(قاعة مظلمة.....منصة يفوح منها رائحة العطن خلفها ساتر أسود نقشت عليه رسومات لضباع وغربان وجراد يمارس السحاق واللواط في أوضاع غريبة.....سقف منخفض...جالسون على كرسي من الهواء بلا مسند....طفلة صغيرة ترتدي فستان أبيض ملطخ بالدماء........
رجال بأقنعة خنازير يحاوطون المنصة....)
يا أيها المماليك أئتوني بقاضي حالاً
(يدخل القاضي في صرامة مرتعشة)
القاضي (بينما الكرسي يرتعش من تحته: أنا رهن إشارتك يا تاجر الدماء
تاجر الدماء (المسعور أبن نحنح): يا أيها القاضي باسمي فلتنفي هذه الحالمة من الحياة طبقاً لقانون إجهاض الأحلام......فهي لم تأخذ تصريحاً للحلم وبالتالي فقد قامت بعمل إرهابي هدفه أسقاط المجتمع العبودي.
القاضي: باسم تاجر الدماء افتتحنا الجلسة
ما اسمك؟
_اسمي إيقاع
القاضي: ما سنك؟
إيقاع: خمسة أعوام...يا أيها القاضي عندى سؤال قبل أن تبدأوا محاكمتكم ......
إن كنت خصمي فمن هنا سندي؟
القاضي (مقاطعاً بقسوة): اخرسي يا أيتها المتهمة بالحلم والرغبة في الحياة وبالإضافة إلى جريمتك تهينين عدالة المحكمة؟
إيقاع (في حماس): نعم أعترف بأنني أهين القضاء على أحلامي في الحياة فأنا مجرد مستيقظة تواً من نومي لأجد نفسي في قفص اتهام ومتهمة بتهمة لا أعرف ماهيتها.
القاضي (بتجهم): لن أسمعك......سنستأنف المحاكمة الآن...نبدأ محاكمتنا الآن أعزائي المشاهدين والمستمعين والقارئين بوجود كل من السادة...
___القائد العام لميليشيات أمن المماليك
_____مفتي الديار المملوكية
مندوب عن منظمة حقوق تاجر العبيد
ومليون وكيل عن السيد شهبندر التجار عزوز ابن عز
______
_______
وطبعاً بوجود قائدنا وأميرنا تاجر الدماء المسعور......
والآن سأتلوا عليكم نص الاتهام ......
تبين من تقرير ميليشيات أمن المماليك أن المدعوة (إيقاع) قد قامت بجريمة الحلم والتطلع لأن تستيقظ وتحيا كإنسان. عمداً مع سبق الإصرار والترصد مما أدى إلى ترسيخ فكرة الحلم والحياة في رأسها ناهيك عن الخطورة التي باتت تمثلها على مجتمع النائمين بعد جريمتها.
أما الآن سيداتي سادتي، نستمع إلى كلمة السيد: مندوب منظمة حقوق تاجر العبيد.......
المندوب (ينهض في خنوع): مولانا تاجر الدماء
سيادة القاضي
مولاي شهبندر التجار عزوز ابن عز
نحن الآن أمام كارثة حقيقية أبشع من أن تصفها كل لغات العالم وتنطقها الألسنة....إنه اعتداء سافر على كل المواثيق العبودية وسابقة خطيرة من نوعها داخل مجتمع العبيد ...ألا وهى الحححححححلللللللممممممم
لذا أطالب بمعاقبة المتهمة بأقصى عقوبة ممكنة وهي التجريد من الذاكرة .........
القاضي: وما رأي مفتى الديار المملوكية؟
مفتي الديار المملوكية (يطلق الريح من مؤخرته قبل أن يتكلم): أطالب بجلد هذه الزانية مائة جلدة في ميدان التحرير ويشهد عذابها طائفة من المؤمنين بقتل الأحلام.
القاضي (مبتسماً بعهر): بما أن الحالمين لا يحق لهم الدفاع عن أحلامهم وبعد الاضطلاع على قانون العقوبات في دستور غابتنا وبعد سماع كلمة السيد مندوب منظمة حقوق تاجر الدماء. حكمت المحكمة حضورياً على الطفلة المسماه (إيقاع) بالتجريد الكامل من الذاكرة والنفي مدى الحياة في زنزانة التيه ومحو الذات.
القائد العام لميليشيات المماليك: خذوها الآن إلى زنزانتها وأقبضوا على كل من يحلم وضعوه مكانها في القفص ليتم تجريده من ذاكرته الحالمة
(الزنزانة)
إيقاع تتحدث مع الجدران (متدللة) بصوتها الذهبي:
أنا بنت اسمها إيقاع
أنا نملة ترتدي فستان
عليك أيتها الجدران أن تنتبهي لذلك
نملة
ترقد في هدوووووووء
في ضياع وجنووووون
كقطة داخل صندووووق
قليلاً من الضوووء من فضلك
لألمع به زجاج عيني
لأوشوش سيمفونية الزمن الشرييييد
أنا قرنفلة
عيناها صغيرتاااان
كبيرتااااان
لا تغمضااااان
لاتنظران
هنا
حيث السماااااء تضييييق
أرقص كالطاووس لدموع الشتاء
فوق أشلاء الصقيع
أغزو المرايا
أمد يدى لبريق الجدران
أنا جوعانة
ثقيلة كالريشة
أنا الضوء الذي يحيي الحياة وينفى الممات
يا أيها الثائر في دروب العتمات
يا أيها المصاب بدوار الفناء
أنا الثورة
أنا عرابة الفراشات
أنا ملاذ النوارس
أما أنت.
فأنت الخامد. العقيم. القاتم. الغالق. الأصم. السالب.
المؤخر. ذو الخراب والإفقار. المظلم المخدر. الخاوى. المتشائم. الغارق في نفسه الكذاب. المبغض. القاتل. البلاء. الجائر. الغادر. المنحنح. النازي. الثرثار. الغشاش. الباهت.....
تبتسم الشمس وتهمس في أذن إيقاع: أنت الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق