لم يخرج الشاعر من عالمه ، الذي يراه مؤلما ، فهو لايرى إلا البؤساء ، ان كانوا يتامى ام فقراء ، عالم بعيدا حين حين الترف والجمال واللهو ، والغرام ، والمغازلة ، والافتخار ، وملذات الحياة... ، عالمه عالم منحر طفل أجج فيه المشاعر حتى البكاء، كان هكذا يكتب ، سطرا لتدمع عينه ، ثم يسترسل ولايحب مراجعة القصيدة ، لإنها نبعت من شعوره الصادق ، كلمته خرجت من نياط قلبه ، يتصدع ذلك الفؤاد ، ويخرج دموعه حزنا ، هكذا صور لنا الشاعر العراقي أبومهدي صالح ، قصيدته المنحر ، لم يضف على العنوان شيء ، وكأن المنحر يعود لكل الناس من دون
استثناء ، كل البشرية لتنظر الى منحرها ، هل تحب ان تذبح بهذه الطريقة التي شاهدها في الطفل السوري ، بان يضع القاتل يديه بقساوة على منخر الطفل ويقلبه ثم يذبحه بهذه البشاعة ويرفع إبهامه لاعجابه بنفسه وكذلك الذين بقربه ! لذا استخدم الشاعر كلمة الاولى ( مدَّ) وهي من المضي ، واضعا فيها دلالة الامتداد اللانهائي وكأنها تخرق الحجب ، وكأنها تصل بسرعة الى اعنان السماء وتخرق كل السموات، تستغيث ، ويكون الاختيار ، ليس بيده لذا كان الفاعل ليس اليد اصبحت موقع المفعول بها والملقى عليها تبعات النجاة او الهلاك ، والتصور العقلي ، لدى الطفل النجاة ، مستخدما الشاعر كلمة المنحر ، للحياة كلها ، انه لا يطلب الخروج من هذه المحنة ، بل الولوج الى الحياة بكل تفاصيلها! والسكين ، الذي استخدمه الشاعر ، للدلالة على نظرة الطفل وليس قوة القاتل وبطشه ، وكأن السكينة تأتي اليه من الرحمن ، والقساوة تأتي بعدم الرؤيا ، مستخدما ( رأى) اي المشاورة والنظر العقلي والنفسي كما ورد (فانظر كيف ارى) كما ورد في رؤية ابراهيم ع حين رأى حلمه ! واخذ مفردة مدى وهي الاتساع اللامتناهي ليرى السكين ان مداه المنحر، اي اعدام الحياة الاولى ! وكأنه اختيار تطبيق الرؤي الابراهمية بعكس ان الاختيار عائد للبشر لا لله ، وان السبب يعود الى مدى قصور رؤية البشرية جمعاء بسماح لذبح الطفل وان السكين اشركت ايديهم جميعا ، فهؤلاء طغمة بشرية صغيرة ، جاءت نتيجة قبول الاخرين بهم، فلو ان المجتمع كان سوي لما حدث هذا ، وكان باستطاعة الدول منع ذلك لكن بمباركتها انتجت هذا الفكر الذي لايرى غير مدى واحد ضيق جدا وهو مدى ذبح المنحر! ذبح الحياة ، بينما الطفل يرى بمدى اوسع من ماضي برعمه للاتجاه الاخر ان رجاءه منحر الحياة والاستمرار!
لقد استخدم الشاعر العراقي ابومهدي صالح في البيت الثاني كلمة خنجر ، وهو معروف بأعوجاجه واستخدامه للقتل ، او الدفاع ، ويستخدمه الراعي والبدوي ، للقتل واستخدامه في الرعي للذبح استثناءا ، وهذا دليل ان الجريمة ثابتة ، وقد سبقها بعدم الجدوى ( لايجدي) فهؤلاء لا يفهمون لغة الرجاء ، وانهم لم يميزوا حتى صغر قلبك الذي تحمل حر الحديد بالذبح واي ذبح هذا بعدا عادوها عليه مرارا وتكرارا واستهزءوا به معلينين انهم سيستمتعون بذبحه ، وهو يترجى ، ولا جدوى من ذلك الرجاء للخنجر المعكوف على الشر:
مـــــدَّ اليــــــدينِ علـى رجـــاء منـحــــــرهِ
ســـكّينهم لا يــرى إلّا مــدى الـمنحــــــرِ
ياصــغر قـلـبــك يافــــتى على الـذَّبِــحِ
وما الرجــــاء بهم يجــدي على الخــنجرِ
ثم يعود الشاعر ابومهدي صالح ليستخدم عبارة اقوى حجة من الرجاء بصفتي الامل والطلب ، ليأتي بصفات التذلل والاستسغار ، وخنوع النفس ، وهي كلمة (( التوسل)) وهي اكثر ما تستخدم المفردة بالادعية اليومية ، لدى الشيعة، حيث يصل الدعاء الى اخر نقطة من التذلل والخنوع والخشوع والانصياع لله كي يحصل الفرد على مايطلبه من ربه ، وهنا يشير الى بكاء الشاعر وتأثره بالتوسل الذي يذرف دموعه لله فيه ، حين يرى الطفل يتوسل ببشر ليس من فصيلة البشرية الا الهيكل، لذا اشار بالجملة متعجبا بغياب ذهن الطفل الكلي ، والانصياع للنجاة بالتوسل الى هؤلاء، الذي ضرب فيهم مثلا انه كالغريق حين يبتغي النجاة بقشة ، وهذا ضرب من الاستحالة؟ ان يحصل توسله ولو بشيء بسيط من الرحمة ، او الرأفة ، او النظر ، من هؤلاء ، على كل هذه الاستحالة ، ينقل لنا الشاعر ابومهدي صالح ، ضربا من الحجاج الذي يؤيد ان الطفل يحاول ان ينجو كغريق بقشة تبن، وذلك ليرى ان الذبح تم ، وان الجناة لم يلحظوا تلك العلامات على وجه الطفل ، لم يروا البراءة والخوف والتعب ، والهلع الذي جعل وجهه مصفرا كالحا ، مستخدم الكلح ، لوضع الطفل واستعداد اخر يذهل الجميع ان كلحه خوفا وهلعا ، وليس لاصابة بجرح ، او مرض ، او غير ذلك ، وذلك لوجود الحجة : ان اثناء الذبح انطلق يتدفق الدم كالجمر المتوهج حارا، احمرا ، يلفت الانظار بلونه وكأنه كالجمر المتوهج في ليلة حالكة! ترك لنا الشاعر ابو مهدي صالح بصمة من الحجاج ، الذي لم يثير اي مشاعر للقتلة حتى بالنظر الى تسريحة شعر الطفل ، التي يظهر انه قد تم حلاقة شعره وتزينه قبل الامساك به ، وكأنه ينطلق للحياة ، يستمتع به ، كان مبتسما ، يرسم بسماته للدنيا ، كل هذا لم ينتبه له القتلة، فلم يترك الشاعر حجة للقتلة وهو يقسم ان رأى ذبول شفاة الطفل ، الما ، والحزن في عينيه المتوسلتين ، كأنه مستصرخا لهم ، الا انهم لا اذن لهم تسمع ذلك العويل ، ولا تلك النظرة والعين التي تتأمل وترجو الحياة ، هذه المصيبة يراها الناس ، الا رؤية الطفل ستكون مختلفة تماما ، بعد النهاية والسكون سيقف ذلك الطفل ، امام الله يكشف منحره! فيلقي الشاعر حججه الواحدة تلو الاخرى ويعود للبيت الاول ، ( مد اليدين) بطريقة السؤال والقاء الحجج ويتسائل الطفل: هل في ذبحي حج بيت الله ، او اقامة اي شعيرة اسلامية ؟او كان نحري صياما لكم ؟ او كان نحري صلاة لكم في الصفا ؟ او كان نحري عبادة لكم ، امر الله بها وان طقوسكم تدعو ان تتبخروا في دمي ؟ لا شيء من هذا القبيل اذا لماذا تم ذبحي ولماذا وقفوا المسلمين بالمليار ينظرون؟ ألم يروى المقطع الذي بثه القتلة ، وان شفاتي من الخوف وحرقة الالم والهلع تزداد سوادا وكأن الدم يحتقن ويريد ان يكلمكم ياعرب يا مسلمين يا بشر يا دول انظروا الي ، ماذا لو كان هذا الذبيح طفلكم؟ هل تصمتون؟
مــدَّ اليـدينِ وفـي اليــد التـي سُـــئلــتْ
هـل في ذبيحـك حــجٌّ أو هدى مشــــعرِ
أو كان نحــري صــياماً أو صــلاة صفا
أو كـان فيــك دمــي عـــبادةٌ مبـخــــري
أما رأيـــت شـــفاتي قــد تــزودُ لـمـــى
والســـنُّ بادي على خــوفٍ وبالـمقـشــرِ
الم تروا كيف ذلك الشقي يلقي بأعجابه بالذبح ، برفع ابهامه ، انظروا ايها الناس الى خنصري ، فقد وجه الشاعر الى الخنصر اشارة منه ان المجرمين كما بالفيديو يظهر قد رفعو كلية الطفل ، وهذه جريمة اخرى وربما رفعوها تعذيبا من دون تخدير او الى ذلك من العناية الصحية ! وهنا تحدي للمجتمع وللمجرمين ، بأن الناس سوف تتألم وان عوائلكم ستشهد الالم ! نفسه وذاته ، بنفس العنوان الذي يتألم المجني عليه سيتألم الاخر، لذا يرى ان شددتم عليّ كان شدي الوجع بالالم وما اقسى هذه العبارة حين يتأمل بها ، انه وحيد لم يجد لجراحته ضمادا فكان يضمد المه بالوجع ، وكان دمعه هو ايلام الوالدين ، نعم كل اب عندما يراني سيتألم وعندما يسمع بي سيتألم وعندما يقرأ عني سيتألم الا ان المنحر الحقيقي والالم الحقيقي للوالدين، يلقي حجته ان كل دينار جمعه شخص للتكفيريين او مال من رئيس او ملك اوفتوى من شيخ ، او احد يمدحهم او يرضى عنهم سيكونوا شركاء في دمي وسيلاحقهم دمي طيفا من العذاب، لان كلهم حضروا وكلهم سيحظروا من الحياة الابدية بالاخرة ( الجنة) وسيلقون بالعذاب لان لاحجة لهم ومنحري حجة وليس منحري فقط بل الف والف والتعداد يدل على تواصل القتل ، كما انه اشارة الى حادثة تاريخية تفيد ان سعيد بن جبير حين اراد قتله الحجاج بن يوسف سأله ماذا تحب ان اقتلك ؟ اختر القتلة ! فاجابه : اختر انت التي ستقتلها في يوم القيامة، دلالة على ان الشاعر لازال يوظف التاريخ كحجة ، يسقيها في شعره ، كما تبين في القصيدة انه استخدم القرآن كفكرة ، واستخدم التاريخ كأشارة ، واستخدم الوصف كحجة ملزمة النظر ، واستخدم العاطفة ، فلم يبق للمجرمين اي حجة ليبلغهم بالنهاية الى المصير الذي ينتظرهم.
استخدم الشاعر كلمات اكثر سعة للتأويل والبعد واكثر دقة للبيان ليصيغ لنا عبارات متينة فقط تتطابق الهدف مع البنية الاساسية
الان اترككم مع القصيدة كما نشرتها بعض المجلات والصحف*
بقلم: ابومهدي صالح
مـــــدَّ اليــــــدينِ علـى رجـــاء منـحــــــرهِ
ســـكّينهم لا يــرى إلّا مــدى الـمنحــــــرِ
ياصــغر قـلـبــك يافــــتى على الـذَّبِــحِ
وما الرجــــاء بهم يجــدي على الخــنجرِ
توسّـــل الطّـفـــــلُ ! آهٍ مـن تــوسّـــــــلكَ
انـت الغـــريق بقـــشّــــةٍ على مبـحـــري
مصفــــرُّ وجهـــــك كالــــحٌ بـه التـعــــبُ
من أين جــاء الــدم العـبيط كالـمجـمـــرِ
آهٍ عــلـيك وقــد رأيــــتُ فــي فــمـــــــــكَ
لهــيــبَ من عطــــشٍ شـــفاة بالمحـجــرِ
ذبــولهــا قـــد رأى تالله ضـــــامــئــــــةً
والحـــزنُ في عينك قد زاد في المُؤثـــرِ
مـصــيبةٌ بعضـــهم رأي بمــذبحـــــــكَ
والله قــد قال فيك الوعـد في الـمحشــرِ
مــدَّ اليـدينِ وفـي اليــد التـي سُـــئلــتْ
هـل في ذبيحـك حــجٌّ أو هدى مشــــعرِ
أو كان نحــري صــياماً أو صــلاة صفا
أو كـان فيــك دمــي عـــبادةٌ مبـخــــري
أما رأيـــت شـــفاتي قــد تــزودُ لـمـــى
والســـنُّ بادي على خــوفٍ وبالـمقـشــرِ
والشــــعرُ محـفــوفــهُ الحــياة منطــلــقٌ
مـابــال ســـكّينك للمـوت في مختـــصر
ابهــامـك الواقــف مـنـتـكِــسٌ جــلـــــفُ
والنّاس تنظــرُ فـي كفّي على خنــصرِي
فالـمـوتُ خاصـــرتي قد طالنـي زغــــب
والخـوف في كلّ أعضائي على معـبـري
شــــــدّوا فـقــد شــدّ أيلامي على وجـعٍ
ومـدمــعُ الــوالــــدين منـحــرُ الـمنحــــرِ
طيــفٌ أنا والعـــــذابُ فيـــه مخــتــلــفٌ
للعـالـمــين عـــذاب مــذبحــي ممطـــري
فـي كــلّ ديـــنار قد أفــتى به الـمـــلك
أو شيخه الرئيس في فتواه من محضرِ
دمــــي يطــالــبـه اللـــيـل النـــهـار إذا
أتـى نهــارهِ ما يســقيه من محظـــــري
فالله بـيـنــي وبــيـــنــه الحــكــيـــم إذا
يلــقـــاه ألــف وألــف مـثــل ذا منحـري
استثناء ، كل البشرية لتنظر الى منحرها ، هل تحب ان تذبح بهذه الطريقة التي شاهدها في الطفل السوري ، بان يضع القاتل يديه بقساوة على منخر الطفل ويقلبه ثم يذبحه بهذه البشاعة ويرفع إبهامه لاعجابه بنفسه وكذلك الذين بقربه ! لذا استخدم الشاعر كلمة الاولى ( مدَّ) وهي من المضي ، واضعا فيها دلالة الامتداد اللانهائي وكأنها تخرق الحجب ، وكأنها تصل بسرعة الى اعنان السماء وتخرق كل السموات، تستغيث ، ويكون الاختيار ، ليس بيده لذا كان الفاعل ليس اليد اصبحت موقع المفعول بها والملقى عليها تبعات النجاة او الهلاك ، والتصور العقلي ، لدى الطفل النجاة ، مستخدما الشاعر كلمة المنحر ، للحياة كلها ، انه لا يطلب الخروج من هذه المحنة ، بل الولوج الى الحياة بكل تفاصيلها! والسكين ، الذي استخدمه الشاعر ، للدلالة على نظرة الطفل وليس قوة القاتل وبطشه ، وكأن السكينة تأتي اليه من الرحمن ، والقساوة تأتي بعدم الرؤيا ، مستخدما ( رأى) اي المشاورة والنظر العقلي والنفسي كما ورد (فانظر كيف ارى) كما ورد في رؤية ابراهيم ع حين رأى حلمه ! واخذ مفردة مدى وهي الاتساع اللامتناهي ليرى السكين ان مداه المنحر، اي اعدام الحياة الاولى ! وكأنه اختيار تطبيق الرؤي الابراهمية بعكس ان الاختيار عائد للبشر لا لله ، وان السبب يعود الى مدى قصور رؤية البشرية جمعاء بسماح لذبح الطفل وان السكين اشركت ايديهم جميعا ، فهؤلاء طغمة بشرية صغيرة ، جاءت نتيجة قبول الاخرين بهم، فلو ان المجتمع كان سوي لما حدث هذا ، وكان باستطاعة الدول منع ذلك لكن بمباركتها انتجت هذا الفكر الذي لايرى غير مدى واحد ضيق جدا وهو مدى ذبح المنحر! ذبح الحياة ، بينما الطفل يرى بمدى اوسع من ماضي برعمه للاتجاه الاخر ان رجاءه منحر الحياة والاستمرار!
لقد استخدم الشاعر العراقي ابومهدي صالح في البيت الثاني كلمة خنجر ، وهو معروف بأعوجاجه واستخدامه للقتل ، او الدفاع ، ويستخدمه الراعي والبدوي ، للقتل واستخدامه في الرعي للذبح استثناءا ، وهذا دليل ان الجريمة ثابتة ، وقد سبقها بعدم الجدوى ( لايجدي) فهؤلاء لا يفهمون لغة الرجاء ، وانهم لم يميزوا حتى صغر قلبك الذي تحمل حر الحديد بالذبح واي ذبح هذا بعدا عادوها عليه مرارا وتكرارا واستهزءوا به معلينين انهم سيستمتعون بذبحه ، وهو يترجى ، ولا جدوى من ذلك الرجاء للخنجر المعكوف على الشر:
مـــــدَّ اليــــــدينِ علـى رجـــاء منـحــــــرهِ
ســـكّينهم لا يــرى إلّا مــدى الـمنحــــــرِ
ياصــغر قـلـبــك يافــــتى على الـذَّبِــحِ
وما الرجــــاء بهم يجــدي على الخــنجرِ
ثم يعود الشاعر ابومهدي صالح ليستخدم عبارة اقوى حجة من الرجاء بصفتي الامل والطلب ، ليأتي بصفات التذلل والاستسغار ، وخنوع النفس ، وهي كلمة (( التوسل)) وهي اكثر ما تستخدم المفردة بالادعية اليومية ، لدى الشيعة، حيث يصل الدعاء الى اخر نقطة من التذلل والخنوع والخشوع والانصياع لله كي يحصل الفرد على مايطلبه من ربه ، وهنا يشير الى بكاء الشاعر وتأثره بالتوسل الذي يذرف دموعه لله فيه ، حين يرى الطفل يتوسل ببشر ليس من فصيلة البشرية الا الهيكل، لذا اشار بالجملة متعجبا بغياب ذهن الطفل الكلي ، والانصياع للنجاة بالتوسل الى هؤلاء، الذي ضرب فيهم مثلا انه كالغريق حين يبتغي النجاة بقشة ، وهذا ضرب من الاستحالة؟ ان يحصل توسله ولو بشيء بسيط من الرحمة ، او الرأفة ، او النظر ، من هؤلاء ، على كل هذه الاستحالة ، ينقل لنا الشاعر ابومهدي صالح ، ضربا من الحجاج الذي يؤيد ان الطفل يحاول ان ينجو كغريق بقشة تبن، وذلك ليرى ان الذبح تم ، وان الجناة لم يلحظوا تلك العلامات على وجه الطفل ، لم يروا البراءة والخوف والتعب ، والهلع الذي جعل وجهه مصفرا كالحا ، مستخدم الكلح ، لوضع الطفل واستعداد اخر يذهل الجميع ان كلحه خوفا وهلعا ، وليس لاصابة بجرح ، او مرض ، او غير ذلك ، وذلك لوجود الحجة : ان اثناء الذبح انطلق يتدفق الدم كالجمر المتوهج حارا، احمرا ، يلفت الانظار بلونه وكأنه كالجمر المتوهج في ليلة حالكة! ترك لنا الشاعر ابو مهدي صالح بصمة من الحجاج ، الذي لم يثير اي مشاعر للقتلة حتى بالنظر الى تسريحة شعر الطفل ، التي يظهر انه قد تم حلاقة شعره وتزينه قبل الامساك به ، وكأنه ينطلق للحياة ، يستمتع به ، كان مبتسما ، يرسم بسماته للدنيا ، كل هذا لم ينتبه له القتلة، فلم يترك الشاعر حجة للقتلة وهو يقسم ان رأى ذبول شفاة الطفل ، الما ، والحزن في عينيه المتوسلتين ، كأنه مستصرخا لهم ، الا انهم لا اذن لهم تسمع ذلك العويل ، ولا تلك النظرة والعين التي تتأمل وترجو الحياة ، هذه المصيبة يراها الناس ، الا رؤية الطفل ستكون مختلفة تماما ، بعد النهاية والسكون سيقف ذلك الطفل ، امام الله يكشف منحره! فيلقي الشاعر حججه الواحدة تلو الاخرى ويعود للبيت الاول ، ( مد اليدين) بطريقة السؤال والقاء الحجج ويتسائل الطفل: هل في ذبحي حج بيت الله ، او اقامة اي شعيرة اسلامية ؟او كان نحري صياما لكم ؟ او كان نحري صلاة لكم في الصفا ؟ او كان نحري عبادة لكم ، امر الله بها وان طقوسكم تدعو ان تتبخروا في دمي ؟ لا شيء من هذا القبيل اذا لماذا تم ذبحي ولماذا وقفوا المسلمين بالمليار ينظرون؟ ألم يروى المقطع الذي بثه القتلة ، وان شفاتي من الخوف وحرقة الالم والهلع تزداد سوادا وكأن الدم يحتقن ويريد ان يكلمكم ياعرب يا مسلمين يا بشر يا دول انظروا الي ، ماذا لو كان هذا الذبيح طفلكم؟ هل تصمتون؟
مــدَّ اليـدينِ وفـي اليــد التـي سُـــئلــتْ
هـل في ذبيحـك حــجٌّ أو هدى مشــــعرِ
أو كان نحــري صــياماً أو صــلاة صفا
أو كـان فيــك دمــي عـــبادةٌ مبـخــــري
أما رأيـــت شـــفاتي قــد تــزودُ لـمـــى
والســـنُّ بادي على خــوفٍ وبالـمقـشــرِ
الم تروا كيف ذلك الشقي يلقي بأعجابه بالذبح ، برفع ابهامه ، انظروا ايها الناس الى خنصري ، فقد وجه الشاعر الى الخنصر اشارة منه ان المجرمين كما بالفيديو يظهر قد رفعو كلية الطفل ، وهذه جريمة اخرى وربما رفعوها تعذيبا من دون تخدير او الى ذلك من العناية الصحية ! وهنا تحدي للمجتمع وللمجرمين ، بأن الناس سوف تتألم وان عوائلكم ستشهد الالم ! نفسه وذاته ، بنفس العنوان الذي يتألم المجني عليه سيتألم الاخر، لذا يرى ان شددتم عليّ كان شدي الوجع بالالم وما اقسى هذه العبارة حين يتأمل بها ، انه وحيد لم يجد لجراحته ضمادا فكان يضمد المه بالوجع ، وكان دمعه هو ايلام الوالدين ، نعم كل اب عندما يراني سيتألم وعندما يسمع بي سيتألم وعندما يقرأ عني سيتألم الا ان المنحر الحقيقي والالم الحقيقي للوالدين، يلقي حجته ان كل دينار جمعه شخص للتكفيريين او مال من رئيس او ملك اوفتوى من شيخ ، او احد يمدحهم او يرضى عنهم سيكونوا شركاء في دمي وسيلاحقهم دمي طيفا من العذاب، لان كلهم حضروا وكلهم سيحظروا من الحياة الابدية بالاخرة ( الجنة) وسيلقون بالعذاب لان لاحجة لهم ومنحري حجة وليس منحري فقط بل الف والف والتعداد يدل على تواصل القتل ، كما انه اشارة الى حادثة تاريخية تفيد ان سعيد بن جبير حين اراد قتله الحجاج بن يوسف سأله ماذا تحب ان اقتلك ؟ اختر القتلة ! فاجابه : اختر انت التي ستقتلها في يوم القيامة، دلالة على ان الشاعر لازال يوظف التاريخ كحجة ، يسقيها في شعره ، كما تبين في القصيدة انه استخدم القرآن كفكرة ، واستخدم التاريخ كأشارة ، واستخدم الوصف كحجة ملزمة النظر ، واستخدم العاطفة ، فلم يبق للمجرمين اي حجة ليبلغهم بالنهاية الى المصير الذي ينتظرهم.
استخدم الشاعر كلمات اكثر سعة للتأويل والبعد واكثر دقة للبيان ليصيغ لنا عبارات متينة فقط تتطابق الهدف مع البنية الاساسية
الان اترككم مع القصيدة كما نشرتها بعض المجلات والصحف*
بقلم: ابومهدي صالح
مـــــدَّ اليــــــدينِ علـى رجـــاء منـحــــــرهِ
ســـكّينهم لا يــرى إلّا مــدى الـمنحــــــرِ
ياصــغر قـلـبــك يافــــتى على الـذَّبِــحِ
وما الرجــــاء بهم يجــدي على الخــنجرِ
توسّـــل الطّـفـــــلُ ! آهٍ مـن تــوسّـــــــلكَ
انـت الغـــريق بقـــشّــــةٍ على مبـحـــري
مصفــــرُّ وجهـــــك كالــــحٌ بـه التـعــــبُ
من أين جــاء الــدم العـبيط كالـمجـمـــرِ
آهٍ عــلـيك وقــد رأيــــتُ فــي فــمـــــــــكَ
لهــيــبَ من عطــــشٍ شـــفاة بالمحـجــرِ
ذبــولهــا قـــد رأى تالله ضـــــامــئــــــةً
والحـــزنُ في عينك قد زاد في المُؤثـــرِ
مـصــيبةٌ بعضـــهم رأي بمــذبحـــــــكَ
والله قــد قال فيك الوعـد في الـمحشــرِ
مــدَّ اليـدينِ وفـي اليــد التـي سُـــئلــتْ
هـل في ذبيحـك حــجٌّ أو هدى مشــــعرِ
أو كان نحــري صــياماً أو صــلاة صفا
أو كـان فيــك دمــي عـــبادةٌ مبـخــــري
أما رأيـــت شـــفاتي قــد تــزودُ لـمـــى
والســـنُّ بادي على خــوفٍ وبالـمقـشــرِ
والشــــعرُ محـفــوفــهُ الحــياة منطــلــقٌ
مـابــال ســـكّينك للمـوت في مختـــصر
ابهــامـك الواقــف مـنـتـكِــسٌ جــلـــــفُ
والنّاس تنظــرُ فـي كفّي على خنــصرِي
فالـمـوتُ خاصـــرتي قد طالنـي زغــــب
والخـوف في كلّ أعضائي على معـبـري
شــــــدّوا فـقــد شــدّ أيلامي على وجـعٍ
ومـدمــعُ الــوالــــدين منـحــرُ الـمنحــــرِ
طيــفٌ أنا والعـــــذابُ فيـــه مخــتــلــفٌ
للعـالـمــين عـــذاب مــذبحــي ممطـــري
فـي كــلّ ديـــنار قد أفــتى به الـمـــلك
أو شيخه الرئيس في فتواه من محضرِ
دمــــي يطــالــبـه اللـــيـل النـــهـار إذا
أتـى نهــارهِ ما يســقيه من محظـــــري
فالله بـيـنــي وبــيـــنــه الحــكــيـــم إذا
يلــقـــاه ألــف وألــف مـثــل ذا منحـري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق