"تحوّلات"، هو عنوان المعرض الجماعي لأربع فنانات من غزة في المركز الثقافي الفرنسي بمدينة رام الله، هن: مي مراد، ومجدل نتيل، ومها الداية، ودينا مطر، التي، على عكس زميلاتها، لم تتمكن من المشاركة في افتتاح المعرض، بعد رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي منحها تصريحا.
والمعرض يقدم فنّاً تشكيلياً معاصراً بأساليب متنوعة، ويعبّر عن أفراح وأتراح، وآمال وإحباطات الفنانات المشاركات، بعيداً عن القوالب النمطية، فما بين الحصار والهروب، وما بين الطاقة الداخلية والمعيقات الكثيرة، وما بين الألوان الزاهية والظلال الداكنة عرضت 27 لوحة ما بين "توليف وشغف الذاكرة" لمها الداية، و"مسرب" مجد نتيل، و"سوق الخميس" لدينا مطر، و"حالة رمادية" لمي مراد.
الفنانة الداية في مشروعها الفني "توليفة وشغف الذاكرة"، انطلقت من تأملاتها لعناصر الزخرفة التي زينت ولا تزال غالبية البيوت الفلسطينية، ومن بينها الغزال، وشجرة الحياة، وزهرة الحنّون، والقنديل، والهدهد، والزخارف الهندسية التي لم تخل منها الأثواب التقليدية للجدات وبعض الأمهات، فقررت استعادة هذه العناصر، واستحضارها ومعالجتها بطريقة تدمج ما بين الأصالة والمعاصرة، فانتصرت في لوحاتها لتلك الروح لتصهرها بشكل معاصر، "لعلها تأخذ مكانتها بعد أن غابت بسبب اختلاف واندماج الثقافات، وبسبب تغييب متعمد للهوية والتاريخ الفلسطيني"، لتدمج في لوحات ما بين زخرفات فلسطينية وأخرى أوروبية، فيما تحاكي نماذج شهيرة كما في فسيفساء قصر هشام بمدينة أريحا، ولكن بطريقتها الخاصة.
أما مشروع "مسرب" للفنانة مجد نتيل، والذي تجد فيه تعبيراً عن ممر مجازي يكسر الحصار المفروض على غزة، ويمنح الفلسطينيين في القطاع شيئاً من الأمل، فهو عبارة عن لوحات تعكس تجربة بصرية وفنية جديدة يبدو كممر خيالي "لتجاوز البقاء القسري داخل حدود غزة، وعدم القدرة على السفر"، وكأنها في لوحاتها ذات اللون الطيني بتنوعاته تجد لنفسها مساحة ورواية بصرية جديدة مستوحاة من واقع الباحثين عن عمل، أو الاجتماع مع العائلة، أو قصص الحب، فالشخوص في لوحات "مسرب" تبحث عن الخروج إلى العالم، ليس بنيّة الهرب، وكأنها تسلط الضوء على الإنسانية المهملة التي "أغفلتها عين السياسة في هذه الزاوية الضيقة".
وفي مشروعها الفني "سوق الخميس"، سعت الفنانة دينا مطر كعادتها إلى تقديم لوحات مفعمة بالحياة والطاقة الإيجابية من وحي التراث الشعبي الفلسطيني على مستوى اللباس والعادات وغيرها، فهي لوحات تنطلق من "المدينة التي اشتهرت بالحزن والألم، لتعبر عن روح تحب أن تحيا بأمان وسلام"، ليس بعيداً عن "تلك اللحظات" التي تتجول فيها بالأسواق الشعبية المفعمة بالألوان والحياة أيضاً، وحيث المرأة العاملة تظهر دون حالة الغباش التي عادة ما ترافقها، المرأة التي تبيع الخضروات أو الأسماك أو غيرها، فالحياة، رغم المأساة، تعج بالصخب الإيجابي، ولو لساعات، في سوق الخميس كما في اللوحات التي سعت لمحاكاته بطريقة مطر الخاصة.
وفي منطقة مغايرة لسابقاتها، يبرز المشروع الفني "حالة رمادية" للفنانة مي مراد، حيث الجسد كبنية فنية يحضر في لوحات يغلب عليها اللون الرمادي، دون أن يلغي غيره من الألوان التي كانت هامشية في لوحات متمردة ومحبطة وتتحلى بشيء من الأمل في ذات الوقت، فهي محاولة للتعبير عن كينونة المرأة الغزية، أو عدد ليس قليلاً من نساء غزة، وخاصة الشابات منهن، خاصة أن الفنانة مراد كانت قررت أن تعيش "بعض العزلة الهادئة، بعيداً عن الأهل والأصدقاء والحياة الاجتماعية"، فخرجت اللوحات كجزء من روح الفنانة ممتلئة بالأجساد المرسومة كأنها داخل جدار، بعمق تلك الحالة، ليس بعيداً عن إيحاءات مقولة الإمام علي بن أبي طالب "وتحسب أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر"، فلوحات كـ"لا أحد"، و"الصحو"، و"في الفضاء"، و"الجناح المكسور"، تسعى لإبراز شيء جميل نابع من حرفية ما قدمته الفنانة في لوحاتها، "حتى لو كانت رمادية".
وكان وزير الثقافة الفلسطيني د. إيهاب بسيسو، افتتح المعرض الذي وصفه بالمتميز، قائلا ان: "تحولات" ينقل حقيقة الثقافة الفلسطينية التي تجسدها المبدعة كما المبدع الفلسطيني .. نحن أمام تجربة مميزة على صعيد الفن التشكيلي، فكل فنانة من المبدعات المشاركات في المعرض لها اسمها وحضورها ليس على المستوى المحلي فقط بل عربياَ ودولياً أيضاً، ما يؤهلن ليكنّ سفيرات للثقافة الفلسطينية، ليس فقط من غزة، ولكن بالمجمل العام.. لغزة خصوصية بسبب الأوضاع السياسية التي تمر بها، ولكن يجب مواجهة هذه الصعوبات.
ــــــــــــــــ
يوسف الشايب
والمعرض يقدم فنّاً تشكيلياً معاصراً بأساليب متنوعة، ويعبّر عن أفراح وأتراح، وآمال وإحباطات الفنانات المشاركات، بعيداً عن القوالب النمطية، فما بين الحصار والهروب، وما بين الطاقة الداخلية والمعيقات الكثيرة، وما بين الألوان الزاهية والظلال الداكنة عرضت 27 لوحة ما بين "توليف وشغف الذاكرة" لمها الداية، و"مسرب" مجد نتيل، و"سوق الخميس" لدينا مطر، و"حالة رمادية" لمي مراد.
الفنانة الداية في مشروعها الفني "توليفة وشغف الذاكرة"، انطلقت من تأملاتها لعناصر الزخرفة التي زينت ولا تزال غالبية البيوت الفلسطينية، ومن بينها الغزال، وشجرة الحياة، وزهرة الحنّون، والقنديل، والهدهد، والزخارف الهندسية التي لم تخل منها الأثواب التقليدية للجدات وبعض الأمهات، فقررت استعادة هذه العناصر، واستحضارها ومعالجتها بطريقة تدمج ما بين الأصالة والمعاصرة، فانتصرت في لوحاتها لتلك الروح لتصهرها بشكل معاصر، "لعلها تأخذ مكانتها بعد أن غابت بسبب اختلاف واندماج الثقافات، وبسبب تغييب متعمد للهوية والتاريخ الفلسطيني"، لتدمج في لوحات ما بين زخرفات فلسطينية وأخرى أوروبية، فيما تحاكي نماذج شهيرة كما في فسيفساء قصر هشام بمدينة أريحا، ولكن بطريقتها الخاصة.
أما مشروع "مسرب" للفنانة مجد نتيل، والذي تجد فيه تعبيراً عن ممر مجازي يكسر الحصار المفروض على غزة، ويمنح الفلسطينيين في القطاع شيئاً من الأمل، فهو عبارة عن لوحات تعكس تجربة بصرية وفنية جديدة يبدو كممر خيالي "لتجاوز البقاء القسري داخل حدود غزة، وعدم القدرة على السفر"، وكأنها في لوحاتها ذات اللون الطيني بتنوعاته تجد لنفسها مساحة ورواية بصرية جديدة مستوحاة من واقع الباحثين عن عمل، أو الاجتماع مع العائلة، أو قصص الحب، فالشخوص في لوحات "مسرب" تبحث عن الخروج إلى العالم، ليس بنيّة الهرب، وكأنها تسلط الضوء على الإنسانية المهملة التي "أغفلتها عين السياسة في هذه الزاوية الضيقة".
وفي مشروعها الفني "سوق الخميس"، سعت الفنانة دينا مطر كعادتها إلى تقديم لوحات مفعمة بالحياة والطاقة الإيجابية من وحي التراث الشعبي الفلسطيني على مستوى اللباس والعادات وغيرها، فهي لوحات تنطلق من "المدينة التي اشتهرت بالحزن والألم، لتعبر عن روح تحب أن تحيا بأمان وسلام"، ليس بعيداً عن "تلك اللحظات" التي تتجول فيها بالأسواق الشعبية المفعمة بالألوان والحياة أيضاً، وحيث المرأة العاملة تظهر دون حالة الغباش التي عادة ما ترافقها، المرأة التي تبيع الخضروات أو الأسماك أو غيرها، فالحياة، رغم المأساة، تعج بالصخب الإيجابي، ولو لساعات، في سوق الخميس كما في اللوحات التي سعت لمحاكاته بطريقة مطر الخاصة.
وفي منطقة مغايرة لسابقاتها، يبرز المشروع الفني "حالة رمادية" للفنانة مي مراد، حيث الجسد كبنية فنية يحضر في لوحات يغلب عليها اللون الرمادي، دون أن يلغي غيره من الألوان التي كانت هامشية في لوحات متمردة ومحبطة وتتحلى بشيء من الأمل في ذات الوقت، فهي محاولة للتعبير عن كينونة المرأة الغزية، أو عدد ليس قليلاً من نساء غزة، وخاصة الشابات منهن، خاصة أن الفنانة مراد كانت قررت أن تعيش "بعض العزلة الهادئة، بعيداً عن الأهل والأصدقاء والحياة الاجتماعية"، فخرجت اللوحات كجزء من روح الفنانة ممتلئة بالأجساد المرسومة كأنها داخل جدار، بعمق تلك الحالة، ليس بعيداً عن إيحاءات مقولة الإمام علي بن أبي طالب "وتحسب أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر"، فلوحات كـ"لا أحد"، و"الصحو"، و"في الفضاء"، و"الجناح المكسور"، تسعى لإبراز شيء جميل نابع من حرفية ما قدمته الفنانة في لوحاتها، "حتى لو كانت رمادية".
وكان وزير الثقافة الفلسطيني د. إيهاب بسيسو، افتتح المعرض الذي وصفه بالمتميز، قائلا ان: "تحولات" ينقل حقيقة الثقافة الفلسطينية التي تجسدها المبدعة كما المبدع الفلسطيني .. نحن أمام تجربة مميزة على صعيد الفن التشكيلي، فكل فنانة من المبدعات المشاركات في المعرض لها اسمها وحضورها ليس على المستوى المحلي فقط بل عربياَ ودولياً أيضاً، ما يؤهلن ليكنّ سفيرات للثقافة الفلسطينية، ليس فقط من غزة، ولكن بالمجمل العام.. لغزة خصوصية بسبب الأوضاع السياسية التي تمر بها، ولكن يجب مواجهة هذه الصعوبات.
ــــــــــــــــ
يوسف الشايب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق