اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قصر السيّد فكري ... *فادي زهران

⏪⏬
إعتن بنفسك جيداً ، لن أغيب طويلاً .. كانت هذه آخر جملة سمعها جاد من صديقه ينال قبل أن يتغيّر كلّ شيء .. قبل أن يسيطر الضباب و الغموض على الأجواء .. قبل اختفاء ينال !!

جاد و ينال صديقان يحبّان بعضهما بعضاً .. كانا أخويْن أو أكثر . يشعران ببعضهما البعض .. إن احتاج ينال شيئاً لبّاه جاد و العكس أيضاً .. يتشاركان الحزن قبل السّعادة .. كان ينال يعمل في الصّحافة .. مجتهد في عمله .. دائماً يبحث عن كلّ سبق صحفي .. و كان جاد يعمل في أحد المصارف مسؤولاً عن استلام أموال العملاء و المراجعين .. و كان نشيطاً في عمله أيضاً .. لديه علاقات جيّدة مع معظم العملاء ..

بينما جاد في عمله يستلم أحد المبالغ .. حيث كان الشخص الذي وضع ماله غنيّاً جداً .. كان هذا الشخص يطلب ماءً كثيراً للشّرب .. و عندما يحضر له جاد الماء كان يأخذ الماء و هو يضحك ثم يسكبه على وجهه و بعدها يقول أنّه هكذا يرتوي .. فالجو في بيته حار جداً كأنّه يحترق !! و كان جاد يضحك دائماً على هذه الدّعابة ..و يردّ : يا عمْ هوّن عليك ألم تسمع ب اختراع اسمه تكييف ؟! .. يبدو أنه لم يصل منطقتكم بعد !! و كانا يتابعان الضّحك كثيراً . لطالما جمعته ب جاد لقاءات عدّة .. فقد حفظه جاد من كثر تردّده على المصرف .. و في نفس الوقت ارتاح قلب الشخص الغنيّ ل جاد و أعجب بصدقه و أمانته .. حيث كان دائماً يعرض على جاد بأن يستلم الحسابات لديه في إحدى شركاته .. لكن جاد كان يرفض و يبرّر أنه يحب مكان عمله و مرتاحاً فيه .. و يرى أنّه على المرء أن يكون قنوعاً راضياً بنصيبه .. دون حاجة للتغيير بدون سبب مهم .. ربما يختلف الكثيرون مع وجهة نظر جاد لكنه هكذا يفكّر ..
عندها أعجب الشخص الغنيّ بتفكير جاد الاستثنائي .. و أصرّ على دعوته إلى حفلة كبيرة في قصره الكائن في أحد المناطق الثريّة .. حاول جاد الإعتذار و التهرّب من قبول الدّعوة .. لكن الرجل الغنيّ ألحّ على ضرورة حضوره ..
لم تكن لدى جاد أيّ رغبة في الذّهاب لكنّه كان محتاراً جداً .. فكّر كثيراً في معاودة الاعتذار عن الذّهاب لكنّه خشي أن يحزن ذلك الشخص و تتأثر علاقة الودّ و الصداقة حتى خطر في باله أن يصطحب ينال معه .. ف يتنزهان معاً .. و بهذا يكون معه شخص يطمئن إليه ..
عندما عرض جاد الفكرة على ينال فرح ينال كثيراً .. خصوصاً عندما علم بأن الحفلة ستكون في قصر فخم .. و أيقن أنه سيكون هناك العديد من الأشخاص الأغنياء أصحاب الأموال و الشركات .. و فكّر أنه ربما يستطيع الحصول على سبق صحفي من أحد الأشخاص .. و ربما يستطيع أن يبني علاقات جيّدة مع بعض هؤلاء الأشخاص .. و يقضي مصالحه ..
تجهّز الصديقان للذهاب .. كانت الأناقة واضحة .. أصر ينال على استئجار سيارة فخمة للذهاب إلى الحفلة .. أثناء الطريق توقّف ينال لشراء بعض الزهور .. أخبره جاد أن هذا ليس ضرورياً .. أكّد ينال أن ذلك مهم جداً . كان الطريق طويلاً .. وصلا إلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى القصر .. كانت الأضواء باللّون الأحمر .. اقتربت السيارة أكثر .. وصلت إلى البوابة الرئيسية .. كان الهدوء مسيطراً ..

- ينال : أين الأصوات ؟ .. لا أسمع شيئاً .. ربما لم تبدأ الحفلة بعد
- جاد : لا عليك .. قد نكون وصلنا مبكراً .. أتمنى لو أن الحفلة لم تكن من الأساس ..
- ينال : تفاءل يا صديقي قليلاً ..

حاول ينال تنبيه الشخص المسؤول عند باب القصر .. لكن لا أحد يجيب .. لا صوت .. لا حركة .. لا علامة تدل على وجود أحد في القصر ..
نزلا من السيارة .. حاولا فتح البوابة .. تمكّنا من فتحها بصعوبة بالغة .. سارا بحذر نحو القصر .. كانت الحديقة مظلمة جداً .. كان القصر ك قلعة مهجورة منذ زمن بعيد .. كان ينبعث من المكان رائحة الرّماد كأنه حُرق منذ زمن قريب .. و كان القصر كما هو مزخرفة جدرانه و أبوابه .. مطلياً باللّون الأبيض ..

- جاد : هل هذا هو القصر يا ينال ؟! هل أنت متأكد أنك سرت على نفس العنوان الذي أعطيتك إياه ؟
- ينال : نعم هذا هو القصر .. لقد التزمت بالعنوان بحذافيره ..
- جاد : أين أهل القصر إذاً ؟! أين الحفلة التي دعاني إليها ذلك الرجل الغنيّ ؟!
- ينال : لا أعرف .. أمتأكد أنت من صدق ذلك الرجل ؟
جاد : نعم بالطبع .. متأكد

كان اسم الرجل الغنيّ السيد فكري .. كان مكتوب عند أحد جدران القصر (قصر السيد فكري ) .. عندما انتبها للوحة اطمئنا كثيراً .. لقد وجدنا القصر المطلوب .. هكذا قالا لبعضهما ..
أراد جاد أن يخرج من ذلك المكان .. لكن فضول ينال أقنعه بأن يبقيان قليلاً .. تنقلّا كثيراً بين مداخل و مخارج المكان .. جلسا قليلاً على المقاعد في الحديقة الكبيرة .. كان الجو هادئاً جداً بشكل مريب .. كان باب القصر مفتوحاً .. لا أحد أبداً .. فكرا أن يدخلا من الباب لكنّهما تراجعا عن ذلك .. بعد جولات عديدة قرّرا العودة .. عادا الى البوّابة .. و قبل أن يقومان ب إغلاقها سمعا صوت أحد يصرخ و كأنه خائف : أنقذاني رجاء .. لا تذهبا من دوني .. إنّه قادم .. عندها صُعِق ينال و جاد .. من أين خرج ذلك الصّوت ؟! هكذا قال جاد ..
لا أعلم .. ربما هناك شخص عالق بالداخل .. علينا مساعدته .. هكذا ردّ ينال ..
لا . لا يا ينال .. ربما نحن نتوهّم .. أو ربما كان فخ لنا .. أنا لن أذهب . و أنصحك أيضاً أن لا تذهب .. لا تكن عنيداً .. هكذا أجاب جاد

أصرّ ينال على الذهاب .. و طلب من جاد أن ينتظره عند السيارة .. و كانت آخر جملة قالها ينال : اعتن بنفسك جيّداً .. لن أغيب طويلاً ..
دخل ينال من باب القصر .. و قد انتبه أن باقة الزهور لا تزال بيده .. و ما أن تقدّم خطوتين داخل القصر حتى تحوّلت الباقة إلى اللّون الأسود و أصبحت رماداً .. استغرب ينال قليلاً و ظنّ أن الباقة قد ذبلت من طول الطريق .. تابع السير ف رحّب به الخدم و أوصلوه إلى قاعة الاحتفالات .. و قد كانت قاعة كبيرة جميلة مزخرفة مليئة بالتّماثيل و التّحف القديمة .. ك متحف عريق .. كانت الأضواء كبيرة و مضيئة كأنه النّهار .. و الموسيقى تضجّ بالمكان .. و كانت القاعة مكتظّة بالأشخاص .. رجال و نساء .. يدخنون أفخم أنواع الدخان .. يلبسون أفضل البذلات و الفساتين .. مع ساعات ثمينة .. و الضّحكات تتصاعد ين الحضور .. كلّ يقضي مصلحته مع الآخر .. و يتّفق على مشاريع جديدة .. كان ينال معجباً جداً بتلك الأجواء .. و تمنّى لو كان واحداً منهم .. و قال في نفسه : سأفوز ب أكثر من سبق صحفي من هؤلاء الأشخاص .. سأتودد إليهم .. أريد أن أكون مثلهم .. بَلْ أفضل منهم .. سأكتشف أسرار ثراء كلّ واحد منهم .. سأشيّد مجموعة شركات و أبني عدّة قاعات و قصور .. سأجعلهم يعملون تحت إمرتي .. و لن أعود لحياتي السّابقة .. حتى جاد ربما لن يعجبه تفكيري هذا .. لا مانع لدي لو افترقنا ..

عندها قابل السيد فكري .. و أخبره أنه صديق جاد ف رحّب به ب حرارة كبيرة .. و حزن لعدم قدوم جاد معه .. بعدها قدّم له أرقى أنواع العصير و الطّعام .. و كان ينال سعيداً جداً و شارد الذهن كثيراً ..

انتظر جاد نصف ساعة .. امتدت إلى ساعة .. ف ساعتين .. ف ثلاثة !! أحسّ جاد بالضّجر و الخوف على صديقه ..
بعدها قرًر أن يجازف و يدخل إلى القصر .. شجّع نفسه .. دخل إلى القصر .. كان المكان مظلماً جداً .. كانت رائحة الاحتراق تغمر المكان .. كان الجو بارداً جداً .. و الهدوء المريب مسيطر بقوة ..
-جاد : ينال ! .. أين أنت يا ينال ؟! رُدّ علي يا صديقي ..
لكن لم يجبه أحد .. عندها شعر بالخوف الشّديد و الذّهول ..

أين ذهب ينال ؟! ألم نسمع ذلك الصًوت سويّاً ؟! هل كنّا نتوهّم ؟! هكذا كان يقول جاد ..

اضطرّ جاد للعودة إلى السيارة على أمل أن يجد أحد يساعده .. لكن دون جدوى .. كان الطريق مظلماً جداً .. حتى أنّ ذلك الضّوء الأحمر اختفى .. عاد إلى البيت و الحيرة قد سيطرت عليه .. أين أنت يا صديقي العزيز ؟! هكذا كان جاد يفكر و يقول .. فكّر أن يبلغ النّجدة لكنه خشي أن لن يصدقه أحد .. لَمْ ينم جاد طوال الليل .. و ما أن رأى نور الشمس .. حتى انطلق من بيته إلى نفس مكان القصر مصطحباً النّجدة .. لكنه صُعِق عندما علم أن ذلك المكان مهجوراً منذ أن احترق قبل سنوات طويلة .. و أنه لم يأتي اليه أحد منذ زمن بعيد .. كان لون القصر أسوداً مخيف .. أصرّ جاد أن يدخل إلى القصر .. ليجد المكان كلّه كأن النار قد اشتعلت فيه اليوم .. و يغطّيه السّواد و الرّماد .. دار جاد القصر كلّه فلم يجد غير الخراب و الأثاث المتفحّم .. إلا تلك اللّوحة التي كُتب عليها : قصر السيد فكري .. لم تصب بأي حرق .. جَن جنون جاد !! ما هذا .. أين ينال ؟! أين صديقي العزيز ؟!

بعد تلك الحادثة أُصيب جاد بالحزن الشديد و الاكتئاب و الرعب معاً .. و بقي فترة في هذه الحالة .. حتى قرّر العودة إلى عمله .. لعلّه يفهم ما الذي حدث .. عساه يجد أي ورقه تقوده إلى السيد فكري .. و بعد التدقيق الطويل في ملفات مكتبه و مكاتب زملائه بعدما طلبها منهم .. اكتشف بين الأوراق وجود ملف غريب لونه أسود مكتوب عليه السيد فكري فقام بفتحه ليجد بعدها أن السيد فكري هو رجل كبير في السن كان قد توفيّ منذ زمن بعيد أثناء حريق هائل قد أصاب قصره الفخم !! و كُتِب في نهاية الملف أنّ السيد فكري كان وحيداً دون عائلة يفتقد إلى الأصدقاء و كان قد تبرّع ب كامل ثروته لعمل ما يشبه المصرف الخيري يقوم على مساعدة الأشخاص المحتاجين لكن مدير ذلك المصرف كان قد استولى على تلك الثروة و فتح مصرفه الخاص و هو الذي يعمل فيه جاد ...
ليقضي جاد بقيّة حياته بين حال العاقل و المجنون .. و يبقى نفس السؤال الذي يراوده على لسانه دائماً و أبداً : أين اختفى ينال ؟!!
-
*⁩ فادي زهران

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...