
كلَّما كتبتُ نصًّا مُستوحىً من عسَلِ عينيكَ
تغضبُ اللغةُ منكَ ومنِّي
تقفُ على حدودِ البيانِ حارسًا مُدججًا بأحرفِ الجَّر والرَّفعِ والنَّصبِ.
الكتابةُ عنكَ حدثٌ لا تستسيغُهُ اللغةُ
ولم تقتنع يومًا بعسلِ عينيكَ
لأنها لمحتْ طيفَكَ يتلمسُّ دروبَ العشقِ على نهودِ قصائدَ لا تنتمي إليَّ
حين تهرمُ قصيدتُنا.. تتهالكُ في حُضنِ اللغةِ عاجزةً
تلتئمُ الحروفُ حول تجاعيدِ وجهِها
تبكيها بحرقةٍ
ترشُّها بالعطورِ..
وتباركُها بالبخور..
ليكونَ سبتمبر أوَّلُ الشِّعرِ وآخِرُهُ
أدَّخرُكَ في ذاكرةِ قحطٍ تمرَّدَ على ثوراتِ البوحِ
أقحمُكَ في أتونِها قسرًا
أحتمي بمعطفِ الانتظارِ.. وأجمعُكَ في سلالِ الوقتِ، شِعرًا غزيرًا يتسرَّبُ من أكمامِ اللغةِ.. ويسلكُ طريقَ قلبكَ المحفوفَ بأنفاسِها
القصيدةُ.. أنتَ
وأنا.. سبتمبر بكاملِ شحوبِهِ
وبين أوَّلِهِ وآخِرِهِ.. تخلعُ المعاني نِعالَها وتزحفُ على رُكبتيْها لتصلَ في أوانِ هطولِكَ
تختبئُ اللغةُ في صُورِنا الفوتوغرافية
تتنصَّتُ على لُهاثِنا المكتومِ
تُحصي الابتساماتِ اليتيمةََ على شِفاهِنا
والأحزانَ الغائرةَ في نظراتِنا
تركلُنا بقدمَيْها
تزيحُنا عن كاهلِها
وتستقطبُ علاماتِ الاستفهامِ لتحتلَّ أمكنتَنا في الصُّورةِ
تغدو الصُّورةُ مُجرَّدَ إطارٍ جذَّابٍ
ونبقى أنتَ وأنا.. سؤالًا مُحيِّرًا..
الجوابُ عليهِ لا يُثلِجُ صدرَ اللغةِ.
يطوي سبتمبر أوراقَهُ الصَّفراءَ
وينزوي في صومعةِ الشُّحوبِ كناسكٍ نسيَ صلواتَهُ مُعلَّقةً على الأغصانِ تنتظرُ مَن يتلوها على جَثامينِ الفصولِ
ريتا الحكيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق