⏪الناقد أحمد نصار
⏪النص :
نحيبٌ على قارعة الغياب
الواحدة والنصف بتوقيتِ اللهفة، وأعقابُ سجائر الحنين. البومُ يشعلُ فتيلَ الذكريات المتبقيةِ في إناء الغربة، ليوقظَ كابوسَ الشقاء، متلصصاً على وجعي البالي.
ما خطبُكِ يا أنا...!!؟ كلمّا لملمتُكِ، وحزمتُ حقائبَ الانتظار بعثرتْكِ عواصفُ الدهر.
يالَشقاءِ حظّي...!!؟
اصمتْ أيّها الحرفُ الثرثار ماعادتْ تنفعُني نذورُك؛ أعلنتُ يصنع الحدادَ على حلمي...
وحدَهُ الرّبُ يصغي لصوتي التائه...
على صدر الحكاية أبكي، وصخبُ الوحدة يضنيني.
كيف أنساكِ وأنتِ الغافيةُ في أحداق نبضي...!!
كم خانني البوح، وسرقتني المسافات...
أشتاقكِ يا توءمَ جنوني المطعّم بالطفولة.
أشتاقكِ يا بصيصَ أملي المتبقي.
أراكِ تشعّينَ من وجوه العابرين، تهطلين من دموع أفراحي، لتتسلّلي إلى مضاجعِ ذكرياتي.
تلوّحين بكفّكِ العاجي من بين أطلال الصباح أنْ لا تحزني يا سيدةَ الحروف.
يا يمامةَ غدي مدّي جناحيك، احمليني إليكِ قبل أن يفترسَني الظلام، وتشيّعَ جثماني خفافيشُ العناء إلى مقبرةِ الغياب.
⏪القراءة:
إن دراسة الكلمات المفاتيح في الآونة الأخيرة.. تنتقل بنا إلى دراسة الحقول الدلالية بمنهج بنيوي لاستكشاف العناصر المستقبلية فيها، وعلاقتها بالتبادل والتضاد فيما بينها، وتحليل شبكة علاقاتها من أجل ربطها بالخط والنموذج، واختصارها في معادلاتها الموضوعية قبل البحث في التفسير الجمالي والاجتماعي معاً...
لذلك منهج تحليل الانحراف الأسلوبي الأدبي يجب أن يتميز ويخالف قواعد تركيب الجمل، وربما تكون مقولة الانحراف وليس الانزياح أصلاً مسبقاً استقر ورسخ اللغة في مضامينها الدلالية.
ونحن اليوم إزاء نص للكاتبة مجدولين صالح، وهو الذي توسم نحيب على قارعة الطريق...
إن تركيب عنوان النص تركيبٌ منطقي... تركيب الكلمات من حيث معقولية الرؤيا الشمولية... فجاءت الكلمات مرصوفة مجاورة لبعضها لتحمل انحرافا أسلوبياً على ما به العنوان من متانة في رسم سلم الدلالة للمعنى الذهني لدى المتلقي.. إذ هو عنوان موفق من حيث المعنى؛ ولو أن الكاتبة أخفت مفردت نحيب وابقته على قارعة الطريق فقط لكان أكثر إدهاشاً وتكثيفاً ورمزية.. حيث تتركنا نحن نكتشف أنه نحيب.. ذلك الذي في فضاء النص...
لندخل لفناء النص نرى تراكيب المفردات، ونرى تلك الأسلوبية الانحرافية في لم شمل الكلمات والمعاني المرتبطة بها...
تفتتح الكاتبه مجدولين صالح بوحها في الواحده والنصف بتوقيت اللهفة.. حقيقةً فاتحة نصية موفقة حيث جعلت للهفة توقيت، وهو زمنٌ مختلفٌ تماماً عن زمن الواحدة والنصف ثم جعلت للسجائر حنين.. والبوم يشعل وللغربة إناء...
هنا لا نحفل بمنطقية التركيب وإنما نلهث وراء منطقية الصورة الحسية لانحراف التركيب، ثم حقائب الانتظار، ووجع الليالي، والحرف الثرثار، وصدر الحكاية، وتوءم جنوني، والكف العاجي... حتى نصل الى مقبرة الغياب...
إن جميع هذه التراكيب للكلمات يشي إلى ذلك الانحراف في التصوير الذهني في عمق البعد النفسي للمبدعة... حيث إن البلاغة التقليدية اختفت في إطار زخرفة أصل التعبير المجرد بوسائل المحسنات البلاغية في البنية السطحية إلى البنية العمقية من الاستعارات والكنايات... وهو المعيار للجودة في الإسلوب الأدبي لأن المبالغة تقود إلى التجميل الضمني للحزن والألم في البوح...
وبما ان النص هنا أقرب للخاطرة منه إلى القص.. فهو يحمل حوارات داخلية كثيرة ذات مضامين سردية قصصية لو تمكنا من المساحة لوقفنا على أبرزها.. لكن الوقت يمضي بتوقيت اللهفة مسرعاً...
مجدولين أحمد صالح مبدعة.. نتمنى لها كل التوفيق.. في المثابرة والقراءة الجيدة نرى لها مستقبل مشرق في الإبداع... وفقها الله.
*أحمد نصار
⏪النص :
نحيبٌ على قارعة الغياب
الواحدة والنصف بتوقيتِ اللهفة، وأعقابُ سجائر الحنين. البومُ يشعلُ فتيلَ الذكريات المتبقيةِ في إناء الغربة، ليوقظَ كابوسَ الشقاء، متلصصاً على وجعي البالي.
ما خطبُكِ يا أنا...!!؟ كلمّا لملمتُكِ، وحزمتُ حقائبَ الانتظار بعثرتْكِ عواصفُ الدهر.
يالَشقاءِ حظّي...!!؟
اصمتْ أيّها الحرفُ الثرثار ماعادتْ تنفعُني نذورُك؛ أعلنتُ يصنع الحدادَ على حلمي...
وحدَهُ الرّبُ يصغي لصوتي التائه...
على صدر الحكاية أبكي، وصخبُ الوحدة يضنيني.
كيف أنساكِ وأنتِ الغافيةُ في أحداق نبضي...!!
كم خانني البوح، وسرقتني المسافات...
أشتاقكِ يا توءمَ جنوني المطعّم بالطفولة.
أشتاقكِ يا بصيصَ أملي المتبقي.
أراكِ تشعّينَ من وجوه العابرين، تهطلين من دموع أفراحي، لتتسلّلي إلى مضاجعِ ذكرياتي.
تلوّحين بكفّكِ العاجي من بين أطلال الصباح أنْ لا تحزني يا سيدةَ الحروف.
يا يمامةَ غدي مدّي جناحيك، احمليني إليكِ قبل أن يفترسَني الظلام، وتشيّعَ جثماني خفافيشُ العناء إلى مقبرةِ الغياب.
⏪القراءة:
إن دراسة الكلمات المفاتيح في الآونة الأخيرة.. تنتقل بنا إلى دراسة الحقول الدلالية بمنهج بنيوي لاستكشاف العناصر المستقبلية فيها، وعلاقتها بالتبادل والتضاد فيما بينها، وتحليل شبكة علاقاتها من أجل ربطها بالخط والنموذج، واختصارها في معادلاتها الموضوعية قبل البحث في التفسير الجمالي والاجتماعي معاً...
لذلك منهج تحليل الانحراف الأسلوبي الأدبي يجب أن يتميز ويخالف قواعد تركيب الجمل، وربما تكون مقولة الانحراف وليس الانزياح أصلاً مسبقاً استقر ورسخ اللغة في مضامينها الدلالية.
ونحن اليوم إزاء نص للكاتبة مجدولين صالح، وهو الذي توسم نحيب على قارعة الطريق...
إن تركيب عنوان النص تركيبٌ منطقي... تركيب الكلمات من حيث معقولية الرؤيا الشمولية... فجاءت الكلمات مرصوفة مجاورة لبعضها لتحمل انحرافا أسلوبياً على ما به العنوان من متانة في رسم سلم الدلالة للمعنى الذهني لدى المتلقي.. إذ هو عنوان موفق من حيث المعنى؛ ولو أن الكاتبة أخفت مفردت نحيب وابقته على قارعة الطريق فقط لكان أكثر إدهاشاً وتكثيفاً ورمزية.. حيث تتركنا نحن نكتشف أنه نحيب.. ذلك الذي في فضاء النص...
لندخل لفناء النص نرى تراكيب المفردات، ونرى تلك الأسلوبية الانحرافية في لم شمل الكلمات والمعاني المرتبطة بها...
تفتتح الكاتبه مجدولين صالح بوحها في الواحده والنصف بتوقيت اللهفة.. حقيقةً فاتحة نصية موفقة حيث جعلت للهفة توقيت، وهو زمنٌ مختلفٌ تماماً عن زمن الواحدة والنصف ثم جعلت للسجائر حنين.. والبوم يشعل وللغربة إناء...
هنا لا نحفل بمنطقية التركيب وإنما نلهث وراء منطقية الصورة الحسية لانحراف التركيب، ثم حقائب الانتظار، ووجع الليالي، والحرف الثرثار، وصدر الحكاية، وتوءم جنوني، والكف العاجي... حتى نصل الى مقبرة الغياب...
إن جميع هذه التراكيب للكلمات يشي إلى ذلك الانحراف في التصوير الذهني في عمق البعد النفسي للمبدعة... حيث إن البلاغة التقليدية اختفت في إطار زخرفة أصل التعبير المجرد بوسائل المحسنات البلاغية في البنية السطحية إلى البنية العمقية من الاستعارات والكنايات... وهو المعيار للجودة في الإسلوب الأدبي لأن المبالغة تقود إلى التجميل الضمني للحزن والألم في البوح...
وبما ان النص هنا أقرب للخاطرة منه إلى القص.. فهو يحمل حوارات داخلية كثيرة ذات مضامين سردية قصصية لو تمكنا من المساحة لوقفنا على أبرزها.. لكن الوقت يمضي بتوقيت اللهفة مسرعاً...
مجدولين أحمد صالح مبدعة.. نتمنى لها كل التوفيق.. في المثابرة والقراءة الجيدة نرى لها مستقبل مشرق في الإبداع... وفقها الله.
*أحمد نصار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق