كتبت : هدى الجلاب
وقفَ شَهرُ رمضان يُعاتبني، مُزمجراً يقولُ لي: أراكِ تصومين عنْ الطعام والشراب وتروين رُوح الهوى كلّ لحظة مِن أطايب كوثر وتفاح ومِن همس رشيق الخطوات فتموج ظلال بنشوة طافحة وتتلاعب فراشات ضياء، ما هذا الصيام يا هداكِ الهادي بهُداه؟
حائرة بينَ يديه بلا هُدى أتسمّرُ خجلة لا أملكُ جواباً شافياً وترفرفُ دواخلي ضلوع وترقص حنايا على إيقاعِ صاخب. يَستعرّ شوق بعدَ السَحَر ولا أخفي أشتهي وصالاً ثريّاً يُرطب الروح وسط صوم
وطقوس عبادة.
أتقنتُ أشياءَ كثيرة في الحياة ولمْ أستطع أنْ أكون إلاّ أنا بعفويّة تصرفاتي بصخب حضوري بشهور سبعة قضيتها في أحشاءِ أمّي بشغبي بجنوني بتسابيح عشقي
ومُحاكاة نسائم وثرثرة وشرود عبير مُتيّم.
لا شيء في الكون يُجبرني أنْ أغيّر مصير مساري وكلّ شيء يرتعش طرباً لسماع مُواويلي حين أمنح روحي على طبق مُعنبر، تتفتح مسام
زهور ونبض يدندن ولا يسأل
مع تفاصيل تأبى الغروب وتستنكر المُستحيل.
تطلع أنغام مِن عبّ ظلال مُعفرتة وكوى جدران ترفعني
حيث فضاء لا أدري مَنْ يَسكنه: جِن أزرق أمْ عصافير مُتمردة؟ تختارني حروف تدري أمكنتها على شراييني
لتحاكي رعش نجوم وكواكب حائرة،
جميلة حينَ تفوح وتتثنّى وسط الفيافي على وريقات طائرة
تتوّج الكون بأكاليل فرح وتنبضُ سمفونيّة في زوايا ساكنة.
.. هُدى الجلاّب