الأمس
وجه لامرأة أشبهها اسمها فضة
هي جدتي
جدتي الشقراء التي أحبها
انتظرت جدي أزمان وأزمان
لكنه ظل في الوطن يقارع
الغربان
وبقيت خلفه وحيدة بلا سند
شجرة في قفر
تذرف الدموع وتنهشها الأحزان
كانت تنتظر الزوار كل يوم
ولا أحد يزورها سوى في
الأعياد
منذ ذلك الزمن زمن الرماد
منذ عهد طفولتي
حين كانت تطبع قبلاتها على
وجنتي
قالت لي ذات مساء والألم
يكفنها من أخمص قدميها
ويرسو في الأعلى
يا بنيتي الفراق صعب مثل
أجل مسمى
سواعده مفتوحة على الهواء
يتعب القلب في ضحيجه
وينام منكفئا على وجهه
لكن الشوق لا يهمد يظل
عصيا على النسيان
يومها احترت ماذا أقول لها؟
حين رأيتها تنتحب وترقص
روحها في حلبة المحن
كناسك يزرع عينيه في السهاد
ينتظر دقات الساعة ليقيم
الصلاة
تعبت جدتي من الانتظار
وخفافيش الحقل تحوم حولها
وتحيك لها ثياب الموت
حتى كف قلبها عن الخفقان
تلك العجوز التي اطاحت الرياح
بعصا ترحالها
حملت أمنياتها ورحلت خفيفة
مثل حكاية تعشش فيها رائحة
البياض
لكنني ما نسيتها ظلت أغنية
تشربها روحي كلما قرأت
كتابا عن الأجداد
وحنت روحي إلى تقبيل تراب
الأرض وأعشابها الخضراء.
-
*ناديا ابراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق