دسّت أصابعَها الباردةَ في حزمةِ لياليها الكالحة.
تختلسُ نظرةّ من شقوقِ الذاكرةِ، تخذِلُها أجفانُ الوسنِ
تهمسُ للنورِ أن ادنُ؛ فتتأوّدُ ضفائرُ السّنا، وتُعرّجُ على المُقلِ تُكحّلُها بريشةِ حلمٍ.
ترتسمُ الدهشةُ على خدّ المُحال؛ فيوشوشُها متعجباً:
- أترفرفينَ بجناحينِ من بياضٍ ولا تحلّقين؟!
- كيف لا! والشوقُ يُغمِدُ نورَهُ في مُهجتي!
بهذا ردّت عليه وصوتُها الشجيّ يُدندِنُ لحنَ اللّهفة لورودٍ سقَتها ليلةَ أمس، بدمعٍ أحرَقَ وجناتِ الليل
تواكِبُها في سعيها الحثيث، وشوشاتُ الأقاح
تخلعُ حذاءَها مُلتمِسَةً رطوبةَ، وطراوةَ العشبِ النديّ.
تتلكأُ قليلاً لتمرَغَ شفتيها بالتوتِ البريّ
وبلمحِ البصرِ تصلُ إلى مُبتغاها ممتلئةً ومكتملةً.
- أماه! جئتُكِ بعدَ طولِ غيابٍ.
تطربُ الأشجارُ لسماعِها، وتعزفُ الأوراقُ حفيفَها
لحناً سماوياً لبدءِ احتفالِها الأخير.
- أنا وحيدةٌ اليومَ، تحتَ رحمةِ قدرٍ يغرزُ أنيابَه في عزلتي
ألا تُفسحينَ لي مكاناً في مملكتكِ النائيةِ
لألوذَ بحضنكِ الدافئِ، وأُذيبَ صقيعَ روحي بين راحتيكِ
عبرتُ إليكِ بمشقّةِ مهاجرٍ خذلَتهُ أفياءُ الوطن
أنهكني الفقدُ حتى تاهتْ عني الدروبُ
إلا واحداً قادني إليكِ.. قلبكِ يا أمّاه، وحدهُ دِثاري في لياليَ الباردةِ، لا تردّيني عنكِ خائبةً.
تنضّ عن جسدِها إثمَ الوجودِ، تؤم اللقاءَ برعشةٍ، وترتدي العناقَ بشهقةٍ.
ريتا الحكيم
تختلسُ نظرةّ من شقوقِ الذاكرةِ، تخذِلُها أجفانُ الوسنِ
تهمسُ للنورِ أن ادنُ؛ فتتأوّدُ ضفائرُ السّنا، وتُعرّجُ على المُقلِ تُكحّلُها بريشةِ حلمٍ.
ترتسمُ الدهشةُ على خدّ المُحال؛ فيوشوشُها متعجباً:
- أترفرفينَ بجناحينِ من بياضٍ ولا تحلّقين؟!
- كيف لا! والشوقُ يُغمِدُ نورَهُ في مُهجتي!
بهذا ردّت عليه وصوتُها الشجيّ يُدندِنُ لحنَ اللّهفة لورودٍ سقَتها ليلةَ أمس، بدمعٍ أحرَقَ وجناتِ الليل
تواكِبُها في سعيها الحثيث، وشوشاتُ الأقاح
تخلعُ حذاءَها مُلتمِسَةً رطوبةَ، وطراوةَ العشبِ النديّ.
تتلكأُ قليلاً لتمرَغَ شفتيها بالتوتِ البريّ
وبلمحِ البصرِ تصلُ إلى مُبتغاها ممتلئةً ومكتملةً.
- أماه! جئتُكِ بعدَ طولِ غيابٍ.
تطربُ الأشجارُ لسماعِها، وتعزفُ الأوراقُ حفيفَها
لحناً سماوياً لبدءِ احتفالِها الأخير.
- أنا وحيدةٌ اليومَ، تحتَ رحمةِ قدرٍ يغرزُ أنيابَه في عزلتي
ألا تُفسحينَ لي مكاناً في مملكتكِ النائيةِ
لألوذَ بحضنكِ الدافئِ، وأُذيبَ صقيعَ روحي بين راحتيكِ
عبرتُ إليكِ بمشقّةِ مهاجرٍ خذلَتهُ أفياءُ الوطن
أنهكني الفقدُ حتى تاهتْ عني الدروبُ
إلا واحداً قادني إليكِ.. قلبكِ يا أمّاه، وحدهُ دِثاري في لياليَ الباردةِ، لا تردّيني عنكِ خائبةً.
تنضّ عن جسدِها إثمَ الوجودِ، تؤم اللقاءَ برعشةٍ، وترتدي العناقَ بشهقةٍ.
ريتا الحكيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق