⏪⏬
(1)
سرقة لوحة «أزهار الخشخاش» للفنان الهولندي ڤان غوغ، من متحف محمود خليل بالقاهرة حظي الحدث باهتمام عالمي واسع النطاق؛ واخذت وسائل الاعلام بكافة أنواعها تلاحق ملابسات الحدث والتحقيقات حوله أولا بأول .
اللوحة الشهيرة والتي لاتقدر قيمتها بمال - لأنها قيمة فنية عالمية- كانت معروضة ضمن مقتنيات المتحف الذي يطل علي نيل القاهرة ؛ ويجاور في مكانه منزل الرئيس الراحل أنور السادات ..
(2)
"أزهار الخشخاش" رسمها في العام 1887" ڤان غوغ " بعمر 37 سنة، ، حين كان يقيم في جنوب فرنسا، حيث أمضى آخر سنوات عمره وهو يعمل و يكد هناك للحصول على لقمة العيش ولا يجدها الا بصعوبة بالغة ، وكان يساعده علي المعيشة مبلغ صغير يرسله له مطلع كل اشهر أخيه الاصغر المقيم في باريس .. ولم يستطع "غوغ " بيع أي لوحة رسمها في حياته، سوى واحدة باعها له شقيقه بمبلغ زهيد ؛ وكانت نهايته مأسوية بأن أقدم علي الانتحار بأن أطلق الرصاص علي نفسه الرصاص عام 1890 .
وترك وراءة نحو800 لوحة فنية موزعة علي متاحف خمس قارات في العالم ؛ يعيش من التعامل معها منذ وفاته واكتشافة كقيمة فنية آلاف الموظفين والعمال والفنيين والحرس ؛ ومن بين ما تركه" غوغ " لوحة «زهرة الخشخاش» التي اشتراها من باريس في العام 1953السياسي المصري وعاشق الفن والتراث النادر الراحل محمد محمود خليل الذي أودعها هي ولوحات اخري قيمة لنحو300 فنان عالمي في متحف يحمل اسمه ومعروف في الأوساط العالمية بأغنى متاحف الشرق الأوسط بالتحف الفنية .. واللوحة التي سرقت ليست كبيرة الحجم فهي بعرض 30 وارتفاع 35 سنتيمتراً، لذلك يسيل لها لعاب اللصوص، فهي سهلة السرقة والاخفاء .
(3)
والواقع أنها ليست المرة الأولى التي تُسرق فيها هذه اللوحة ؛ فقد سرقت من قبل منذ سنوات وعادت لتحتل مكانها في نفس المتحف ؛ لكنها سرقت مرة أخرى ؛ فاللصوص يعرفون طريقها جيداً ويدركون سهولة الوصول إليها. وقد تعرضت اللوحة الشهيرة للسرقة الأولى " في العام 1977
ويعتقد الكاتب الصحفي محمود صلاح والذي كان له جهد كبير في الكشف عن سارق اللوحة وعودتها في المرة الاولي : ان السارق لا بد أن يكون مصرياً وملماً بشؤون المتحف، وبأن أجهزة الإنذار ومعظم كاميراته معطلة ولا تعمل منذ سنوات، أي أنه موظف في المتحف، أو كان في السابق موظفاً فيه. أو ربما هو موظف أو عامل ساعد شخصاً زار المتحف أكثر من مرة في المدة الأخيرة، وعند زيارته له يوم السرقة قص قماش اللوحة بقاطع للورق وفصله عن إطارها الخشبي المذهب، وخرج من المكان بعد أن دسها في ملابسه واختفى".
وقال " صلاح" عن السارق الأول للوحة، ويدعي حسن العسال، " إنه كان من النوع الرشيق والخفيف الحركة، ويرتدي دائماً قفازاً كما وكأنه جاهز لأي سرقة تطرأ كيف ما كان ؛ يرتدي أيضاً نعلاً شبيهاً بالحذاء الذي ينتعله راقصو الباليه، أي أنه كان ممتهناً للسرقة بامتياز، وجاهزاً لها من رأسه حتى أخمص قدميه.
وذكر أن العسال أخبره بأنه تسلم من المرشد السياحي ليسرق له اللوحة مبلغ ألف جنيه مصري، أي تقريباً 180 دولاراً بسعر اليوم، أو ما يساوي 1500 دولار كقوة شرائية عام سرقتها تقريباً، وقد تسلل إلى المتحف ليلاً وانتزع اللوحة من الجدار ثم خرج وقفز من سور حديقة المتحف ثانية وسلمها للمرشد السياحي وقبض منه أجرته، وهكذا كان.
وكان للدليل السياحي شقيق يعمل مدرساً في الكويت، وصادف أن الشقيق كان يقضي عطلته السنوية في القاهرة صيف 1977، فانتهز المرشد السياحي فرصة وجود أخيه ببيت العائلة ودس اللوحة أسفل أرضية حقيبة سفره، وعندما عاد معلم المدرسة إلى الكويت حمل معه اللوحة داخل حقيبة السفر من دون أن يدري بوجودها فيها، فبقيت لديه بالبيت هناك طوال عام كامل تقريباً.
وفي هذه الأثناء كان حسن العسال واقعاً تحت تأثيرات دينية ووجدانية متنوعة من زوجته التي أحبها وعشقها قبل أن يتزوجها، والتي كانت بعد الزواج تلح عليه دائماً بأن يتوب إلى الله ويتوقف عن العيش من السرقة هنا وهناك، فتأثر العسال بإلحاحها وتاب.
وفي إحدى المرات كان يزور ضابط شرطة كلفه وقتها بمتابعة لصوص ومجرمين تائبين، وهو اللواء حالياً محمد عبد النبي ..في تلك الزيارة حمل العسال معه طفلته الصغيرة ليثبت لعبد النبي بأنه ما زال تائباً، فرق لها الضابط حين رآها وطلب من أحد جنوده أن يشتري لها قطعة شوكولاته، فاستغرب العسال تلك اللفتة الإنسانية، لذلك شكره وقال: "تسمح لي أقدم لك قطعة حلوى على طريقتي؟" فسأله الضابط عنها، وفاجأه العسال بأنها لوحة "أزهار الخشخاش" المسروقة منذ عام، واعترف له بأنه هو سارقها، كما كشف له هوية من كلفه بسرقتها.
ثم عرض العسال على الشرطة المساهمة باستعادة اللوحة مقابل أن يساعدوه بإقامة كشك لبيع المرطبات والحلوى في ناصية بأحد الشوارع، ليعيل منه أولاده، فوافقوا وزودوه بجهاز تسجيل وطلبوا منه أن يلتقي بالمرشد السياحي ليتحدث إليه عن اللوحة، ففعل وامتلكت الشرطة بذلك دليلاً مادياً بتورط الديل السياحي الذي أقنعوه بتخفيف حكم السجن عليه إلى 6 سنوات إذا ما ساهم بدوره باستعادة اللوحة من الكويت من دون أن يشعر شقيقه بأي شيء عنها، إلى حين تنفيذ خطة أعدوها لاسترجاعها من الكويت.
وكانت الخطة أن يسافر الضابط محمد عبد النبي إلى الكويت ويحمل معه رسالة من صديقه المرشد السياحي إلى شقيقه معلم المدرسة، وفي الرسالة طلب من أخيه أن يقوم بتسليم حقيبته التي عاد بها إلى الكويت إلى صديقه عبد النبي. طبعاً، استغرب المدرس طلب أخيه، لكنه فعل ما طلبه منه وسلم لعبد النبي الحقيبة من دون أن يعلم بأنه ضابط شرطة ينفذ خطة لاستعادة لوحة مسروقة ثمنها ذلك الوقت أكثر من اربعة ملايين دولار، فعادت "أزهار الخشخاش" بهذه الطريقة من الكويت ليتم وضعها منذ 1978 في "متحف محمد محمود خليل وحرمه" بالقاهرة إلى أن سرقها مجهول من جديد .
(4)
الأمر المثير للتعجب تضارب وارتباك تصريحات المسئولين وكل يحاول تبرئ ساحته من المسئولية|.. والسؤال : كيف سرقت اللوحة في وضح النهار وبوجود أجهزة إنذار ترصد السارقين ومعها 43 كاميرا "ديجتال" منتشرة في أرجاء المتحف ؟
(1)
سرقة لوحة «أزهار الخشخاش» للفنان الهولندي ڤان غوغ، من متحف محمود خليل بالقاهرة حظي الحدث باهتمام عالمي واسع النطاق؛ واخذت وسائل الاعلام بكافة أنواعها تلاحق ملابسات الحدث والتحقيقات حوله أولا بأول .
اللوحة الشهيرة والتي لاتقدر قيمتها بمال - لأنها قيمة فنية عالمية- كانت معروضة ضمن مقتنيات المتحف الذي يطل علي نيل القاهرة ؛ ويجاور في مكانه منزل الرئيس الراحل أنور السادات ..
(2)
"أزهار الخشخاش" رسمها في العام 1887" ڤان غوغ " بعمر 37 سنة، ، حين كان يقيم في جنوب فرنسا، حيث أمضى آخر سنوات عمره وهو يعمل و يكد هناك للحصول على لقمة العيش ولا يجدها الا بصعوبة بالغة ، وكان يساعده علي المعيشة مبلغ صغير يرسله له مطلع كل اشهر أخيه الاصغر المقيم في باريس .. ولم يستطع "غوغ " بيع أي لوحة رسمها في حياته، سوى واحدة باعها له شقيقه بمبلغ زهيد ؛ وكانت نهايته مأسوية بأن أقدم علي الانتحار بأن أطلق الرصاص علي نفسه الرصاص عام 1890 .
وترك وراءة نحو800 لوحة فنية موزعة علي متاحف خمس قارات في العالم ؛ يعيش من التعامل معها منذ وفاته واكتشافة كقيمة فنية آلاف الموظفين والعمال والفنيين والحرس ؛ ومن بين ما تركه" غوغ " لوحة «زهرة الخشخاش» التي اشتراها من باريس في العام 1953السياسي المصري وعاشق الفن والتراث النادر الراحل محمد محمود خليل الذي أودعها هي ولوحات اخري قيمة لنحو300 فنان عالمي في متحف يحمل اسمه ومعروف في الأوساط العالمية بأغنى متاحف الشرق الأوسط بالتحف الفنية .. واللوحة التي سرقت ليست كبيرة الحجم فهي بعرض 30 وارتفاع 35 سنتيمتراً، لذلك يسيل لها لعاب اللصوص، فهي سهلة السرقة والاخفاء .
(3)
والواقع أنها ليست المرة الأولى التي تُسرق فيها هذه اللوحة ؛ فقد سرقت من قبل منذ سنوات وعادت لتحتل مكانها في نفس المتحف ؛ لكنها سرقت مرة أخرى ؛ فاللصوص يعرفون طريقها جيداً ويدركون سهولة الوصول إليها. وقد تعرضت اللوحة الشهيرة للسرقة الأولى " في العام 1977
ويعتقد الكاتب الصحفي محمود صلاح والذي كان له جهد كبير في الكشف عن سارق اللوحة وعودتها في المرة الاولي : ان السارق لا بد أن يكون مصرياً وملماً بشؤون المتحف، وبأن أجهزة الإنذار ومعظم كاميراته معطلة ولا تعمل منذ سنوات، أي أنه موظف في المتحف، أو كان في السابق موظفاً فيه. أو ربما هو موظف أو عامل ساعد شخصاً زار المتحف أكثر من مرة في المدة الأخيرة، وعند زيارته له يوم السرقة قص قماش اللوحة بقاطع للورق وفصله عن إطارها الخشبي المذهب، وخرج من المكان بعد أن دسها في ملابسه واختفى".
وقال " صلاح" عن السارق الأول للوحة، ويدعي حسن العسال، " إنه كان من النوع الرشيق والخفيف الحركة، ويرتدي دائماً قفازاً كما وكأنه جاهز لأي سرقة تطرأ كيف ما كان ؛ يرتدي أيضاً نعلاً شبيهاً بالحذاء الذي ينتعله راقصو الباليه، أي أنه كان ممتهناً للسرقة بامتياز، وجاهزاً لها من رأسه حتى أخمص قدميه.
وذكر أن العسال أخبره بأنه تسلم من المرشد السياحي ليسرق له اللوحة مبلغ ألف جنيه مصري، أي تقريباً 180 دولاراً بسعر اليوم، أو ما يساوي 1500 دولار كقوة شرائية عام سرقتها تقريباً، وقد تسلل إلى المتحف ليلاً وانتزع اللوحة من الجدار ثم خرج وقفز من سور حديقة المتحف ثانية وسلمها للمرشد السياحي وقبض منه أجرته، وهكذا كان.
وكان للدليل السياحي شقيق يعمل مدرساً في الكويت، وصادف أن الشقيق كان يقضي عطلته السنوية في القاهرة صيف 1977، فانتهز المرشد السياحي فرصة وجود أخيه ببيت العائلة ودس اللوحة أسفل أرضية حقيبة سفره، وعندما عاد معلم المدرسة إلى الكويت حمل معه اللوحة داخل حقيبة السفر من دون أن يدري بوجودها فيها، فبقيت لديه بالبيت هناك طوال عام كامل تقريباً.
وفي هذه الأثناء كان حسن العسال واقعاً تحت تأثيرات دينية ووجدانية متنوعة من زوجته التي أحبها وعشقها قبل أن يتزوجها، والتي كانت بعد الزواج تلح عليه دائماً بأن يتوب إلى الله ويتوقف عن العيش من السرقة هنا وهناك، فتأثر العسال بإلحاحها وتاب.
وفي إحدى المرات كان يزور ضابط شرطة كلفه وقتها بمتابعة لصوص ومجرمين تائبين، وهو اللواء حالياً محمد عبد النبي ..في تلك الزيارة حمل العسال معه طفلته الصغيرة ليثبت لعبد النبي بأنه ما زال تائباً، فرق لها الضابط حين رآها وطلب من أحد جنوده أن يشتري لها قطعة شوكولاته، فاستغرب العسال تلك اللفتة الإنسانية، لذلك شكره وقال: "تسمح لي أقدم لك قطعة حلوى على طريقتي؟" فسأله الضابط عنها، وفاجأه العسال بأنها لوحة "أزهار الخشخاش" المسروقة منذ عام، واعترف له بأنه هو سارقها، كما كشف له هوية من كلفه بسرقتها.
ثم عرض العسال على الشرطة المساهمة باستعادة اللوحة مقابل أن يساعدوه بإقامة كشك لبيع المرطبات والحلوى في ناصية بأحد الشوارع، ليعيل منه أولاده، فوافقوا وزودوه بجهاز تسجيل وطلبوا منه أن يلتقي بالمرشد السياحي ليتحدث إليه عن اللوحة، ففعل وامتلكت الشرطة بذلك دليلاً مادياً بتورط الديل السياحي الذي أقنعوه بتخفيف حكم السجن عليه إلى 6 سنوات إذا ما ساهم بدوره باستعادة اللوحة من الكويت من دون أن يشعر شقيقه بأي شيء عنها، إلى حين تنفيذ خطة أعدوها لاسترجاعها من الكويت.
وكانت الخطة أن يسافر الضابط محمد عبد النبي إلى الكويت ويحمل معه رسالة من صديقه المرشد السياحي إلى شقيقه معلم المدرسة، وفي الرسالة طلب من أخيه أن يقوم بتسليم حقيبته التي عاد بها إلى الكويت إلى صديقه عبد النبي. طبعاً، استغرب المدرس طلب أخيه، لكنه فعل ما طلبه منه وسلم لعبد النبي الحقيبة من دون أن يعلم بأنه ضابط شرطة ينفذ خطة لاستعادة لوحة مسروقة ثمنها ذلك الوقت أكثر من اربعة ملايين دولار، فعادت "أزهار الخشخاش" بهذه الطريقة من الكويت ليتم وضعها منذ 1978 في "متحف محمد محمود خليل وحرمه" بالقاهرة إلى أن سرقها مجهول من جديد .
(4)
الأمر المثير للتعجب تضارب وارتباك تصريحات المسئولين وكل يحاول تبرئ ساحته من المسئولية|.. والسؤال : كيف سرقت اللوحة في وضح النهار وبوجود أجهزة إنذار ترصد السارقين ومعها 43 كاميرا "ديجتال" منتشرة في أرجاء المتحف ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق