كانت هذهِ سابعُ سيجارةٍ أطفئها .
كنتُ أريدُ لبيتي أن يمتلىء بالأطفالِ كما امتلئتْ هذهِ المنفضة ببقايا أنفاسي .. حفنةُ من سنينِ العمرِ أختزلتها أيادي الظلم وأهالتْ فوقها التراب ثم صّمّتْ أذانها عن سماعِ صرخاتي ..
جنَ جنونُ أبي حين رأى أن جمالي يكبر ونهديّ تتراقصُ من خلف ثيابي وكأن أنوثتي جرمٌ هز شاربه .. فزوجني لأولِ طارق ..
دخلتُ بيته أحملُ مع فستان زفافي أربعة عشر عاماً ودمية ..
وقفتُ وسط غرفتي .. نعم كنتُ سعيدة لأني ولأول مرةً أمتلكُ غرفة لي وحدي .. خزانتها تضمُ ثياباً جديدة تخصني وبضعة من تلك العطور التي كنتُ أحلمُ بها ..
حين أقترب مني .. شعرتُ بالرهبة .. فرائحة أنفاسهِ المليئة برائحةِ الخمور ذكرتني بأبي .. الخوف شلّ حركتي .. شعرتُ بجسدي يرتعدُ من البرد .. قادني كما يقود الراعي نعاجه .. ليس للذبحِ بل للعذابِ .. نصلُ سكينهُ الصدأ كان لا يعمل مما زادَ في حقدهِ عليّ, فصفعني .. وتلك كانت أولُ صفعةً حولتني إلى زوجة مع وقف التنفيذ ..
شهورٌ من العذاب مرتْ بيّ , ليالٍ طويلة توسّدتُ فيها الألم قبل أن أعرف معنى أن يكون زوجي مصاباً بمرض يمنعهُ من أن يحولني إلى امرأة .. وليته لم يفعلْ ..
سرعان ما كبرت .. ليكبر معي كرهي له .. وأد ذكرياتي قبل أن تولد .. الجميع تخلى عني إلا دميتي .. هي الوحيدة التي تعرف حينَ احتضنها ليلاً أنني ما زلتُ أحلمُ برجلٍ يحولني كل ليلةٍ إلى امرأة وهي بين ذراعيهِ لا تعرفُ البرد ولا تخشى الظلام .
*فوز حمزة الكلابي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق