اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الــحب السرمـــــــــــــــدي || بقلم / الكاتبة حكيمة شكروبة

أسبل القمر جفنيه متنهدا، شعر بأن الكواكب تلتهم نوره فتمنى أن يعانق خيوط الشمس الذهبية. وأن ينصهر في سحاب السماء، ويمتطي قطرات المطر القرنفلية..هناك أين قام جدال صامت بين السماء والأرض، فتبع الشهاب ذلك الوغد ،وجعله على مرأى قناصته ،فأغتاله في جوف الليل.
كنت فتاة هادئة رومانسية المنبت أتابع أخبار العالم، وأتذمر من تجاوزات التي كانت تحدث شغوفة بقراءة كتاب الله حياتي كلها تغيرت مع مرور السنوات حيث أشغل فراغي بالكتابة
يمضي معي الوقت ،وأنا منكبه على أوراقي المبعثرة ،وبمرور الأشهر أشرقت حياتي بنور الله، وزالت معظم العراقيل ،فاغتنمت الفرصة في توسيع مداركي، فالتحقت بدورة تدريبية لتسخير ما تبقى من العمر في خدمة الإنسانية ،ولأن الظلم لا يعرف حدودا في تعذيب المظلومين، فالعدالة تضيع في مساحات مظلمة تجرح الروح المكسورة ليصبح الحزن صديقها تلبس لونه وتنتحل جنسيته، ...ولا يكون للحياة معنى إلا إذا كان ما نحيا من أجله نموت في سبيله.
كانت الحياة مبتسمة لي فالحب جوهرها،وهدفها السامي لذلك كنت أهتم كثيرا بمظهري ،وتوطيد علاقتي بمن حولي ،وحين أسير وسط جموع الناس تلتفت جميع الرؤوس نحوي تشع عيونهم ببريق أعجز أحيانا عن تفسيره. كانت فرص الزواج المتاحة لي كثيرة لكن في كل مرة أتردد بالقبول، ولا تجدني الشجاعة مستعدة لاتخاذ أي قرار يحدد مصيري ،فأحلامي وآمالي لم تكن محدودة ،وأحيانا يحومني خوف رهيب يمتص دفء كل ما يحيط بي وتتلاشى أفراحي حين لا أجد من يشاركني وحدتي، وأحزاني الباردة  إلى حين  امتدت فيه أيادي ملائكية في نور فجر أوقدت حلما  تجاوز أطراف الأرض وعانق عنان السماء ،..فأفقت من غفوة كانت لي على جفن القمر لأرتحل قبل أن تسحرني حدوده لأن الفراق لا يعني النسيان ، والغياب لا يعني الهجران .....،وبالصدفة تحت مطر السماء التقت عيونه الكحيلة  بعيوني النارية تملك قلبي الصغير الخوف، فاشتعلت مشاعرنا بقرب المسافة بين الماضي والحاضر ،ولم أنس وحدتي حين كانت الدموع تتدفق كالأمواج الهادئة.

في فجر صباح حزيران  بحواف تلال الجبل الأزرق تسرب نسيم من شقوق صخوره البازلية  التي أذكرها جيدا عندما كانت تدغدغني قطرات نداها قبل مرور أشخاص غرباء كانت قلوبهم لا تعرف الرحمة يشبهون المغول حولوا المكان لدمار ....شارفت فيه ذكرياتي الحزينة على النهاية ولأن المرء يعيش في ثنايا الأحلام والتزاماته تتصدر أولوياته ،وقبل ان التقي به لم نكن انا والحب نعيش في مدينة واحدة بل كنا مختلفين كاختلاف الليل والنهار، فملامسة حبه لكياني أشعرني بأن هناك شيء مستمر في مكان ما يسبح في بحيرة راكدة تحبسها حدود كبحتها لتمنعها من التدفق من جديد ،فكل ما يسقط فيها يعكر صفوة مائها الراكد ـ
كنت استفيق على تغريد الطيور خارج نافذتي ومع كل صباح احمل معي أحزاني المتراكمة فتتلاشى أحلامي عند كل مكان أقصده، وكل يوم جديد هو إضافة لفوضى عارمة  مبعثرة تتوسع تموجاتها في تيار صاخب كل شيء فيه يصبح  على غير عادته .
كانت حياتي سلسلة من التعقيدات والأحداث غير المتوقعة لكن القدر قبل أن تخلع الشمس ثوبها الأخير يهديني فرحة تذيب رقائق أحزاني .
أجد حياتي عادية في معظم الأحيان ،وبرغم أني لم أكن أحضر الحفلات المختلطة والسهرات، والعودة للمنزل في وقت متأخر، و أتريث دائما عند كل قرار اتخذه ،وأقول في نفسي ليس مهم الجانب العاطفي ،فالحياة الرتيبة بقدر ما هي مملة لكنها تبقينا على صلة مع أنفسنا ،وأن الزواج التقليدي يبنى على الاحترام والتفاهم، والحب ليس طقوس بقدر ما هو استمرارية. فهناك أولويات أهم من الحب والعشق، ولكن  مخاوفي بأن تبقى علاقتنا سطحية وأن أطفالي هم من يتصدرون قائمة أولوياتي .
 في يوم ربيعي كانت الرياح تعصف بأغصان اللوز...أه... استرجعت شريط ذكرياتي حين كنت ناسكة في محرابي أعشق الكتابة بالطبشور على الجدران وتعليق أحلامي  بأغصان أشجار اللوز .... هوايتي آنذاك الهروب من عقوبة الشعور بالخوف ،والحلم بمقولة أن الحب هو الذي ينتصر، والعدالة هي التي تتحقق .
لقد بذل حبيبي كل شيء ليضيف لحياتي لمسة جريئة، فحمل إلي الأشياء الجميلة قامت علاقتنا على الرؤية المشتركة فعشنا مغامرات شيقة ،ويكتب لي حين يسافر انه يخبرني دائما سيبحث عن أسباب حقيقية تجمعنا من جديد ولم يفهم أحد يوما حقيقة حبنا .
برغم بعد المسافة واختلاف حياتنا لم نكن نهتدي لمشرب ومنبت واحد  لكن ميلاد حبنا قبل الأوان لم يمنحنا فرصة الحذر من العشق .
في غيابه كان حبه يمشي بجواري....كل ذرة في تسألني عنه؟....أذكر حين اخبرني بحبه في حضن الأحزان بأن الخائن من يبيع وسط المعركة وهو يمسك بيدي الباردتين ،وعدني بان ريحي ستنتقل معه في كل مكان، وأرواحنا ستبقى متعانقة رغم بعد المسافة ،وستضل قلوبنا تخفق جنونا بعدما صرنا في مدار واحد.....قال لي ان سر الفرح من دفء عيوني وكل الشوق يتدفق من حنان روحي ،وان حبه جاء به من كوكب ثاني ،ويوم انفصالنا يكون يوم حداد ..... فبعد رحيله لم يعد هناك أمل للتصالح فكلانا مجروح... كنت احلم بأن يبقى بقربي لأخر أنفاسي لكن في لحظة وداعنا لم يكن قلبه الذي اتخذ القرار بل مالت الكفة إلى عقله لأنه أخبرني بأنني اسري في عروقه، وإن نزف دمه ومات سأضل في دمه فموته لن يغير شيء.
 أرتبط لساني بالخوف، وحفظت الدرس، وأدركت أن الهدنة انتهت ،وأننا أحببنا بعضنا مثل العشاق لكن لن نكون مثل العشق ؟ فسكنت وجداننا أوراق الخريف لم نتحمل برد الشتاء وقسوة الطبيعة، فتطايرت أحلامنا وسكنت سريرا من الشوك فظهرت النهاية عارية الروح. أبصرت في ذلك المساء  صوب الجهة الغربية أين تنام النجوم المريضة، وتسافر طيور الهجر لتقيم طقوسا تحيي فيها أطلال بقايا الذكريات البالية ،كم كان صعب الجلوس حيث الخراب والفوضى العارمة ، فبقيت ظمآنة مثل رمال الصحاري مشتعلة مثل الحطب تاركة خلفي جمرا متوقد...
ولد الحزن مبكرا في شرنقتي حين  لبس الحب ثوب الهجر،ونزح لأرضي فأنتفض حبيبي وهو جالس فوق كرسيه متجهم الوجه غزته تعابير تشي بالغضب أوحت نظراته لي برغبته في الفراق وهجري دون زواجنا ؟في بداية علاقتنا كنا سعداء للغاية برغم الاختلاف القائم بيننا.
وبرغم إصراره عن هجري سألته مرارا :هل حقا تستطيع العيش من دوني ؟  رده لي كان قاسيا خاطبني قائل: حبيبتي سأكون صادقا معك أعلم كم هي لحظة الفراق مؤلمة لعاشقين ؟ لكن بوجود فورقات لا يبقى للحب أي مجال ؟
عندها أصابتني الحيرة برده الجاف تنهدت كثيرا مما أشعرني بارتجاج الوجدان وكأن شيء داهمني فجأة ؟
رحت أنثر على خطاه طقطقات لجت بنار اللوعة والفراق ريحه صارت لي أوطانا تكتسحها ملوك الروم وجيوش هوميروس فما عساي أقول في عطر مريم العذراء ؟ وعرش بلقيس المحتضر و سراقة  وتاج كسرى وسواره وأسوار قلعة مودعي المشيدة بالدخان وقصره المزين بالفخار الذي تتوسطه بحيرة  البجع التي تسبح فيها زهرات اللوتس .
صمت حبيبي أشعرني بقرب النهاية من نظراته قرأت كل ما يريد قوله..عن حبه ..شوقه ..خيانته ..مبررات لا فائدة منها( خاطبني قائلا اسمعي وضعنا يزداد تأزما وقراري مصيري فاذكري لقائنا اليوم هو أخر موعد يجمعنا). 
كان الجو هادئ بدأ الليل يرسي سفنه في البحر،و في تلك الليلة من يناير سرقني السبات... أين هربت أناي الأخرى من أسواري لتبحث عن غيابه فلم  تجد سوى عويل الروح المعذبة وأصوات الخفافيش ،وصوت البومة وعواء الذئاب و وجع النجمات في السماء المتعبة من لعبة القهر...انتابني شعور قاهر مزق أحشائي حين داهمني الإحساس بألم الفراق والخوف أن يشيخ حبي في العروق... فعلقت الكلام في الصمت، وأشرقت زهرة قرمزية ممتدة من السماء إلى الأرض فأفاقت أغصان يناير أمامي عارية من عطر الغابة...وفي أقصى الشمال أغلقت الكنائس أبوابها  ولم أسمع في الجوار سوى تسابيح الجبال والأشجار ،تمددت أحزاني في صمت فوق جزر أحلامنا المتناثرة فوق صفحة المياه قدمت نحوي سحابة سوداء ،وفتحت ذراعيها وعانقتني فبكيت في حضنها كنت صادقة تماما حين حفرت في وجع الجرح ، ومن الغريب أن تبوح بكل شيء دفعة واحدة ...حنين قلبي يسألني عنه.....والشتاء يشتهي وصل برده وأنا أجول وسط العاصفة أبحث عن مكان أمن أقيم فيه مراسيم الهجر حيث خرست اليمامة وروحي صلبت في قمة الجبل، وصار لون السماء رصاصي داخل البدر حين اشتهينا الفراق...تدفقت دمعة  الحزن من جفني تبكي وحدتي....سافرت بعيدا بروحي لأبحث عن روحه الهائمة في بحر الهجر ....وحلمت ، بضوء نوره يلفني كالشرنقة لكن الوصول اليه كان مستحيل مثل  قوس قزح وشمس الربيع .....عشقته لدرجة حلمت استعمار عينيه في أعماق أعماقها......وهبني عالما جديدا حتى الألم في قربه جميل .....تركني وأخذ معه كل الألوان ولم يبقى لي غير رائحته .....واللون الأسود.
تمر الأيام والوحدة الظالمة في قلبي والحزن في كل دمعة والحب ممنوع علي، فقلبي متعب من الألم...فانا على حافة الهاوية وروحي تتلاشى ببطء وكل شيء جميل ينتحر في صمت و دموعي تنسكب كل يوم وأصبحت نبضات الحب ألم في قلبي ،وروحي مشتتة ومبعثرة كشظايا البلور، وحياتي صارت جحيم مرتين الأولى قبل أن ألقاه والثانية بعد اللقاء لم أعد ألقاه.
 في لحظة الفرح مد النورس الآدمي بيده للوداع  ليتركني للخوف ...كنت مستعدة للتضحية بأي شيء ليبقى بقربي واخلص له العمر المتبقي وأمسك بيده وأحبه على طريقته.... عندها سقطت النجوم مشتعلة انطفأت في معطف الليل وسيقت الغابة العذراء أمامي حافية القدمين  مكتحلة بضباب رصاصي فاتح ، فضاق الطريق  بالوجع ولم يسمح بمرور تنهيدة  طيور النورس .. هجره مزق كل شراييني واستباح دموعي في شهر أيلول في غيابه علقت أفراحي في الوريد، وسكبت فوق الثرى كل الأوهام ودخلت قلاعا بلا أسوارا أذكر جيدا عندما كان يمشط شعري ويرتشف من جفني الوفاء ، فبكته عيوني وبكته دموع السماء...
قضيت الليلة نائمة على كثبان الصحراء وعند حلول الفجر بدأت رحلتي بمطاردة السراب دون أن أتمكن من بلوغه فأغمضت عيني على بقايا العاصفة التي دفعت سفينتي براحة كفها فعصفها الموج الأسود وحولها لحطام..فخرجت من الصدفة لملاقاته في المرفأ كان حينها قلبي يرتعش وأحاسيسي تهتز، وكأنها في لحظة الميلاد أين يكمل البدر دورته .فأرسل لي القمر من حوافه شعاعا ضعيفا ، فرأيت وجه حبيبي مرتسما على ضوء خيوطه الخافتة يلوح بيده ،فمددت له بجدائلي وانشغلت عن أشلائي المبعثرة ولملمت جراحي في صمت الرهبان، لأهديه وشاحا نسجته من الغمام ، وقبل  أن  يجف الماء  في الساقية اختصرت حبه بين المسافات، و ذكرت في نفسي ذلك المكان الغير بعيد بمحاذاة بركة الماء ،وأنا انتظره على أطراف هواجسي ومجيئه مع ممر الخيل ورماة الرماح ،وقبل أن يجف جناح العصفور ويلمع الغمام في قلب السماء ارتحلت في نهر رمادي محفوف بالذكريات السوداء المدرجة بخرافات مزقت الحنين الذي يغري الهارب من خوف متسرب من شقوق نوافذ المدينة المهجورة.....متسائلة  عن ألوان الحب التي كنا نتبادلها تحت القمر ،وبالمصادفة  تصقلني الأحزان، فأصبح شهيدة الهوى ،فيتجدد ميلادي من رحم الرماد لأمد بيدي  لنورس آدمي جناحه مبلل بالندى حين رقص فوق الحقول والتلال، فأعود لرف النسيان أين تركت عشقي القديم كالدخان الذي شهد ميلاده في مدخنة عاشت النكبات،و في الجهة الشرقية حيث التلال تفقد حبيبي غياب عطري البنفسجي وهتافات جدائلي التي كانت دوما معبرا له ،فأوقد شعلته حول الضفاف، ولم يجد في المرايا سوى ظلالا أنهكها حدود الجفاء ،وصبارا  يغتسل من صدا السنين، وفي عمق الألم أحن لتربة بللتها دموعنا ،وخيولا نامت على صهوتها ،وكما أتعبني الانتظار وأنا احترق في جفن الشمس قبل مجيء البشارة في جناح الحمامة ،وما أحلى صورته عند المغيب لحظة البحر يعج بالمرجان، وأمواجه لا تكفي لعودتنا واستعادة مجدنا المفقود، فالمرفأ دفن فيه خوف الماضي حين انفتحت نوافذ المستقبل، فأصبح ارتباطنا  محمل بالغضب والحنين ،ولن أحتمل غياب نكهة الحب بعدما ورثت  حبا سرمديا، وتحملت عويل نفسي وتناثر شظايا بلوري المكسور،ومن يشبهنا سوى سنابل القمح و جبل مشتعل بنار تنطفئ تحت التهليل، قبل مجيء غزاة يشبهون السحاب سيوفهم تقطع الأزهار ،وتدق الريح في سواد الليل يعلمون الناس كيف يستبيحون دمع العذارى، وعطر الغجريات و يقطعون نخيلا ظله مسلوب ،ويمزقون أزهارا نرجسية اعتادت إهداء عطرها للشتاء ، وما يؤلمني أكثر في بعده هو أثير كأسه المترع بنبيذ عشقنا ،وذلك السراب الأبيض الذي  يملأه الجفاء  محمل برمل هاربا من صحراء أورثتني الخراب بعدما سرق البعد مني الربيع، واحرق أزهاري في أيلول،غيرت فستاني الأبيض واقتبست قصة فصولها من الحب القديم ،تشبه حكاية حبنا المحتضر تحت وسادة الانتقام وكما يقال الخيانة أولها حب ...  ، حيث يحترق فيها البريء ليكون ضحية وقربانا ،والحياة قرار إما أن تكون مع من تحب أو ضده .
لقد سار قلبي في الدرب متعثر ،وجفوني تذرف الدمع ،وتنشد لحن الشوق للحياة حالمة بهوى فارق معصمي، فأشعل في كل ليلة  حطب الوجع في موقدي ،وأنا أتمزق محدقة في السماء لعلها تهديني غيثا يسكبه جفني، فقد جفت مدامعي من نار الألم بأضلعي  بعدما صار الحبيب شرف البيادر ونجمه غاب حين بزغ نوره في دياجيري، فليلي مبهور بباقي المآثر، وأنا أرجو لقاءه مع بهجة المقادر .
في غمرة أحزاني، وسباتي المتقطع في رف النسيان استيقظت على صوت سيارته عاد محمل بالشوق، ولم يتحمل البعد أو ينسى الوعود التي بيننا فغيابه احرق أفراحي، وذبلت فيه أحلامي كأوراق أيلول ..كلانا لم نتحمل الهجر أو ننكث الوعود.
حلمت بحب سرمدي لا يوجد فيه غش، وكلانا يوفر الحماية للطرف الآخر على أمل  الفوز بنهاية نظيفة  نفتخر بها حين نصبح  قطعة واحدة  من الماس لأن العلاقة  الناجحة لا تعتمد على تصفية حسابات للصعود بل يجب الوقوف على عيار واحد حيث لا يكون للسلوك غموضا ومناورات قاتلة للحب،فالمشي على الألغام لا يخيفني بقدر رصاصة قناص أستأجره شخصا أثق فيه....
ابتعدنا بأجنحتنا عن الخيانة ،ورفضنا أن نمنح الخيانة فرصة ثانية لكن لا احد منا يذكر أول خيانة له ،ولا توجد فرصة ثانية لاسترجاع الماضي وتجاهل الأحداث، ولا يوجد ما يمكن التنازل عنه لأن الحماية سحبت والحراسة أصبحت معطلة .
انتشلني حبيبي من فوق السحاب ليستنشق عطر أزهاري، ويلامس جدائلي التي كانت دائما معبرا له ليهديني قبلة خبأها منذ لقائنا في الأزل ولم أعد أذكرها تركت بصمة الرغبة في إعادتها رغم أني لا أذكرها، وفي عتمة المساء الدافئ استنشقنا عطرا من دخان عود العنبر كشفنا اللثام عن قلوبنا التي تركناها على حافة الهجر ، وبعد تعانق أرواحنا تعرفنا على شكل أرضنا بأننا لسنا ملائكة ولم يعد شاطئ حياتنا فارغ بل ملء بالأماني، ولاشي يخدش فرحتنا وكل العقد السوداء قد رميت في الجو ثم سقطت متهاوية في البحر وبقت فرحتنا ترقص فوق الأشجار و قمم الجبال.

بقلم / الكاتبة حكيمة شكروبة

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...