اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

الموعد ــ قصة قصيرة || حسن بحراوي ــ المغرب

وهو في غياهب السجن اتفق مع رفاقه على موعد غريب..أن يلتقوا كيف ما كانت الأحوال بعد عشرين عاما ليلة رأس السنة في مقهى باليما وسط المدينة..
مرت فصول عديدة وعبرت مياه كثيرة تحت الجسور وغادر الجميع الأسوار وانتشروا في مناكب الأرض منهم من صادف حظا وافرا وترقى في السلالم حتى لم يعد يتعرف عليهم أحد..برلمانيون..محامون..مقاولون..ومنهم من التصق بالحضيض وقنع بحياة الكفاف..أما نصيبه هو فكان أن يظل كما كان في الأصل أي راقنا ثم مصححا في جريدة حزبه..
وجاء اليوم الموعود المتفق على اللقاء في مسائه في سطيحة مقهى باليما وانتظر صاحبنا اقتراب منتصف الليل وارتدى معطفه الذي اشتراه من سوق البراغيث واعتمر قبعته الصوفية اتقاء لبرد الشتاء
الذي جاء قاسيا ذلك العام..وهناك جلس في موقع يتيح رؤية كل داخل إلى هذا الجناح الحميمي من المقهى..طلب شايا أسود بالنعناع وراح ينتظر..ماذا تراه ينتظر؟
تلك الثلة من الرفاق القدامى الذين ذاق معهم الحلو والمر وعاش معهم المحاكمات الصاخبة والإضرابات عن الطعام والاحتفالات بالأعياد الأممية وأخيرا لحظات فرحة الإفراج بعفو أو نصف الفرحة بإتمام المدد المحكوم بها..
كان الطقس جليديا في هذه السطيحة بحيث صار الشاي الساخن مثلجا تقريبا بعد لحظات من مجيء النادل به..وتساءل لماذا اتفق الجميع على هذا المكان ولم يختاروا مثلا الصالون الأرضي الدافئ أو الحانة الهادئة الواقعة في الطابق الأول؟ ولكن لا بأس قال مع نفسه..يأتون وبعد ذلك نغيّر المكان..شعر في قرارة نفسه أن هذا الفضاء لا يليق بإحياء ذكرى عزيزة مثل هذه..ذكرى إنشاء منظمة جماهيرية شعبية تقدمية..وبناء حزب ثوري (تحت نيران للعدو)..
وفكّر أن السبب هو أن هذه السطيحة محملة برائحة التاريخ والنضال والحماس الذي عاشته شبيبة السبعينات..وبأنها تمثل شيئا رمزيا لمجموعتنا التي اتخذت بين جدرانها قرارات حاسمة وأقدمت على خطوات جبارة في عالم محفوف بالمغامرات والمخاطر..

ولكن ها هي ساعةٌ تمرّ على حلول الموعد التاريخي ولم يظهر أثر لأي واحد من الرفاق العشرة..لابدّ أنهم سيتأخرون قليلا ريثما يفرغون من التزاماتهم ويتحررون لبعض الوقت من ارتباطاتهم لكي يتاح لهم الحضور والتمتّع بهذه اللحظة الرائعة بصحبة رفاق شاركوهم طموحات الشباب وعانوا معهم من المحاكمات الظالمة وظروف الاعتقال القاسية وهلم جرا من الأشياء التي وحّدت صفوفهم وجعلت روابطهم الرفاقية تنتقل إلى مرتبة العلاقة الروحية الخالصة..لكن هذا هو مألوف الحياة الإنسانية المجبولة على التغير والانقلاب..والتي لا تكتسب معناها سوى على إيقاع التحولات والانتقالات التي تطرأ على بني البشر وتحملهم على التلون من حال إلى حال ومن وضع إلى وضع..
وعندما يتأمل الآن في ذهنه على سبيل تجزية الوقت أحوال الرفاق المنتظر وصولهم بين الحين والآخر لا يجدهم يخرجون عن صنفين اثنين:
مَن لم يراكم منهم ثروة ويكسب عقارات وضيعات أسعده الحظ فكوّن عائلة وأبناؤه اليوم في الجامعات وبناته متزوجات..أمّا هو؟..
فكّر أنه جائع وسخر من نفسه لأنه كان يمنّي نفسه طيلة المساء بعشاء فاخر في أحسن المطاعم غير أنه الآن عاجز عن تأمين وجبة شعبية رخيصة في مقهى النقابة بباب الأحد..ولكن مهلا قال له هاجس متفائل بداخله: لا تجعل اليأس يتسرّب إلى كيانك..نحن لازلنا على عتبة الساعة الثانية من السنة الجديدة ولا مبرر لفقدان الأمل سريعا في لقاء رفيق أو رفيقين ممّن ما يزالان مثله يهزهم الحنين إلى تلك الحقبة الغابرة ولكن المسكونة بالأحلام والآمال العريضة..
كانوا قد عيّنوه..في الخيال طبعا..وزيرا للثقافة ومسؤولا عن التوعية الجماهيرية في حكومة الثورة..وطلبوا منه أن يعدّ تقريرا وافيا ينسجم في روحه وشكله مع توجّهات التنظيم السياسية والإديولوجية..وهو أخذ المسألة بكامل الجدية واعتكف في زنزانته عدة أيام وليال يراجع أدبيات الفكر الاشتراكي في منابعها لكي يتولى استلهام أحسن ما فيها وأكثرها قبولا للتكيف مع ذهنية شعبه وميولاته الاجتماعية والنفسية..وتقدم الرفيق الوزير في اليوم المعلوم بتقريره التوجيهي في جلسة علنية أمام اللجان المنتخبة استمرت لعدة ساعات من النقاش والأخذ والرد حتى انتهوا إلى الصياغة الجماعية لتصور ثقافي وإديولوجي وافق عليه الجميع..برفع الأيادي وبالتصفيق معا.
طاف النادل يجمع الكؤوس والفناجين التي غادر أصحابها السطيحة ونظر إلى صاحبنا مستفسرا:
-هل ينتظر الأستاذ أحدا؟
-أجل..ولكنه ربما لن يأتي..
-يمكنك تغيير المكان وتتفضل بالذهاب إلى المقهى الأرضي أو البار لأن هذا أوان إغلاق السطيحة..
انتفض كمن لمسه تيار كهربائي ونظر إلى ساعته..كانت قد تجاوزت الثالثة صباحا..أخذ سجائره وجريدته وترك بقشيشا صغيرا للنادل ونزل الأدراج كمن يغادر كابوسا ظل يجثم عليه منذ نهاية السنة الماضية..
في الخارج بدت له بناية البرلمان شامخة ومشعة بالأضواء ودوريات الشرطة المتنقلة والراجلة تجوب الشارع والممرات..بضع أشخاص سكارى يترنحون وقد غادروا الحانات القريبة..أصوات الموسيقى الصاخبة تنبعث قوية من أعماق المراقص والكباريهات التي تملأ المكان خاصة خلف فندق باليما وما جاوره..شعر بالبرد القارس يلسع وجهه وأذنيه فلم يأبه لذلك ومضى وقد وضع يديه في جيوب معطفه والجريدة تحت إبطه..راوده خاطر في الذهاب إلى مقهى النقابة ليتناول طبقا ساخنا من قوائم الغنم بالحمص..ولكنه عدل عن الفكرة عندما تذكر أن ما تبقى لديه من نقود يكفيه بالكاد لركوب عربة النقل الجماعي إلى شقته بضاحية المدينة..ولذلك جدّ في المسير كأنما يتعقبه أحد يريد به سوء..
وفكر أثناء الطريق في أن من أساؤوا له حقا هم عصابة رفاقه الذين أخلفوا موعدهم التاريخي الذي قرروه جماعيا والتزموا به قبل عشرين سنة عندما كانوا يمضون زهرة شبابهم في المعتقل..
كانت عربة المرسديس البيضاء المتهالكة تنتظر استكمال عدد الركاب الستة المسموح لها بهم لتغادر المحطة..شخصان مخموران يبدو عليهما السكر الطافح يحتلان المقعد الأمامي وفي الخلف امرأة في سنّ معينة تلبس لباسا أبيض كأنها في حداد ومواطن عجوز في وزرة زرقاء ربما كان أحد حراس السيارات أنهى نوبته ويريد المغادرة إلى حال سبيله..نظر إليه السائق وسأله:
-هل أنت وحدك؟
وهز رأسه بالإيجاب وبقي واقفا إلى جوار السيارة وقال لهم السائق حينئذ وقد نفد صبره من الانتظار:
-هذه الرابعة صباحا هل بوسعكم أن تضيفوا درهما للنفر وتتركوننا نغادر عوض مواصلة انتظار راكب لا يريد أن يأتي؟
ونظر الركاب لبعضهم البعض كأنهم يستوضحون عمّا عرض عليهم الرجل السائق..وبدا أن سؤاله لهم كان أشبه ما يكون بالمعضلة..ولكن لحسن الحظ أن أحد الشخصين الثملين في الأمام حسم الأمر لصالحهم وتطوع لأداء الدراهم الخمسة على أمل أن تغادر بهم العربة فورا..
عندما بلغ شقته توجه مباشرة إلى المطبخ ليهيئ طعاما سريعا يخفف من غائلة جوعه..ثم دخل إلى غرفة نومه فواجهته تلك الصورة الجماعية التي التقطها صحبة رفاقه المعتقلين بين واقف ومقرفص وجالس وسط المكان الذي كانوا يطلقون عليه ساخرين الساحة الشرفية..كانوا جميعا مبتسمين أو ضاحكين وبعضهم قد أرسل لحيته وآخرون يرفعون أصابعهم راسمين علامة النصر..
نظر إلى الصورة داخل إطارها الخشبي فوق جهاز التلفزة وتأمل في وجوه الرفاق واحدا واحدا وكأنهم يراهم لأول مرة وقال مع نفسه وهو يرسل تنهيدة عميقة:
-هل هناك شخص عاقل واحد على الكرة الأرضية يعقد موعدا بهذا الجنون؟
ثم علق كأنه يخاطب شخصا غير مرئي:
-المجنون حقا هو من يأتي لمثل ذلك الموعد الفانطاستيكي وفي ظنه أنه يوجد هناك مجانين مثله سيسايرونه في بلاهته.
(+) عن فكرة للكاتب التركي عزيز يسنين.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...