1
هل انطفأت نجومي؟
هذا الطّـريقُ ودونَ قصدِ القاصِدِ
ليـــلٌ تجمَّــلَ بالــنّــجـوم السُّــــــــجَّدِ
رقّت قلوبٌ قد تَعاظَمَ شــــــوقُــهـا
وسـرى الحنينُ إلى صفاءِ المشهدِ
نـــــــــورٌ يُجَــلّي للـنُّـــفــــوسِ مَـقــامَـــها
هـذا سـَـــــبيلك للعـــلا فَــتصعّـدي
جـــــدٌّ شُــــــمـــوخٌ نهـــضـةٌ ميمــــونـــةٌ
عِـــــــزٌّ إبـــــــــاءٌ نَـــهـــــضَـةٌ للأجــــــوَدِ
تَـــــوقٌ لِــــــمَــنـزِلَةٍ تَــزاحَــمَ دونَــــهــا
طُـلابُــــهــا ومِـــنَ الأبــــاةِ الـــــــــزُّهَّـــــــــدِ
مَن أيـقَـنـــوا أنّ المكارِمَ تُـجـتَنى
بالبَذلِ والإخلاصِ دونَ المَـقصَـدِ
الــنّــاهضـونَ إلى مطالِعِ فَــجـرِهِــم
إنّ القُلوبَ إذا اســـتَنارَت تَهتَدي
ما عاصمي من محنَةٍ إن قَصّـرَت
يُمــنايَ عن حــقٍّ ولم تَــتَـعَــهَّـــدِ؟
ما مُنصِـفي إن أقــبلـــت بِــظَلامِــها
دنــيـا الــغُـــرورِ بكلِّ وجــهٍ أربَدِ
ما نـــافِــعــي إن دُنِّــسَــــــت أركانُنا
بالـشّـــرِ يفشـــو والبَغايا تعتَدي
ما مُنجِدي إن أضرمت من حولنا
فِــتَـنٌ ولــم أنــهــــض ولم أتــمَـــرَّدِ
ما نَفعُ عيشـي إن تقاعــس موقفي
وجعلتُ دون الحادثاتِ تَردّدي
ورضيتُ أن تبكي البلادُ جموعَها
ما بين مَــســــــــبيٍّ بـــهـــا ومُــشــــــــرَّدِ
وأنا المُفاوض دون عرضي أرتجي
عطف الغشومِ وبالرّدى متَرَصّدي
والكلّ حــــولي شـــــمّروا لِـــغـوايتي
دأبُ الحقـودِ بذي الغِــوايةِ يقــتَدي
الظّلـــمُ وحّـدهــم وفــرّقنا الهــــوى
ضيّعــتُ إرثي قد يضيع كذا غدي
إن لم أقم بالنّـور أسعى جاهدا
أمحـــــو الظَّــــلام تطلّــــعًا للأمجـدِ
2
أسرار العشق
في المدى عَبَقٌ مَهيب
لا بدءَ حيثَ تَناهى البَدأُ..
ولا نهايةَ حيثُ يَستَحكِمُ الانطِلاق..
أيّ شيءٍ قد يُمهِلُ الملهوفَ حينَ تَسفِزُّهُ المَخاطر؟
لن يأتيكَ نورُ الحياةِ ما لم يَغزُ أبوابَها نورُك..
تَذوي الرّوحُ حين يخبو نورُ عَطائِها
تَقدَّم عاشقَ الرّوحِ..
لن تمنَحَك الحقيقةُ سرَّها إلا ومَهرُها العِشقُ..
امحُ الفراغَ بما هو باقٍ من روحِ عَطائِك.
إن كنتَ عاشِقًا..
كلُّ المَتاعِ يَتَساقَطُ حَولَك،
هكذا روحُكَ تَرقى.
آنَ للزّمانِ أن يُدرِكَ أنّنا صَوتُه.
كَذا آنَ لنا أن نُدرِكَ أنّنا صورَةُ الإرادَة.
إذا خَلعتَ عنكَ زَمانَك..
فلا صوتًا تكونُ ولا صورة!
تلك هي الحقيقةُ الماكِرَة.
مَصعوقون كالمَوتى يَمضي بهِمُ الزّمان..
أولئكَ الذينَ انقَسموا ما بينَ ماكِرٍ وحَذِقٍ مُتربِّصَيْن..
أجملُ ما في العتمَةِ –لو أردْتَ- وُضوحُها
فهل أغبى منك؛ تَعجَبُ مِن كَوني أدرِكُكَ..
حتى وأنت تَتَقَمَّصُ روحَ العَتمَة؟!
لن أخبِّئَ عِشقي حيثُ يَتَطاوَلُ سُرّاقُ العِشق..
فاسِدَةٌ مُفسِدَةٌ ألحانُ الرّيح؛
حينَ تُداعِبُ عابِثَ الرّوح...
فكلُّ فرحِ الدّنيا لن يجعَلَ نَفسًا قاحِلَةً تُنجِب.
إنّهُ الحَقُّ..
تَرقى إليه قلوبُ العُشّاقِ على جناحِ الأشواق..
فكيفَ لقلوبٍ مَسكنُها قَوالِبُ الحاجَة..
أن لا يُرعِبَها هُبوبُ نَسائِم الشّوق..
ساعِيَةً إلى لَذائِذِ الفِداء..
حيثُ يَرتوي من داني نَداها كلُّ عِطاشِ الأرواح؟
.. حَدَّ التّلاشي.. تَتَقزّمُ الأسرار؛
حينَ تَنطَلِقُ الحرّيّةُ مِن أنوارِ الغَيث.
لستَ حرًا إذا تركتَ التّوافِهَ تَشغَلُكَ عَن طَلَبِ المَعالي..
التّلذُّذُ بالمُيَسّر؛
صدٌّ لبابِ المَعالي.
كلُّ جمالِ المادَّةِ صُوَرٌ؛
تُرهِقُ عَينَ البَصَرِ،
لتَتَوارى عينُ البَصيرَة.
أيُّ جَلالٍ يَبقى للكَلمَة..
حينَ يَتَدلّى جَسَدُ الأفكارِ رَخوًا...
تحتَ قِبابِ الأسرارِ؟
يتيمةٌ قلوبُنا وحَسيرَة..
ما لَم تَحمِلْها أجنِحَةُ العِشقِ؛
إلى أفقِ العَطاء،
مُردّدةً نَشيدَ الوَلَهِ..
يُخرِجُ الحِكمَةَ المَبثوثَةَ في كُلِّ ذاتٍ عن صَمتِها..
شاهِرَةً سِلاحَ الهَيبَة،
تَتَزيّى بحُلَّةِ الاقتِدار.
العشقُ والوِصال..
سِرُّ القُدرَةِ على المَنال.
لا يَستطيبُ الأُنسُ ظِلًا...
لم تفرِشْهُ اشجارُ العُقولِ في بَساتينِ القُلوب.
دقيقَةٌ هي المَسالِكُ بين ما كانَ وما سوفَ يَكون.
إنّها عينُ ما أردنا، وما أصبحنا نُريد أن يَكون..
حين تكون الإرادةُ وَحدَها ..
قادرةً على جَذبِ أرواحِنا بِسحرِ خِطابِها..
وحيثُ يَتَساقَطُ مَن تَسَلَّل إلى قلوبِهم..
ظلامُ الرّغبةِ.. في سَواد الرّكون.
لا تَخضَعُ أعناقُ العاشِقين..
إلا لِسحرِ جَلالِ الحَقّ..
وحدَها روحٌ عَرفَت أنّها يَجِبُ أن تَخلَعَ هيئَةَ الكائِن؛
لِيَتَسنّى لَها أن تَتَوَحَّدَ في هالَةِ المَنشود..
تَملِكُ أن تَتَزَيّى بِرِداءِ الهَيبَةِ، مُتَوَّجَةً بِبَريقِ العِشقِ..
في مَراقي روحِ البَذل؛
وحيثُ يَتلاقَحُ العَطاء.
لا يَعرِفُ سِرَّ العِشقِ مَن أمتَعَهُ النّظَرُ إلى المَوجود؛
وأرضى نفسَهُ الأخذُ مما دَنا.
ومَلَكَ جوهَرَ أسرارِ المَحَبّة..
مَن رَدَع بَصرَهُ بنورِ بَصيرَتِه،
وراحَ يُحلِّقُ في أنوارِ جَمالِ اللامَحدود،
وعظيمِ السّعيِ إلى المَقصود..
3
قبسٌ من شعلة الأبدية
في الظّلمَةِ ذاتِها..
يقبعُ الصّمتُ الذي يَجتاحُنا،
ويُطبِقُ على عُنُقِ الصّباحِ الذي رُحتُ ألتحمُ بهِ؛
يحرِّرُني وأحَرِّرُهُ مِن خُرافاتِنا المُتَراكِمَة؛
نأخُذُ مِن جُنونِنا ما يَلزَمُ لِتَرويضِ ارتِعاشاتِنا؛
كَيما تَكفَّ بَراعِمُ الموتِ عَنِ النّهوضِ على جُنون صِفاتِنا؛
وتَتَراجَعَ شَيخوخَةُ النّشيجِ عَن سَحبِنا نحوَ هاوِيَةِ الضّغينَة.
في الظُّلمِ الأشدِّ عُمقًا...
تَزحَفُ قَناديلُ وَعيِنا...
نَأخُذُها وتَأخُذُنا لِمَنطِقَةِ التّبَأوُرِ الطّاغِيَةِ للبُروق..
قد تُدرِكُ، أو لا تُدرِكُ لَحظَةَ السُّطوعِ المُتَحَقِّقِ مِن مَوتِنا،
ولكنّها تَستَفيقُ على زَحفِ الغُيومِ الحُبلى بِشوقِنا الأبدِيِّ للصّيرورَة؛
يَبعَثُ شَرارَةَ يَقظَتِنا المُتعاقِبَةِ على مَرايا التّاريخ..
نَجتازُ صَدانا الواهِنِ نحوَ سُهولِ السّعيِ النّاهِضِ غِمرَ مزايا،
حيثُ يُعيدُ الحَبُّ الحَياةَ لِلَحظاتِ إحساسِنا الهارِبَة.
وصَيرورَةَ الفَجرِ مَحمولَةً على أكُفٍّ مِن نيرانِ وجدانِنا ..
نَحضُنُ الزّمَنَ ويَحضُنُنا...
قَبَسًا في شُعلَةِ الأبَدِيَّة.
ويُشرِقُ الحُبُّ مِن خَواتيمِ أعمالِنا.
فَتضيقُ نافِذَةُ الرّيح..
يَخلُدُ رمادُ الذِّكرى الموغِلَةِ بالوَجَعِ إلى بائِدات ظُنونِنا..
تَصحو سَحائِبُ صَبرِنا...
تَنفُضُ عُمرَها المَكنوزِ
يَنتَصِبُ سَنابِلَ
تُحَفِّزُني عَلى انتِشالِ الخَصبِ مِن فُوَّهاتِ بَراكينِنا العاطِلَة.
لا لَيلَ في اللّيلِ حينَ تَصيرُ خُطانا شُهُبا...
ونَكُفَّ عَنِ استِراقِ السّمعِ عَبرَ نَوافِذِ الصُّدفَةِ؛
مُصِرّينَ على انتِظار ما لا يَاتي؛
وصَبرُنا فَراغٌ يَمتَصّهُ الفَراغُ...
ويَكُفُّ العُمرُ عن أن يَكونَ لحظَةً مَطحونَةً بينَ الصّمتِ والمَوت..
كَم عِشنا تُقنِعُنا الأغلِفَةُ الشّفيفَةُ للسَّرابِ!
والرّيحُ تَسفَحُ رَجاءَنا عَلى عَتَباتِ القُصور..
وتَأخُذُنا إلى صَيفٍ لا تُجاوِرُهُ البيادِر..
نَركُضُ خَلفَ ما لا يُرى!
لِنَسقُطَ في الفَراغِ السَّحيقِ..
لِماضٍ نَفانا عَن شَمسِهِ.
لافِظًا أحلامَنا اللّاهِثَة
ونَحنُ نُصارِعُ أشلاءَنا..
نَروحُ إلى بارِقاتِ الصّقيع.
نَتَسابَقُ إلى اللّحظاتِ المهدورَةِ مِن وجودِنا..
وكُلُّنا يَتَنَفَّسُ في هاوِيَة؛
كَمن أنجَبوا عُذرَهُم واستَراحوا!
صالح أحمد (كناعنة)
s.ahmad11@hotmail.com
هل انطفأت نجومي؟
هذا الطّـريقُ ودونَ قصدِ القاصِدِ
ليـــلٌ تجمَّــلَ بالــنّــجـوم السُّــــــــجَّدِ
رقّت قلوبٌ قد تَعاظَمَ شــــــوقُــهـا
وسـرى الحنينُ إلى صفاءِ المشهدِ
نـــــــــورٌ يُجَــلّي للـنُّـــفــــوسِ مَـقــامَـــها
هـذا سـَـــــبيلك للعـــلا فَــتصعّـدي
جـــــدٌّ شُــــــمـــوخٌ نهـــضـةٌ ميمــــونـــةٌ
عِـــــــزٌّ إبـــــــــاءٌ نَـــهـــــضَـةٌ للأجــــــوَدِ
تَـــــوقٌ لِــــــمَــنـزِلَةٍ تَــزاحَــمَ دونَــــهــا
طُـلابُــــهــا ومِـــنَ الأبــــاةِ الـــــــــزُّهَّـــــــــدِ
مَن أيـقَـنـــوا أنّ المكارِمَ تُـجـتَنى
بالبَذلِ والإخلاصِ دونَ المَـقصَـدِ
الــنّــاهضـونَ إلى مطالِعِ فَــجـرِهِــم
إنّ القُلوبَ إذا اســـتَنارَت تَهتَدي
ما عاصمي من محنَةٍ إن قَصّـرَت
يُمــنايَ عن حــقٍّ ولم تَــتَـعَــهَّـــدِ؟
ما مُنصِـفي إن أقــبلـــت بِــظَلامِــها
دنــيـا الــغُـــرورِ بكلِّ وجــهٍ أربَدِ
ما نـــافِــعــي إن دُنِّــسَــــــت أركانُنا
بالـشّـــرِ يفشـــو والبَغايا تعتَدي
ما مُنجِدي إن أضرمت من حولنا
فِــتَـنٌ ولــم أنــهــــض ولم أتــمَـــرَّدِ
ما نَفعُ عيشـي إن تقاعــس موقفي
وجعلتُ دون الحادثاتِ تَردّدي
ورضيتُ أن تبكي البلادُ جموعَها
ما بين مَــســــــــبيٍّ بـــهـــا ومُــشــــــــرَّدِ
وأنا المُفاوض دون عرضي أرتجي
عطف الغشومِ وبالرّدى متَرَصّدي
والكلّ حــــولي شـــــمّروا لِـــغـوايتي
دأبُ الحقـودِ بذي الغِــوايةِ يقــتَدي
الظّلـــمُ وحّـدهــم وفــرّقنا الهــــوى
ضيّعــتُ إرثي قد يضيع كذا غدي
إن لم أقم بالنّـور أسعى جاهدا
أمحـــــو الظَّــــلام تطلّــــعًا للأمجـدِ
2
أسرار العشق
في المدى عَبَقٌ مَهيب
لا بدءَ حيثَ تَناهى البَدأُ..
ولا نهايةَ حيثُ يَستَحكِمُ الانطِلاق..
أيّ شيءٍ قد يُمهِلُ الملهوفَ حينَ تَسفِزُّهُ المَخاطر؟
لن يأتيكَ نورُ الحياةِ ما لم يَغزُ أبوابَها نورُك..
تَذوي الرّوحُ حين يخبو نورُ عَطائِها
تَقدَّم عاشقَ الرّوحِ..
لن تمنَحَك الحقيقةُ سرَّها إلا ومَهرُها العِشقُ..
امحُ الفراغَ بما هو باقٍ من روحِ عَطائِك.
إن كنتَ عاشِقًا..
كلُّ المَتاعِ يَتَساقَطُ حَولَك،
هكذا روحُكَ تَرقى.
آنَ للزّمانِ أن يُدرِكَ أنّنا صَوتُه.
كَذا آنَ لنا أن نُدرِكَ أنّنا صورَةُ الإرادَة.
إذا خَلعتَ عنكَ زَمانَك..
فلا صوتًا تكونُ ولا صورة!
تلك هي الحقيقةُ الماكِرَة.
مَصعوقون كالمَوتى يَمضي بهِمُ الزّمان..
أولئكَ الذينَ انقَسموا ما بينَ ماكِرٍ وحَذِقٍ مُتربِّصَيْن..
أجملُ ما في العتمَةِ –لو أردْتَ- وُضوحُها
فهل أغبى منك؛ تَعجَبُ مِن كَوني أدرِكُكَ..
حتى وأنت تَتَقَمَّصُ روحَ العَتمَة؟!
لن أخبِّئَ عِشقي حيثُ يَتَطاوَلُ سُرّاقُ العِشق..
فاسِدَةٌ مُفسِدَةٌ ألحانُ الرّيح؛
حينَ تُداعِبُ عابِثَ الرّوح...
فكلُّ فرحِ الدّنيا لن يجعَلَ نَفسًا قاحِلَةً تُنجِب.
إنّهُ الحَقُّ..
تَرقى إليه قلوبُ العُشّاقِ على جناحِ الأشواق..
فكيفَ لقلوبٍ مَسكنُها قَوالِبُ الحاجَة..
أن لا يُرعِبَها هُبوبُ نَسائِم الشّوق..
ساعِيَةً إلى لَذائِذِ الفِداء..
حيثُ يَرتوي من داني نَداها كلُّ عِطاشِ الأرواح؟
.. حَدَّ التّلاشي.. تَتَقزّمُ الأسرار؛
حينَ تَنطَلِقُ الحرّيّةُ مِن أنوارِ الغَيث.
لستَ حرًا إذا تركتَ التّوافِهَ تَشغَلُكَ عَن طَلَبِ المَعالي..
التّلذُّذُ بالمُيَسّر؛
صدٌّ لبابِ المَعالي.
كلُّ جمالِ المادَّةِ صُوَرٌ؛
تُرهِقُ عَينَ البَصَرِ،
لتَتَوارى عينُ البَصيرَة.
أيُّ جَلالٍ يَبقى للكَلمَة..
حينَ يَتَدلّى جَسَدُ الأفكارِ رَخوًا...
تحتَ قِبابِ الأسرارِ؟
يتيمةٌ قلوبُنا وحَسيرَة..
ما لَم تَحمِلْها أجنِحَةُ العِشقِ؛
إلى أفقِ العَطاء،
مُردّدةً نَشيدَ الوَلَهِ..
يُخرِجُ الحِكمَةَ المَبثوثَةَ في كُلِّ ذاتٍ عن صَمتِها..
شاهِرَةً سِلاحَ الهَيبَة،
تَتَزيّى بحُلَّةِ الاقتِدار.
العشقُ والوِصال..
سِرُّ القُدرَةِ على المَنال.
لا يَستطيبُ الأُنسُ ظِلًا...
لم تفرِشْهُ اشجارُ العُقولِ في بَساتينِ القُلوب.
دقيقَةٌ هي المَسالِكُ بين ما كانَ وما سوفَ يَكون.
إنّها عينُ ما أردنا، وما أصبحنا نُريد أن يَكون..
حين تكون الإرادةُ وَحدَها ..
قادرةً على جَذبِ أرواحِنا بِسحرِ خِطابِها..
وحيثُ يَتَساقَطُ مَن تَسَلَّل إلى قلوبِهم..
ظلامُ الرّغبةِ.. في سَواد الرّكون.
لا تَخضَعُ أعناقُ العاشِقين..
إلا لِسحرِ جَلالِ الحَقّ..
وحدَها روحٌ عَرفَت أنّها يَجِبُ أن تَخلَعَ هيئَةَ الكائِن؛
لِيَتَسنّى لَها أن تَتَوَحَّدَ في هالَةِ المَنشود..
تَملِكُ أن تَتَزَيّى بِرِداءِ الهَيبَةِ، مُتَوَّجَةً بِبَريقِ العِشقِ..
في مَراقي روحِ البَذل؛
وحيثُ يَتلاقَحُ العَطاء.
لا يَعرِفُ سِرَّ العِشقِ مَن أمتَعَهُ النّظَرُ إلى المَوجود؛
وأرضى نفسَهُ الأخذُ مما دَنا.
ومَلَكَ جوهَرَ أسرارِ المَحَبّة..
مَن رَدَع بَصرَهُ بنورِ بَصيرَتِه،
وراحَ يُحلِّقُ في أنوارِ جَمالِ اللامَحدود،
وعظيمِ السّعيِ إلى المَقصود..
3
قبسٌ من شعلة الأبدية
في الظّلمَةِ ذاتِها..
يقبعُ الصّمتُ الذي يَجتاحُنا،
ويُطبِقُ على عُنُقِ الصّباحِ الذي رُحتُ ألتحمُ بهِ؛
يحرِّرُني وأحَرِّرُهُ مِن خُرافاتِنا المُتَراكِمَة؛
نأخُذُ مِن جُنونِنا ما يَلزَمُ لِتَرويضِ ارتِعاشاتِنا؛
كَيما تَكفَّ بَراعِمُ الموتِ عَنِ النّهوضِ على جُنون صِفاتِنا؛
وتَتَراجَعَ شَيخوخَةُ النّشيجِ عَن سَحبِنا نحوَ هاوِيَةِ الضّغينَة.
في الظُّلمِ الأشدِّ عُمقًا...
تَزحَفُ قَناديلُ وَعيِنا...
نَأخُذُها وتَأخُذُنا لِمَنطِقَةِ التّبَأوُرِ الطّاغِيَةِ للبُروق..
قد تُدرِكُ، أو لا تُدرِكُ لَحظَةَ السُّطوعِ المُتَحَقِّقِ مِن مَوتِنا،
ولكنّها تَستَفيقُ على زَحفِ الغُيومِ الحُبلى بِشوقِنا الأبدِيِّ للصّيرورَة؛
يَبعَثُ شَرارَةَ يَقظَتِنا المُتعاقِبَةِ على مَرايا التّاريخ..
نَجتازُ صَدانا الواهِنِ نحوَ سُهولِ السّعيِ النّاهِضِ غِمرَ مزايا،
حيثُ يُعيدُ الحَبُّ الحَياةَ لِلَحظاتِ إحساسِنا الهارِبَة.
وصَيرورَةَ الفَجرِ مَحمولَةً على أكُفٍّ مِن نيرانِ وجدانِنا ..
نَحضُنُ الزّمَنَ ويَحضُنُنا...
قَبَسًا في شُعلَةِ الأبَدِيَّة.
ويُشرِقُ الحُبُّ مِن خَواتيمِ أعمالِنا.
فَتضيقُ نافِذَةُ الرّيح..
يَخلُدُ رمادُ الذِّكرى الموغِلَةِ بالوَجَعِ إلى بائِدات ظُنونِنا..
تَصحو سَحائِبُ صَبرِنا...
تَنفُضُ عُمرَها المَكنوزِ
يَنتَصِبُ سَنابِلَ
تُحَفِّزُني عَلى انتِشالِ الخَصبِ مِن فُوَّهاتِ بَراكينِنا العاطِلَة.
لا لَيلَ في اللّيلِ حينَ تَصيرُ خُطانا شُهُبا...
ونَكُفَّ عَنِ استِراقِ السّمعِ عَبرَ نَوافِذِ الصُّدفَةِ؛
مُصِرّينَ على انتِظار ما لا يَاتي؛
وصَبرُنا فَراغٌ يَمتَصّهُ الفَراغُ...
ويَكُفُّ العُمرُ عن أن يَكونَ لحظَةً مَطحونَةً بينَ الصّمتِ والمَوت..
كَم عِشنا تُقنِعُنا الأغلِفَةُ الشّفيفَةُ للسَّرابِ!
والرّيحُ تَسفَحُ رَجاءَنا عَلى عَتَباتِ القُصور..
وتَأخُذُنا إلى صَيفٍ لا تُجاوِرُهُ البيادِر..
نَركُضُ خَلفَ ما لا يُرى!
لِنَسقُطَ في الفَراغِ السَّحيقِ..
لِماضٍ نَفانا عَن شَمسِهِ.
لافِظًا أحلامَنا اللّاهِثَة
ونَحنُ نُصارِعُ أشلاءَنا..
نَروحُ إلى بارِقاتِ الصّقيع.
نَتَسابَقُ إلى اللّحظاتِ المهدورَةِ مِن وجودِنا..
وكُلُّنا يَتَنَفَّسُ في هاوِيَة؛
كَمن أنجَبوا عُذرَهُم واستَراحوا!
صالح أحمد (كناعنة)
s.ahmad11@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق