اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

نورا ــ قصة قصيرة || على حزين

والعربات بأزيز محركاتها وهي تقطع نهر الشارع ذهاباً وإياباً, بضجيجها الذي يكاد يصم الأذان ويجلد الأعصاب مخلِّفة ورائها شبورة كثيفة سوداء وتلوث سمعي وبصري, أنا كنت واقف هناك علي عربة اللب, والفول السوداني أبيع وأشتري , علي ناصية الشارع الطويل ,
وهي طول اليوم لا تكف عن الكلام , والضحك , والمرح ,
ــ صباح الخير يا واد انت يا عسل ..؟

ــ .........
وجهها قد تَوَرَّدَ من الشمس الحارقة , وعلي رأسها أشرب أو طرحة سواء , معقودة بعناية وبطريقة ما , بحيث يتدلى احد طرفيها علي خدها الأسيل , ويكاد يلامس كتفها الممتلئ , والطرف الأخر من وراء رأسها , ترتدي بدله برتقالية "سَلَبُتَه " تزيدها جمالاً على جمالها , تراها فارعة الطول , ممتلئة بغير ثمنه , وباختصار يمكن أن أصفها لكم , وألخصها في كلمة واحدة .. مهرة جموح , بيضاء
ــ صباح الفل علي عيونك يا جميل
ــ ........
نسمة هواء طرية تملأ المكان , وهي تقترب من العربة التي أقف عليها ,
تمدّ يدها دون إذن مني , تكبش حفنة من اللب الأسمر , تضعها في جيبها وأنا لا اعترض على فعلها, فقد تعودت علي ذلك منها , فقط أنهمك بفرش العربة, أضع عليها البضاعة التي ابتاعها, ثم تسألني عن صديقتها"...." إن كنت قد رأيتها أم لا .؟ .. وهل مرت عليّ هذا الصباح ..؟.. وهل صبّحت عليّ أم لا..؟.. أعصر ذهني , وأنا أحاول أن أتذكر, وعندما أفشل أعتذر لها بأني كنت مشغول, ولم أخذ لبالي منها , فتمد يدها إلي بعض حبات اللب الأبيض , تضع واحدة في فمها , وهي تبحث عن صديقتها بعينيها في كل اتجاه , علَّ وعسى أن تراها , وأنا من حين لأخر, غارس عينيَّ في وجهها العربي الأبيض المدوّر الذي يشبه البدر ليلة تمامه, وكأني أري"روقة " بكل شخصيتها في فلم " العار" تقف أمامي , تكاد تكون مطابقة تماماً لنفس الشخصية التي قامت بها الفنانة " نورا" باقتدار بنت بلد مجدع بصحيح , وأنا أحب وأهوي جدا هذه الشخصية, وكم كنت أتمنى بأن أرتبط بواحدة لها نفس المواصفات ونفس الشخصية ,
ـــ آيه يا عم , اللي واخد عقلك , رحت لفين ..؟!!
انتبهت علي صوتها العذب , وهو يسحبني كرائحة الياسمين ,ابتسمت لها وهي تهّز برأسها ويدها في حركة واحدة , والبسمة توأم شفتيها , وعلى وجهها صحبة ورد , ورحت أرتب العربة , وبيدي الأخرى كوب الشاي , ارتشف منه حتى لا يبرد , فتمد يدها البيضاء الملتفة , نحو يدي
ــ إيه الذوق ده , مش تقول أتفضلي
ــ .......
تأخذها من يدي , تكمل ارتشاف ما تبقي منها , تجلس بجواري علي الكرسي الذي أجلس عليه عندما أتعب من الوقوف , فتحت الحديث معي ــ كعادتها ـ لعنت الدنيا,وعابت علي الحياة ,وهي تنعت حظها الأسود الهباب
وتمنيتُ لو كنتُ التقيتها في زمن غير هذا الزمن,أشعلتُ سيجارة "كيلوبترا" في هذه المرة وهي تحكي ملئت عينيَّ منها وتشبّعت . ورحت أسرح بخيالي الواسع , تخيلتها ملكة في قصرٍ مشيدٍ كبير به حدائق غناء , والماء يجري من تحت أقدامنا , والأشجار الملتفة مليئة بالثمار اليانعة , والعصافير تغني للشمس وللهواء, وزهور الربيع ترقص علي الأغصان , وأنا وهي نجري ونلهو ونلعب , ولا نألو علي شيء ,
يخرجني من حلمي الجميل صوت شاب أعرفه جيداً , من شباب المنطقة التي أقف فيها , يطلب مني بأن أملأ له كيساً من اللب " بجنيه " فهو كثيراً ما يتحجج بالشراء,عندما يراها تجلس بجواري, أو تحادثني , فيقوم بتلقيح الكلام علينا , من نوعية
ـــ " الله يسهلك يا عم ماشيا معاك حلاوة واللي ياكل وحده يزور " كثيرا ما يستفزني كلامه ,وأسلوبه القذر, وتمتعض هي لكلامه بل وتتقزز لذلك , فأراني أمتص غضبي , وأضبط أعصابي وأضغط علي نفسي , حتى لا تفلت مني في لحظة, فأتهور عليه وأضربه , لا من أجل أن هي تطلب مني ذلك , ولكن أيضاً حتى لا يكون سبب في قطع عيشي , فأنا غريب عن المدينة , وليس لي فيها أحداً , إلا صاحب العربة التي أعمل عليها , وقد أوصاني بعدم التشاجر مع أحد , حتى لا ننقطع لقمة عيشي , هكذا قال لي , فأنا لم أدعوها يوماً للحديث أو الجلوس معي , إطلاقاً البتَّة , ولا مرة , هي التي, جاءت من نفسها وكلمتني , عندما رأتني لا أتكلم مثلهم , ولا بلغتهم , ولا أتعامل بطريقتهم , فأنا مختصر في حالي , وكثيراً حاولت أن أبعدها عني , حتى لا تسبب لي في مشاكل , لكنها كانت ترفض ذلك , وتصرّ علي المجيء إليّ , والحديث معي , بل أكثر من ذلك أحياناً كانت تترك أغراضها التي تشتريها من السوق , والتي يمن بها عليها أهل الخير من أهل المنطقة , وأصحاب المحلات التي في الشارع الذي تعمل فيه , ثم تعود أخر النهار لتأخذها مني هي وصديقتها , معللة ذلك بأني إنسان شهم وطيب ونبيل , وليس عندي خبث أو خباثة , ولا لؤم , وبأنها قد ارتاحت لي , لذا كانت كثيراً ما تأتي إليَّ بحججٍ واهية , لتتحدث معي , وتكحي لي عن حياتها الخاصة , حتى أدق أدق التفاصيل , لا تبخل بها عليَّ ,
أذكر ذات مرة ... حكت ليّ قصتها كاملة , من طقطق لسلام عليكم , كل حياتها بالتفصيل الممل ,عن نشأتها , وأسرتها البائسة الفقيرة, وعن طفولتها المعذبة , وكيف تزوجت وجاءت , وانتقلت مع زوجها إلي القاهرة للعمل , وكيف تعاني من العيشة , ومن الحياة القاسية , فهي أم لأربعة من الأولاد الصغار, وزوجها رجل أقعده المرض , حتى جعله لا يستطيع بأن يقوم بأعبائه كرب أسرة , فاضطرت أن تقوم هي بدوره , حتى حقها الشرعي كزوجة لا يستطيع أن يعطيها كرجل , وكيف تعاني من الحرمان العاطفي ,, و,, و ,, و ,,
تقوم من مقامها فأجلس أنا مكانها, فالشمس قد سيحتني , ورجلاي تعبت تمسك بيدها مكنسة غليظة مصنوعة من عرجون ولحاء النخيل , أسمعها تغني بأغنية مشهورة , وهي تكنس بمقربة مني , فوق الرصيف, أغنية تعبر عن حالها , وكثيراً ما اسمعها وهي ترددها
ـــ آه لو لعبت يا زهر , واتبدلت الأحوال ,
أُشعل سيجارة أخرى , تستدير بظهرها فتعطيني فرصة بأن أغرس عينيَّ في مؤخرتها , ثم تستدير نحوى من جديد, تحدّجني بنظرات فاحصة وقاتلة فأراني أتصبب عرقاً , وأتبخر لمَّا تقترب مني , وتدنو , وهي تضحك في هستريا , فتفصح عن صفين من اللؤلؤ الجميل, حتى تميل برأسها للوراء والناس يمرون في الطريق, بعضهم ملتفت, وبعضهم الأخر لا يعنيه الأمر, تمدّ يدها لبعض حبات الفول السوداني , تضغط على واحدة تقشرها , تلقي بها لأعلي في الهواء , لتلتقطها بفمها الذي تحوطه هالة من العرق , نقاط صغيرة تشبه الندي الذي يكون فوق أوراق الوردة الحمراء في الصباح , وأنا واقف وقد هزتني ضحكتها الحلوة , ونظرة عيناها الساحرة أبهرتني , أسمع صوتها الرخيم , تقول لي وهي تبتسم ,
ــ إلا بالحق أنت ما تجوزتش ليه لغاية دلوقتي ...؟!!
ــ لسه بدور علي الإنسانة المناسبة
ـــ مناسبة ازاي يعني , عشان أدور لك عليها , ؟!!
ـــ أنت اقفي أمام المرآة تلقيها قدامك علي طول , أنا عاوز وحده زيكِ ,,
ــ .......
تطأطئ الرأس في خجلٍ , تصمت قليلاً , وأنا التهم وجهها الأبيض المتورد , و عجوز تقترب من العربة
ــ ربع كليو لب قرع ابيض لوسمحت يا ابني
تتقدم , تولت هي القيام بالبيع للعجوز , فهي دائماً تفعل ذلك عندما تكون واقفة معي , بعد ما تقوم بعملها بكنس الشارع الطويل الممتد إلي نهايته تأتي إليَّ تجلس وتبيع معي , فهي عاملة نظافة , تعمل ظُهرات من فترة طويلة , تبع مجلس المدينة , وما أن تنصرف العجوز حتى نسمع صوت صديقتها وهي تناديها من بعيد, وقد ركبت علي عربة " كرّو " تقف , تسرع , تركب معها , المحهما يتهامسان , ويضحكان , وهما يشيران بأيديهما نحوى , وأنا لا أملك إلا أن أرد بالإشارة , وبابتسامة مصطنعة ,
والعربات بأزيز محركاتها وضجيجها الذي يكاد يصم الأذان , ويجلد الأعصاب وهي تقطع نهر الشارع ذهابا وإيابا , مخلفة ورائها شبورة كثيفة من الدخان الأسود , وتلوث سمعي وبصري , وأنا كنت واقف هناك علي عربة اللب, والفول السوداني أبيع واشتري علي ناصية الشارع الطويل ....

 على حزين

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...