في الجزء الجنوبي من المدينه القديمه ، شارع تجاري دكاكينه مابين الحداثه والقدم ، في
ركن من أركانه مقهى ، مضى على انشائها سبعون عاما أو يزيد ، مبنيه من الطابوق والجص ومسقفه على شكل أقواس ، جدرانها شبابيك خشبيه تعشعش فيها دودة الارضه ، على سطحها بقايا للشناشيل ، إمام المقهى ارئك خشبيه قديمه تحيط بها من الجانبين على الرصيف الذي يعلو ارضيتها بنصف متر تقريبا ، لها بابان صغيران ، بداخلها خمس طاولات مربعه للعب
الدومينو تحيط بها ارائك خشبيه بشكل متقابل ، تفوح من المقهى رائحة الرطوبه المشبعه برائحة الدخان والمستقره في كل مكان فيها ، تغيرت بمرور الزمن نوعية روادها منذ مايقرب العشرون عاما نظرا لظروف المدينه السياسيه والاجتماعيه ، واصبحت تستهوي المحبطين – التائهين – المهمشين – العاطلين عن العمل والهاربين من هموم الحياة ومن حبس الامكنه الاسريه ، كما اصبحت مكانا امنا لبيع الحبوب المسكره والمشروبات الكحوليه بدون علم صاحب المقهى (الحاج مطرود ) الذي يتمتع بصحه جيده في عامه التسعون تقريبا ، ذو صوت دافئ يحمل سمة الهدوء والسكينه ، لايدخن السكائر ، لايشرب الخمر ، ذو نفس انسانيه راقيه ، ولكنه ذو شهوه جنسيه عظيمه ، حرمته من الاستقرار العائلي والابتعاد عن أي رابط بالله سبحانه وتعالى ، في السنوات العشر الاخيره أو يزيد توفرت للحاج مطرود الاجواء المناسبه لاشباع رغباته الجنسيه ، من خلال نوعية رواد المقهى المشجعين له على عمل المنكر ، وكثرة الفتيات المتسولات اللواتي يثيرن الشهوه لديه ، وقرب اثنان أو ثلاثه من بيوت الدعاره من المقهى ، والذي اصبح أحد هذه البيوت كبيته يتردد عليه ليل نهار ، وتتكون هذه العائله من ثلاث فتيات لايتجاوز معدل اعمارهن العشرون عاما ، واربعة اولاد والام والاب ، عائله لايستلذ افرادها باي عمل لكسب لقمة العيش سوى الدعاره والتخطيط المسبق لاصطياد الزبون ، وكان الشخص المفضل لديهم الحاج مطرود ذو الجيب الثقيل ، الذي يلبي جميع متطلبات العائله ، يدخل يمارس الجنس مع من يشاء وفي أي وقت يشاء ، ذاع صيته واخذ الجميع يتكلم عن الملحمه الغراميه للحاج مطرود عندها تدخل ابناءه ذو السمعه الطيبه والاخلاق العاليه ، يمارسون العمل التجاري في نفس الشارع لمحاولة تغييره ومنعه من الذهاب إلى ذلك البيت المشوؤم ، وبكل هدوء نكر جميع مايشاع عنه وانه يذهب اليهم لغرض مساعدتهم ماديا لانها عائله فقيره ولايعلم باي تفاصيل اخرى عن العائله ، ووعد بعدم الاقتراب منهم مره اخرى ، عندما سمع جنود الشيطان من رواد المقهى بالخبر اجتمعوا ليجدوا لصاحبهم الحل ،واقترحوا عليه إن يشتري له ولاحدى الفتيات المقربه اليه جهاز موبايل ليبقى الاتصال مستمر بينهم ، وبالفعل فعل ذلك واعطى موعد للفتاة ذات الخمسة عشر ربيعا للالتقاء بها منتصف الليل في المقهى ، وجاءت في الموعد كانها عروس ليلة زفافها ، وتقابل العشاق ، عانقها بعنفوان ، مانجلى الليل ولاج نور الفجر الا عن ممارسه جنسيه عنيفه ، اعطاها مبلغ من المال ، ودعها ورجع يترنح من شدة المجهود الذي بذله ليفترش احدى الارائك الخشبيه وينام كمغما عليه ، رجعت الفتاة فرحه جدا بما كسبت ، واخذت تقص على اختيها احداث الليله الحمراء بالتفصيل ، كيف نام على صدرها كطفل صغير ، كيف قبلها وقبل كل تفاصيل جسدها كمراهق ، تعالت قهقهات اختيها ، بعدها طلبن منها بعض النقود رفضت ، واخبرتهن بانها راءت في جيب الحاج مطرود مبلغ ضخم من المال ، استرق السمع احد اخوانها الذي كان يجلس في الغرفه المجاوره ، اخذت كلماتها الاخيره ترن في اذنيه ، خرج مسرعا ، اخذ يحوم حول المقهى ، هدوء تام ، فتح احدى الشبابيك الخشبيه ودخل ، راى الحاج مطرود مستغرق في نوم عميق كانه جثه هامده ، اخذ ينظر بدقه إلى جيوبه ، لم يرى أي اثر لوجود نقود ، امعن النظر واذا به يلمح مفاتيح ومسبحه بقرب الوساده ، اقترب اكثر فرائ مايصبو اليه مبلغ كبير تحت الوساده بانت اطرافه ، استله بحرفيه وخرج مسرعا ، ارتفع قرص الشمس ولم يستيقظ الحاج مطرود الا عند سماع طرقات الشباك بقوه نهض مرعوبا من؟ واذا به احد رواد المقهى ، فتح الابواب والشبابيك وقام صاحبه بوضع ابريق الشاي على النار ، رجع الحاج مطرود ليلملم حاجياته فصعق بعدم وجود المال تحت الوساده ، جن جنونه ، اخذ يكلم نفسه هي لااحد غيرها ! هم مسرعا كاسد مفترس باتجاه بيت الفتاة ، فتح الباب وذهب باتجاه غرفة الفتيات ، قابله الشاب السارق الذي تغير لونه برؤية الحاج مطرود وبان عليه الارتباك لم يتكلم أي كلمه وخرج من الدار بخطوات متسارعه ، دخل الحاج مطرود إلى غرفة الفتيات يصرخ ليس كعادته اين المال؟ واخذ بالتهديد والوعيد والفتاة تقسم بانها لم تاخذ أي شئ سوى مااعطاها ، وعندما يئس منها رجع إلى المقهى بحال لايحسد عليها ، جلس واخذ يسترجع الاحداث بذاكرته التي لم يضعفها الزمن، تذكر بانه بعد ذهاب الفتاة فجرا وضع المال تحت الوساده فاسقط الشك عنها ، وتذكر ارتباك اخيها وتغير ملامحه وهروبه مسرعا ، وجه الشك نحوه ، بعد ساعات اختلى باحد رواد المقهى والذي يعمل في سلك الشرطه ، شرح له القصه بالتفصيل لياخذ منه المشوره ، اشار عليه بان يذهب معه إلى مركز الشرطه ويقدم شكوى ضد الفتى ، لم يتردد للحظه فع ذلك والقي القبض على الفتى ، جاء الكثير من الخيرين إلى الحاج مطرود ليتنازل عن الدعوى ، ليس حبا في عمل الخير وانما طمعا في كسب رضى ام الفتى ، وبعد إن يئست بفشل جميع محاولاتها باقناعه بالتنازل قرعت طبول الحرب ، ذهبت إلى مركز الشرطه وبمساعدة الخيرين من الشرطه والشعب واقامت دعوه كيديه تدعي فيها خطف اصغر ابناءها من قبل الحاج مطرود لمدة يومين كورقة ضغط لااسترجاع المبلغ الذي يدعي سرقته وعندما رفضنا افرج عنه ،ماهي الا ساعات والقي القبض على الحاج مطرود وايداعه في السجن ، لم يتحمل الصدمه انتابه صداع فضيع نقل على اثره إلى المستشفى ، رقد فيها عشرة أيام لم يستيقظ الا لاكل وجبات خفيفه يعاود النوم بعدها ، ظهر عليه تعب السنين ، احس بالاُم في كل مكان في جسده ، إما ابناؤه لم يتركوا باب الاطرقوه للخروج من هذه المصيبه بماء الوجه ، يعقدون الصفقات مع ام الفتى السارق ومع الشرطه لابقاء ابيهم في المستشفى لحين حسم القضية ، واخيرا توصلوا إلى اتفاق نهائي مع الام ، تنازل الحاج مطرود عن دعواه وتنازلها بالمقابل مع اخذ الضمان بعدم المطالبه بالمال المسروق ، وتنازلت وخرج من المستشفى وتنازل عن الدعوى ، تنفس الصعداء كانه ولد من جديد ، الح عليه الابن الاصغر إن يذهب معه إلى داره ، وافق وعند وصوله تفاجاُ بوجود الجميع اخوته – اولاده –بناته –احفاده واقربائه ، استقبلوه بوجوه تملائها الفرحه لخروجه من المستشفى معافى ، وشىُ من الخجل لفعلته ، وكان الجميع متفق مسبقا على مفاتحته بمقترح هدم المقهى وبناء مجمع تجاري بدلا عنها لاابعاده عن تلك الاجواء ، طرحوا الموضوع ، رفض بشده ، قال بتبختر الا تعلموا إن هذا المقهى تراث ؟ ضحك الجميع لعلمهم بان القلب لاينبض بالحياة اذا كان الدم فاسدا ،رد عليه احد احفاده ياجداه كم قراءت في كتب التاريخ عن حضارتنا وتراث امتنا ماوجدت منا من اخذ منها وانطلق نحو المجد ولكن بقينا نبكي على الاطلال عيوننا تنظر الى الخلف لانستطيع التقدم خطوه واحده، ياخذوا من تراثنا ويبنوا الحضاره ، بدا مستغربا من الكلام الذي مستوعب منه الا القليل ، وجد جميع الاراء متطابقه نحو التغيير ضيقوا عليه الخناق ، توجهوا اليه بالسؤال مرة اخرى ،حبس دمعه ، اوماُ براسه بالموافقه على هدم بيت الشيطان فعمت فرحه عارمه بين الابناء والاحفاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق