الصفحات

أســـــير ديــــان بيـــان فـــو ... **صلاح أحمد


يــا لــه من موقف ، و يا له من مشهـــد . لم يستطع تشبيهـــه إلاّ باليـــوم الذي عملت فيه معـــاول الحـــق على تحطيم أصنــــام قريــــش .
ليلـــة ماثلـــة أمامـــه بكــل تفاصيلهـــا ، بـــأدق تفاصيلها . و كــأنها الآن ، و كأنــها اللحظة .

السمــاء تمطــر بغزارة ، الرّعــد يصـم الآذان . كلــما دمدم البرق يخطف الأبصار.
كلــما أضــــاء تـــراء له وجه قائــده الأسيــــر ، قــابعا غير بعيد يفترش الوحـــل .
زادتـــه قطـــرات المـــاء المتسربـــة من بين عيـــدان قصب الخيزران بلـــة .
محولــــة الكوخ مكـــانـــا لا يطــــاق .
حشـــرة لعيــنة ، عـــاثت في ظهــره لسعــا ، تتحــرك مزهوة ، تسكن متى أرادت
و تتفنـــن في اللّســع كيف ما أرادت .أيقنــت أنه مقيــد اليديـــن ، و إنها حـــــرة .!
تفعــل ما تريـــــد ، متـــى تريــــد .
أضــــــــاء البــــرق ، النقيــب فرونسوا ، متكــــوم في مكــــــانه لـــم يتحــــــرك ...
دمـــدم الرّعــــد ، غـــرق الكوخ في الظــــلام من جديـــــد . سكنــت الحشرة اللّعينة
إعتقــــد انهـــــا ملّــــت رائحـــــة إبطــــــه غادرتـــــه . غفــى غفـــوة ، مـــالت على إثــــرها رأســـــه المتعبــــــة .
عــــادت خالتـــه فطيمة منهكة ، لقـــد كـــان يومهـــا الأول ، كشغــــالة في بيـــت
السيدة فرونسواز ... طويلا متعبا . حكت لهم أنهـــم مثلنــا ، و أنهم يعملونها مثلنــا .
و لهم مكانــا مخصصــا لهــذا ، مثلنــــا تمــــاما . ..و أنهـــــم .............
إبتســم في غفـــوته ، و مـــا الذي كنت تعتقدينـــــه خالتــــي .؟!!
أضـــــاء البــــرق ، دمــدم الـــرّ عــــد . غيرت حبــــات المطـــر إيقاعهـــا ، و هي تحــــاور أعواد الخيزران . قطرات مـــاء متتاليــــة تستفــز الرأس المتعــبة .
تعلـن الحشرة اللّعينة أنهــــا مازالت هنـا. كـومة اللّحـم المكورة في الرُّكـن المظلـم ، تــــرســل شهيـقـــــا مسموعا.
ابـــدا أبــــدا !!!... و يبكــــون أيضــا ، خلقــــو لإعطــــاء الأوامر و فقــــــط ..
إصطحب خالتــــه فطيمة الى بيت السيـــدة فرونســـواز يومــــا .....
بيـــت السيـــدة مقلــــوبا رأســـا على عقب . إستعداد لحفـــل صاخب مســــاءا .
خلقـــــو ليحتفلـــون ، ليقـهـــون بصوت عال . لقضم التفاح ، لإحتساء النبيــــذ .
لتبــــادل القبـــل علنــــا .
أضـــاء البـــرق ، دمـــدم الرّعـــد ، بعيـــدا هــــذه المــــرة . السّحــب البنية تسرع الخطى مغــادرة . تطــل نجمة وحيـــدة برأســـها ، قطــرة ماء أبت إلاّ أن تستقر برأسه أســـوة بأخواتهـــا . ما زالت كومـــة اللّحـــم الأبيض ، المكورة في الرّكــن المظلـــم تــــرسـل الشهيـــق المسموع جليــا هـــذه المــــرة .
هـــــوت صورة الغــــول أمـــامـــه . غـــادر الوهــــم رأســــه . الأسطــــورة الكــذبــــة للأبد
أفـــاق على صوت الجنــــدي الـقـصير القــامة ، بملامحه الأسيـــاوية التي لا تخفــى
عــلى أحــد .يأمرهمـــــا بإشـــارة منـــه ، الوقوف لمواصلة السيــــر . الى وجهـــة لا يعلمها الاّ هو و رفــاقـــه الأربعـــة .
ترجــــاه أن يبعد الحشـــرة اللّعيـــنة عنـــه .... مـــد الجنـــدي يــــده ، تسلّقـــت العنيـــدة ذراعــه . وضعــــها برفــــق علــــى الأرض .
- إنهـــــا إبنـــــت البلــــــــد ، و هــــــــذا موطنــــــها ....
قــــال للأسيــــريـــن هـــذا .بلغــــة يفهمــــانهــا همــا الإثنـــان..

*صلاح أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.