
وكان الزرع والمطر
وكان الزهر والبشر
ويأتي النهر مبتسما
قبيل الصبح يمنحنا
رحيقا من شذا الوادي
ومن بلدي
ولا أشهى من الخمر
وصرنا اليوم في نار؟
وصار رجالنا حطبا
وأن وجودنا خطر
تلاقى عند بيدرنا جراد بعضه بشر
وأشباح كهبات من الوبر
يباري ركبها نمل
ونحل راح يلسعنا فينتحر
فلا شهد ولا عسل ..
أحقا كنا في الجنة
وكانت حالنا مثلى
وعال العال إنت شئت
ويسرح ذئبنا طوعا
مع الأغنام في الحقل
فلا وجل ولا غدر
وسيف مشرع أبدا
يجاري الحق بالحق
ويعطي الناس ما شاؤوا وما حلموا
فصرنا اليوم أخماسا وأسداسا
وأرقاما بلا جدوى
وصرنا حكاية حبلى بأحقاد وأمجاد
أحقا كنا في المهد وكان السعد والغار؟
ولم ينعق وراء البيدر الداني
غراب من بني قومي
وبوم جاء يفتخر
بأن نعيقه وتر
وأن الكون لا يخشى تردده ؟
فهبّ البحر يسألني عن الأخبار في بلدي
عن المنفى
وعن أشيائنا الصغرى
وعن أشيائهم تلك
فحار القلب من أمر السلاطين
وأمر من مروا ومن رحلوا
ومن سادوا ومن هجروا
وقد سالت على الخدين أدمعنا ..
فكاد الصوت ينفجر
وساقية تراخت عند فجر الله تختصر
فراح السهل يصفعني بغصات من المحن
وجاء النهر ظمآنا من الحرّ
من الحرب
ويصرخ دمع أطفالي كغيث فيه تهطال
ألا من منقذ فادي ألا من عذرائنا الكبرى
تداوي جراح من عبروا إلى الشكوى
أنا والبحر اسمان بلا معنى
فكيف لبحرنا اسم
وكل بحورنا خبب
وها نحن أيا خبب
قوافل هجرة أخرى
يحار المرء من يبكي
خرافا ترقب الذبح
أسودا تمنع الشر
أحقا كنا في الجنة ؟
وكان الله يبصرنا ويرعانا
ويمنحنا من الأعشاب دينارا
ومن خبز ومن لبن
يفيض الخير من أردان بائعنا وشارينا
وصرنا اليوم لا ظل ولا شجر
وعدنا مثل قافلة بجوف الحوت تلقاها
على عجل تكابد من حر ومن بطر
ولا خير بنجواها
لهيب دموعنا جمر
وسر أنيننا قهر
ولسنا اليوم في خمر
لكي نمضي إلى غدنا
بأكياس من الفضة
بأرتال من الجند
نعيد الحق للحق
نداوي جرح أمتنا
لعل الله يمنحنا مقاما وصفه الجنة
وجاء الجمع يصلبني
على عود من الوهن
ويحمل في خرائطه حدود الله والبشر
ولا يرضى بإنجيل وقرآن
وكل سلاحه شيخ
فأين الشيخ يا ربي
يقارع شيخ من أفتوا بقتل الروح والحجر
وأين العلم يرفعهم من الجهل إلى القمر
أليس الله خالقهم
لعل الله يمنحنا مقاما اسمه الجنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق