اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

رحيل قبل الأوان - 2/1 ...*عزيز لعويسي

"استحضارا ووفاء لروح وذكرى ضحايا 16 ماي ..."

...  مرت الذكرى السوداء كما يمر السحاب العابر في براري سماء أغسطس، تاركة وراءها حبات أحزان متناثرة في حقول أمسها البعيد، وأيقظت في حقول ذكراها المهاجرة نيـــران الصدمة القاتلة، تاركة سفينة عمرها الضائـــــع شاردة في مرسى آهاتها الموجعة
.. تداعت صروح الأحلام الوردية، وانهدت أبراج الصباح المنتظر على صخرة الحقيقة المرة .. تلاشت حقول الياسمين واستسلمت أزهار البنفســج لشمس الظلام المحرقة، وأصبحت الآمـال المتراقصة سرابـا في صحاري الذكريات البائدة ...

رحل "الزوج" قبل الأوان وبدون سابق إعلان، كما رحل "الإبن"، اختطفتهما خفافيش الغدر على حين غفلـة، دون أن يرسما على لوحة خديهـا قبلة الــوداع الأخيرة، اقتنصتهما عناكـب العدم عنــوة .. جرفتهما السيــول الجارفة كما لو كانا قطعة قماش تائهة، وأرمــت بهما في عوالــم اللاعــودة .. مصممة أن تخــرس صوتهما الدافئ إلى الأبـد، أن تنتشلــهما عنـــوة من قاموس الحيـــاة، أن تحولهما إلى رواسب عالقة في أوحـال الذكرى العابرة .. رحــلا قبل الأوان كما رحلت شمـــس ذاك المســاء .. في عنفـــوان الربيــع الزاهر .. في عـز المطـر العابــر ..

اختلت "راجيني" بنفسها في غرفة آهاتها بعيــدة عن العيون المتربصة.. كل شيء عبث به الزمن العابر منذ الليلة السوداء.. ذبل الزهر و جفت العيون الساكنة وأضحى القلب الشارد جمرة في رمــاد الفراق المحرق .. كل شيء يذكرها بزوجها وإبنها الراحلين، .. تقاسيم وجههما.. عيونهما الجذابة كاللـؤلؤ .. نظراتهما المتناثرة كأوراق الهيام.. ضحكتهما المتدفقة بانسياب وعنفوان كالشلال الهائم .. أحلامهما الكاسحة المنسابة كقطرات النـــــدى .. أحاسيسهما الفيحاء كالأريج .. يومياتهما ..آهاتهما.. صرخاتهما .. كل شيء طوته عساكر النسيـــــان وأرمت بــه في زنــازن الذكريات الهاربة .. كل شيء صار في خبر كــــان... وحدها الأجساد المحترقة بنيران العدم تـــــردد ترانيـــم الآهــات .. وحدها القلوب المكتوية بلهب الألم ولوعة الفراق تتقلى في مقلـــة العذاب بعيدة عن عيون العالم ...

جلست كعادتها على سريرها الخشبي ..تتأرجح بين مطرقة الوحدة وسندان الفراق المؤلم .. تحتسي فنجان قهوتها المفضلة "موس بلونش" .. تسيطر على بلاط نفسها ملايين من الكلمات .. تاهت بين ثنـــــايــا صمتها الرهيــب، تخترق سكناتهــــا أسئلـة الممكن و اللاممكن .. اللقاء والفراق .. الموت و الحيــــاة .. تتذكر "المكان" و "الزمان" و دموع الأسى لا زالت ترســـم مسيــلات على وجههــا الشـاحب .. الزمان : ليلة الجمعــة 16 مايو 2003 و "المكان" : الدارالبيضاء .. تتذكر بدقــة متناهيــة "الزمان" الذي غيــر مجــرى حياتهــا وأرمـى بها في أوديـــــــــة الوحدة الموحشــة .. وتتذكر"المكان" الذي انطفأت فيه شمعة زوجها وإبنها .." دار إسبانيــا" .. كان اليوم يوم "جمعة" .. مر كما تمــر الأيام المهاجرة .. لم يكن أحدا يظـن أن حبائـل الوصـال ستنقطـــع وأن الإعصـــار الجارف قادم لا ريــب .. لم تكن"راجيني " تدرك أن النورس" الوديع " سيغــادر حضنها بدون رجعـــة ، وأن "حبها " القدســي سيشنــق على ربـوة العــدم بدون رحمـة ولا شفقــــة ....

رحلت شمش ذاك النهـار وأرخى الليل أجنحتـه على ''المدينة القديمة" و"المرسى" و "درب عمر" و "درب غلف" و "لقريعة" و" كراج علال" .. على "أنفــا" و "المعاريف" و "عين الذباب" ..على "كاريان زرابة" و "طومة " و"الرحامنة ".. على "سيدي مومن" و "مولاي رشيد" و "سيدي عثمـــان" ... على كل الأمكنة و الشوارع و الزقاقات .. فجـــأة وعلى غفلة من الزمن العابر.. دقت طبــول العدم واهتزت أركان المدينة البيضاء من شدة الانفجارات المدويــة ..

هرع "البوليس" إلى الأمكنة المحترقة وكــأن القدر أصر إلا أن تتلطخ لوحة احتفالات الذكرى (16 ماي) بطلاء الــدم، وهرولت سيارات الإسعــاف مخترقا صداها الشوارع الساكنة، وأعلنت حالة الاستنفـار في يــوم العيد والذكرى..قتلى وجرحى بالجملة .. أجساد متفحمة متناثرة كأوراق الخريــف .. أشلاء متطايرة .. نوافذ مكسرة .. برك من الدماء .. صرخات تنبعث وسط ركامات الإعصار الجارف .. وآهات تكســر صمت العيون الشـاردة .. كل شيء تغير في لمحــة بصــر .. ذبلت حقول العنبر .. وهاجم الخريف آخر أوراق السلام الساكن ..

تاهت الكلمات بين ركامات الحيرة و الذهول .. بين الفاعل و المفعول به .. بين المبتدأ و الخبر .. بين الجار و المجرور .. بين المضاف و المضاف إليه .. وشمر البوليس على سواعدهم المرهقة في يوم الذكرى (16 ماي) من أجل البحث و التحري وكشف النقاب عن الحلقة المفقودة في "مسلسل العدم" .. تحركت الأقلام الجافة في مجاري المداد الراكد .. تكاثرت الأخبار كما تتكاثر الجرذان في البالوعات المنسية .. وتناسلت المقالات العطشى مكسرة طوق الإيقاعات الرتيبة بحثا عن الحقيقة الضائعة خلف مرايا العيون الشاردة ...

بعد مضي سنوات على الحادث المدمر، لم تقو"راجيني" على التخلـص من ماضيها المدمر.. لا زال " الزوج" و"الإبن" يسكنان جوارحها كالجنيين العاشــقين .. فلا هما رحلا عنها ولا هي استطاعت أن تفك معهما حبائل الوفاء و الوصال .. لازالت ترعى في براري ذكراهما العابرة كما ترعى الغزلان المتيمة في مروج العشق الجارف، وتتنقل برشاقة وكبرياء بين موجات أثيرهما كما لو كانت نحلة ولهانة تبحث عن رحيق متناثر وسط الحقول العطشى .. ترجلت بخطوات متثاقلة نحو "البالكونة" بعد أن وضعت فنجان القهوة على المائدة .. نظرت إلى السماء بعيون شاردة تبدو كمدارة طرقية تتقاطع فيها كل شوارع اللوعة والحسرة والحرقة والشوق والفراق، وبعد هنيهة، رسمت الدموع مسيلات متموجة على وجهها الشاحب، تنهدت تنهيدة قاتلة، وتمتمت بكلمات متقاطعة قائلة : "الله ياخد فيهم الحق .. الله ياخد فيهم الحق.."، كلمات كانت تنساب كالشلال الثائر على مرايا قلبها الجريح، فتبث في كواليس نفسها، شحنة قوية، تجعلها تزداد إصرارا في الحياة وزرع شتلات الأمل والمحبة والتعايش والســـلام، من أجل زوجها وإبنها الذين اختطفتهما أيادي العدم من بين ذراعيها .. من أجل ضحايا 16 ماي .. من أجل كل من امتدت إليه مخالب التطرف الجبــــــــان .. لملمت جراحها واستجمعت قواها، وغادرت البيت على عجل، في اتجاه ساحة محمد الخامس الشهيرة، من أجل المشاركة في وقفة تضامنية أمام "النصب التذكاري"الذي يخلد للذكرى الأليمة، استحضارا لروح ضحايا فاجعة 16 ماي الأليمة ..وهو شوط من أشواط معركة بلاهوادة، ضد التطرف والكراهية والإقصاء، أصرت إلا أن تنخرط فيها، دفاعا عن رسالة المحبة والتعايش والحيـــــاة ... مهما دقت طبول العبث والعدم ...

*عزيز لعويسي
المغرب
يتبــــع ...
Laaouissiaziz1@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...