⏪⏬
أدعى (مارتن) أو العميل (ثمانيه)، أعمل لدى منظومة كرستبول مُنذ ٧ سنوات أعتقد، و مُنذ خمس شهور فقط. أرتفع مقامي لديهم ووضعوا لدي شعارهم المخصص (الثعلب) على كتفي الايسر، وهذا يعني اني أصبحت واحد منهم ولستُ مجرد عضو مبتدئ .
أُنظم الإجتماعات وأطَّلع على الأوراق المهمه احيانًا، بالإضافة الى عملي الأصلي وهو إخراج أعضاء الجسم من جثث أصحابها .
وبما اني اصبحت واحد منهم فسأخبرك بسر!
نعمل في (منظومه كرستبول) في غسيل الأموال وتجاره الاعضاء والممنوعات وما شابه .
بالطبع انت تعرف محل (كرستبول) لبيع النبيذ الذي يقع في وسط المدينه، صاحبه هو رئيسنا وهو من يُدير كُل شيء. نعمل من بداية إشراق الشمس حتي السادسة مساءً، وما من مخرب أو جاسوس يقتحم منظومتنا، كل شيء محمي وخصوصي لأبعد الحدود.
عددنا قليل للغاية، هناك فتى يعمل في وجه المحل وهو من يُدخلنا، و بالاسفل طبيبان وانا وواحد آخر في غرفة التبريد، وهناك ثلاثة يعملون في الطابق السفلي مع العميل ( تسعة عشر) في أمور لا نفقه بها كثير، واحيانًا يحتاجون لمساعدتي فأنضم إليهم.
أسفل هذا المحل مقرنا، وهناك الكثير من الطوابق أسفله، غرفة التبريد، والجراحه، ومعدات الحفاظ علي الاعضاء، وغرفة أخرى للاجتماعات وهكذا .
ومن الأسباب الرئيسية التي جعلتنا نتخذ موقعنا هناك هو إبعاد كل الشكوك عنا، ما الذي سيثير الإنتباه في محل بيع نبيذ يقع في قلب المدينة!
_____________
كان الرابع عشر من نيسان وقد تبقى القليل على إشراق الشمس، الجوُّ باردًا للغاية ولا يوجد من يسير بالشوارع الرئيسية .
ألقيتُ التحيه على العميل ( سبعة) من يعمل بوجه المحل، خلعت معطفي و قادني هو للأسفل وعاد لعمله مُجددًا .
وضعتُ سماعات الأذن و تفقدتُ غرفة التبريد قبل البدء، ومن ثم دلفت للغرفة الأخرى لابدأ العمل .
كان هناك طبيب يقوم بفحص رجُل يبدو في بداية عقدهِ الثلاثين، ويشير لي بأن كل شيء على ما يُرام ..
أريد فقط أن أوضح لك ماهى طبيعه عملُنا؛ نحنُ نعمل علي تجارة الاعضاء، تأتي كل يوم مجموعة من الشباب و يحضرون لنا شخص على نصف تخدير، يقوم الطبيب بفحصه وتخديره كليًا، ونبدأ بالعمل .
يقوم الطبيب بـِبَتر بطنه وإخراج الكُلى والطُحال والقلب وما شابه، ومن ثم يقوم بوضعهم على الأجهزة حتى تبقى صالحه للاستخدام فيما بعد، رُبما تتساءل وكيف نتخلص من جُثثهم الفارغه؟
هنا تأتي مهنتي الأساسية؛ او كما أحب أن اسميها (عمليه المراوغة)، اقوم بتضليل الشُرطة و مراوغتهم في معرفة لمن تكون هذه الجثه!
أقوم بإخراج العيون من مَجراها و اقتلاع الاسنان و الضروس من منبتها، اقوم أيضًا بتقطيع أصابع اليدين والقدمين لنُخفي البصمات، ولو كان لديه اي وشوم، نقوم بإزالتها بالزيت .
هكذا أعتقد بأني شبه منتهي من مهمتي، نقوم بنقل الجثة لغرفة التبريد إلى أن تأتي مجموعة الرجال مرَّة أخرى و يأخذون الجثة ليتخلصوا منها بمعرفتهم، وإن عثرت الشرطة عليها، مع الوقت تُسَجَل (مجهول) !.. وهكذا!
لقد أتممنا الكثير من هذا النوع من العمليات، لا أستطيع ان أحكي لك عن باقي العمليات التي نقوم بها لاني لم اتعمق بها كثيرًا .
اعتقد بأنك تتساءل ما الذي يجبرك على العمل مع هؤلاء القوم؟
فقط الأمر يَروق لي، في البداية والنهاية ليس لدي ما أحافظ عليه، لا أجازف بشيء فحياتي فارغة، ما من مُذاق يُعنِيهَا، وهذا العمل يحتاج الى أشخاص متجردين من مشاعرهم وانا رجل مستنزف لا املك ذرة منها؛
لهذا توجهت لهم، بمساعده من صديق لي _لن اذكر اسمه_ تعرفت عليه فى أحد الحانات، وهو من قام بتعرفي على كل شيء .
______________________
في اليوم التالي انتهيت من ذات المهمه، و هرولت الى منزلي بدلت ملابسي وذهبت لأتناول وجبه العشاء في مطعم صغير بالقرب مني .
جلستُ بـِإنتظار الطعام لِيُحضَر، تجولت عيني في المقاعد شبه فارغة. وإذا وقعت عيني عليها، تبدوا في بداية العشرينات، خصلات شعرها سوداء تصل إلى فخذها، بشرتها ناصعة البياض، أما عينيها أستطعت تحديد لونهما فقد تجمع الليل بسواده الحالك وبرده فيهما.
لاحظتُ ارتباكها عندما أطلت التحديق فيها، شتَّ انتباهي عنها النادل الذي وضع لي الطعام، بدأت بالاكل، واحاول أن أُشغَّل عقلي عنها، ملامحها مثيرة للاهتمام والتأمل!
انتهيت ونظرت حولي فلم أجدها، دفعت الحساب، وهرولت للخارج وشعور بالحزن اُنزل على قلبي عندما لم اجدها، وما هو الحزن؟
لم أشعر بشيء منذ سنوات طويلة للغاية!!
- أعتقد بأنك تبحث عني ؟
جاء صوت مخملي ذو بحه حزينه من خلفي .
نظرت فوجدتها هى، قصيرة تصل تقريبا إلى صدري، جسدها مستدير و ممتلأ بعناية .
- أدعى "آنا"
قالت وقد انتشالتني من تفكيري.
- مارتن .
قُلت واحاول جمع شَتات عقلي، لأُكمل هذا الحديث .
كنتُ أدرك من البداية بأن هذه الفتاة لن تَمُر بسلام عليَّ، كانت رؤيتي لها تُنزل السكينه على قلبي، كان يمكنني أستشعار الأمان من نبرتها الحزينه .
أخبرتني عن حياتها، وحيدة مثلي تمامًا لا أهل لا اصدقاء وهكذا، تعمل في محل لبيع الكعك المحلى ..
أخبرتها بأني اعمل في بيع النبيذ أيضًا ..
انتَهِّي من عملي و أُهرول إليها سريعًا، نبقى سويًا حتى بداية شروق الشمس، نتحدث، نُدخن، نستمع للموسيقى، كُنت ألقي برأسي على كتفها وأخبرها عن كل عيوبي، أحب مشاركتها أصغر التفاصيل .
لا أعلم لما أخبرك تلك التفاصيل؛ ولكن أريد التَذَكُر و مُطايبة جروحي بِذكِرَها .
ولكِّن شعوري كان مؤكد بشأن اقتراب النهاية، تلك اللقاءات الليلية مع (آنا) كادت تنعدم مُؤخرًا، لا أعلم لها رقم هاتف، أو منزلها، وعندما أخبرها لما تتأخرين، تقدم لي مبررات واهية للغاية، إلى أن اختفت كليًا..
مرَّ يومين ولم تأتي، أصبحت کمجنون ابحث عنها ولا أجدها، فربما تلك هى النهايات التي كُتِبَ عنها (الفراق بدون وداع)؟___________________
استيقظت هذا اليوم وشَعرتُ بجسدي يؤلمني كثيرًا، أخذت بعض المُسكنات وتناولت وجبه خفيفه، و إرتديت ملابسي متوجهًا إلى مكان عملي، أعلم إن اليوم إجازة ولكن أردت أن اُشغل يومي عن التفكير فيها، هناك من يتناوب عني في هذا اليوم ويقوم بعملي .
عندما دلفت للغرفة وجدت الدماء تملأ المكان، شعرتُ بغصة بقلبي لرؤيه هذا المنظر، ولكني معتاد عليه، فما الذي أصابني؟
وجدت الذي يعمل يخبرني بأن يجب عليِّ أن أطلع على غرفة التبريد بدلاً منه وهو سيكمل..
دلفت للغرفة. نظرت إلي الجثة الموضوعه، فجأة إنقشع الضوء من المشهد وقل الأكسجين الي معدل الصفر، أصبح التنفس شبه مستحيل، هي من كانت ترقد. أستطعت أن أميز ملامحها بعد التشويه ..
لم أشعر بنفسي إلا وقد تحول البُكاء إلى صراخ هستيري.
قَتلتُ من كان يعمل بالخارج بمشرط في رقبته، أمسكت بمسدس وهرولت للخارج اقتل كل من يَمُر من أمامي. أحرقوا قلبي عليها فقتلت الجميع انتقامًا لها .
ما ذنبها هي لتموت هدرا، لما قتلوها، لما لم يقتلوني بدلاً منها، ماذا فعلَت؟، كنتُ انا السبب الأكبر فيما حدث، كانت خطيئتي الوقوع بِحُبِّها. هي الوحيدة التي استطاعت بثّ الروح بداخلي من جديد، وبموتها سلبت كل شيء مني!
لم أشعر بنفسي إلا وانا أفقد الوعي تدريجيًا وسط الطريق، وعندما استيقظت كنت في المشفى؛ تقريبًا بقيت مدة طويلة في المشفى لا أتحدث ولم أكن أريد التحدث إلى هذا اليوم، أردتُ الانتقام لكل ما حدث معي، والآن أعتقد بأني إنتهيت من سرد كل ما حدث معى بالتفاصيل يا سيدي؛ ومن حقي أن أعلم لما قتلوها ؟!
كان هناك لجنة تحقيق مكونه من أربع أفراد، يستمعون لـ (مارتن) وهذا التحقيق مسجل ومدون بالطبع.
عقد الرجل الأول يديه ثم نظر ل (مارتن) ذو الشعر المُشعث والعيون الذابلة والبشرة الشاحبه، حدجه مارتن بنظرة سريعة وهو يتلهف لأجابته، فبدأ الرجل بالحديث قائلاً :-
- "آنا" كانت تعمل أيضًا لدى هذه المنظومه ولكن بطبقة أعلى منك بكثير، متفرعة (منظومه كرستبول) للكثير والكثير من المجالات، وهى وبرب الصدف إلتقت بك أنت، (مارتن لوثر) العميل (ثمانيه)!
تمردت هى عليهم وعلى عملهم فقاموا كما تعلم أنت بواظيفتهم. كما انت ايضا تمردت عليهم وجئت ووشيت بكل شيء، إذن تستحق الموت أليس كذلك ؟
صمت الرجل للحظات ثم أردف متسائلاً:-
سيد (مارتن) هل تعلم أين نحن؟
-في قسم الشرطة؟
- لا، بعدما فقدت وعيك لحق بك مجموعة من رجال (كرستبول)، وجهزوا غرفة کالمشفى، ننتظر تلك الأيام لتنتهي منك. إنها دائرة كبيرة، كبيرة للغاية وما انت سوى طُفيل، صعلوك صغير، ستدهسك الأقدام مع الوقت، لهذا ودعًا سيد مارتن!
اخرج مسدس كاتم الصوت ووجه ناحيه رأسه، وافرغ ما فيه من طلقات نارية بداخل رأسة وهو مشتت الأفكار، يُحاول إستيعاب ما يحدث .
قام الرجل بإجراء مُكالمه هاتفيه ويُبلغ المتصل ويقول :-
إنتهى كل شيء يا سيدي، نعم تحدث وقُمنا بقتله الأن، حسنا .. وداعًا ..
أي قوانين ستحمي هذا المغفل الذي يعترض طريق (كرستبول)!
-
/حبيبة الشوربجي
أدعى (مارتن) أو العميل (ثمانيه)، أعمل لدى منظومة كرستبول مُنذ ٧ سنوات أعتقد، و مُنذ خمس شهور فقط. أرتفع مقامي لديهم ووضعوا لدي شعارهم المخصص (الثعلب) على كتفي الايسر، وهذا يعني اني أصبحت واحد منهم ولستُ مجرد عضو مبتدئ .
أُنظم الإجتماعات وأطَّلع على الأوراق المهمه احيانًا، بالإضافة الى عملي الأصلي وهو إخراج أعضاء الجسم من جثث أصحابها .
وبما اني اصبحت واحد منهم فسأخبرك بسر!
نعمل في (منظومه كرستبول) في غسيل الأموال وتجاره الاعضاء والممنوعات وما شابه .
بالطبع انت تعرف محل (كرستبول) لبيع النبيذ الذي يقع في وسط المدينه، صاحبه هو رئيسنا وهو من يُدير كُل شيء. نعمل من بداية إشراق الشمس حتي السادسة مساءً، وما من مخرب أو جاسوس يقتحم منظومتنا، كل شيء محمي وخصوصي لأبعد الحدود.
عددنا قليل للغاية، هناك فتى يعمل في وجه المحل وهو من يُدخلنا، و بالاسفل طبيبان وانا وواحد آخر في غرفة التبريد، وهناك ثلاثة يعملون في الطابق السفلي مع العميل ( تسعة عشر) في أمور لا نفقه بها كثير، واحيانًا يحتاجون لمساعدتي فأنضم إليهم.
أسفل هذا المحل مقرنا، وهناك الكثير من الطوابق أسفله، غرفة التبريد، والجراحه، ومعدات الحفاظ علي الاعضاء، وغرفة أخرى للاجتماعات وهكذا .
ومن الأسباب الرئيسية التي جعلتنا نتخذ موقعنا هناك هو إبعاد كل الشكوك عنا، ما الذي سيثير الإنتباه في محل بيع نبيذ يقع في قلب المدينة!
_____________
كان الرابع عشر من نيسان وقد تبقى القليل على إشراق الشمس، الجوُّ باردًا للغاية ولا يوجد من يسير بالشوارع الرئيسية .
ألقيتُ التحيه على العميل ( سبعة) من يعمل بوجه المحل، خلعت معطفي و قادني هو للأسفل وعاد لعمله مُجددًا .
وضعتُ سماعات الأذن و تفقدتُ غرفة التبريد قبل البدء، ومن ثم دلفت للغرفة الأخرى لابدأ العمل .
كان هناك طبيب يقوم بفحص رجُل يبدو في بداية عقدهِ الثلاثين، ويشير لي بأن كل شيء على ما يُرام ..
أريد فقط أن أوضح لك ماهى طبيعه عملُنا؛ نحنُ نعمل علي تجارة الاعضاء، تأتي كل يوم مجموعة من الشباب و يحضرون لنا شخص على نصف تخدير، يقوم الطبيب بفحصه وتخديره كليًا، ونبدأ بالعمل .
يقوم الطبيب بـِبَتر بطنه وإخراج الكُلى والطُحال والقلب وما شابه، ومن ثم يقوم بوضعهم على الأجهزة حتى تبقى صالحه للاستخدام فيما بعد، رُبما تتساءل وكيف نتخلص من جُثثهم الفارغه؟
هنا تأتي مهنتي الأساسية؛ او كما أحب أن اسميها (عمليه المراوغة)، اقوم بتضليل الشُرطة و مراوغتهم في معرفة لمن تكون هذه الجثه!
أقوم بإخراج العيون من مَجراها و اقتلاع الاسنان و الضروس من منبتها، اقوم أيضًا بتقطيع أصابع اليدين والقدمين لنُخفي البصمات، ولو كان لديه اي وشوم، نقوم بإزالتها بالزيت .
هكذا أعتقد بأني شبه منتهي من مهمتي، نقوم بنقل الجثة لغرفة التبريد إلى أن تأتي مجموعة الرجال مرَّة أخرى و يأخذون الجثة ليتخلصوا منها بمعرفتهم، وإن عثرت الشرطة عليها، مع الوقت تُسَجَل (مجهول) !.. وهكذا!
لقد أتممنا الكثير من هذا النوع من العمليات، لا أستطيع ان أحكي لك عن باقي العمليات التي نقوم بها لاني لم اتعمق بها كثيرًا .
اعتقد بأنك تتساءل ما الذي يجبرك على العمل مع هؤلاء القوم؟
فقط الأمر يَروق لي، في البداية والنهاية ليس لدي ما أحافظ عليه، لا أجازف بشيء فحياتي فارغة، ما من مُذاق يُعنِيهَا، وهذا العمل يحتاج الى أشخاص متجردين من مشاعرهم وانا رجل مستنزف لا املك ذرة منها؛
لهذا توجهت لهم، بمساعده من صديق لي _لن اذكر اسمه_ تعرفت عليه فى أحد الحانات، وهو من قام بتعرفي على كل شيء .
______________________
في اليوم التالي انتهيت من ذات المهمه، و هرولت الى منزلي بدلت ملابسي وذهبت لأتناول وجبه العشاء في مطعم صغير بالقرب مني .
جلستُ بـِإنتظار الطعام لِيُحضَر، تجولت عيني في المقاعد شبه فارغة. وإذا وقعت عيني عليها، تبدوا في بداية العشرينات، خصلات شعرها سوداء تصل إلى فخذها، بشرتها ناصعة البياض، أما عينيها أستطعت تحديد لونهما فقد تجمع الليل بسواده الحالك وبرده فيهما.
لاحظتُ ارتباكها عندما أطلت التحديق فيها، شتَّ انتباهي عنها النادل الذي وضع لي الطعام، بدأت بالاكل، واحاول أن أُشغَّل عقلي عنها، ملامحها مثيرة للاهتمام والتأمل!
انتهيت ونظرت حولي فلم أجدها، دفعت الحساب، وهرولت للخارج وشعور بالحزن اُنزل على قلبي عندما لم اجدها، وما هو الحزن؟
لم أشعر بشيء منذ سنوات طويلة للغاية!!
- أعتقد بأنك تبحث عني ؟
جاء صوت مخملي ذو بحه حزينه من خلفي .
نظرت فوجدتها هى، قصيرة تصل تقريبا إلى صدري، جسدها مستدير و ممتلأ بعناية .
- أدعى "آنا"
قالت وقد انتشالتني من تفكيري.
- مارتن .
قُلت واحاول جمع شَتات عقلي، لأُكمل هذا الحديث .
كنتُ أدرك من البداية بأن هذه الفتاة لن تَمُر بسلام عليَّ، كانت رؤيتي لها تُنزل السكينه على قلبي، كان يمكنني أستشعار الأمان من نبرتها الحزينه .
أخبرتني عن حياتها، وحيدة مثلي تمامًا لا أهل لا اصدقاء وهكذا، تعمل في محل لبيع الكعك المحلى ..
أخبرتها بأني اعمل في بيع النبيذ أيضًا ..
انتَهِّي من عملي و أُهرول إليها سريعًا، نبقى سويًا حتى بداية شروق الشمس، نتحدث، نُدخن، نستمع للموسيقى، كُنت ألقي برأسي على كتفها وأخبرها عن كل عيوبي، أحب مشاركتها أصغر التفاصيل .
لا أعلم لما أخبرك تلك التفاصيل؛ ولكن أريد التَذَكُر و مُطايبة جروحي بِذكِرَها .
ولكِّن شعوري كان مؤكد بشأن اقتراب النهاية، تلك اللقاءات الليلية مع (آنا) كادت تنعدم مُؤخرًا، لا أعلم لها رقم هاتف، أو منزلها، وعندما أخبرها لما تتأخرين، تقدم لي مبررات واهية للغاية، إلى أن اختفت كليًا..
مرَّ يومين ولم تأتي، أصبحت کمجنون ابحث عنها ولا أجدها، فربما تلك هى النهايات التي كُتِبَ عنها (الفراق بدون وداع)؟___________________
استيقظت هذا اليوم وشَعرتُ بجسدي يؤلمني كثيرًا، أخذت بعض المُسكنات وتناولت وجبه خفيفه، و إرتديت ملابسي متوجهًا إلى مكان عملي، أعلم إن اليوم إجازة ولكن أردت أن اُشغل يومي عن التفكير فيها، هناك من يتناوب عني في هذا اليوم ويقوم بعملي .
عندما دلفت للغرفة وجدت الدماء تملأ المكان، شعرتُ بغصة بقلبي لرؤيه هذا المنظر، ولكني معتاد عليه، فما الذي أصابني؟
وجدت الذي يعمل يخبرني بأن يجب عليِّ أن أطلع على غرفة التبريد بدلاً منه وهو سيكمل..
دلفت للغرفة. نظرت إلي الجثة الموضوعه، فجأة إنقشع الضوء من المشهد وقل الأكسجين الي معدل الصفر، أصبح التنفس شبه مستحيل، هي من كانت ترقد. أستطعت أن أميز ملامحها بعد التشويه ..
لم أشعر بنفسي إلا وقد تحول البُكاء إلى صراخ هستيري.
قَتلتُ من كان يعمل بالخارج بمشرط في رقبته، أمسكت بمسدس وهرولت للخارج اقتل كل من يَمُر من أمامي. أحرقوا قلبي عليها فقتلت الجميع انتقامًا لها .
ما ذنبها هي لتموت هدرا، لما قتلوها، لما لم يقتلوني بدلاً منها، ماذا فعلَت؟، كنتُ انا السبب الأكبر فيما حدث، كانت خطيئتي الوقوع بِحُبِّها. هي الوحيدة التي استطاعت بثّ الروح بداخلي من جديد، وبموتها سلبت كل شيء مني!
لم أشعر بنفسي إلا وانا أفقد الوعي تدريجيًا وسط الطريق، وعندما استيقظت كنت في المشفى؛ تقريبًا بقيت مدة طويلة في المشفى لا أتحدث ولم أكن أريد التحدث إلى هذا اليوم، أردتُ الانتقام لكل ما حدث معي، والآن أعتقد بأني إنتهيت من سرد كل ما حدث معى بالتفاصيل يا سيدي؛ ومن حقي أن أعلم لما قتلوها ؟!
كان هناك لجنة تحقيق مكونه من أربع أفراد، يستمعون لـ (مارتن) وهذا التحقيق مسجل ومدون بالطبع.
عقد الرجل الأول يديه ثم نظر ل (مارتن) ذو الشعر المُشعث والعيون الذابلة والبشرة الشاحبه، حدجه مارتن بنظرة سريعة وهو يتلهف لأجابته، فبدأ الرجل بالحديث قائلاً :-
- "آنا" كانت تعمل أيضًا لدى هذه المنظومه ولكن بطبقة أعلى منك بكثير، متفرعة (منظومه كرستبول) للكثير والكثير من المجالات، وهى وبرب الصدف إلتقت بك أنت، (مارتن لوثر) العميل (ثمانيه)!
تمردت هى عليهم وعلى عملهم فقاموا كما تعلم أنت بواظيفتهم. كما انت ايضا تمردت عليهم وجئت ووشيت بكل شيء، إذن تستحق الموت أليس كذلك ؟
صمت الرجل للحظات ثم أردف متسائلاً:-
سيد (مارتن) هل تعلم أين نحن؟
-في قسم الشرطة؟
- لا، بعدما فقدت وعيك لحق بك مجموعة من رجال (كرستبول)، وجهزوا غرفة کالمشفى، ننتظر تلك الأيام لتنتهي منك. إنها دائرة كبيرة، كبيرة للغاية وما انت سوى طُفيل، صعلوك صغير، ستدهسك الأقدام مع الوقت، لهذا ودعًا سيد مارتن!
اخرج مسدس كاتم الصوت ووجه ناحيه رأسه، وافرغ ما فيه من طلقات نارية بداخل رأسة وهو مشتت الأفكار، يُحاول إستيعاب ما يحدث .
قام الرجل بإجراء مُكالمه هاتفيه ويُبلغ المتصل ويقول :-
إنتهى كل شيء يا سيدي، نعم تحدث وقُمنا بقتله الأن، حسنا .. وداعًا ..
أي قوانين ستحمي هذا المغفل الذي يعترض طريق (كرستبول)!
-
/حبيبة الشوربجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق