اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قراءة أدبية ..العالم الرمزي لـــ " لينا المفلح " شاعرة بحجم الإمتاع الشعري

 بقلم الأديب عبد الله جمعة

الرمز أداة اقتصاد في المدلول على واقع حقيقي أو افتراضي , فنحن حين يصعب علينا نقل الواقع بتفاصيله المرهقة – أيا كان هذا النوع من الإرهاق – فإننا نلجأ إلى اختزاله في صورة رمز يسقط على ذلك الواقع فيريحنا من عناء نقل تفاصيل ذلك الواقع
ولأن الفن الشعري يقوم على واحد من أهم مكوناته متمثلا في التلميح دون التصريح فقد اتجه الشعراء منذ نشأة الشعر إلى استعمال الرمز كأداة للتلميح والإسقاط على الخصم
الأزلي الأبدي للشاعر والمتمثل في الواقع الشعري
وقد عبرت في كتابي " مكامن الإبداع " عن مفهوم اختصام الشاعر مع الواقع وقلت : إن الشاعر لابد وأن يعيش إرهاقا ما مع واقعه الشعري , والواقع الشعري لا يعني الحياة التي نحياها في واقعنا الوقيع – وإن كانت جزءا منه – ولكن الواقع الشعري هو تلك البيئة التي يختلقها الشاعر داخل حيزه الشعري مستمدا خيوطها من كل ما يحيط به من واقع مادي أو معنوى ؛ فالمجتمع مصدر للواقع الشعري والأسرة مصدر والمأكل مصدر والمشرب مصدر حتى لو كان الشاعر مدخنا فالسيجارة في حد ذاتها مصدر من مصادر خيوط الواقع الشعري . من هنا فالشاعر الحقيقي هو ذلك الذي يجمع خيوطه من الواقع الوقيع ليكون منها في النهاية واقعا افتراضيا يدخل نفسه طواعية في دائرته ليبدأ معه حالة من الصراع ؛ فالشاعر في حال من الصراع الدائم مع واقعه الشعري وإلا فقد جفف وأنضب معينه الذي يستمد منه موضوعاته الشعرية , فدون معاناة الشاعر لا يُنْتَجُ شعرٌ
وأثناء مواجهة الشاعر لهذا الواقع فإنه لا يستطيع أن يخبرنا بتفاصيل ذلك الواقع إما لكثرتها وتزاحمها وإما لرغبته الدفينه في الحفاظ على أسرار هذا الواقع حتى تستمر المعركة بينه وبين واقعه لتتجدد مصادر الإبداع وتتولد التجارب الشعرية واحدة تلو الأخرى فيضمن الشاعر بذلك البقاء مُنْتِجًا لا نضوبَ في مَعِيْنِهِ ولا توقف لتجاربه
ومن هنا يبدأ الشاعر إلى تطويع الرموز الشعرية كمحاولة للتلميح على ذلك الواقع والإسقاط عليه ...

وعلى الشاعر أن يراعي هذا جيدا عند إعداد نصه لعرضه على الجمهور حيث يكون ملما بمهمة الرمز الشعري وأثره في نفس المتلقي
وشاعرتنا التي أنا بصدد التصدي لها اليوم هي واحدة من الشواعر اللاتي نجحن نجاحا مبهرا في استعمال الرمز الشعري بهذه الصورة الاقتصادية التي تجذب جمهورها لتلقي الحدث الشعري في نصوصها بحال من الأريحية والتفاعل المتعايش مع دراما الحدث الشعري لديها
تقول في أحد نصوصها بعنوان " شيب " :
فلتعذري ..
مِنِّي التَّهَدُّجَ في حروفي , وارتعاشا ..
بات في جسدي الهزيلِ
مُشَيِّعًا منه الشبابْ
أنا !
ما خدعتُكِ حلوتي فتقبَّلِي ..
مني العتابْ
الشَّيْبُ !
في رأسي هزائمُ مفرقي ..
في كل دربٍ واغترابْ
والشيبُ !
بعضُ معاركٍ قد خُضْتُهَا
في مُسْتَهَلِّ العمرِ ..
من قبل الغيابْ
تلكَ الصلابةُ في عروقي و ( الْ ) ..
" بَدَتْ " مَجْرَىً لسيلِ القهرِ ..
قد جَفَّ المَسِيْلُ لمقلةٍ
والدمعُ ذابْ
لا تَهزئي بِتَوَكُّئِي !
حينًا على هذا الجدارْ
قلبي الصغير ثوى ,
وأضناهُ العذابْ
يا حلوتي !
إمَّا نظرتِ إليَّ فلتتأمَّلِي !
وجهًا تَعَرَّى
من وجوهٍ في اقترافِ العمرِ ..
شَيَّدَ صَرْحَهُ من دونِ بابْ
لا تَعْبُرِي مُدُنَ الضَّبَابْ
------------------
رمزية بالغة الاقتصاد تحمل تحت رموزها حالة من أقوى حالات الشكوى المرير من واقع أليم اشتد بضرباته عليها وضيق خناقه حتى اختزل الشباب وأوصلها إلى شيخوخة مبكرة نتيجة للحرمان من ممارسات الشباب إذ أُكْرِهَتْ على التعاطي بروح الشيخوخة على الرغم من أنها ما زالت في دائرة الشباب وتلك هي المفارقة التي تلعب الشاعرة على أوتارها ومن خلالها تطلق رموزها على التفاصيل مستخدمة مهارة الاقتصاد المتقن في الوصف , فكلما ضاقت دائرة الوصف عندها اتسعت دائرة التخيل والإيهام عند المتلقي فَبُخْلُهَا الوصفي دافعٌ المتلقي إلى الإسراف في التخيل وتلك عظمة الترميز الشعري المتقن الذي يدفع بالشاعر إلى دائرة الخلود النَّصِّي
ولكي لا أسرف أنا أيضا فسوف أحاول الوقوف على رموزها تلك التي تحولت إلى ما يشبه إشارات المرور التي نوهت عنها فيكفيني كمتلقٍ أن ألمح الإشارة فتسقط في خيالي مسقط إدراك التفاصيل دون تصريح من الشاعرة , فهي تومض لي برمزها وتتركني أسبح في بحر من التفاصيل المرعبة لذلك الواقع الشعري الذي تتصارع معه الشاعرة
( فلتعذري ) " ياء المتكلم " هنا رمز شديد الاقتصاد فإلام ترمي وعلى أي شيء تسقط ؟ أتسقط على نفس الشاعرة ذاتها فأذهب مذهب أنها تخاطب نفسها ؟ أم تسقط على وطن أم تعتذر لها الشاعرة عن عدم قدرتها على فعل شيء أمام ضربات الواقع الذي جعلها عاجزة عن التصدي له ؟ أم تسقط برمزها على القصيدة ذاتها تلك التي تحولت إلى مجرد قول عاجز عن مواجهة لطمات الواقع ولم تعد قادرة سوى على الشكوى والعويل ؟
إسقاطات كثيرة يقتصدها ذلك الرمز الذي هو كلمة في حرف
( أنا ) اقتصاد رمزي لوصف شدة العجز عن مواجهة ذلك الواقع الضارب بقوة فائقة يفسره وصف قبله تقول فيه " مني التهدج في حروفي , وارتعاشا .. بات في جسدي الهزيلِ .. مشيعا منه الشباب " فهل ( أنا ) الشاعرة ؟ أم ( أنا ) ابن الوطن ؟ أما ( أنا ) القصيدة ؟ أما ( أنا ) الوطن الأم الذي شاخ وهو في ريعان شبابه ؟
( الشيب ) هل هو إسقاط على " الوهن " ؟ أم إسقاط على " ثمرة المعاناة " ؟ أم إسقاط على " الحزن " ؟ أم إسقاط على " الوطن " ذاته ؟ أم إسقاط على " الأحداث " ؟
لقد أخرجت الشاعرة معنى الشيب عن إطاره المعنوي الحقيقي إلى مجازات كثيرة تتسع بحسب اتساع أفق المتلقي ليقلبه على كل الوجوه ما عدا وجها واحدا ؛ وجه الشيب الحقيقي لأنها احترزت عن المعنى الحقيقي بمتتاليات للفظ الشيب جعلت المعنى جامعا كل تفسير مانعا تفسيرا واحدا ؛ هو الشيب الحقيقي " في رأسي هزائم مفرقي .. في كل درب واغتراب ..والشيب ! بعض معارك قد خضتها .. في مستهل العمر .. من قبل الغياب "
( الجدار ) رمز لمتكأ يتكئ عليه ما تبقى من قوة الشاعرة في مواجهة ذلك الواقع ولكن ما هذا الجدار ؟ أهو ما تبقى من العمر ؟ أهو ما تبقى من قوة لديها قبل أن تخور قواها ؟ أهو ما تبقى من وطن يصارع من أجل البقاء ؟ أهو بصيص الأمل الذي يأتي من سجف المستقبل المظلم ؟ يقتصد ذلك الرمز رؤى كثيرة لا حصر لها ويتقلب على كل الوجوه بحسب اتساع خيال المتلقي
( مدن الضباب ) أهي الحياة ؟ أم هي ساحات الصراع ؟ أهي ما تبقى من هدم وتخريب في انتظار المصير المحتوم ؟ أهي الملاذ والمهرب غير المأمون والذي يؤتي بذات نتائج الواقع المعاش بل ربما أسوأ ؟
في واقع الأمر أمام هذه الدراما الشعرية وجدتني أسبح كثيرا كثيرا فوجدتني أخوض في غمار عوالمَ لم أكن لأخوض فيها لولا أن فتحت لي " لينا المفلح " باب عالمها الرمزي الإبداعي لأَلِجَ من بابه فأجدني أسبر أغوارا سحيقة من الرموز الدلالية ذات الإسقاطات فوق الرائعة
تحياتي لحرفك العبقري " لينا "

*عبد الله جمعة

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...