الفردوس المفقود تأليف: جون ملتون ترجمة: حنا عبود الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب - دمشق

الفردوس المفقود
تأليف: جون ملتون
ترجمة: حنا عبود
الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب - دمشق
764 صفحة

"الفردوس المفقود" ملحمة شعرية دونها الشاعر الإنجليزي "جون ملتون" بالإنكليزية، وضمنها قصة منظومة تقدم رؤية معينة من وجهة نظر دينية تخضع لعوامل العصر الذي كتبت فيه، فحديث ملتون مثلاً من خلق العالم، وهو ما يرويه على لسان ملك يدعى روفائيل، يمثل ما استوعبه الشاعر أولاً من الكتاب المقدس وثانياً من الأفكار التي شاعت في عصر القرن السابع عشر، الذي شهد مولد العالم الطبيعي، سواء كانت أفكاراً تتعلق بالأجرام السماوية أو الطبيعة، بل وبالنظام الحاكم في بريطانيا أيضاً!

وحديث ملتون عن علاقة الرجل بالمرأة من خلال تحليله لعلاقة آدم وحواء لا يقتصر على وجهة نظر الكتاب المقدس إذن، بل يتضمن وجهة نظر العصر التي تتجلى في الأفكار الشائعة، وما انتهى إلى الشاعر من التراث الأدبي الطويل الذي سبقه.

ولأهمية هذه الملحمة اعتنى المترجم "محمد عناني" بنقلها إلى العربية مقسماً مضمونها على أربعة أجزاء. الكتابان اللذان بين أيدينا يمثلان الجزء الثالث والرابع من ا لسلسلة، وهما يتضمنان الكتب الستة الأخيرة من الملحمة الشعرية مترجمين للغة العربية. وبالعودة لمضمون كل جزء على حدى من هذين الجزئين نجد أن الجزء الثالث احتوى على ما يوازي المأساة التقليدية مرحلة الهبوط anticlimax من المأساة الشيكسبيرية. فالحديث يبلغ ذروته في هذا الجزء عندما يعص آدم وحواء خالقهما ويأكلان الثمرة المحرمة. وهذا الجزء عام بالأحداث حافل بالصور الكونية والإشارات الرمزية إلى حال الإنسان في كل زمان ومكان عندما يخطئ فيندم ولات ساعة فندم كما يقولون.

في حين يقتصر الجزء الرابع على سرد توابع "هذه الخطيئة وتبيان الأمل في غفران الله، رغم العقوبة التي تحل بآدم وحواء، وهي عقوبة إخراجهما من الفردوس، وهبوطهما ‘لى الأرض. ومن طبيعة مرحلة الهبوط في المأساة قلت الأحداث. وإن كان ملتون يستعيض عن ذلك باستعراض مستقبل الجنس البشري على لسان الملك ميكائيل، يقصد إيضاح مرمى الله سبحانه وتعالى من تعريض البشر لغواية إبليس وإتاحة الفرصة له في كل عصر للتوبة والعودة إلى سبيل الرشادة بإرسال رسله وأنبيائه، وكلهم يذكر وينذر ويبشر، وإن كانت هذه الأحداث المقبلة لا تمثل العوض الصحيح عن أحداث المأساة نفسها فهي صورة موجهة للهداية كأنما يتوسل بها ملتون نفسه في وعظ الجنس البشري وخصوصاً أهل زمانه إذ كان يراهم من الضالين.