جلست أمامه حزينة، صامتة. كان هو أيضا صامتا، لا يحرّك ساكنا... كان كلّ فكرها منحصرا فيه.. تنظر إليه ولا تحوّل بصرها عنه... ولم يكن ينظر إليها.
"لماذا رحلت ؟" ذلك ما كان يدور بخلدها دون أن تتكلّم... ودون أن تحرّك طرفة عين وهي تراقبه صامتة... سؤال لطالما كان يؤرّقها... "لماذا ترحل دوما ؟ سرت معك بنفس الطّريق... كنت أتصوّر أنّك ستكون لي الرّفيق... إلى أن رحلت... وعدت... ورحلت...
قضيتُ نصف العمر معك في مدّ وجزر... ترحل أحيانا... وتعود أحيانا أخرى... وأتمسّك بك كما يتمسّك الطّفل الصّغير بيد أمّه وهي تغادره لأوّل مرّة إلى العمل... لكنّك لم تكن تأبه...
وترحل عنّي تاركا في قلبي حسرة ولوعة... تبتعد كثيرا ويكبر الحزن والألم في قلبي أكثر... ثمّ تعود... فتمسح دمعي وتقتلع الأشواك من حديقتي... وتزيّن لي وجه الحياة... وأرضى... أرفض بيني وبين نفسي، وأرضى معك...
الحبّ الذي أحمله لك بين ضلوعي أكبر من أن لا أسامحك... وسرعان ما نفترق من جديد... هو اختيارك لا اختياري... الرّحيل بعيدا كان دوما من اختيارك... أبدا لم يكن خياري... كيف أختار بعدَك وأنت الهواء الذي أتنفّسه.. ؟ كيف أختار بعدك وأنت الضّوء الذي ينير حياتي...
أنت شمسي في نهاري... وقمري في ليلي... ولا أحسن الابتعاد عنك.. لقد حاولت صدقا... نعم حاولت أن أبتعد عنك... أن أهجرك مرّة... لعلّك تشعر بقيمة حضوري في حياتك... وتعرف مقدار حبّي لك... لكنّني فشلت... وصرتَ أقوى أمام ضعفي واحتياجي إليك... صرت مزهوّا أكثر وأنت تراني أسيرة عاطفتك... وواصلتُ الطّريق معك بين مدّ وجزر... رضيت بما تمنحني إيّاه ولو كان قليلا... رضيت بحكم قلبي الذي لم يختر سواك... وتحمّلت...
تحمّلت كلّ الأسى... وكلّ الألم... وأوقات الوحدة المرّة... وجعلت من حياتي جنّة خلد لك أنت... لحظات السّعادة التي كنت أعيشها معك... لم تكن صافية نقيّة... بل كان حزني العميق يكدّرها... كانت دموعي تسيل خفية عنك... خوفا من قادم أكيد ورحيل جديد...
لم تكن فرحتي بك تكتمل أبدا... ورغم ذلك كنت أرضى معك وأتألّم وأنا أختلي بنفسي... هل كنت تراني ؟ هل كنت تسمع أنيني ؟ لا... بل كنت بعيدا... تفصلني عنك مسافات شوق سنين... اليوم تختار الرّحيل نهائيّا... لم تفكّر فيّ ولو لحين... فما عساني أفعل والقرار لك ؟
ها أنت تغادرني... تتركني وتمضي... ولا تنوي العودة من جديد... أتراني بهذا القدر من الضّعف ؟ لأبقى أسيرة لك إلى الأبد... لطالما وجدت لك أعذارا... لطالما سامحتك... لطالما تحمّلتك... الآن سوف أختار... نعم سوف أختار... وأقول لك : ارحل... ارحل... ارحل..."
نهضت بعد ذلك. وقفت كنخلة عالية. بينما كان ممدّدا أمامها بلا حراك... نظرت إليه لآخر مرّة... ثمّ غادرت المكان...
"لماذا رحلت ؟" ذلك ما كان يدور بخلدها دون أن تتكلّم... ودون أن تحرّك طرفة عين وهي تراقبه صامتة... سؤال لطالما كان يؤرّقها... "لماذا ترحل دوما ؟ سرت معك بنفس الطّريق... كنت أتصوّر أنّك ستكون لي الرّفيق... إلى أن رحلت... وعدت... ورحلت...
قضيتُ نصف العمر معك في مدّ وجزر... ترحل أحيانا... وتعود أحيانا أخرى... وأتمسّك بك كما يتمسّك الطّفل الصّغير بيد أمّه وهي تغادره لأوّل مرّة إلى العمل... لكنّك لم تكن تأبه...
وترحل عنّي تاركا في قلبي حسرة ولوعة... تبتعد كثيرا ويكبر الحزن والألم في قلبي أكثر... ثمّ تعود... فتمسح دمعي وتقتلع الأشواك من حديقتي... وتزيّن لي وجه الحياة... وأرضى... أرفض بيني وبين نفسي، وأرضى معك...
الحبّ الذي أحمله لك بين ضلوعي أكبر من أن لا أسامحك... وسرعان ما نفترق من جديد... هو اختيارك لا اختياري... الرّحيل بعيدا كان دوما من اختيارك... أبدا لم يكن خياري... كيف أختار بعدَك وأنت الهواء الذي أتنفّسه.. ؟ كيف أختار بعدك وأنت الضّوء الذي ينير حياتي...
أنت شمسي في نهاري... وقمري في ليلي... ولا أحسن الابتعاد عنك.. لقد حاولت صدقا... نعم حاولت أن أبتعد عنك... أن أهجرك مرّة... لعلّك تشعر بقيمة حضوري في حياتك... وتعرف مقدار حبّي لك... لكنّني فشلت... وصرتَ أقوى أمام ضعفي واحتياجي إليك... صرت مزهوّا أكثر وأنت تراني أسيرة عاطفتك... وواصلتُ الطّريق معك بين مدّ وجزر... رضيت بما تمنحني إيّاه ولو كان قليلا... رضيت بحكم قلبي الذي لم يختر سواك... وتحمّلت...
تحمّلت كلّ الأسى... وكلّ الألم... وأوقات الوحدة المرّة... وجعلت من حياتي جنّة خلد لك أنت... لحظات السّعادة التي كنت أعيشها معك... لم تكن صافية نقيّة... بل كان حزني العميق يكدّرها... كانت دموعي تسيل خفية عنك... خوفا من قادم أكيد ورحيل جديد...
لم تكن فرحتي بك تكتمل أبدا... ورغم ذلك كنت أرضى معك وأتألّم وأنا أختلي بنفسي... هل كنت تراني ؟ هل كنت تسمع أنيني ؟ لا... بل كنت بعيدا... تفصلني عنك مسافات شوق سنين... اليوم تختار الرّحيل نهائيّا... لم تفكّر فيّ ولو لحين... فما عساني أفعل والقرار لك ؟
ها أنت تغادرني... تتركني وتمضي... ولا تنوي العودة من جديد... أتراني بهذا القدر من الضّعف ؟ لأبقى أسيرة لك إلى الأبد... لطالما وجدت لك أعذارا... لطالما سامحتك... لطالما تحمّلتك... الآن سوف أختار... نعم سوف أختار... وأقول لك : ارحل... ارحل... ارحل..."
نهضت بعد ذلك. وقفت كنخلة عالية. بينما كان ممدّدا أمامها بلا حراك... نظرت إليه لآخر مرّة... ثمّ غادرت المكان...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق