*فريق العمل
يُعد سلافوي جيجك أحد أبرز الفلاسفة الماركسيين العاملين، في أواخر القرن العشرين، وأوائل القرن الحادي والعشرين، وقد نشر موقع بيج ثينك تقريرًا للكاتب سكوتي هيندريكس، يستعرض رؤية الفيلسوف السلوفيني، حول الصواب السياسي، ولماذا يرفضه.
يستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن سلافوي جيجك معارض معروف لـ«الصواب السياسي»، وغالبًا ما ينتقد هذا المفهوم، ومع ذلك فهو لا يدعو للتلفظ بعبارات مهينة لذاتها، وقاده موقفه إلى الاتفاق مع المفكر الكندي جوردان بيترسون في مناظرتهما الشهيرة.
يقول الكاتب إن سلافوي جيجك هو الفيلسوف والناقد الثقافي البارز والمحبوب لتصريحاته الاستفزازية، وغرابة أطواره، مثل فكره، وهو معروف بكونه شيوعيًّا نوعًا ما، ومع ذلك، فإن مواقفه اليسارية تخففها كراهية عاطفية لشيء واحد يتمسك به الكثير من الشباب اليساري، وهو الصواب السياسي.
لماذا يكره جيجك الصواب السياسي؟
يسلط الكاتب الضوء على سبب كراهية جيجك للصواب السياسي من خلال ما ذكره الأخير في مقطع فيديو عرضه التقرير، ويشرح فيه سبب اعتقاده أن الصواب السياسي لا يعني التهذب بأي شكل، ولا هو مؤامرة ضد الطريقة الأمريكية للحياة، بل هو وسيلة لاستخدام اللغة بطرق تخفي وراءها مشاكل المجتمع، دون فعل أي شيء لحلها.
ويوضح الكاتب أن أول ما يتحدث عنه جيجك هو «الشمولية»، التي يساويها بالصواب السياسي، مشيرًا إلى أنه ينفي أي اتفاق مع اليمين الأمريكي، الذي يميل للنظر إلى الصواب السياسي بصفته مؤامرة «لتدمير طريقة الحياة الأمريكية»، وأنه لا يعني أن الأشخاص الذين يستخدمون الصواب السياسي هم من يستعيدون الستالينية، لكن ما يعنيه هو أن ما نسميه الصواب السياسي يمكن استخدامه لتعزيز الأساليب الاستبدادية القديمة.
ويقتبس الكاتب ما يقوله جيجك: تخيل أنني فتى صغير، ويريدني أبي في يوم إجازتي أن أزور جدتي، فلنقل إن والدي هو السلطة التقليدية، فماذا كان سيفعل؟ من المحتمل أن يقول لي شيئًا من هذا القبيل: «لا يهمني ما تشعر به؛ إن من واجبك زيارة جدتك، كن مهذبًا تجاهها وما إلى ذلك»، لا شيء سيئ في هذا الأمر، لأنني ما زلت أستطيع التمرد، إنه أمر واضح.
ويتابع الكاتب اقتباسه: ولكن ماذا سيفعل ما يسمى بالأب العصري غير السلطوي؟ أنا أعرف؛ لأنني واجهت ذلك، كان ليقول شيئًا من هذا القبيل: «أنت تعرف كم تحبك جدتك، لكن مع ذلك لا أجبرك على زيارتها، يجب عليك فقط زيارتها إذا قررت بحرية فعل ذلك»، الآن يعلم كل طفل أنه وراء مظهر الاختيار الحر يوجد ضغط أقوى بكثير في هذه الرسالة الثانية؛ نظرًا إلى أن والدك بالأساس لا يخبرك فقط بضرورة زيارة جدتك، ولكن بضرورة أن تحب زيارتها، وأنت تعرف أنه يخبرك كيف يجب أن تشعر حيال ذلك، إنه أمر أقوى بكثير.
من خلال إصدار الأمر «اذهب لزيارة جدتك» بلغة ألطف وأليق، فهو لا يعطي الأمر فحسب، بل يصبح الأمر بيانًا أكثر شمولًا، كما أشار جيجك، الذي كتب بإسهاب عن مدى صعوبة الهروب من الأيديولوجيات التي تبدو طبيعية أو غير مثيرة للجدل، إلى أن هذا هو الاستبداد بعينه كما في الأيام القديمة، ولكن من الصعب مواجهته بسبب طريقة عرضه.
وينوه الكاتب بأن جيجك يرى أن الصواب السياسي لا يعالج أي مشكلة، مثل العنصرية، والتي يأمل هذا المفهوم في حلها، ولكن بدلًا من ذلك ينظمها، وبالنظر إلى اهتمامه التاريخي بالمفاهيم اليسارية لحل تلك المشكلات بالفعل، يمكنك بسهولة فهم سبب كرهه لشيء يدعي أنه يفعل كل شيء، ولكنه لا يحقق شيئًا في هذا المجال.
ويتابع الكاتب: بهذه الطريقة، يمكن أن تكون لغة الصواب السياسي أفضل في الحفاظ على الأنظمة القمعية القديمة أكثر من إصلاحها، إذ تتحدث عنها الآن بلغة نظيفة، بدلًا من اللغة المباشرة والصريحة، التي تجعل المشكلة أكثر وضوحًا.
قليل من البذاءة يُجدي
ويستطرد الكاتب: قبل أن يبدأ قليل منكم في إطلاق النكات العنصرية، أو تلك المتعلقة بالتمييز الجنسي، أو أيما يكن من النكات المهينة؛ فإن جيجك لا يؤيد ذلك على الإطلاق، فهو فقط يقول إن السياق هو جُل المسألة برمتها، وإننا يجب أن نكون أقل اهتمامًا باللغة المحددة المستخدمة، وأكثر اهتمامًا بكيفية استخدامنا لتلك اللغة، وإذا استخدمت مزحة أو كلمة لإهانة الناس والحط من قدرهم، فيجب إدانتها ومن نطق بها، أما إن استخدمت مزحة لإذابة الجليد وتقريب الأشخاص معًا بطريقة لا تُهين أحدًا، فهو يجيزها، بل يراها مفيدة.
ويشير الكاتب إلى أن جيجك يرى أنه من الصعب للغاية التواصل في ما بيننا دون تبادل قدر ضئيل من البذاءة، والتي يراها طريقة تنجح بصورة رائعة، لأننا بهذه الطريقة، كما يرى جيجك، ننجح في حل التوتر العنصري، مشيرًا إلى أن مفهوم الصواب السياسي لم يستطع حل المشكلة الحقيقية، لذا هرب إلى السيطرة على الطريقة التي نتحدث عنها.
وينوه الكاتب إلى أن موقف جيجك يذكره بأفكار جورج كارلين عن اللغة، ومحاولاتنا لتنظيفها دون تغيير ما نشعر به حيال ما تشير إليه تلك اللغة.
هل يربط جيجك هذا الأمر بفلسفته؟
ويقول الكاتب إن موقف جيجك ضد الصواب السياسي يرتبط بأفكاره حول الأيديولوجية، ولا سيما كيف تخلق الأيديولوجيات أنظمة تصبح فيها ذاتية التعزيز، ففي مقاله الذي نشر عام 2007 بعنوان أيديولوجية التسامح، عالج جيجك قضايا مماثلة للتسامح تستخدم أداةً لمد عمر النظم القمعية، بدلًا من استخدامها أداة لمعالجتها.
ويفتتح المقال بدعوى جريئة: لماذا يُنظَر اليوم إلى الكثير من المشكلات على أنها مشاكل ناتجة عن عدم التسامح، وليست مشاكل ناتجة عن عدم المساواة، والاستغلال، والظلم؟ لماذا التسامح هو العلاج المقترح، وليس التحرر والنضال السياسي، وحتى النضال المسلح؟ والجواب الفوري هو العملية الأيديولوجية الأساسية متعددة الثقافات الليبرالية: «إضفاء طابع ثقافي على السياسة»- الاختلافات السياسية، اختلافات مشروطة بعدم المساواة السياسية، والاستغلال الاقتصادي وغيرها، تجنس/ تحيد إلى اختلافات «ثقافية»، وطرق مختلفة «للحياة»، وهي شيء لا يمكن التغلب عليه، ولكن مجرد «التسامح» معه.
وفي الختام يشير الكاتب إلى أن نقده لـ«التسامح» يختلف قليلًا عن نقده للنزاهة السياسية، ويرى أن معظم انتقادات الصواب السياسي تأتي من اليمين، إذ يُنظر إليها إما على أنها «الماركسية الثقافية»، وإما الرقابة، وإما دليل على أن الناس حساسون للغاية، لكن جيجك مثال نادر على ناقد يساري لهذه الممارسة. وفي حين أن ميله لإطلاق النكات البذيئة قد يكون مزعجًا قليلًا، وكذلك استمتاعه بإثارة غضب الناس؛ فإنه يبني حججه، ليس على الرغبة في «العودة إلى ما كانت عليه الأمور»، ولكن على التفاني المخلص لتغيير الأنظمة القمعية فعليًّا لصالح الجميع، وليس فقط تغيير طريقة الحديث عنها.
يُعد سلافوي جيجك أحد أبرز الفلاسفة الماركسيين العاملين، في أواخر القرن العشرين، وأوائل القرن الحادي والعشرين، وقد نشر موقع بيج ثينك تقريرًا للكاتب سكوتي هيندريكس، يستعرض رؤية الفيلسوف السلوفيني، حول الصواب السياسي، ولماذا يرفضه.
يستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن سلافوي جيجك معارض معروف لـ«الصواب السياسي»، وغالبًا ما ينتقد هذا المفهوم، ومع ذلك فهو لا يدعو للتلفظ بعبارات مهينة لذاتها، وقاده موقفه إلى الاتفاق مع المفكر الكندي جوردان بيترسون في مناظرتهما الشهيرة.
يقول الكاتب إن سلافوي جيجك هو الفيلسوف والناقد الثقافي البارز والمحبوب لتصريحاته الاستفزازية، وغرابة أطواره، مثل فكره، وهو معروف بكونه شيوعيًّا نوعًا ما، ومع ذلك، فإن مواقفه اليسارية تخففها كراهية عاطفية لشيء واحد يتمسك به الكثير من الشباب اليساري، وهو الصواب السياسي.
لماذا يكره جيجك الصواب السياسي؟
يسلط الكاتب الضوء على سبب كراهية جيجك للصواب السياسي من خلال ما ذكره الأخير في مقطع فيديو عرضه التقرير، ويشرح فيه سبب اعتقاده أن الصواب السياسي لا يعني التهذب بأي شكل، ولا هو مؤامرة ضد الطريقة الأمريكية للحياة، بل هو وسيلة لاستخدام اللغة بطرق تخفي وراءها مشاكل المجتمع، دون فعل أي شيء لحلها.
ويوضح الكاتب أن أول ما يتحدث عنه جيجك هو «الشمولية»، التي يساويها بالصواب السياسي، مشيرًا إلى أنه ينفي أي اتفاق مع اليمين الأمريكي، الذي يميل للنظر إلى الصواب السياسي بصفته مؤامرة «لتدمير طريقة الحياة الأمريكية»، وأنه لا يعني أن الأشخاص الذين يستخدمون الصواب السياسي هم من يستعيدون الستالينية، لكن ما يعنيه هو أن ما نسميه الصواب السياسي يمكن استخدامه لتعزيز الأساليب الاستبدادية القديمة.
ويقتبس الكاتب ما يقوله جيجك: تخيل أنني فتى صغير، ويريدني أبي في يوم إجازتي أن أزور جدتي، فلنقل إن والدي هو السلطة التقليدية، فماذا كان سيفعل؟ من المحتمل أن يقول لي شيئًا من هذا القبيل: «لا يهمني ما تشعر به؛ إن من واجبك زيارة جدتك، كن مهذبًا تجاهها وما إلى ذلك»، لا شيء سيئ في هذا الأمر، لأنني ما زلت أستطيع التمرد، إنه أمر واضح.
ويتابع الكاتب اقتباسه: ولكن ماذا سيفعل ما يسمى بالأب العصري غير السلطوي؟ أنا أعرف؛ لأنني واجهت ذلك، كان ليقول شيئًا من هذا القبيل: «أنت تعرف كم تحبك جدتك، لكن مع ذلك لا أجبرك على زيارتها، يجب عليك فقط زيارتها إذا قررت بحرية فعل ذلك»، الآن يعلم كل طفل أنه وراء مظهر الاختيار الحر يوجد ضغط أقوى بكثير في هذه الرسالة الثانية؛ نظرًا إلى أن والدك بالأساس لا يخبرك فقط بضرورة زيارة جدتك، ولكن بضرورة أن تحب زيارتها، وأنت تعرف أنه يخبرك كيف يجب أن تشعر حيال ذلك، إنه أمر أقوى بكثير.
من خلال إصدار الأمر «اذهب لزيارة جدتك» بلغة ألطف وأليق، فهو لا يعطي الأمر فحسب، بل يصبح الأمر بيانًا أكثر شمولًا، كما أشار جيجك، الذي كتب بإسهاب عن مدى صعوبة الهروب من الأيديولوجيات التي تبدو طبيعية أو غير مثيرة للجدل، إلى أن هذا هو الاستبداد بعينه كما في الأيام القديمة، ولكن من الصعب مواجهته بسبب طريقة عرضه.
وينوه الكاتب بأن جيجك يرى أن الصواب السياسي لا يعالج أي مشكلة، مثل العنصرية، والتي يأمل هذا المفهوم في حلها، ولكن بدلًا من ذلك ينظمها، وبالنظر إلى اهتمامه التاريخي بالمفاهيم اليسارية لحل تلك المشكلات بالفعل، يمكنك بسهولة فهم سبب كرهه لشيء يدعي أنه يفعل كل شيء، ولكنه لا يحقق شيئًا في هذا المجال.
ويتابع الكاتب: بهذه الطريقة، يمكن أن تكون لغة الصواب السياسي أفضل في الحفاظ على الأنظمة القمعية القديمة أكثر من إصلاحها، إذ تتحدث عنها الآن بلغة نظيفة، بدلًا من اللغة المباشرة والصريحة، التي تجعل المشكلة أكثر وضوحًا.
قليل من البذاءة يُجدي
ويستطرد الكاتب: قبل أن يبدأ قليل منكم في إطلاق النكات العنصرية، أو تلك المتعلقة بالتمييز الجنسي، أو أيما يكن من النكات المهينة؛ فإن جيجك لا يؤيد ذلك على الإطلاق، فهو فقط يقول إن السياق هو جُل المسألة برمتها، وإننا يجب أن نكون أقل اهتمامًا باللغة المحددة المستخدمة، وأكثر اهتمامًا بكيفية استخدامنا لتلك اللغة، وإذا استخدمت مزحة أو كلمة لإهانة الناس والحط من قدرهم، فيجب إدانتها ومن نطق بها، أما إن استخدمت مزحة لإذابة الجليد وتقريب الأشخاص معًا بطريقة لا تُهين أحدًا، فهو يجيزها، بل يراها مفيدة.
ويشير الكاتب إلى أن جيجك يرى أنه من الصعب للغاية التواصل في ما بيننا دون تبادل قدر ضئيل من البذاءة، والتي يراها طريقة تنجح بصورة رائعة، لأننا بهذه الطريقة، كما يرى جيجك، ننجح في حل التوتر العنصري، مشيرًا إلى أن مفهوم الصواب السياسي لم يستطع حل المشكلة الحقيقية، لذا هرب إلى السيطرة على الطريقة التي نتحدث عنها.
وينوه الكاتب إلى أن موقف جيجك يذكره بأفكار جورج كارلين عن اللغة، ومحاولاتنا لتنظيفها دون تغيير ما نشعر به حيال ما تشير إليه تلك اللغة.
هل يربط جيجك هذا الأمر بفلسفته؟
ويقول الكاتب إن موقف جيجك ضد الصواب السياسي يرتبط بأفكاره حول الأيديولوجية، ولا سيما كيف تخلق الأيديولوجيات أنظمة تصبح فيها ذاتية التعزيز، ففي مقاله الذي نشر عام 2007 بعنوان أيديولوجية التسامح، عالج جيجك قضايا مماثلة للتسامح تستخدم أداةً لمد عمر النظم القمعية، بدلًا من استخدامها أداة لمعالجتها.
ويفتتح المقال بدعوى جريئة: لماذا يُنظَر اليوم إلى الكثير من المشكلات على أنها مشاكل ناتجة عن عدم التسامح، وليست مشاكل ناتجة عن عدم المساواة، والاستغلال، والظلم؟ لماذا التسامح هو العلاج المقترح، وليس التحرر والنضال السياسي، وحتى النضال المسلح؟ والجواب الفوري هو العملية الأيديولوجية الأساسية متعددة الثقافات الليبرالية: «إضفاء طابع ثقافي على السياسة»- الاختلافات السياسية، اختلافات مشروطة بعدم المساواة السياسية، والاستغلال الاقتصادي وغيرها، تجنس/ تحيد إلى اختلافات «ثقافية»، وطرق مختلفة «للحياة»، وهي شيء لا يمكن التغلب عليه، ولكن مجرد «التسامح» معه.
وفي الختام يشير الكاتب إلى أن نقده لـ«التسامح» يختلف قليلًا عن نقده للنزاهة السياسية، ويرى أن معظم انتقادات الصواب السياسي تأتي من اليمين، إذ يُنظر إليها إما على أنها «الماركسية الثقافية»، وإما الرقابة، وإما دليل على أن الناس حساسون للغاية، لكن جيجك مثال نادر على ناقد يساري لهذه الممارسة. وفي حين أن ميله لإطلاق النكات البذيئة قد يكون مزعجًا قليلًا، وكذلك استمتاعه بإثارة غضب الناس؛ فإنه يبني حججه، ليس على الرغبة في «العودة إلى ما كانت عليه الأمور»، ولكن على التفاني المخلص لتغيير الأنظمة القمعية فعليًّا لصالح الجميع، وليس فقط تغيير طريقة الحديث عنها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق