اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

جَفْنه علّم الغزَل قراءة في رواية " أيّام محبوبة "...** محمد أبوالدهب

كتب رأفت الخولي الرواية متأخّراً، بعد أن تعاطي طويلاً مع الشعر دون أن يحاول نشر قصائده. فى العامين الأخيرين صدرت له روايتان عن دار النسيم، الأولي (الخريف الأخير) دلّلت علي رغبته الأكيدة فى الحكي وارتكانه إلي تجربة حياتيّة عريضة تستحق تقليبها وابتعاثها روائيّاً. والثانية (أيام محبوبة) دعّمت ما ادّعتْه الأولي حتي لايظن العارفون بالكاتب أنها نزوة شاعرٍ يكتب لنفسه. 
الرواية مكتوبة اعتماداً علي أن حكاية تستدعي أخري ضدّ أنّ يوماً يهدر آخر كما لو أن قطار الحكايات سيمضي دون اللحاق به مما يبرز انفعال الكاتب بالزمن القاهر والسنوات المنفلتة كأنها (فوبيا الوقت الضائع!) فهو يجدّد شباب حياته باستيلادها سرديّاً والذاكرة هي التي تقود (تزيدك الحياة فهما لها كلما عشت، فإن خانتك وأخرجتك منها مبكّراً، تموت وأنت جاهل بها) واعتماداً علي أن الذات لغزٌ أبديّ لايمكن فضّه حتي لو تصدّي لذلك طبيبٌ نفسيّ (الكاتب/ الراوي)..(هذا العالم كله يتحرك فى اتجاه واحد، ويدور حول نقطة المنتصف، ليصل كل منا إلي ماهوعليه) كل ذلك تمّ إنضاجه بحسّ ساخر حيناً وبغنائيّةٍ حيناً وبرؤيةٍ قيميّة فى بعض فصول الرواية، ثم -من قبل ومن بعد- شيوع النزوع إلى التشخيص النفسيّ الذي هو مهنة الروائي والراوي!

يطالع القاريء فى البداية اهداء إلي روح الأب الذي (علّمني الغزَل) وربما يتعجّب أن يكون ذلك ماتبقّي من مناقب الأب، فى مقام الذكري والوفاء. يزول التعجّب بعد اكتمال القراءة، إذ نكتشف أن رأفت الخولي مولع بالحديث عن النساء ووصفهن واستحضارهن في كل شاردة وواردة بل والمقارنة بين أحوالهن تبعاً لمردودهن الثقافي والاجتماعي والعاطفي.

يقدّم "محرّم"/الراوي صورة مسالمة وساخرة لنفسه فيما يشابه جلسة تعارف بالقاريء: طلّق زوجته لأنها قصيرة القامة كما لو أنها قصرت فجأة! فهو لايريد أن يفضح حالاً شخصياً مأزوماً حتي لايضاهي مرضاه فى عيادته النفسيّة.. زوّجه أبوه خوفاً عليه من الفتنة لأنه، في مهد حياته المهنية، عمل كطبيب نساء وولادة وكان يكشف على مريضاته فى فراشه الخاص إذ لم يملك وقتها عيادة مجهّزة.. حتي أنه يسخر من اسمه، فى فصل لاحق، الذي قيّده بكثير من المحرّمات والتأويلات الجانحة.. انتقل من كلّية طب عين شمس إلي أخري إقليميّة ليأخذ راحته، بصحبة زملائه، أطباء المستقبل الفلاحين، فى تكلّم الإنجليزيّة بالعربية الفصحي!

يترك ذاكرته تبثّ أثرها دوماً أو بالأحري لاتتركه ذاكرته ليزوغ منها في حيّز لعبة اللحاق بالعمر الضائع المَضيع، فهنا يتذكر لقاءً بحبيبته (محبوبة) وهناك يتذكر حلماً قديما مازال يمارس وصايته علي واقعه ويذكّره شخص حاضر بآخر مستحضر وحادثة جديدة بحوادث طوتها السنون، ليبقي في حالة استنفار بين حاضره الجاثم وماضيه الأشدّ جثوما. ولا ينسي أبداً وصية والده الذي حذّره من الرشوة والنساء.

نفهم أنه عمل بنصيحة والده فيما يخصّ الرشوة لكنه أهملها مع النساء، برغم اعترافه أنه لم يعرف المرأة إلا بعد تجاوزه الثلاثين، لكنه انطلق في معرفتها مدفوعا بالرغبة في تعويض السنوات العجاف. يقع في الحب كثيراً، يتورط علي الأصحّ، يصنع قصصاً مبتورة، مشحونة باللوعة والخسارة. وهو لاتشغله الخواتيم بقدر ما يعنيه أن يمضي شاهراً سلاحه الموروث: الغزَل. لاتعبُر في أيامه امرأة -وإنْ عبوراً خاطفاً- إلا ونالت نصيبها من وصفٍ مطوّل لشفتين أوخدّين أوعينين أوضبطٍ لسهول وهضاب جسدها، ولم تسلم من ذلك مديرة إحدي المستشفيات حين قابلها لدقائق في مأمورية مهنية. يتوازي مع ذلك علاقاته المربكة مع مريضاته اللاتي تثقله أزماتهن حتي يصير جزءً منها، فأدواته كطبيب نفسيّ الأذن واللسان، ينصت ثم يدلي بدلوه، فيوفّر مساحة للفضفضة والتفاهم والتعلّق فلا نستغرب تلامساً بينه وبين مريضةٍ لديه، أو حتي قُبلة تظلّ بنت لحظتها إن لم نصل لمرحلة (العناق العلاجيّ) إذا جاز القول!.. الراوي نفسه قال عن إحداهن: (هي تنظر لي ليس كطبيب، وإنما كعاشقٍ يتقن فنون الحب) .. ولهذا كانت سخرية أحد مرضاه، بعد أن طال انتظاره بالعيادة، في محلّها تقريبا: (طب نفسي ولا جلسة صلح!)

تبقي (محبوبة) نقطة عودة، حب (محرّم) المستعاد، بعد أن ضلّ كلّ منهما سنوات طويلة ليخوض حكايةً مظلمة ظالمة، ليكون الرجوع من أجل الإلتئام والحكي، لكن الغريب أنهما لم ينشغلا بتأكيد استرداد حبهما بأكثر مما انشغلا بمراجعة سيرة الثلاثي (طاهر – صباح – مني) قبل أن ينضم إليهم (منجي) الذين شكّل مأزقهم المتشابك عصب هذه الرواية، يغدو الراوي معهم ويروح خطوة بخطوة بمشاركة (محبوبة) حتي ليبدوان أحيانا كعضوين في مكتب تحقيقات يحلّلان الأحداث ويفرزان الأدلّة لإيقاف الجاني ونصرة المجني عليه!.. لكن رأفت الخولي لم يخذل روايته عند هذا الحدّ بل أمسك بذكاء خيطاً تسلل به وسط زخم دراما هذا الرباعي ليوثّق سيرةً أخري لقرية (محرّم) قبل ثلاثين أو أربعين عاماً، سيرة قمائن الطوب التي انقرضت وأسرار أضرحة الأولياء المشكوك في ولايتهم وتاريخ ملابسات (فحت البحر) الذي لم يكن أبداً بحراً والمواويل الواردة مع البلاليص المحمولة علي المراكب القادمة علي مهَلٍ من الصعيد وزهو الشال الأبيض المنقوش ببقع الدم في ليلة الدخلة إضافةً إلي استدعاء عدد غير قليل من شخصيات قريته التي تقاطعتْ علي نحوٍ ما مع مرحلة في حياته أو حياة آبائه وأجداده ولم يكن حضورها عارضاً خفيف الأثر إنما انطوي علي مفارقته الخاصة. كل ذلك مكتوب بوفاء شديد وحميميّة دافئة وسرد يحتاط من مغافلة الذاكرة.

لهذا لم يكن غريباً أن نقرأ فصلاً مثل (سيدي عيسي) أو (ابراهيم عبدربه) اللذين يهدهد فيهما محرّم رهاب روحه ويروّض أشباح ماضيه التي لاتني تظهر وتختفي ونتفهّم كيف أن نصف شباب القرية اسمهم عيسي! فيذكّرنا بما فعلته إيزابيل ألليندي في (بيت الأرواح) أو حتي في (باولا). أو نقرأ -علي خلاف السابق- فصل (منجي) الذي غرق في غنائيّة مفرطة.

وكذلك فصل (طاقات سلبيّة) الممتع بجدليّته وعفويّته وعلميّته في آن، يبدو للوهلة الأولي نافراً عن السياق بأحكامه القطعية التي تنتجها روح المناظرة بين محرّم ومحبوبة لكن سرعان مايتذكّر القاريء أنه في ضيافة طبيب نفسيّ أو بالأحري في قبضته، وأن هؤلاء الذين يمتحن الراوي طاقاتهم السلبيّة والإيجابية هم من مرضاه الحقيقين أو المفترَضين، أثقلتْه مكابدتهم حتي ليكاد يصير واحداً منهم!

لاينسحب الراوي إلا بعد أن يُحكم إغلاق الأبواب، فالعاصي يتوب والمخطيء يعتذر والحزين يفرح ليتخلّص من شعورٍ بالذنب تجاه مرضاه الذين أفشي أسرارهم لحبيبته العائدة ليترقّبا معا مصائرهم المنتظَرة مستغلاً حلولهم بعيادته ليدعّم تلك العودة فلا يتكرّر الفراق، هو الذي كان أقسم قبل سنوات في قاعة دار الحكمة، مردّداً خلف الدكتور حمدي السيّد، علي ألا يفعل.

رواية (أيام محبوبة) جديرةٌ بالقراءة، لاحقتْ أحداثاً وشخوصاً وأماكن، ماضية وحاضرة، حاولتْ أن تفضّ اشتباكاً فزادتْه سخونة، بين ذواتٍ حائرة، لم تطمع إلا في حيّزٍ ضئيل من الوقت الضائع لتسكين الروح. ولابدّ أن رواية الدكتور رأفت الخولي القادمة ستكون أقوي حضوراً وأوضح خصوصيّة.

*محمد أبوالدهب

  
          
  

  

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...