
على هذه الأجنحة حلّق أديبنا، وحلّقتا معه .عندما يكتب كاتب محنّك عن الوطن والمواطن والمواطنة، نجده يضع عصارة فهمه وعلمه ورؤاه، في الوطن كأرض ومكان، في كل
البنى الإجتماعية الموجودة في هذا الوطن، وكل الأعراف الإجتماعية المهيمنة على هذه البنى . ونراه يعيش مواجع الوطن، وآهات المواطن، وينقد كل القوانين والأعراف الغبية التي جرّت الويلات على الوطن والمواطن . وتنقلنا الأجنحة إلى معانٍ كثيرة : الإستغلال حيث يستشهد الكاتب بمثل شعبي يطلقه عامل مقهى "يكده أبو كلاس ويأكله أبو جزمة "
ثم إلى شريحة اجتماعية أخرى حين يمضي بنا المعلّم في ( مهنة العطاء)ذاك الصرح المهيب الذي يجب أن يكون في قمة أبّهته، هنداماً ومُثُلاً، يدعوه بصريح العبارة إلى عدم الإنجراف إلى الكسب السريع، حيث اعتبر ذلك منقصة تقلل من قدر المعلم وعلو شأنه. وما أروعه وهو يبكي في نص " بكاء صرح تربوي " حين يجعل البناية تنطق معاتبة وتوجَّه دعوة إلى أهل الغيرة ليكرموا عزيزاً ذُل .

في " من فاته طوف نوح " يستحضر غضب الشمس فهي وقحة تفضح العشاق، لينتهي أن الشمس والقمر نور الله الدائم فينا ..وتطير بنا الأجنحة إلى الخوض بالحديث عن تجربة الديمقراطية مستحضراً الإنموذج الماركسي والرأسمالي .ثم يعرض في معاني أخرى لقيم أخلاقية مهمة "كما تدين تدان "، اليتم والفقر والتشرد ونزلاء الأرصفة وللأمومة.....
هو سومري وشبعاد أمر عجيب عنده، ارتباط وثيق، فأمه تذكّره بشبعاد، وشبعاد هي جدته ملكة سومر الخالدة، ومبعث فخره واعتزازه وشموخه. تنتهي بنا الرحلة عظيمة كما بدأت، حيث جالت بنا تلافيف دماغ كاتبنا المبدع في فضاءات مذهلة،
لنعود مُقرّين بإبداع فكره وسيادة حرفه .
الأديبة الناقدة الدكتورة
عبير خالد يحيي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق