اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

رسْم توضِيحي - قصة قصيرة ... * محمد أبوالدهب


⏬  لم يعد لدي المُبرمِجين شفَقة حاسوبيّة لاستعادة قصتي القصيرة. البرنامج الوحيد الفعّال يُنشّط جَزَعي بحُرقةٍ قياسية. أوعية الأسلاك شفطت الفولدر. سحبتْه ألسنة الهارد. انمحق في تيه أدغال الجهاز. وأخيراً، قُذِف به، صريعاً، علي سطح المكتب بهيئة هذا
ال(بووتكس).. أظن أني كتبتُ بالقصة عبارة من قبيل (أدغال جسدي).. كان مريضا، وكانت هناك إشارات، غير دقيقة طبّياً، إلي تآكل الخلايا. تتصاعد ادّعاءات القصة فوق وحول سريرٍ هوائيّ، داخل غرفة مزدوجة بالمستشفي، بعد أن (تمّ إبعادي عن غرفة العناية المركّزة).. يوشك أن يصير للجَزَع أبعاد ميتافيزيقية؛ عودةٌ من الموت لاستنساخ انتظاره الذّليل. 772 كلمة، شاملة علامات الترقيم. الوقت مبكر علي استدراجي للنسيان، خصوصاً إذا تعلّق التذكّر بهيكل القصة العام. لا تزال الحالة طازجة وقميئة. هناك، في الذاكرة، تراكيب لغوية تسبّبتْ في رفع أحد حاجبيّ، ابتسمتُ ابتسامةً بارانويديّة بعد قراءتها. يجب أن أستعجل تسجيلها، لكن العناد أقوي محفّز للتواكل. الذاكرة نفسها هيّجها الغيظ (كنت قد أتممتُ دورة كاملة حول المقبرة، دون تحديد غرض واضح من إضافة شقاءٍ بدنيّ، لم أكن مضطراً لأجرّبه، بعد إبعادي عن غرفة العناية المركزة بدقائق).. ستتكشّف لحظة بلحظة، وإن كان الأمر سيفقد، بكل تأكيد، زهو قطافه الأول. المريض يتألم بالنهار ويتألّق بالليل. الليل، علي الأرجح، سببٌ لاستمتاعه بالغزو الفتّاك لجسمه. القاريء الافتراضي، قليل البخت، كان سيقرأ شيئا عن (المرأة النهارية التي تتأهّب بحزنٍ لمسألة الوقت).. الطبيب أخبرها، وهي أخبرت صديقتها الزائرة، همساً: (المتخصّص قال إنها مسألة وقت) ولم تكن هناك ضرورة درامية أو لغوية لتنعت الطبيب بالمتخصص. ربما كانت الضرورة جنسيّة. الآخر، الطريح، لم يفتْه أن يسمع، رغم الهمس. فكّر بوعيٍ دائخ، من أثر الأعراض الجانبية لجرعات العلاج المكثفة، إنه ربما قابل الزائرة، مرةً، في محكمة الأسرة أو في محطة قطار. هذه الطريقة من محاولة التذكّر، المدفوعة بقنوطٍ هائل من رحمة الجهاز -تجري المحاولة في ساحة فولدر جديد- ونكرانٍ منفتح علي الجميع، ستضفي غموضاً واضحاً علي الشكل الجديد للقصة. وطبعا لا أقصد بالشكل سوي المضمون، علي خلاف الشائع لدي مَن يكتبون ولا يفقدون كتاباتهم علي هذا النحو الإلكتروني المفجع. فضلاً عن أن عدد الكلمات قد يتضاعف، باعتبار أني أكتب الآن ما يمكن الاعتقاد أنه عملية استعادة ناجحة للقصة -أو بعضها- التي كانت مكتوبة تماماً في الماضي القريب. وأكتب، أيضا ومعاً، عن ظروف استجلابها إلي كتابةٍ تعويضية إجبارية. يبدو أن الموقف سيقودني إلي كثير من الثرثرة واستفزاز الآخرين. عموما، يجدر أن يتحمّل الآخرون مثلما أتحمل، وإلا فأيّ معني لتحوّل ملف القصة إلي هذا ال(بووتكس) الذي لا أفهمه ولم أفلح في معالجته مثلما لم يفلح دجّالو البرمجة؟.. رأيتُ فقط أنه حوّل كلمات وحروف القصة المفقودة إلي أرقام وعلامات لم أستطع فكّ رموزها، أنا المُختلِق الأول. الخطير أني لم أعد أرغب، تقنياً، بكتابة قصة بقدر ما أحاول اللحاق بشبح ذكري تكاد تهجر خلاياي الآخذة في التآكل، لتتحلّل حدّ التعفّن داخل حشو أسلاك جهازي القديم. الخلايا المتآكلة كانت تخصّ مريض القصة، ومع ذلك استأثرتُ بها لجسدي في النسخة المستحدثة، وهذا يعني وجوب الحذر من انهمارِ فيضٍ من الفوضي الكتابيّة (كانت المرأة أول من أكلها الفضول، فسألتْه، ضاحكةً مذعورة، عن ضحكه المتواصل الذي لا يليق بمريض موصول بمعالم طبية كهربية. أطبقَ بشفتيه علي ملعقتها الموجّهة، وقلّب لها يديه).. مشكلة أخري أظهرها اختفاء الملف، أظنها عدم التحكّم في التذكّر المتواتر الذي يضمن التراتبية، تأميناً لعدم الانزلاق في التجميع العشوائي، وهو ماحدث للتوّ مع المقتطع الأخير، إذ كان يمثّل خاتمة القصة. ثم إنها كانت، هناك (سأستعمل "هناك" للدلالة علي السرد الضائع، و"هنا" للسرد الحالي)، بضمير المتكلم الذي تهدّل أخيراً إلي الغائب، مع أن متكلماً آخر نزل بكامل إرادته في ساحة الفولدر البديل، ويؤدّي واجبه كمُنقِذ، وإنْ بارتيابٍ عصبيّ، حتي اللحظة، مما يعني استشعاري اللاواعي -أو الواعي، أيّ فرق!- لحتمية حضوري، أقلّه أني مَن يحاول إنقاذ الموقف.


***
الانتقالُ إلي هذا الشيء، دون إجراء احترازيّ مُناويء، طفرةٌ إلي موتٍ مُقيَّدٍ بالحياة، هذا إذا لم أكن مُتلبّساً بتضخيم الضلالات السّلكيّة (كان الأسبوعٌ كافياً لأختلس "ليختلس" أنفاس سيجارتين في دورة المياه. كل ما حَوتْه علبة صديق، دخل عليه في اليوم الأول كمَنْ أخطأ العنوان.... تردّد طويلاً كأنما يراجع هواجسه الوجودية التي طالما تناقشا بها دون الوصول لاتفاق، أرسل بصره في زوايا السقف كمُحتاطٍ من كاميراتٍ مَخفيّة للمراقبة، ثم دسّ العلبة، فارغةً تقريباً، تحت طرف البطانية، وهرب) ما الذي يُضيّعه القاريء، الموسوم سابقاً بقلة البخت، إذا لم يناغش ما بين القوسيْن أعصابَه؟ إنه مقتطَع كبير علي أية حال، وينطوي علي إهانةٍ بالغة. المؤكّد أن، هناك، جملتين أو ثلاثا سقطت في بحر الشؤم كما العمل السُّفليّ، فضلاً عن أن ما حصلَ هَشُّه، كفلول قطيعٍ شارد، إلي هنا أكثر عدداً وأضعف تأثيراً مما كان عليه، هناك. هذا ما أستطيع الجزم به برغم تقرّحات ذاكرتي ككاتبٍ مكلوم. ناهيك عن إبراز تدخين السيجارتين، بالتصوير البطيء علي مدي أسبوعين، كمعادلٍ موضوعيّ لهواجس وجودية غير محسومة، ولو كان الفاعل مريضاً يحتضر. لماذا لا يكون هذا ال(بووتكس) قد صادف أوانه، ليحذف حلم يقظةٍ قديماً؟.. الأسبوع، أصلاً، كان كافياً لاعتقال 400 كلمة علي الأقل، ما يزيد عن نصف الذي كان، هناك. المئات الأربع حشدتْ للمرأة التي تأتي بالنهار، لتمرّر عشراتٍ من ملاعق شوربة الخضار والزبادي إلي جوف المريض، وتنبر كلماتٍ شوّهَتْها الممانعة المتواصلة لفكرة البكاء. المئات الأربع نفسها أوقفت الطبيب، مشدود القامة، ليتدخّل في شئون الغائب الخاصة، المستقبليّة طبعاً، واشتمل ذلك علي وصفٍ للسجائر بأنها مأسوف عليها للأبد، وعلي ممارسة الجنس بالورقة والقلم لأن الممارِس جسدٌ مُعدَّل، وعلي حصر الاهتمامات الفكرية -مراعاةً لكَوْن الغائب مثقفاً بارزا- في النظريات التي لا تقبل القِسمة علي وجهتَيْ نظر. عطفاً علي الحشو، الذي لابد منه في كل قصة، لتكثير سواد كلماتها -بافتراض أنها لن تُمسَخ إلي بووتكس- وذلك بذكر أصناف الأطعمة وكميّاتها ومواعيدها، ودرجة حرارة المشروبات ونسبة كثافتها، والوضع الأمثل لهيئة الجسد أثناء النوم تحقيقاً للدعم الطبي المدروس. الفائتُ مقدورٌ عليه، وأعرف أني لا أخامر جَزَعاً -المشروع الذي في طور ارتقائه الميتافيزيقي- بسبب أيّ من تفاصيله المتبخّرة، أو حتي المُسترَدّة بتصرُّف، لكن الراسخ الآن من المئات الأربع المهدَرة ذلك التعريض بالطبيب -بعد وصلة تدخّلاته المهنيّة- كإلهٍ مُغفّل لا يدري أن مريضه، المنفِيّ بسذاجةٍ كغائب حاضر، يجري إعداده لإنكار وجود إلهه المسكين المتحمّس، دون أن يكون لعدم العثور الدقيق علي عين المفردات المستعملة، لتقديم هذا التعريض شفّافاً للقاريء، أي أثر علي حالتي النفسيّة. يبقي الاحتيال الليليّ للمريض -تلذُّذه بمرض الظلام، اقتباسه أنواراً من اختراعه، طوافه بالمقبرة، بعد ذهاب الطبيب ومرافقيه، وبعد شكوي المرأة، كمجاملة نهارية أخيرة، من عدم السماح لها بالمرافقة مع أن الغرفة مزدوجة- هو السرّ الأعظم الذي يحفظني ضئيلاً أمام طلاسم ال(بووتكس).. سأذكر شيئاً عن سورٍ رماديّ يلفّ المقبرة -ما العيب أن يكون ذلك فرزاً أوّل للسرد الحالي "لن أقول هنا"، وليس ذكري مَنَّ بها عليّ السرد الضائع "لن أقول هناك"؟ ألست كاتباً في النهاية؟- وعن أضواء الشوارع المحيطة بالمستشفي، التي تسايلتْ في حِزمةٍ واحدة لتغمر الغرفة، وعن السرير الذي يطير بصاحبه، محروساً بسحابة النور، ليدور دوراتٍ كاملة وسريعة حول المقبرة، حتي أن تيارات الهواء الهادرة أجبرت المريض علي نوعٍ لم يعهده من الضحك، ملء فمه وعينه وروحه وخلاياه المتآكلة، ليفاجيء المرأة في الصباح.
*
لأضغط زر التشغيل، سأضع الفيشة في الحائط. وإلي أن تتفاعل الأسباب الإلكترونيّة ومُسبّباتها بأحشاء الجهاز، سأشعل سيجارة وآخذ رشفة شاي. وعندما تضيء الشاشة، سأكون قد شددت نفَساً آخر، أعمق وألذ هذه المرة. وسأهتزّ تجاوباً مع الصرخة الموسيقيّة الكلاسيكية، العابرة. أضغط زرّاً مختلفاً. الملفّ الانتقامي، أسميتُه (بووتكس) نكايةً فيه. القشعريرة بدت كشحنةٍ كهربائيّة سرّبها الجهاز، تأكل خلاياي بنهم، وأستشعرها ردّاً للنّكاية. لم يكن غير بووتكس واحد، أصْليّ، وأمارته تغيّر اللغة. ما كتبتُه أنا، وما قرأه هو، غير موجود إلا كأرقام وعلامات، من جديد.. مجرد رسم توضيحي، مُبسَّط، للموت!

* محمد أبوالدهب

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...