⏪⏬ قبل قرآءة قصائد عمار خليل وشعره علينا أن نملك مهارة التذوق دون شوائب، فنحن أمام قصائد اختمرت فيها الفكرة القادحة، فكانت قصائد طازجة ذات نكهة فريدة لروح ونفس بشرية متأملة متألمة، تستمد صورها من واقع معاش، وحياة محاصرة.
(على بعد عمرين) عنوان ديوان عمار خليل وهو عنوان القصيدة الأخيرة منه ص119، عنوان يفك شيفرة المتن الشعري، فبالرغم من أن فكرة الفناء هي الفكرة الرئيسية، التي جمعت أطراف هذا الشعر، إلا أن الشاعر وهو يتعرض لهذه الحقيقة الوجودية ويجعل جل ديوانه لها، يتشبث بما تمنحه له الحياة ويبقى في إطار حركة الزمن، ففي الوقوف على حيز المعاني الذي تضمنها النص الشعري نجد أنه اختار كلمات ذات نضارة وتفاؤل، تعج بالحياة فهو يصل فوق الغمام مصليا خاشعا، وما الصلاة إلا للحمد والشكر والثناء، ويوظف الشاعر كل جمال الطبيعة وروعة المشاعر لمشاركته في الحضور والميلاد، فنجد الشتاء والدفء، البذور والجذور، الفراشات والورد، الليل والنجوم، السهر والسمر، وعشق الروح، تمنحه بعدا آخر للحياة.
وفي زاوية لتأمل الغلاف نجده اختار اللون الأرجواني، حيث وظف كمية التضارب في هذا اللون لتكون انعكاسا لما تحويه الذات الشاعرة من أحاسيس، فالأرجواني هو اندماج اللون الأحمر واللون الأزرق، حيث اختلاط الحار بالبارد والفرح بالحزن، والمرح والعنف.
الإهداء للوالدين بخط اليد الدال على الامتنان والعرفان اللامتناهي.ثم قصائد مكثفة مقتصدة في اللغة، تنزاح نحو المجاز نحو المجاز، ذات إيقاعات مختلفة، بعضها يكشفها العنوان والبعض الآخر لا بد للقارئ من الوصول إلى القفلة المدهشة لفك رموز القصيدة.ففي قصيدته الأولى (في المهد ) العنوان إسم ظرف مكان والمهد يحتضن من لا يعي الحياة، وما يقبل منها عليه،يحاط بالحب والتساؤل عما يشعر به، وهذا المهد يودع فيه من فارق الحياة ولا يعي ما هو ذاهب إليه، ويبقى ذات التساؤل عما يشعر به ..رؤية فلسفية عميقة التأمل وإن وجدت منذ وجد الإنسان.
يقول الذين أمضوا فوق إسمي
وقد أودعوني سرير التراب
تراه أيشعر بالبرد
أم بالحنين لضوء يمرّ بثقب الجدار. ص8
قصيدة (حنين الماء) ص9، والماء هو رسوخ الحياة، قصيدة في أربع مقاطع متلاحقة هادئة الإيقاع، ذات طاقة إيجابية ومحتوي يوظف الحواس في رسم الصورة الشعرية
إذ ينضج اللون بين يديك
ورائحة الخبز
تعانق دفء الحصى
يدان تراقص قُرص الصباح
لذيذ ٌ..شهي مذاق الشعور. ص10
فهنا يجد المتلقي نفسه يبصر ويسمع ويشم ويلمس ويتذوق كلمات الشاعر.
(قصيدة الدخول الأخير) قصيدة درامية— والمتلقي ربما يجد أن أغلب قصائد عمار خليل درامية— فهنا صراع بين الوجود والعدم، تساؤلات ومشاهد درامية في فضاءات تجريدية
يمرّ بباب الذهاب الأخير،
تُراهُ أيرجع حيناً
لينظر أن النجاة
بحجم الخطى،
نجاة من الملح
أو من عناق الحديد،
نجاة من الرمل حين
يصفق للعورة المستريحة
فوق رداء الرخام، ص12
كلمة يمر حركة درامية يمنحها الشاعر لشخص ذاهب نحو الفناء، يرسم الشاعر صورة ذهنية مركبة لمصير الإنسان المحتوم، فهو بين الحياة والبعث، وبين الفقد ورعب الخواء.
فالدخول والمرور والخطى والرجوع وسؤال المنايا و ممر الضياء، أشياء مجردة لعبور معنوي نحو النهاية.
قصيدة (حيث أنا) ص15
حيث ظرف المكان الذي يسترسل الشاعر فيه التصوير الدرامي المشحون بالقلق والخوف والترقب فالمكان معتم زائف رغم أنه فقط انعكاس مرآة.ولكنه تبلد الواقع وقسوته وفقد الإنسان لهويته
وفي المرآة
آفاق من النسان
أناجيها..
تناجيني..
فأجهلها..
وتعرفني..
وفي المرآة
أشياء تناقضني
فلستُ أنا
فأين أنا !
هناك..لكلّ شيءٍ لونه الثاني ص16
قصيدة (بابان ونافذة)،ص18،موسيقى متماهية، في احتفالية هذيان الشاعر حيث صراعه بزمان ومكان حسي، ذو بعد فلسفي حيث الوصول إلى النهاية في احتفالية مختلفة فما الحياة إلا باب للدخول وباب للخروج وربما الفسحة نافذة تطل على أغاني وقصائد فرح وحب .
أتذكر
حين سكنت هنا
حفلا قد كان لأجلي
أطياف من نور
تسكن قلبي
همس يتسرب
يدخل..
أشعر أني أشدو أغنية
لا أفهمها
لكني أبقى أشدو
حتى أسقط
بين يدي نجم
وأفيق لأحيا منتشيا
في حفل آخر
يبدو لي مختلفا
لا يبعد عن قبري
إلا بابين ونافذة
وقصيدة حب
لامرأة لا أعرفها
قصيدة (ابتسامة ما)، يتابع الشاعر في ذات المحور والغياب المطلق والحقيقة المؤرقة التي لا ترعب الذات الشاعرة وهذا ما نلمسه في بياض اللفظ حيث تتقاطع دلالة التابوت وكونه منسوج من قصب السكر، و في حوار مع شخص يوجده الشاعر
فسألت الوجه الباسم في عجبٍ
من هذا:
في تابوت
يبدو منسوجا من
قصب السكر !
فأجاب وأدهشني :
هو أنت..
رحلت وأنت تحاول
نقش البسمة فوق شفاه البؤس
لتصبح أغنية
تروي وتر الصبح
الممتد على جسدي
حتى أزهر.
الحوار هنا شكل من أشكال الدراما الشعرية، فكان بمثابة بعد بصري وصوتي، للوصول إلى الإيحاء النفسي المطلوب.
قصيدة الورد والمقصلة ص24
في مشهد حركي درامي آخر( يسير الورد) ،صراع وتناقض بين الحياة والموت، الورد يبقى وردا ورمزا الحب والحياة والبهجة رغم بشاعة المقصلة التي ترمز للموت .
( توبة قابيل ) ص31
هُما طفلان
مُلتصقان في المشفى ،
وأمهما لدمع الحزن ساكبة
لتزرعَ في صُداع الروح أمنية ً
لـيـفـتـرقا !؟..
يقول طبيب أطفالٍ:
- وقد ذ ُهلت ملامحُهُ -
بأنـّهما ..
بقلبٍ واحدٍ خَــفـَقـَـا !! ..
يُخيّم في
فراغ الصمت صمت ٌ،
كلّ مَن في
صدمة الميلاد مرتقب ،
ومن يدري
بأنهما لمعنى الحب قد خـُـلقا !
يرتبط إسم قابيل بالذنب والإثم حيث ارتكب أول جرائم الأرض، فكان كمن سن قانون القتل وشرعه على هذه الأرض، وما وصل إلى القتل وإنهاء حياة الآخر الذي كان يتمثل في أخيه إلا بعد مسيرة طويلة من الحقد والكره والحسد، امتلك تلك المشاعر عاشها وورثها ل خلفه من بعده من بني البشر ...اعترف قابيل بذنبه حسب الشاعر وها هي (توبة قابيل )
عنوان مشوق لقصيدة موزونة ذات فكرة عميقة لحقيقة تاريخية أزلية، أرقت الأقلام والعقول لما بها من أثر في النفس البشرية .
في مطلع القصيدة يستدر الشاعر عاطفة القارئ نحو الأطفال فليس منا من لا يملك هذه العاطفة المتمثلة في الحب والرحمة والشفقة، هما طفلان
ثم يأتي مباشرة في تصوير المشهد لنرى أنهما في مشفى جسدان ملتصقان فتنطبع الصورة في مخيلة القارئ تغلفها عاطفة الحب والشفقة ،وأكمل صورته الخيالية للأم وهي تسكب دمع الحزن بلغة شعرية فصيحة وإيحاء بمدى رغبة الأم ودعائها بأن يكون هناك إمكانية لفصلهما فتعتري القارئ عاطفة الأمومة المكلومة ،فبعد عناء الولادة كان من الطبيعي أن ترتاح هذه الأم في سريرها بجانب وليدها، لا أن تكون في انتظار طبيب الأطفال، حيث جعلنا الشاعر ننتظره مع الأم بلهفة وترجي،والنظر يسبق الصوت ،فتقرأ الأم معالم وجه الطبيب المذهولة
يقول: طبيب أطفال
-وقد ذهلت ملامحه-
بأنهما ..
بقلب واحد قد خفقا
تتواتر عاطفة الحزن والألم والخيبة وينقطع الأمل ليدخل الجميع في حلقة الفراغ واللاحيلة، يعيش القارئ صدمة الولادة المرتقبة .
فكلمة الميلاد المنتظر تفصح عن العديد من المشاعر والتحضيرات والاستعدادات لاستقبال مولود جديد ...ثم تكون خيبة الأمل .
الأخوة هي رمز المحبة يكون الإخوة على قلب واحد وإن تعددت الأجساد وهو المعنى المجازي للوحدة والحب، لكن في القصيدة جاء هذا المعنى حقيقيا قلب واحد لجسدان ،فالقلب هو مركز الحب والأحاسيس ...وهنا تكون التوبة ،يكفر قابيل عن ذنبه بالتصاقه في جسد أخيه واتحاده به يقاسمه ذات القلب يعيشا به ما عاشا.
قصيدة (لا أحد في السفينة) ص62 هي عودة أيضا إلى أوائل التجارب الإنسانية في العصيان والتمرد ورفض، وإضاعة فرص النجاة، السفينة رمز ديني ل سفينة نوح عليه السلام تضمنت القصيدة اسقاطات دينية، كما في قصائد أخرى مثل( يعقوبية الإنتظار )ص109وقصيدة (لست في حلم) ص72، في هذه القصيدة يجد المتلقي واقعا يرفضه الشاعر وكله حزن وأسى، وألم وقلق ويوظف قصة يوسف عليه السلام في إبداع مستخدما جملا إنشائية فينادي ويتعجب ويتسائل معبرا عن جو نفسي حزين، فالعنوان —لست في حلم— أغلب حروفه همس بواقع الحال، لتقترب منه من يناديها في آخر القصيدة .
قالت :
رويدك لست في حلم
هذا زمانك كله عرب!!
فرغم همس السؤال والجواب، إلا أن قافية مقاطع القصيدة هو حرف الباء حيث يجهر بما في نفسه ويذلق بما فيها من يبس وصمت .
أما قصيدة (البيدر) ص70
فالبيادر هي مصدر للسعادة والسعة والاطمئنان بعد التعب، فالبيدر حقله الدلالي يختلف عن ما تضمنه المتن من كلمات لها حقول دلالية اخرى لا توحي إلا بالتعب والقلق والخسارة والخذلان، عجوز، جنود، يحرس ،تيه، حدود. قصيدة ذات طابع مسرحي يسود فيه صراع بين دلالة البيدر وصدقه وبين سراب الوعود وكذبها، ليبقى الفلسطيني مشردا بين عنوان القصيدة(البيدر) وجملتها الختامية( سرابُ الوعود).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⇐عمار خليل دويكات شاعر فلسطيني من مواليد قرية بلاطة —نابلس،عام 1980م حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة النجاح الوطنية كلية الفنون
أمين سر ملتقى بلاطة البلد الثقافي 2017—2019،عضو اللجنة الثقافية في دار الفاروق للنشر—نابلس.
(على بعد عمرين ) باكورة أعمال الشاعر وهو من نوع الشعر الحر والشعر العامودي الموزون .
(على بعد عمرين) عنوان ديوان عمار خليل وهو عنوان القصيدة الأخيرة منه ص119، عنوان يفك شيفرة المتن الشعري، فبالرغم من أن فكرة الفناء هي الفكرة الرئيسية، التي جمعت أطراف هذا الشعر، إلا أن الشاعر وهو يتعرض لهذه الحقيقة الوجودية ويجعل جل ديوانه لها، يتشبث بما تمنحه له الحياة ويبقى في إطار حركة الزمن، ففي الوقوف على حيز المعاني الذي تضمنها النص الشعري نجد أنه اختار كلمات ذات نضارة وتفاؤل، تعج بالحياة فهو يصل فوق الغمام مصليا خاشعا، وما الصلاة إلا للحمد والشكر والثناء، ويوظف الشاعر كل جمال الطبيعة وروعة المشاعر لمشاركته في الحضور والميلاد، فنجد الشتاء والدفء، البذور والجذور، الفراشات والورد، الليل والنجوم، السهر والسمر، وعشق الروح، تمنحه بعدا آخر للحياة.
وفي زاوية لتأمل الغلاف نجده اختار اللون الأرجواني، حيث وظف كمية التضارب في هذا اللون لتكون انعكاسا لما تحويه الذات الشاعرة من أحاسيس، فالأرجواني هو اندماج اللون الأحمر واللون الأزرق، حيث اختلاط الحار بالبارد والفرح بالحزن، والمرح والعنف.
الإهداء للوالدين بخط اليد الدال على الامتنان والعرفان اللامتناهي.ثم قصائد مكثفة مقتصدة في اللغة، تنزاح نحو المجاز نحو المجاز، ذات إيقاعات مختلفة، بعضها يكشفها العنوان والبعض الآخر لا بد للقارئ من الوصول إلى القفلة المدهشة لفك رموز القصيدة.ففي قصيدته الأولى (في المهد ) العنوان إسم ظرف مكان والمهد يحتضن من لا يعي الحياة، وما يقبل منها عليه،يحاط بالحب والتساؤل عما يشعر به، وهذا المهد يودع فيه من فارق الحياة ولا يعي ما هو ذاهب إليه، ويبقى ذات التساؤل عما يشعر به ..رؤية فلسفية عميقة التأمل وإن وجدت منذ وجد الإنسان.
يقول الذين أمضوا فوق إسمي
وقد أودعوني سرير التراب
تراه أيشعر بالبرد
أم بالحنين لضوء يمرّ بثقب الجدار. ص8
قصيدة (حنين الماء) ص9، والماء هو رسوخ الحياة، قصيدة في أربع مقاطع متلاحقة هادئة الإيقاع، ذات طاقة إيجابية ومحتوي يوظف الحواس في رسم الصورة الشعرية
إذ ينضج اللون بين يديك
ورائحة الخبز
تعانق دفء الحصى
يدان تراقص قُرص الصباح
لذيذ ٌ..شهي مذاق الشعور. ص10
فهنا يجد المتلقي نفسه يبصر ويسمع ويشم ويلمس ويتذوق كلمات الشاعر.
(قصيدة الدخول الأخير) قصيدة درامية— والمتلقي ربما يجد أن أغلب قصائد عمار خليل درامية— فهنا صراع بين الوجود والعدم، تساؤلات ومشاهد درامية في فضاءات تجريدية
يمرّ بباب الذهاب الأخير،
تُراهُ أيرجع حيناً
لينظر أن النجاة
بحجم الخطى،
نجاة من الملح
أو من عناق الحديد،
نجاة من الرمل حين
يصفق للعورة المستريحة
فوق رداء الرخام، ص12
كلمة يمر حركة درامية يمنحها الشاعر لشخص ذاهب نحو الفناء، يرسم الشاعر صورة ذهنية مركبة لمصير الإنسان المحتوم، فهو بين الحياة والبعث، وبين الفقد ورعب الخواء.
فالدخول والمرور والخطى والرجوع وسؤال المنايا و ممر الضياء، أشياء مجردة لعبور معنوي نحو النهاية.
قصيدة (حيث أنا) ص15
حيث ظرف المكان الذي يسترسل الشاعر فيه التصوير الدرامي المشحون بالقلق والخوف والترقب فالمكان معتم زائف رغم أنه فقط انعكاس مرآة.ولكنه تبلد الواقع وقسوته وفقد الإنسان لهويته
وفي المرآة
آفاق من النسان
أناجيها..
تناجيني..
فأجهلها..
وتعرفني..
وفي المرآة
أشياء تناقضني
فلستُ أنا
فأين أنا !
هناك..لكلّ شيءٍ لونه الثاني ص16
قصيدة (بابان ونافذة)،ص18،موسيقى متماهية، في احتفالية هذيان الشاعر حيث صراعه بزمان ومكان حسي، ذو بعد فلسفي حيث الوصول إلى النهاية في احتفالية مختلفة فما الحياة إلا باب للدخول وباب للخروج وربما الفسحة نافذة تطل على أغاني وقصائد فرح وحب .
أتذكر
حين سكنت هنا
حفلا قد كان لأجلي
أطياف من نور
تسكن قلبي
همس يتسرب
يدخل..
أشعر أني أشدو أغنية
لا أفهمها
لكني أبقى أشدو
حتى أسقط
بين يدي نجم
وأفيق لأحيا منتشيا
في حفل آخر
يبدو لي مختلفا
لا يبعد عن قبري
إلا بابين ونافذة
وقصيدة حب
لامرأة لا أعرفها
قصيدة (ابتسامة ما)، يتابع الشاعر في ذات المحور والغياب المطلق والحقيقة المؤرقة التي لا ترعب الذات الشاعرة وهذا ما نلمسه في بياض اللفظ حيث تتقاطع دلالة التابوت وكونه منسوج من قصب السكر، و في حوار مع شخص يوجده الشاعر
فسألت الوجه الباسم في عجبٍ
من هذا:
في تابوت
يبدو منسوجا من
قصب السكر !
فأجاب وأدهشني :
هو أنت..
رحلت وأنت تحاول
نقش البسمة فوق شفاه البؤس
لتصبح أغنية
تروي وتر الصبح
الممتد على جسدي
حتى أزهر.
الحوار هنا شكل من أشكال الدراما الشعرية، فكان بمثابة بعد بصري وصوتي، للوصول إلى الإيحاء النفسي المطلوب.
قصيدة الورد والمقصلة ص24
في مشهد حركي درامي آخر( يسير الورد) ،صراع وتناقض بين الحياة والموت، الورد يبقى وردا ورمزا الحب والحياة والبهجة رغم بشاعة المقصلة التي ترمز للموت .
( توبة قابيل ) ص31
هُما طفلان
مُلتصقان في المشفى ،
وأمهما لدمع الحزن ساكبة
لتزرعَ في صُداع الروح أمنية ً
لـيـفـتـرقا !؟..
يقول طبيب أطفالٍ:
- وقد ذ ُهلت ملامحُهُ -
بأنـّهما ..
بقلبٍ واحدٍ خَــفـَقـَـا !! ..
يُخيّم في
فراغ الصمت صمت ٌ،
كلّ مَن في
صدمة الميلاد مرتقب ،
ومن يدري
بأنهما لمعنى الحب قد خـُـلقا !
يرتبط إسم قابيل بالذنب والإثم حيث ارتكب أول جرائم الأرض، فكان كمن سن قانون القتل وشرعه على هذه الأرض، وما وصل إلى القتل وإنهاء حياة الآخر الذي كان يتمثل في أخيه إلا بعد مسيرة طويلة من الحقد والكره والحسد، امتلك تلك المشاعر عاشها وورثها ل خلفه من بعده من بني البشر ...اعترف قابيل بذنبه حسب الشاعر وها هي (توبة قابيل )
عنوان مشوق لقصيدة موزونة ذات فكرة عميقة لحقيقة تاريخية أزلية، أرقت الأقلام والعقول لما بها من أثر في النفس البشرية .
في مطلع القصيدة يستدر الشاعر عاطفة القارئ نحو الأطفال فليس منا من لا يملك هذه العاطفة المتمثلة في الحب والرحمة والشفقة، هما طفلان
ثم يأتي مباشرة في تصوير المشهد لنرى أنهما في مشفى جسدان ملتصقان فتنطبع الصورة في مخيلة القارئ تغلفها عاطفة الحب والشفقة ،وأكمل صورته الخيالية للأم وهي تسكب دمع الحزن بلغة شعرية فصيحة وإيحاء بمدى رغبة الأم ودعائها بأن يكون هناك إمكانية لفصلهما فتعتري القارئ عاطفة الأمومة المكلومة ،فبعد عناء الولادة كان من الطبيعي أن ترتاح هذه الأم في سريرها بجانب وليدها، لا أن تكون في انتظار طبيب الأطفال، حيث جعلنا الشاعر ننتظره مع الأم بلهفة وترجي،والنظر يسبق الصوت ،فتقرأ الأم معالم وجه الطبيب المذهولة
يقول: طبيب أطفال
-وقد ذهلت ملامحه-
بأنهما ..
بقلب واحد قد خفقا
تتواتر عاطفة الحزن والألم والخيبة وينقطع الأمل ليدخل الجميع في حلقة الفراغ واللاحيلة، يعيش القارئ صدمة الولادة المرتقبة .
فكلمة الميلاد المنتظر تفصح عن العديد من المشاعر والتحضيرات والاستعدادات لاستقبال مولود جديد ...ثم تكون خيبة الأمل .
الأخوة هي رمز المحبة يكون الإخوة على قلب واحد وإن تعددت الأجساد وهو المعنى المجازي للوحدة والحب، لكن في القصيدة جاء هذا المعنى حقيقيا قلب واحد لجسدان ،فالقلب هو مركز الحب والأحاسيس ...وهنا تكون التوبة ،يكفر قابيل عن ذنبه بالتصاقه في جسد أخيه واتحاده به يقاسمه ذات القلب يعيشا به ما عاشا.
قصيدة (لا أحد في السفينة) ص62 هي عودة أيضا إلى أوائل التجارب الإنسانية في العصيان والتمرد ورفض، وإضاعة فرص النجاة، السفينة رمز ديني ل سفينة نوح عليه السلام تضمنت القصيدة اسقاطات دينية، كما في قصائد أخرى مثل( يعقوبية الإنتظار )ص109وقصيدة (لست في حلم) ص72، في هذه القصيدة يجد المتلقي واقعا يرفضه الشاعر وكله حزن وأسى، وألم وقلق ويوظف قصة يوسف عليه السلام في إبداع مستخدما جملا إنشائية فينادي ويتعجب ويتسائل معبرا عن جو نفسي حزين، فالعنوان —لست في حلم— أغلب حروفه همس بواقع الحال، لتقترب منه من يناديها في آخر القصيدة .
قالت :
رويدك لست في حلم
هذا زمانك كله عرب!!
فرغم همس السؤال والجواب، إلا أن قافية مقاطع القصيدة هو حرف الباء حيث يجهر بما في نفسه ويذلق بما فيها من يبس وصمت .
أما قصيدة (البيدر) ص70
فالبيادر هي مصدر للسعادة والسعة والاطمئنان بعد التعب، فالبيدر حقله الدلالي يختلف عن ما تضمنه المتن من كلمات لها حقول دلالية اخرى لا توحي إلا بالتعب والقلق والخسارة والخذلان، عجوز، جنود، يحرس ،تيه، حدود. قصيدة ذات طابع مسرحي يسود فيه صراع بين دلالة البيدر وصدقه وبين سراب الوعود وكذبها، ليبقى الفلسطيني مشردا بين عنوان القصيدة(البيدر) وجملتها الختامية( سرابُ الوعود).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⇐عمار خليل دويكات شاعر فلسطيني من مواليد قرية بلاطة —نابلس،عام 1980م حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة النجاح الوطنية كلية الفنون
أمين سر ملتقى بلاطة البلد الثقافي 2017—2019،عضو اللجنة الثقافية في دار الفاروق للنشر—نابلس.
(على بعد عمرين ) باكورة أعمال الشاعر وهو من نوع الشعر الحر والشعر العامودي الموزون .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق