لتضيع الآثار كأنّها لنْ تأتي ..
ما زلتُ آخر كلّ صباح ومساء أرقب بكلّ الحواس راجية أدور وأبحث عنْ حبّة رمل تتلألأ في قبضة يميني، تبقى طوع أناملي، أداعبها أناغيها أدحرجها فوق كفّ يدي، تدغدغ مسامات مشاعري، تثير رغبات نفسي وتحرّك صدى شراييني ..
مازلت أحاول كمش لحظة تستنبت فرحاً لتزهر روضة القلب وتتعطر أنفاس السنين ..
لتهدأ ظنوني أغنّي فتزيد نار الأغاني لهيبي وتأتي بنت الحلال بعد ألف موال ..
أركض مجنونة، أتعثر بطرف سجادة مستاءة من بصمات حذاء ملوث بأهوال.
يقع هاتفي مِن يدي وراء طاولة الكومبيوتر..
أهرع إلى عصا الممسحة، أسحبه من رقبته العريضة: تعال أيّها الهاتف الهارب لا وقت للعب.
أضع هاتفي ممتعضاً على غير العادة، كي يشبع معدته الفارغة، أعض شفتي السفلى بتوتر، أجلسُ القرفصاء وأهز قدميّ .. كأنّ مثانتي ممتلئة بالماء، الله عليك يا شركة الكهرباء يا حنونة.. أسرعي أيّتها الرسالة الحبيبة قبل أن يغيروا رأيهم ويقطعوا حبال الصوت والأنفاس.
يُظهر وجهاً مُبتسماً، طبعاً حضرة الهاتف ..
الرسائل؛ الصندوق الوارد؛ رقم دون اسم: سأحفظ الاسم لاحقاً لكن تقول العصفورة: لنقرأ الرسالة الرومانسية أولاً ..
رسالته تقول " معكِ عشرة ألاف ليرة سورية دين وأكون ممتناً لطفك ".
أضحك منْ قلبي وأغلق ثغر الذكي الذي كما يبدو شعر مُسبقاً بالأمر وأراد المراوغة
كي يخفف المُصاب ..
أمسح أحمر الشفاه وأمسكُ بيد دفتري وأكتب للذكرى فقط: - خسرت العصفورة وربحت الفئران.
أغلقُ السرّ الدامع على أمر مضحك مُبكي، أضغط زر تلفاز نشيط وأتابع نشرة أخبار المساء..
ترعبني صور حمراء سوداء وتؤلمني أصوات وآهات وأنادي بألم:- الله معك يا حمص.
تنقطع الكهرباء ثانية، أتلحف الغطاء السميك وأجلسُ في زاوية غرفة المعيشة، أتأمّل جمال العتمة بصمتي المعهود.

*هُدى محمد وجيه الجلاب

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...