قرارات الحاكم الهُمام ــ بفترة حكمه الجديدة ــ أنْ خطبَ في الناس؛
ــ لا تروا وجوهكم.. إنِّي لكم ناصح أمين ..
لا تنظروا بالمرآة ..
حطِّموا المرايا ..
مازال الحكام يتذكر, أنه كلما طالع وجهه بالمرآة؛ رآه مسودًا كأنه قطعة من الليل ..
تهامسوا.. تمتموا .. استفهموا.. و لكنهم طأطأوا الرؤوس مُذعنين, بعد أن قال شيخ الديار بأعلى صوته:
ــ اسمعوا.. و اعوا .. من نظرَ إلى وجهه بالمرآة.. رأى سوءة أفعاله تلوح أمامه,
اغلقوا نوافذ اللوم, فأنتم على الدرب القويم ..
إن الحاكم, هو ظل الرب في أرضه .. فلاتخالفوه.. و أطيعوه يرضى عنكم ربكم, و يغمركم بنعمائه ..
آنذاك, هطل المطر غزيرًا.. فهلل الناس:
ــ إنها البشارة ..
صدقتَ أيها الواعظ .. و صدقَ الحاكم ..
ــ سمعًا و طاعة .. مابقينا ..
ــ هيا .. فلنحطم المرايا ..
ــ الفلَاح.. الفلَاح لمن تبع حاكمه, و خضعَ لأوامره ..
ــ نحن رعاياكَ أيها الحاكم المبارك.. فانظر ماذا ترَى !
لم يعلم أي من الناس ــ سوى الحاكم, و شيخه ــ بأن خبير الأرصاد؛ قد أخبرهما بأن هناك أمطار وشيكة, من خلال دراسته لأحوال الطقس .. و على الحاكم أن يُلقي خطابه على الناس بذلك اليوم تحديدًا ..
هُنا قال الحاكم, مزهوًا:
ــ إذن .. اركعوا ..
ركعوا جميعًا من فورهم.. بينما ظل صبي واقف حيث هو, تغشى وجهه إمارات التعجب, و الدهشة ..
أمره الحاكم:
ــ اركع يا فتى !!!
ولكن الفتي لم يتحرك له ساكن..
فقال شيخ الديار:
ــ انجُ بنفسك .. و اركع في الحال ..
قاطعه الفتى:
ــ فليوقف الحاكم الأمطار أولًا ..
بُهتَ الحاكم.. وصاح في غضب:
ــ اقتلوا الفتى, فهو يريد أن ينقطع الخير عن أرضكم !
هرع الناس, وسبوا الفتى, و كل من على شاكلته إلى يوم يُبعثون, وراحوا يلاحقونه, و يقذفونه بالأحجار.. وسط سخرية الحاكم, و حاشيته..
أما شيخ الديار.. فراح يهتف:
ــ اقتصوا من الإرهابي الغاشم .. أبيدوا أذناب الضلال .. اقتلوهم حيث ثقفتموهم ..
والله معكم يسمع و يرى ..
يذكر أحد المؤرخين؛
بأن هؤلاء القوم لم يُمْطَروا منذ ذلك اليوم !
ثم ذيَّل ماكتبَ بيدٍ مرتعشة.. بعبارة قال فيها:
" لعلَّ الحاكم لم يكن بمزاجٍ جيد.. منذ ذلك اليوم " ..
ـــــــــــــــــــــــ
أسماء الصياد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق