الشاعرة نصرة إبراهيم |
كتبت رزان القرواني :ــ
عند قراءتي للمجموعة الشعرية (وكان حباً) للشاعرة نصرة إبراهيم، لا أدري ما جذبني!، أحسست بأن فيها إيقاعاً موسيقياً يحمل في نغماته حزناً وألماً. وعند إبحاري في قصائدها الجميلة، أيقنت بأن الشاعرة تعشق الطبيعة ويخيّل لي عندما تكتب تجلس أولاً بين أحضانها ومن ثم تغمر قلمها بينابيعها الجارية، لتبدأ بنثر قصائدها الوردية فتشكل لنا بستاناً من حروف ناطقة. ومن هنا نرى التمازج بين لغة الكلام والطبيعة ليظهر سحر الكلام وحسنه.. تقول:
من هسهسة الأرض والثلج
من حقول النجوم والسهر
حتى من قاموس العاصفة
أقطف ...
سوسن الكلام
ثمة أسئلة تمر بين عبق سطور حرفها، نراها تحمل طياً من التساؤلات ولكنها سرعان ما تجيب بأعذب الكلمات وأرق المعاني .. تقول ص7
بأي المقاييس
تقاس أعمارنا؟
أفرح أم ألم؟
يحمل لي الآتي
أتساءل
كأنني ما تعلمت بعد
من دروس
الزمان.
وإذا ما عدنا إلى عشقها للطبيعة، نرى صورها المؤثرة، فما أن نقرأ هذه الكلمات الجميلة حتى تتشكل أمامنا لوحة تشكيلية معبّرة بألوان الحركة والاستمرار وإن كان هناك خوف يسكنها فما خوفها هذا إلا ليزيدها من تعلقها بأحلامها
تقول: ص7
علمتني
جبال قريتي
أن تكون أحلامي عالية
كالغيم المعلق
في أعالي السنديان
مازلت أحلم بوطن من أمان
وأخاف أن تصاب ينابيع
أحلامي
بسكتة من جفاف.
عبرت ببعض قصائدها عن مشاعرها وأحاسيسها المرهفة لديها والتي لا تريد انتقاء شريك حياتها إلا إذا كان مثلها في المضمون لأنها تثق بقلبها، فحررت أمكنتها وأزفتها بباقة في أصيص النهار تقول: ص11
من ثلاثين شتاء
أنشد سور الحب
وماهزني حب من الأعماق
أنا لا أريد من الحب
إلا أن أرى في مرآته
ذاتي
قلبي ليس رخيصاً
لأعريه لأي عابر
لا أميل مع الريح
ولا غرابة بأن نلمس في أنوثة الشاعرة التحدي والقوة والصبر.. تقول : ص31
ياعينيه الغارقتين ببحر
من أحزان
سأكلل قامتك بأنفاسي روحي
أبداً لن تمزق أشرعتي
عواصف الأيام
ومن يقرأ قصيدة(شوق) يدرك تماماً بأن نصرة تعشق وطنها الحبيب وبلدتها الساكنة في قلبها فراحت تفرش كلماتها العذبة بترنيمة أخيرة، نراها قد فتشت وزرعت وتمشت فلم تجد في وطنها سوى اللهفة والخجل والعاطفة.
إذاً... استطاعت أن تعمق تجربتها بقصيدة النثر فراحت تزاوج بين لغة الكلام والطبيعة، وبين تجربتها الحياتية مع أغنية فيروزية وفنجان قهوة، ومنه يكفيها سكر الحديث لتسكب أجمل القصائد...
الشاعرة(نصرة) وردة أينعت من أناقة بستان عامر، لتنثر برحيقها قصائدها التي خرجت من عالم الطبيعة مع الريح .. مع السنديان.. مع الفضاء وكان حباً
..مع الأزهار والينابيع وأعالي الجبال، لتصل إلى عالم الإنسان وحقه في العشق والأحزان والضحك.. هذا العالم يتدفق مع مفرداتها العذبة وشفافيتها اللامتناهية.
رزان القرواني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق