بعد زمنٍ طويل نفضت غبار ذاكرتها وأزاحت ستارة حزنها وخرجت عن صمتها لتسرد حكايتها معه .
ذكريات تطفو سطح الذاكرة لتثير في النفس شجون كانت مختبئة في أعماقها .
كان ذلك اليوم رائعا عندما دخل ذلك المعلم ليعطي درسه الاول لطالبات الصف العاشر اللواتي أعجبن به وبشخصيته ، في أثناء ذلك كانت هناك طالبة بشعرها الطويل كدجى الليل الأليل وزيها الرسمي معتمرة سيدارة على رأسها تستأذن معلمها للاستماع إلى
موضوع مقرر ، يتحدث عن مقولة ( كلّ فتاة بأبيها معجبة ) قرأت وهو منصت لتراتيلها حيث ضاع وتاه بجملها وكلماتها وفراشات حروفها التي حامت حوله وتاهت بتلك المسحة الجمالية في وجهه الذي يعكس جمال حارات مدينته القديمة .
أثنى على محبتها لوالدها باختيارها تراكيب وصور بيانية رائعة ليكون ردها .. لقد كتبت موضوعي من واقع خيالي فأنا لا أعرف والدي هو متوفي منذ كنت طفلة. وموضوعي مهدى إليك معلمي الفاضل .
لم تنسى تلك الفتاة تعابير وجهه وابتسامته التي حاول اخفاءها عن الطالبات اللواتي بدأن بالضحك ولم يفلح رقم 11 الذي حاول رسمه بين حاجبيه ليخفي خجله وهنا بدأت قصة أيام معه ..
ثلاث سنوات مضت تطوي بعضها ولا زال ذلك المعلم الشغل الشاغل لتلميذته ، يلتقيان برحلات مدرسية اسبوعية ترفيهية تتضمن أمكنة كثيرة في مدينة الياسمين . إنه الحب الأخرس الذي امتطى صهوة الخجل حب الطالبة لمعلمها أو ربما حب البنت لأبيها الذي حرمت منه.. كان الغائب الحاضر في كل الأوقات تغلغل في شرايينها وأصبحت المراهقة صبية وبدأت نظراتها نحوه تفضح ماكان مستورا.. ولكن مهلا صغيرتي .. الحب كنبتة خضراء تحتاج إلى الضوء كي تتنفس إلى أين تريدين أن تحلّقي !! وعلى أي كوكب ستحط رحالك !! انزلي على الأرض لقد نسيت المنبت الديني نسيت العادات الاجتماعية المتأصلة فينا والمتأصلين بجذورها .. ريح عصفت بها وبعثرتها ومزقت قلبها الصغير وحتى لا يكون عليه أي غبار بسيرته التعليمية حسم موقفه وتزوج .... بعزّ الصيف نزل الشتاء ، ذابت كشمعة صامتة .. ذبل الياسمين وتكحلت بسواد ليلها الطويل .
مستقبلها الدراسي أصبح على كف عفريت ولكن هو لن يدعها تفعل بنفسها هكذا دعاها وزميلاتها إلى بيته وعرّفها على أفراد عائلته وزوجته وأوصاهم بها قائلا : إن هذه الفتاة هي بعض نفسي وفردا من عائلتنا فكان لها النصيب الأكبر من الاحترام والمحبة من هرم العائلة لأصغر فرد في الأسرة وتجلى ذلك بزيارات ونزهات معهم أينما رحلوا أو حلّوا وعادت السوسنة تزهر في عشها واستردت ضحكتها وعافيتها واجتهادها وكأنه كان يعلم ما يجول في خاطرها . ربما كانت تحتاج لدفء العائلة بعدما تربت يتيمة في أحد الأديرة . سأطوي كثيرا من الأحداث والأيام التي عرفتها من بطلة قصتي وسأتوقف عند أبواب الجامعة كان يلتقي بها صدفة أو بالأحرى هو من كان يفتعل تلك الصدفة .. يكون لقاء سريعا يتضمن الاطمئنان عليها وليقول لها أنه هنا موجود دائما إلى جانبها ..هي الأخرى كانت تفتعل صدفات كثيرة تنتظره بحديقة أمام مدرسته وفور خروجه من باب المدرسة تقفز من سور الحديقة كشاب أزعر بطاقية مقلوبة على رأسها لتظهر أمامه كأن مرورها صدفة أبدا لم يتكلم الاثنان طول تلك السنين مباشرة عن مشاعر أو اعتراف بحب .. دائما المتكلم الحقيقي مشاعر جريحة تركت في القلب غصة تغلفها ابتسامة صفراء شاحبة من كليهما. في نهاية صيف تلك السنة هبت رياح الفراق ، وسكنت الغربان أماكن الذكريات . لم تعد تراه.. ولا أحد يجيب على الهاتف.. شيء ما كان يعتصر فؤادها الذكريات تلاحقها في كل مكان.. تقف أمام المدرسة ..تجلس في الحديقة ..تدق بابه وباب أهله.. ولا أحد .
في بدايات أيلول رن هاتفها صباحا وإذا بزوجته تخبرها بنبأ وفاته إثر مرض ألمّ به وأنه اليوم الثالث لزيارته في المقبرة .. مهرة سوداء صامتة متدثرة بوشاح أسود تهيم في الشوارع .. وقبره هو محط الرحال تجلس لساعات تتذكر أيام معه.
وجع لازالت تستذكره لحين سرد قصتها حيث قالت : لقد رحل مشياً على قلبي وليس على قدميه مات الاقحوان .. وتلاشى الغروب على نافذة الاشتياق وتمضي الايام ولا زالت تزور قبره كلما سنحت لها الفرصة بذلك لتضع الأزهار على قبره وتستذكر أيام معه ..
ذكريات تطفو سطح الذاكرة لتثير في النفس شجون كانت مختبئة في أعماقها .
كان ذلك اليوم رائعا عندما دخل ذلك المعلم ليعطي درسه الاول لطالبات الصف العاشر اللواتي أعجبن به وبشخصيته ، في أثناء ذلك كانت هناك طالبة بشعرها الطويل كدجى الليل الأليل وزيها الرسمي معتمرة سيدارة على رأسها تستأذن معلمها للاستماع إلى
موضوع مقرر ، يتحدث عن مقولة ( كلّ فتاة بأبيها معجبة ) قرأت وهو منصت لتراتيلها حيث ضاع وتاه بجملها وكلماتها وفراشات حروفها التي حامت حوله وتاهت بتلك المسحة الجمالية في وجهه الذي يعكس جمال حارات مدينته القديمة .
أثنى على محبتها لوالدها باختيارها تراكيب وصور بيانية رائعة ليكون ردها .. لقد كتبت موضوعي من واقع خيالي فأنا لا أعرف والدي هو متوفي منذ كنت طفلة. وموضوعي مهدى إليك معلمي الفاضل .
لم تنسى تلك الفتاة تعابير وجهه وابتسامته التي حاول اخفاءها عن الطالبات اللواتي بدأن بالضحك ولم يفلح رقم 11 الذي حاول رسمه بين حاجبيه ليخفي خجله وهنا بدأت قصة أيام معه ..
ثلاث سنوات مضت تطوي بعضها ولا زال ذلك المعلم الشغل الشاغل لتلميذته ، يلتقيان برحلات مدرسية اسبوعية ترفيهية تتضمن أمكنة كثيرة في مدينة الياسمين . إنه الحب الأخرس الذي امتطى صهوة الخجل حب الطالبة لمعلمها أو ربما حب البنت لأبيها الذي حرمت منه.. كان الغائب الحاضر في كل الأوقات تغلغل في شرايينها وأصبحت المراهقة صبية وبدأت نظراتها نحوه تفضح ماكان مستورا.. ولكن مهلا صغيرتي .. الحب كنبتة خضراء تحتاج إلى الضوء كي تتنفس إلى أين تريدين أن تحلّقي !! وعلى أي كوكب ستحط رحالك !! انزلي على الأرض لقد نسيت المنبت الديني نسيت العادات الاجتماعية المتأصلة فينا والمتأصلين بجذورها .. ريح عصفت بها وبعثرتها ومزقت قلبها الصغير وحتى لا يكون عليه أي غبار بسيرته التعليمية حسم موقفه وتزوج .... بعزّ الصيف نزل الشتاء ، ذابت كشمعة صامتة .. ذبل الياسمين وتكحلت بسواد ليلها الطويل .
مستقبلها الدراسي أصبح على كف عفريت ولكن هو لن يدعها تفعل بنفسها هكذا دعاها وزميلاتها إلى بيته وعرّفها على أفراد عائلته وزوجته وأوصاهم بها قائلا : إن هذه الفتاة هي بعض نفسي وفردا من عائلتنا فكان لها النصيب الأكبر من الاحترام والمحبة من هرم العائلة لأصغر فرد في الأسرة وتجلى ذلك بزيارات ونزهات معهم أينما رحلوا أو حلّوا وعادت السوسنة تزهر في عشها واستردت ضحكتها وعافيتها واجتهادها وكأنه كان يعلم ما يجول في خاطرها . ربما كانت تحتاج لدفء العائلة بعدما تربت يتيمة في أحد الأديرة . سأطوي كثيرا من الأحداث والأيام التي عرفتها من بطلة قصتي وسأتوقف عند أبواب الجامعة كان يلتقي بها صدفة أو بالأحرى هو من كان يفتعل تلك الصدفة .. يكون لقاء سريعا يتضمن الاطمئنان عليها وليقول لها أنه هنا موجود دائما إلى جانبها ..هي الأخرى كانت تفتعل صدفات كثيرة تنتظره بحديقة أمام مدرسته وفور خروجه من باب المدرسة تقفز من سور الحديقة كشاب أزعر بطاقية مقلوبة على رأسها لتظهر أمامه كأن مرورها صدفة أبدا لم يتكلم الاثنان طول تلك السنين مباشرة عن مشاعر أو اعتراف بحب .. دائما المتكلم الحقيقي مشاعر جريحة تركت في القلب غصة تغلفها ابتسامة صفراء شاحبة من كليهما. في نهاية صيف تلك السنة هبت رياح الفراق ، وسكنت الغربان أماكن الذكريات . لم تعد تراه.. ولا أحد يجيب على الهاتف.. شيء ما كان يعتصر فؤادها الذكريات تلاحقها في كل مكان.. تقف أمام المدرسة ..تجلس في الحديقة ..تدق بابه وباب أهله.. ولا أحد .
في بدايات أيلول رن هاتفها صباحا وإذا بزوجته تخبرها بنبأ وفاته إثر مرض ألمّ به وأنه اليوم الثالث لزيارته في المقبرة .. مهرة سوداء صامتة متدثرة بوشاح أسود تهيم في الشوارع .. وقبره هو محط الرحال تجلس لساعات تتذكر أيام معه.
وجع لازالت تستذكره لحين سرد قصتها حيث قالت : لقد رحل مشياً على قلبي وليس على قدميه مات الاقحوان .. وتلاشى الغروب على نافذة الاشتياق وتمضي الايام ولا زالت تزور قبره كلما سنحت لها الفرصة بذلك لتضع الأزهار على قبره وتستذكر أيام معه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق