اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

لحظـــات سـاخنة ـ قصة قصيرة || عادل المعموري

كنتُ أجلس في المقعد المقابل لمقعدها في الباص الكبير ، لم أكن منتبهاً لوجودها، فقد كنت أنظر عبر زجاج النافذة القريبة ، أوزَّع نظراتي هنا وهناك حيث المحال التجارية وحركة السابلة ..لاشيء يستفز مخيلتي ،لاشيء في الشارع يثير فضولي، لكم تبدو الأشياء أمامي سقيمة تبعث في نفسي السأم . راحت نظراتي تمسح وجوه الجالسين . وجه واحد أثارني ..طفقتُ أتصفح هذا الوجه الجميل، إبتداء ًبغطاء الرأس ونزولاً إلى أسفل القدم ، جسدها
الممشوق الممتلئ أذهلني ، عينان واسعتان يدقَّان بنهاية الحاجب ، فيهما بريق يشعرني بالفرح ، فرح طاغِِ يتسلل عن طريق بؤبوي عينيَّ ويمتد إلى دماغي دفعة واحدة.
كانتا بلا كحل ..جمال رباني لم تشوَّهه المساحيق ..كلَّما ابتسمت للمرأة التي تجلس بجانبها، يظهر صف من الأسنان البراقة في فمها ،الفم يملك شفتين رقيقتين ينتهيان بانحناءة إلى الأعلى وليست للأسفل . غمازتان ترتسمان وسط خديها لم أرَ أجمل منهما .
ربما لا يبدو للرائي أنها بذلك الوصف الأسطوري ممكن أن ينتبه لجمال وجهها واستدارته وبخاصة مشبك الشعر وهو يكوَر شعرها كقبة تعانق جبروت السماء ، ابتسامتها تزيدها ألقاً وجمالا ..كلَّما تلتفت لتنظر في الوجوه ، تعود تتحدث مع المرأة الثانية ، كانت تلك المرأة أكبر منها سنَّاً ..هي تبدو من قسمات وجهها ..في الخمسينيات أو يزيد.
اكتشفت أن في فمها علكة صغيرة تدَّورها بين سقف فمها من وقت لآ خر ..
لم يعد يشغلني غير النظر إليها ، شعور بالمتعة والارتياح شيء لا يُستهان في زمن الجدب الذي يغلف حياتي الفارغة من كل أنثى .
عناصر الشَّد والجذب في جسدي المحموم في قمة فورانها ..ماذا يعني لي أنا المحروم من لمسة أنثى ..
العباءة التي غفت على كتفيها وغطت جزء من ربطتها ..تثير في النفس شعور لا أعرف تفسيره سوى أني في غاية السعادة ..أنا الذي لم يعرف في حياته طعماً للراحة ..الا يكفي أنك تشعر بالراحة حينما تنظر إلى كائن جميل .لا يشاركك أحد في النظر إليه ؟..تمنيتُ في تلك اللحظات أن لا أنزل من الباص ..وأن يكون طريق دائرتي طويلاً أطول من آهاتي الضائعة في تخوم الليالي السود ..
أخشى أن يكون هبوطها في مكان قريب يفسد عليَّ متعتي ..الوقت أصبح عندي ذا قيمة ، تلك الدقائق الجميلة قلّما تحصل ، إن فكرّتْ تلك المرأة بالنظر إليَّ ..حتى لو كانت نظرة عابرة ..لن أحيد بنظراتي عنها مهما كانت النتائج.
أريدُ أن أشعرها أني أنظر إليها وأنها أمست جزءاً من ذاكرتي التي أصابها العطب لخلوها من تلك اللحظات التي لن تتكرر ، هاهيَّ تلتفت نحو الركاب تستعرض وجوههم ..عيناها الآن تلتقيان بعيني ..أدارت وجهها ثم عادت تنظر إليَّ ..توقَّف فمها الجميل عن تدوير العلكة ..الابتسامة التي كانت مرتسمة على الشفتين الرقيقتين اختفت ..لمحتُ بريقاً آخر في عينيها.. بريق غريب ..ربما أزعجتها نظراتي ..أو أنها لا تريد أن أركَّز نظري عليها ..رأيت الحاجبين ينعقدان على صفحة جبينها .. أخرجُت العلكة ورمت بها من فتحة النافذة القريبة .
التزمتْ جانب الصمت ، لم تعد تتحدَّث مع صديقتها ، رأيتها تعدل من وضع عباءتها
انخفاض بصرها والنظر إلى الأسفل ، يشعرني بالإحباط ..حتماً تضايقت من نظراتي ، وإلا لماذا
رمت العلكة من فمها ؟ لماذا اختفت الابتسامة وحلَّ مكانها وجه مقطًّب لاينم إلاّ عن شعور بالضيق تظاهرتُ بأني لم أكن أعبأ بها ..راحت نظراتي ترنوان إ لى البعيد حيث المساحة الواسعة عبر زجاجة السيارة الأمامية ،عندها التفتت نحوي ، هنا لابد أن أثبت على موقفي ..سأتصنَّع الهدوء واللامبالاة ..أخذتْ تطيل النظر نحوي ..نظراتي مازالت معلَّقة بامتداد الشارع ..دقيقة وربما دقيقتان لا أعلم بالضبط.
أحنيتُ رأسي ، فركتُ أصابعي بكفي وأنا أتصنّع النظر إلى أسفل قدمي وسحابة حزن رسمتُها على وجهي متعمَّدا ً.ُ.استهو تني تلك الحركة النزقة ..رفعتُ رأسي سريعاً وجدتها لمَّا تزل تنظر إليَّ ..التقتْ نظراتي بنظراتها من جديد ..أطالت التحديق بي ، لم أهتَّز، ولم يعتريني أي ارتباك برغم اتساع عينيها المفاجئ ونظراتها الغاضبة . تخرج لسانها لي ..فوجئتُ بتلك الحركة المفاجئة ..رأيتها تدوَّرلسانها بين شفتيها المنفرجتين.. ابتسمتُ لها بارتباك بدا واضحاً على ملامحي ..سمعتها تقول للسائق بصوت يحاكي شدو البلابل وهي تغمز لي بعينها :
__ عيوني ..راس الشارع نازل ؟.
البيوت المتراصة عند الساحة المقابلة للشارع.. خمّنتُ أن يكون أحدهم بيتها ..هاهو الباص يتوقف.. تنهض تلملم عباءتها وتكورها على جسدها ..سمعتها تستأذن من المرأة التي كانت بجانبها ..
همَّت بالنزول ..نهضتُ من جلستي أريد النزول خلفها ..إنها تدعوني لإصطحابها ..سأتغيَّب عن الوظيفة هذا اليوم ..ماذا سيحصل لو تفرغت من عملي الممل نهارا واحدا ..قضيت ثلاثون عاما كبندول الساعة ..ماذا جنيت من كل هذا سوى العزوبية المقيتة ؟ سبقني رجل كان يجلس خلفي مباشرة..لم أكن منتبها لوجوده ..كان ضخم الجثة وطويل جدا ، بدت على ملامحه القسوة والانزعاج ..مدَّ قدمه أمامي ليوقعني فوق أرضية الباص بشدَّة ..انتبه الجالسون للجثة التي تكوَّمت عند أقدامهم ..رأيتهم ينظرون نحوي والاستغراب يرتسم في وجوههم .
تحرك الباص. بركتُ على ركبتيَّ ..عيناي تلاحقانها..لمحت ذلك الرجل يمسكها من ذراعها ويشدَّها بقوَّة .حركة وجهه والغضب المرسوم على ملامحه الخشنة تنمَّان عن غلظة وغضب غير عاديين .لم أسمع ماذا كان يقول لها ..رأيتها تلتفت نحوي وتفرد أصابع كفها وهي تشير لي بالوسطى بحركة مجنونة ..بعد قليل اختفت صورتهما عن ناظري ..نفضتُ ماعلق بثيابي من تراب ونهضتُ لأعود إلى مقعدي
جلستُ خجِلاً ..تسوّرَني هزيمة مقيتة . .
.
 عادل المعموري

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...