⏪⏬
قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: جَاءَتني مِسْكِينَةٌ تَحْمِل ابْنَتَيْن لَهَا، فَأَطعمتُهَا ثَلاثَ تَمْرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلى
فِيها تَمْرةً لتَأكُلهَا، فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّت التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُريدُ أَنْ تأْكُلهَا بيْنهُمَا، فأَعْجبني شَأْنها، فَذَكرْتُ الَّذي صنعَتْ لرسولِ اللَّه صل الله عليه وسلم فَقَالَ: "إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار"
شق تمرة مبارك أوجب الجنّة للأم ووقاها حرّ جهنم .. شق تمرة ممزوج برحيق صدق وبأمومة عظيمة ومنثور بحنان الإنسانية يساوي جنة عرضها السماوات والأرض... إذن المقصود ليس شق تمرة ولكن المقصود قلب الأم ...الأم الجائعة التي حرمت نفسها من الطعام لتطعم صغارها.
يُذكرني هذا الحديث بأمي .. تلك الأم العظيمة والحنون التي تروي الأرض بطيبتها وعطائها ونبلها... لم تكن صاحبة مال كثير حتى تحقق لي رغباتي وأمنياتي ولكنها كانت صاحبة قلب عظيم جعلتني حلمها الوحيد وسعت في تحقيقي.
عندما كنت صغيرا كنت أعتقد أن أمي هي من توقظ الشمس كل يوم من نومها لتنير لنا الكون قبل أن توقظني للذهاب إلى المدرسة...هذا النور الذي كان يشع يوحي بأن ورائه قوة خفية وتلك القوة الخفية كانت في نظري أمي.
كنت أفتحُ عينيّ وفي اعتقادي أن أمي هي التي توقظ كل شيئ، كلّ ما من شأنه أن يصنعَ سعادتي في صباحي ومسائي.
تستيقظ عيشوشة على صوت آذان الفجر الذي يعلو "بحي على الصلاة وحي على الفلاح" فتلبي نداء الله بقلبها ولسان حالها يقول حي على الفلاح حي على الكفاح إيذانا بميلاد يوم جديد تستعين فيه بالله على الشقاء والتعب، ويستيقظ معها بيتنا على رائحة الخبز والقهوة لا ينافسها أحد في النهوض باكرا إلا ديك جيراننا الذي لا يعرف النوم أبدا .. تنهض أمي وتُشرع شبابيك قلبها للحب والرّحمة قبل سطوع نور الشمس بعد أن تنهي صلاتها وأذكار صباحها وتسبيحها المعهود كل يوم..ثم تستقبل تعب النهار بابتسامتها المعتادة دوما..كأنها تقول للتعب لن تكسر ضلوع صدري ولن تحني قامتي ما دمت أسير في طريق الله.
فتخبز الكسرة وتعجنها و توقد تنورها مرددة أغاني تونسية قديمة تعلمتها من جدتي رحمها الله ... لم تكن تعلم أمي أنها تخبز بيديها الطاهرتين المتشققتين مع الخبز أحلامي وآمالي في الحياة .
لم تكن تعلم أنها صباحي وشمسي ونور قلبي وأنها رحمة عمري،كما لم تكن تعلم أن رغيف كسرتها أصبح جزء من قلبي قبل أن يكون جزء من معدتي ولم تكن تعلم أيضا أني أحي بأنفاسها وبرائحة البخور التي تضعها لطرد كل عين حاسدة ... لا تعلم أمي أنها ركن بيتنا وعماد أسرتنا وعز أيامنا .
قصة صغيرة لازلت أذكرها ... ذات يوم حين وضعت أمي طعام الصباح أمام أبي على الطاولة وبجانبه رغيف كسرة ولكن كان محروقا تماما
أتذكر أنني انتظرت طويلاً كي يلحظ أبي ذلك ولا أشك على الإطلاق أنه لاحظه منذ البداية إلا أنه مدّ يده إلى قطعة الكسرة وابتسم لوالدتي وسألني كيف كان يومي في المدرسة ؟!
لا أتذكرُ بماذا أجبته لكنني أتذكر أني رأيتهُ يأكل الرّغيف كلّه والضحكة ترتسم على وجهه.
عندما نهضتُ عن طاولة الطعام ذلك الصباح أتذكر أني سمعتُ أمي تعتذر لأبي عن حرقها للكسرة مبررة ذلك بانشغالها في إشعال الحطب وإيقاد التنور.
ولكن ما شدّني أكثر هو جواب أبي على اعتذارها حي قال لها " لا تكترث يا عيشوشة حياتي فأنا أحب أحيانا أكل الطعام المحروق، ألا تعلمين أني مجنون " وجبر خاطرها بابتسامته المعهودة
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم سألته إن كان حقاً يُحبّ أن يتناول الكسرة أحياناً إلى درجة الاحتراق ؟
فربط على يدي بقوة ضاحكا وقال لي هذه الكلمات التي تبعث على التأمل:
"يا بني أمك كان لديها عمل شاق وقد أصابها التعب والإرهاق في يومها ...ثم إن قطعاً من الكسرة المحروقة لن تضر ولن تميت
الحياة مليئة بالأشياء الناقصة وليس هناك شخص كامل لا يخطئ، كلنا مجبولين على الخطأ. أمك منذ سنين وهي تجتهد وتتعب وتطبخ وكان طعامها أكثر من ممتاز بشهادة جميع الأقارب والجيران فهل أغضب منها لمجرد خطأ بسيط لم تقصده المسكينة؟
علينا نحن البشر أن نتعلم كيف نقبل النقصان في الأمور وأن نتقبل عيوب الآخرين وهذا من أهم الأمور في بناء العلاقات وجعلها قوية ودائمة. العلاقات تمر بظروف سيئة أحيانا ولكن تنجح متى تنازل كل طرف وعذر الطرف الآخر وحاول فهمه واستيعابه.
وأنهى ابي كلامه بجملته المشهورة التي كان يرددها دائما "حلو ومر حتى يوفى العمر"
من وقتها فهمت المعادلة التي كان يقصدها أبي من كلامه لا يمكن لكسرة محترقة قليلاً أن تكسر قلباً جميلا.
لا زلت أذكر رائحة القهوة العربي الممزوجة بالتوابل تلك القهوة المعتقة التي تعدها لنا كل صباح تصل إلى سابع جار فتتسابق الأنفاس لاستنشاقها... ولقهوة أمي سحر يبطل تعويذات التعب والغياب والوحدة، رباه وما حاجتي للقهوة ولون البن في عيني أمي.
يمكن أن تشرب قهوتك في أي مكان شئت في ضواحي ساو باولو العامرة أو في البندقية أو باريس أو امستردام أو في أحياء كراكاس، كما يمكنك أن تشربها حُلوة أو مُرّة أو سُكر وسط، بالكراميل أو القرفة أو مع الحليب الطازج، لك أن تختار المكان والزمان والأصدقاء لكنك أبدا لن تتذوق فنجانا أشهى وألذ من فنجان قهوة أمي الصباحية الذي يعلوها البخار كغيمة سحاب تسافر بي عبر دروب الذاكرة وهي تغازل ندى الصباح برائحتها.
أعشق تلك اللحظات بل واعشق تلك الطقوس البسيطة التي تشعرك بأنك لازلت على قيد الحياة. السر ليس في نوعية البن ولا في الماء ولا حتى في درجة حرارة غليان الماء، السر ببساطة يكمن في أمي صاحبة اللمسات السحرية التي تُحيي بيديها كل شيء ميت... فامرأةٌ توقظُ الشمس، كانت بكل اختصار توقظُ الحياة.
بالمناسبة، أمّي برغم كل شيء لا زالتْ تحسبني طفلاً صغيرا، حتى أنه عندما يسألني أحدهم عن عمري، أكاد أجيبه: أي عمر تقصد، عمري حسبَ الواقع أم حسب أمّي؟ إحداهنّ قالت لي يوما: سأخبر أمكَ بأنك ما عدت طفلا فقد سرقتَ قلبي. أوصلتُ ذلك لأمي فقالتْ ضاحكة: "هكذا هم الأطفال، دوماً يسرقون قطع الحلوى! كما يسرقون قلوب الفتيات"
أكتب عنها اليوم وكلّ يوم لأنها امرأة مثالية ومناضلة، ليس فقط من أجل أولادها، بل كذلك لأنها ترغب فى حياة كريمة فى وطن تنكّر لأبنائه، ليمتزج شعوري بين الأم المُكافحة والوطن الذى يُعاني مرارة الواقع والظلم والتهميش ..ورغم المعاناة ومرارة الواقع في وطني مازلت أمي تبتسم وتسامح وتكافح.
أمي هي وطني الصغير حدوده كتفيها ..تفوح منها رائحة العنبر والمسك والياسمين ...لا تغادرها ابتسامة حتى في مرضها ... تطعم كل عابر وضيف بعقد من سنابل القمح وتروي كل أرض بعرقها الطيب ...وتحفر بيديها الطاهرتين شقوقا للحياة والأمل تنير به ظلام أيامنا.
باختصار أحب فيها طفولتي ...أحب فيها ذكرياتي ...أحب حتّى ضربها لي وأنا صغير وتعليمها إياي ..أحب فيها ذلك الزمن الجميل الذي كانت فيه أغلى أمنياتي النوم بين أحضانها وهي تروي لي قصة.
اليوم كبرت أمي وكبر معها خوفي عليها .. الخوف من فقدها ...الخوف من حياة لا تكون فيها معي.
*ماهر الحاج لطيف القدارات
قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: جَاءَتني مِسْكِينَةٌ تَحْمِل ابْنَتَيْن لَهَا، فَأَطعمتُهَا ثَلاثَ تَمْرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلى
فِيها تَمْرةً لتَأكُلهَا، فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّت التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُريدُ أَنْ تأْكُلهَا بيْنهُمَا، فأَعْجبني شَأْنها، فَذَكرْتُ الَّذي صنعَتْ لرسولِ اللَّه صل الله عليه وسلم فَقَالَ: "إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار"
شق تمرة مبارك أوجب الجنّة للأم ووقاها حرّ جهنم .. شق تمرة ممزوج برحيق صدق وبأمومة عظيمة ومنثور بحنان الإنسانية يساوي جنة عرضها السماوات والأرض... إذن المقصود ليس شق تمرة ولكن المقصود قلب الأم ...الأم الجائعة التي حرمت نفسها من الطعام لتطعم صغارها.
يُذكرني هذا الحديث بأمي .. تلك الأم العظيمة والحنون التي تروي الأرض بطيبتها وعطائها ونبلها... لم تكن صاحبة مال كثير حتى تحقق لي رغباتي وأمنياتي ولكنها كانت صاحبة قلب عظيم جعلتني حلمها الوحيد وسعت في تحقيقي.
عندما كنت صغيرا كنت أعتقد أن أمي هي من توقظ الشمس كل يوم من نومها لتنير لنا الكون قبل أن توقظني للذهاب إلى المدرسة...هذا النور الذي كان يشع يوحي بأن ورائه قوة خفية وتلك القوة الخفية كانت في نظري أمي.
كنت أفتحُ عينيّ وفي اعتقادي أن أمي هي التي توقظ كل شيئ، كلّ ما من شأنه أن يصنعَ سعادتي في صباحي ومسائي.
تستيقظ عيشوشة على صوت آذان الفجر الذي يعلو "بحي على الصلاة وحي على الفلاح" فتلبي نداء الله بقلبها ولسان حالها يقول حي على الفلاح حي على الكفاح إيذانا بميلاد يوم جديد تستعين فيه بالله على الشقاء والتعب، ويستيقظ معها بيتنا على رائحة الخبز والقهوة لا ينافسها أحد في النهوض باكرا إلا ديك جيراننا الذي لا يعرف النوم أبدا .. تنهض أمي وتُشرع شبابيك قلبها للحب والرّحمة قبل سطوع نور الشمس بعد أن تنهي صلاتها وأذكار صباحها وتسبيحها المعهود كل يوم..ثم تستقبل تعب النهار بابتسامتها المعتادة دوما..كأنها تقول للتعب لن تكسر ضلوع صدري ولن تحني قامتي ما دمت أسير في طريق الله.
فتخبز الكسرة وتعجنها و توقد تنورها مرددة أغاني تونسية قديمة تعلمتها من جدتي رحمها الله ... لم تكن تعلم أمي أنها تخبز بيديها الطاهرتين المتشققتين مع الخبز أحلامي وآمالي في الحياة .
لم تكن تعلم أنها صباحي وشمسي ونور قلبي وأنها رحمة عمري،كما لم تكن تعلم أن رغيف كسرتها أصبح جزء من قلبي قبل أن يكون جزء من معدتي ولم تكن تعلم أيضا أني أحي بأنفاسها وبرائحة البخور التي تضعها لطرد كل عين حاسدة ... لا تعلم أمي أنها ركن بيتنا وعماد أسرتنا وعز أيامنا .
قصة صغيرة لازلت أذكرها ... ذات يوم حين وضعت أمي طعام الصباح أمام أبي على الطاولة وبجانبه رغيف كسرة ولكن كان محروقا تماما
أتذكر أنني انتظرت طويلاً كي يلحظ أبي ذلك ولا أشك على الإطلاق أنه لاحظه منذ البداية إلا أنه مدّ يده إلى قطعة الكسرة وابتسم لوالدتي وسألني كيف كان يومي في المدرسة ؟!
لا أتذكرُ بماذا أجبته لكنني أتذكر أني رأيتهُ يأكل الرّغيف كلّه والضحكة ترتسم على وجهه.
عندما نهضتُ عن طاولة الطعام ذلك الصباح أتذكر أني سمعتُ أمي تعتذر لأبي عن حرقها للكسرة مبررة ذلك بانشغالها في إشعال الحطب وإيقاد التنور.
ولكن ما شدّني أكثر هو جواب أبي على اعتذارها حي قال لها " لا تكترث يا عيشوشة حياتي فأنا أحب أحيانا أكل الطعام المحروق، ألا تعلمين أني مجنون " وجبر خاطرها بابتسامته المعهودة
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم سألته إن كان حقاً يُحبّ أن يتناول الكسرة أحياناً إلى درجة الاحتراق ؟
فربط على يدي بقوة ضاحكا وقال لي هذه الكلمات التي تبعث على التأمل:
"يا بني أمك كان لديها عمل شاق وقد أصابها التعب والإرهاق في يومها ...ثم إن قطعاً من الكسرة المحروقة لن تضر ولن تميت
الحياة مليئة بالأشياء الناقصة وليس هناك شخص كامل لا يخطئ، كلنا مجبولين على الخطأ. أمك منذ سنين وهي تجتهد وتتعب وتطبخ وكان طعامها أكثر من ممتاز بشهادة جميع الأقارب والجيران فهل أغضب منها لمجرد خطأ بسيط لم تقصده المسكينة؟
علينا نحن البشر أن نتعلم كيف نقبل النقصان في الأمور وأن نتقبل عيوب الآخرين وهذا من أهم الأمور في بناء العلاقات وجعلها قوية ودائمة. العلاقات تمر بظروف سيئة أحيانا ولكن تنجح متى تنازل كل طرف وعذر الطرف الآخر وحاول فهمه واستيعابه.
وأنهى ابي كلامه بجملته المشهورة التي كان يرددها دائما "حلو ومر حتى يوفى العمر"
من وقتها فهمت المعادلة التي كان يقصدها أبي من كلامه لا يمكن لكسرة محترقة قليلاً أن تكسر قلباً جميلا.
لا زلت أذكر رائحة القهوة العربي الممزوجة بالتوابل تلك القهوة المعتقة التي تعدها لنا كل صباح تصل إلى سابع جار فتتسابق الأنفاس لاستنشاقها... ولقهوة أمي سحر يبطل تعويذات التعب والغياب والوحدة، رباه وما حاجتي للقهوة ولون البن في عيني أمي.
يمكن أن تشرب قهوتك في أي مكان شئت في ضواحي ساو باولو العامرة أو في البندقية أو باريس أو امستردام أو في أحياء كراكاس، كما يمكنك أن تشربها حُلوة أو مُرّة أو سُكر وسط، بالكراميل أو القرفة أو مع الحليب الطازج، لك أن تختار المكان والزمان والأصدقاء لكنك أبدا لن تتذوق فنجانا أشهى وألذ من فنجان قهوة أمي الصباحية الذي يعلوها البخار كغيمة سحاب تسافر بي عبر دروب الذاكرة وهي تغازل ندى الصباح برائحتها.
أعشق تلك اللحظات بل واعشق تلك الطقوس البسيطة التي تشعرك بأنك لازلت على قيد الحياة. السر ليس في نوعية البن ولا في الماء ولا حتى في درجة حرارة غليان الماء، السر ببساطة يكمن في أمي صاحبة اللمسات السحرية التي تُحيي بيديها كل شيء ميت... فامرأةٌ توقظُ الشمس، كانت بكل اختصار توقظُ الحياة.
بالمناسبة، أمّي برغم كل شيء لا زالتْ تحسبني طفلاً صغيرا، حتى أنه عندما يسألني أحدهم عن عمري، أكاد أجيبه: أي عمر تقصد، عمري حسبَ الواقع أم حسب أمّي؟ إحداهنّ قالت لي يوما: سأخبر أمكَ بأنك ما عدت طفلا فقد سرقتَ قلبي. أوصلتُ ذلك لأمي فقالتْ ضاحكة: "هكذا هم الأطفال، دوماً يسرقون قطع الحلوى! كما يسرقون قلوب الفتيات"
أكتب عنها اليوم وكلّ يوم لأنها امرأة مثالية ومناضلة، ليس فقط من أجل أولادها، بل كذلك لأنها ترغب فى حياة كريمة فى وطن تنكّر لأبنائه، ليمتزج شعوري بين الأم المُكافحة والوطن الذى يُعاني مرارة الواقع والظلم والتهميش ..ورغم المعاناة ومرارة الواقع في وطني مازلت أمي تبتسم وتسامح وتكافح.
أمي هي وطني الصغير حدوده كتفيها ..تفوح منها رائحة العنبر والمسك والياسمين ...لا تغادرها ابتسامة حتى في مرضها ... تطعم كل عابر وضيف بعقد من سنابل القمح وتروي كل أرض بعرقها الطيب ...وتحفر بيديها الطاهرتين شقوقا للحياة والأمل تنير به ظلام أيامنا.
باختصار أحب فيها طفولتي ...أحب فيها ذكرياتي ...أحب حتّى ضربها لي وأنا صغير وتعليمها إياي ..أحب فيها ذلك الزمن الجميل الذي كانت فيه أغلى أمنياتي النوم بين أحضانها وهي تروي لي قصة.
اليوم كبرت أمي وكبر معها خوفي عليها .. الخوف من فقدها ...الخوف من حياة لا تكون فيها معي.
*ماهر الحاج لطيف القدارات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق