لقد جاء خطاب الصّورة ليهيمن على مناحي الحياة، فتقلّصت مساحة الخطاب المكتوب حيث أضحت الصّورة من أبرز الوسائط التواصليّة لما تتميّز به من قوّة التأثير و تعدّديّة الدّلالات و المعاني و الملاحظ لسيميائيّات الصّورة يجدها قد تفرّعت و تشّعبت لتشمل مجالات الحياة العديدة، فنلحظ حضورها في الحياة اليوميّة، في التّلفزيون، في السّينما، و هذا ما زاد من قوّة حضورها و سلطتها فأضحى هذا العصر عصر الصّورة. لما لهذه الأخيرة من دور فاعل في تحقيق التواصل و نقل الوجود الفعلي للواقع الإنساني بمختلف أبعاده و تجليّاته و خلفياته الإيديولوجيّة.
فالصّورة من الفنون البصريّة، و رغم حاجة بعض الفنون إلى الكلمة و الصّوت للتعبير عن الأشياء إلّا أنّ الصّورة تعدّ " لغة جديدة استحوذت على طاقة البصر، فاعتقلت عقله و مخيّلته و تطوّر الأمر في تفاعل لا مرئي في الصّورة، و لا في وعي الإنسان، فغيّرت حياة العالم فأزالت القيود و كشفت الحقائق، و كما هو معروف في الأسئلة هي جوهر المعرفة، فالصّورة هي ملتقى الفنون، و هي العتبة التي يقف عليها المتلقي." (1)
فالصّورة لغة مأخوذة من مادّة ( ص.و.ر ) و التي تعني هيئة الشيء، حيث جاء في " لسان العرب" ل " ابن منظور" " الصّورة هي الشّكل، و الجمع صور و صور، و قد تصورته فتصوّر، و تصورت الشّيء توهمت صورته فتصوّر لي، و التّصاوير: التّماثيل."(2)
أمّا التّعريف الاصطلاحي للصّورة فهي " كلّ تقليد تمثيلي مجسّد أو تعبير بصري معاد، و هي معطى حسّي للعضو البصري أو إدراك مباشر للعالم الخارجي في مظهره المضيء، بحيث تحمل هذه الصّورة رسالتين: الأولى تقريريّة، و الثّانيّة تضمينيّة مستعدّة دلالتها من الرّسالة الأولى لإنتاجها."(3)
لقد جاء خطاب الصّورة ليتحدّى تلك المعوقات التي كانت تضعها الكلمة و التي تقتضي ضرورة استعمالها من أجل تحقيق التواصل بين جميع الفئات الإنسانيّة، فخطاب الصّورة أبلغ في تحقيق التواصل، بل نقل هو حضارة في حدّ ذاته " فالصّورة هي الكلّ المركّب الذّي يشمل الجانب الحسّي و العقلي و المعرفي و الإبداعي."(4)
و يعرّفها الناقد العربي " عبد الله الغذّامي" في كتابه " الثّقافة التّلفزيونيّة سقوط النّخبة و بروز الشّعبي" " الصّورة ثقافة و فكر و إنتاج اقتصادي و تكنولوجي و ليست مجرّد متعة أو محاكاة فنيّة و هي لغة عصريّة يشترط فيها تطابق القول مع الفعل، و تمثّل الحقيقة التكنولوجيّة بما أنّ الصّورة علامة تكنولوجيّة، و مؤشّر إنتاجي و منطق مستقبلي."(5)
و الأكيد أنّ خطاب الصّورة أضحى يقدّم لنا الواقع الإنساني، بتمثّلاته المختلفة الثّقافيّة، الاجتماعيّة النّفسيّة، و هذا ما أكدّه " رولان بارث " إذ يذهب إلى التّصريح " أنّ ما يميّز الصّورة هو الصّنعة المتقنّنة و لذلك فهي تقدّم واقعا كاملا مركزّا و متقنّنا ( Perfected)، و تقدّمه بشكل موضوعي محايد و أكثر واقعيّة من الواقع الحقيقي، و تعني الموضوعيّة و الحياد عدم اعتماد الصّورة على رموز و شفرات تحتاج إلى فكّ مثلما نجد في اللّوحات الزّيتيّة مثلا."(6)
الهوامش:
1- بشير خلف: الفنون في حياتنا، دراسة، الجزائر،، دار الهدى، 2009، ص67. 2- ابن منظور: لسان العرب، بيروت، دار صادر، 1997، مج 4، ص85. 3- ينظر: صلاح فضل: قراءة الصّورة أو صورة القراءة، القاهرة، دار الشّروق، 1977، ص 10. 4- غيورغي غاتشف: الوعي و الفن – دراسات في تاريخ الصّورة الفنية- ترجمة نوفل نيوف، الكويت، المجلس الوطني للثقافة و الفنون، 1990، ص11. 5- عبد الله محمّد الغذامي: الثّقافة التلفزيونيّة سقوط النّخبة و بروز الشّعبي، الدّار البيضاء، المغرب، المركز الثّقافي العربي، 2005، ص21. 6- أشرف منصور: صنميّة الصّورة نظرية بودريار في الواقع الفائق، مجلة فصول، مصر، ع62، 2003، ص227.
فالصّورة من الفنون البصريّة، و رغم حاجة بعض الفنون إلى الكلمة و الصّوت للتعبير عن الأشياء إلّا أنّ الصّورة تعدّ " لغة جديدة استحوذت على طاقة البصر، فاعتقلت عقله و مخيّلته و تطوّر الأمر في تفاعل لا مرئي في الصّورة، و لا في وعي الإنسان، فغيّرت حياة العالم فأزالت القيود و كشفت الحقائق، و كما هو معروف في الأسئلة هي جوهر المعرفة، فالصّورة هي ملتقى الفنون، و هي العتبة التي يقف عليها المتلقي." (1)
فالصّورة لغة مأخوذة من مادّة ( ص.و.ر ) و التي تعني هيئة الشيء، حيث جاء في " لسان العرب" ل " ابن منظور" " الصّورة هي الشّكل، و الجمع صور و صور، و قد تصورته فتصوّر، و تصورت الشّيء توهمت صورته فتصوّر لي، و التّصاوير: التّماثيل."(2)
أمّا التّعريف الاصطلاحي للصّورة فهي " كلّ تقليد تمثيلي مجسّد أو تعبير بصري معاد، و هي معطى حسّي للعضو البصري أو إدراك مباشر للعالم الخارجي في مظهره المضيء، بحيث تحمل هذه الصّورة رسالتين: الأولى تقريريّة، و الثّانيّة تضمينيّة مستعدّة دلالتها من الرّسالة الأولى لإنتاجها."(3)
لقد جاء خطاب الصّورة ليتحدّى تلك المعوقات التي كانت تضعها الكلمة و التي تقتضي ضرورة استعمالها من أجل تحقيق التواصل بين جميع الفئات الإنسانيّة، فخطاب الصّورة أبلغ في تحقيق التواصل، بل نقل هو حضارة في حدّ ذاته " فالصّورة هي الكلّ المركّب الذّي يشمل الجانب الحسّي و العقلي و المعرفي و الإبداعي."(4)
و يعرّفها الناقد العربي " عبد الله الغذّامي" في كتابه " الثّقافة التّلفزيونيّة سقوط النّخبة و بروز الشّعبي" " الصّورة ثقافة و فكر و إنتاج اقتصادي و تكنولوجي و ليست مجرّد متعة أو محاكاة فنيّة و هي لغة عصريّة يشترط فيها تطابق القول مع الفعل، و تمثّل الحقيقة التكنولوجيّة بما أنّ الصّورة علامة تكنولوجيّة، و مؤشّر إنتاجي و منطق مستقبلي."(5)
و الأكيد أنّ خطاب الصّورة أضحى يقدّم لنا الواقع الإنساني، بتمثّلاته المختلفة الثّقافيّة، الاجتماعيّة النّفسيّة، و هذا ما أكدّه " رولان بارث " إذ يذهب إلى التّصريح " أنّ ما يميّز الصّورة هو الصّنعة المتقنّنة و لذلك فهي تقدّم واقعا كاملا مركزّا و متقنّنا ( Perfected)، و تقدّمه بشكل موضوعي محايد و أكثر واقعيّة من الواقع الحقيقي، و تعني الموضوعيّة و الحياد عدم اعتماد الصّورة على رموز و شفرات تحتاج إلى فكّ مثلما نجد في اللّوحات الزّيتيّة مثلا."(6)
الهوامش:
1- بشير خلف: الفنون في حياتنا، دراسة، الجزائر،، دار الهدى، 2009، ص67. 2- ابن منظور: لسان العرب، بيروت، دار صادر، 1997، مج 4، ص85. 3- ينظر: صلاح فضل: قراءة الصّورة أو صورة القراءة، القاهرة، دار الشّروق، 1977، ص 10. 4- غيورغي غاتشف: الوعي و الفن – دراسات في تاريخ الصّورة الفنية- ترجمة نوفل نيوف، الكويت، المجلس الوطني للثقافة و الفنون، 1990، ص11. 5- عبد الله محمّد الغذامي: الثّقافة التلفزيونيّة سقوط النّخبة و بروز الشّعبي، الدّار البيضاء، المغرب، المركز الثّقافي العربي، 2005، ص21. 6- أشرف منصور: صنميّة الصّورة نظرية بودريار في الواقع الفائق، مجلة فصول، مصر، ع62، 2003، ص227.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق