⏪بقلم: حمد حاجي
⏪القراءة
تصدير:
"العاطفية المفرطة في الادب تعني التزييف دائما"
الصوت المنفرد.أوكونور
مقدمة
القص عمل بهيج فريد، يحتاج حين قراءته لجمال التلقي ..
المجموعة حبر لا ينضب للكاتبة خيرة الساكت والصادرة عن دار ورقة للنشر تجمع بين الكلاسيكية الأصيلة التي تعيد لنا ذكريات أعمال عظيمة من ديكنز وحتى دستويفسكي وماركيز، لم تشعرنا قط ان هذه النصوص ستفقد آنيتها وروح عصرها، انها عمل سردي يجعلك تعترف بقيمة الأدب كرسالة خالدة حيّة قادرة على إعادة التوازن لحياة البشر.. لذلك الانسان المجهول..
➧ اولا
اللغة والاسلوب
باسلوب متين على غرار ساراماجو وبأسلوب بسيط، تطفح المجموعة القصصية (حبر لا ينضب) للكاتبة التونسية خيرة الساكت بما يطلق عليه جمهرة النقاد / الواقعية ..
فمن لغة الواقعية السحرية والسوداء إلى مجازات الواقعية السحرية مرورا بالسخرية والباروديا ومكر الادب الساخر تطالعك عتبات الاقاصيص..
انها تمتح من لغة السينما وحوار المشهد ما يوحي بقصص اللوحات المصاغة من عبق الواقع والمتخفية كثيرا بالروحي والشفيف من الشعور تلك اللغة الهاربة الفارة من مغاور النفس بالرمز اللاذع.. والتصور الدرامي للمأساة..
لغة في حال ارتحال وسفر.. كما بقصتها المعنونة ب (سمفونية الكوكب الاحمر) من اللامكان إلى اللازمان مرورا بقصتها(الحالم) الباحثة عن (الباطن) الكامن وراء (الظاهر).. وفي كل ذلك (يبقى الحال على ما هو عليه)
مما يعزز تقنية الحكائية والقصصية في أن تبرز اللغة تلك القدرة على كل شيء بالتوصيل..
هكذا تبدو لغة الكاتبة خيرة الساكت تصنع ناراتولوجيتها المخصوصة في نصوصها ..
➧ثانيا
الميلودراما بالمجموعة (حبر لا ينضب)
ولكي تحبك قصصها بالميلودراما اسلوبا وبناء ومن ثمة تصبغ متانة حكائية عليها..
ولكي تنفث تمائمها أصالة بالسرد وحكيا باليومي المعاش..
تلجأ القاصة خيرة الساكت الى تشبيك الاحداث حتى تلعب بقارئها وتضعه بدوامة متابعة النصوص الطويلة ولعل ما يلفت الانتباه بالمجموعة القصصية (حبر لا ينضب) ان القاصة ركبت لعين قارئها كاميرا بانورامية تتتبع المسار السردي لتأخذ المعنى من القراءة اللامحة السريعة الى القراءة المبطنة المركزة على النفس والباطن ..
وفي كل ذلك تبني دراما النص شائقا مبهرا.
لقد نسجت القاصة نصوصها القصيرة على شكل آلة مجهزة بكاميرا ماسحة ذكية ذات ابعاد خماسية. انها تأتي بالحكي لتملأ ذلك الفراغ باللون والضوء الروحيين الشفافيْن وتقدم بذلك المشهد والحركة ممتلئا بالسواد والبياض والحزن والفرح .
ولذلك اقول ان هذه القاصة تعلن انقلابها الفني على مرتكزات الخصائص الفنية التي وضعها النقاد للقصة كما لو كنا نسمع صرخة كونديرا..أنها تؤسس لانقلاب مفاجئ، يسقط المشهدية الواقعية عن عرشها، ويفرض مشهدا بالتسجيل زاخرا بالشعور .. عابقا حد الامتلاء بالفضاء الشعوري..
وشتان بين من يبحث عن الحقيقة بواسطة البرهان كمن يبحث عن الشمس بواسطة المصباح..
➧ثالثا
الانتربولوجيا بالمجموعة (حبر لا ينضب)
فانت تجد بالنصوص القصصية (رافييلا لن تموت/كنيسة) و(صاحب الرقم الخاطئ/ فرعون) و(البقدنوس الاحمر) احتفالا بالميثولوجيا الاغريقية واليونانية والفرعونية وبحثا بالمقدس وبالمدنس ..
كما انك تلحظ ذلك التناص القرآني والانزياح عن نصوص قريبة بالمعنى وبالبنى الحكائية ..
وفي كل ذلك نجد القاصة تبحث جادة عن الأشكال السردية الجديدة الاخرى تحديثا تاصيلا ومعاصرة
ففيما تسعى لتوظيف الميتاسرد او الميتاقص كانموذج تقني داخل القصة بما هو الكتابة على الكتابة ومن داخلها ومن سطح الكاتب الى عمقه فإنها تركن الى صيغة التضمين بمعنى تضمين قصتين في واحدة متنا وشروحا كما لو كنت تقرأ فصولا من الف ليلة وليلة..
والمميز بالمجموعة القصصية استحداث الكاتبة خيرة الساكت لتوظيف النثر العربي كالمقامة والتراسل في صوغ أشكال جديدة للانزياح النصي خاصة في عمليتي التكثيف والايحاء والتركيز بالنص على الجمل المطولة لاحداث المفارقة والدهشة كي تكسر افق انتظار القارئ
وهو ما يؤكد وعي الكاتبة بذلك الاضمار والتدقيق في اختيار المقاطع المناسبة ومنه نرصد الناراتولوجي السردي حين تشبيك الأحداث وتمطيطها تشويقا وتأثيرا في المتلقي..
ولقد استعملت الكاتبة خيرة الساكت ظاهرة التراكب الجملي تطويلا وتقصيرا لتؤسس للحكاية ابتداء وانتهاءََ لذلك نقول بأن تحويل القصة إلى أسئلة محيرة هو تجريب مقصود للوصول الى آفاق لم تطأها قدم قاص من قبلها ..
➧ رابعا
الكرنفالية بالمجموعة (حبر لا ينضب)
بدت كل قصة نصا كرنفاليا، تبني القاصة قصصها شبيهة بلوحات ، ففي حين يقابل القارئ شخصيات عدة، تبدو كل واحدة منها جديرة بالانفراد بباطن روا ئي كامل، كما تبدو كل واحدة منها مستكينة في موقعها الصحيح من اللامكان ، ضمن شبكة درامية كبيرة، مثيرة للفكر ما يؤكد قدرة القاصة على الحفاظ على خيوط اللعبة، من دون أن تضل أو تشتبك بغيرها في شكل عشوائي لتكوّن عقدة أو نتوءاً في السرد قد يقودان إلى أن يتوه القارئ ويفقد بوصلته.
حين قراءتنا للمجموعة (حبر لا ينضب) لم نجد واحدة من تلك الشخصيات جاءت زائدة عن حاجة السرد والحكاية ، ولم نلحظ ترهلات في جسد الحكاية، صيغت كلها بضرورة فنية، يلحظها القارئ الفاحص..
⏪القراءة
تصدير:
"العاطفية المفرطة في الادب تعني التزييف دائما"
الصوت المنفرد.أوكونور
مقدمة
القص عمل بهيج فريد، يحتاج حين قراءته لجمال التلقي ..
المجموعة حبر لا ينضب للكاتبة خيرة الساكت والصادرة عن دار ورقة للنشر تجمع بين الكلاسيكية الأصيلة التي تعيد لنا ذكريات أعمال عظيمة من ديكنز وحتى دستويفسكي وماركيز، لم تشعرنا قط ان هذه النصوص ستفقد آنيتها وروح عصرها، انها عمل سردي يجعلك تعترف بقيمة الأدب كرسالة خالدة حيّة قادرة على إعادة التوازن لحياة البشر.. لذلك الانسان المجهول..
➧ اولا
اللغة والاسلوب
باسلوب متين على غرار ساراماجو وبأسلوب بسيط، تطفح المجموعة القصصية (حبر لا ينضب) للكاتبة التونسية خيرة الساكت بما يطلق عليه جمهرة النقاد / الواقعية ..
فمن لغة الواقعية السحرية والسوداء إلى مجازات الواقعية السحرية مرورا بالسخرية والباروديا ومكر الادب الساخر تطالعك عتبات الاقاصيص..
انها تمتح من لغة السينما وحوار المشهد ما يوحي بقصص اللوحات المصاغة من عبق الواقع والمتخفية كثيرا بالروحي والشفيف من الشعور تلك اللغة الهاربة الفارة من مغاور النفس بالرمز اللاذع.. والتصور الدرامي للمأساة..
لغة في حال ارتحال وسفر.. كما بقصتها المعنونة ب (سمفونية الكوكب الاحمر) من اللامكان إلى اللازمان مرورا بقصتها(الحالم) الباحثة عن (الباطن) الكامن وراء (الظاهر).. وفي كل ذلك (يبقى الحال على ما هو عليه)
مما يعزز تقنية الحكائية والقصصية في أن تبرز اللغة تلك القدرة على كل شيء بالتوصيل..
هكذا تبدو لغة الكاتبة خيرة الساكت تصنع ناراتولوجيتها المخصوصة في نصوصها ..
➧ثانيا
الميلودراما بالمجموعة (حبر لا ينضب)
ولكي تحبك قصصها بالميلودراما اسلوبا وبناء ومن ثمة تصبغ متانة حكائية عليها..
ولكي تنفث تمائمها أصالة بالسرد وحكيا باليومي المعاش..
تلجأ القاصة خيرة الساكت الى تشبيك الاحداث حتى تلعب بقارئها وتضعه بدوامة متابعة النصوص الطويلة ولعل ما يلفت الانتباه بالمجموعة القصصية (حبر لا ينضب) ان القاصة ركبت لعين قارئها كاميرا بانورامية تتتبع المسار السردي لتأخذ المعنى من القراءة اللامحة السريعة الى القراءة المبطنة المركزة على النفس والباطن ..
وفي كل ذلك تبني دراما النص شائقا مبهرا.
لقد نسجت القاصة نصوصها القصيرة على شكل آلة مجهزة بكاميرا ماسحة ذكية ذات ابعاد خماسية. انها تأتي بالحكي لتملأ ذلك الفراغ باللون والضوء الروحيين الشفافيْن وتقدم بذلك المشهد والحركة ممتلئا بالسواد والبياض والحزن والفرح .
ولذلك اقول ان هذه القاصة تعلن انقلابها الفني على مرتكزات الخصائص الفنية التي وضعها النقاد للقصة كما لو كنا نسمع صرخة كونديرا..أنها تؤسس لانقلاب مفاجئ، يسقط المشهدية الواقعية عن عرشها، ويفرض مشهدا بالتسجيل زاخرا بالشعور .. عابقا حد الامتلاء بالفضاء الشعوري..
وشتان بين من يبحث عن الحقيقة بواسطة البرهان كمن يبحث عن الشمس بواسطة المصباح..
➧ثالثا
الانتربولوجيا بالمجموعة (حبر لا ينضب)
فانت تجد بالنصوص القصصية (رافييلا لن تموت/كنيسة) و(صاحب الرقم الخاطئ/ فرعون) و(البقدنوس الاحمر) احتفالا بالميثولوجيا الاغريقية واليونانية والفرعونية وبحثا بالمقدس وبالمدنس ..
كما انك تلحظ ذلك التناص القرآني والانزياح عن نصوص قريبة بالمعنى وبالبنى الحكائية ..
وفي كل ذلك نجد القاصة تبحث جادة عن الأشكال السردية الجديدة الاخرى تحديثا تاصيلا ومعاصرة
ففيما تسعى لتوظيف الميتاسرد او الميتاقص كانموذج تقني داخل القصة بما هو الكتابة على الكتابة ومن داخلها ومن سطح الكاتب الى عمقه فإنها تركن الى صيغة التضمين بمعنى تضمين قصتين في واحدة متنا وشروحا كما لو كنت تقرأ فصولا من الف ليلة وليلة..
والمميز بالمجموعة القصصية استحداث الكاتبة خيرة الساكت لتوظيف النثر العربي كالمقامة والتراسل في صوغ أشكال جديدة للانزياح النصي خاصة في عمليتي التكثيف والايحاء والتركيز بالنص على الجمل المطولة لاحداث المفارقة والدهشة كي تكسر افق انتظار القارئ
وهو ما يؤكد وعي الكاتبة بذلك الاضمار والتدقيق في اختيار المقاطع المناسبة ومنه نرصد الناراتولوجي السردي حين تشبيك الأحداث وتمطيطها تشويقا وتأثيرا في المتلقي..
ولقد استعملت الكاتبة خيرة الساكت ظاهرة التراكب الجملي تطويلا وتقصيرا لتؤسس للحكاية ابتداء وانتهاءََ لذلك نقول بأن تحويل القصة إلى أسئلة محيرة هو تجريب مقصود للوصول الى آفاق لم تطأها قدم قاص من قبلها ..
➧ رابعا
الكرنفالية بالمجموعة (حبر لا ينضب)
بدت كل قصة نصا كرنفاليا، تبني القاصة قصصها شبيهة بلوحات ، ففي حين يقابل القارئ شخصيات عدة، تبدو كل واحدة منها جديرة بالانفراد بباطن روا ئي كامل، كما تبدو كل واحدة منها مستكينة في موقعها الصحيح من اللامكان ، ضمن شبكة درامية كبيرة، مثيرة للفكر ما يؤكد قدرة القاصة على الحفاظ على خيوط اللعبة، من دون أن تضل أو تشتبك بغيرها في شكل عشوائي لتكوّن عقدة أو نتوءاً في السرد قد يقودان إلى أن يتوه القارئ ويفقد بوصلته.
حين قراءتنا للمجموعة (حبر لا ينضب) لم نجد واحدة من تلك الشخصيات جاءت زائدة عن حاجة السرد والحكاية ، ولم نلحظ ترهلات في جسد الحكاية، صيغت كلها بضرورة فنية، يلحظها القارئ الفاحص..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق