ليلة القدر || نسيمة الهادي اللجمي ــ صفاقس .. تونس

كنّا نصرّ على أنّ ليلة القدر لا تكون إلاّ ليلة السّابع والعشرين من رمضان...و في هذه الّليلة كنت أحاول أن أسهر لكي ألتقي بليلة القدر فأغالب النوم ويغلبني ..فكانت براءة الطفولة تملي عليّ أن أكتب أمنياتي في ورقة وأعلّقها فوق سريري وأنام قريرة العين واثقة من أنّ ليلة القدر لمّا تمرّ قربي ستقرأ وستلبّي ....
كنت أفعل هذا في كل ليلة قدر من كل سنة على مشهد من والدي ووالدتي وكانا يقابلان ما أفعله بالابتسام والدّعاء لي
وذات ليلة قدر رأيت ليلة القدر في منامي... كانت امرأة بيضاء شفافة جميلة جدا لا تشبهنا .. تلبس البياض وحولها هالة كبيرة من نور.. ونأكّدت بإيحاء من الحلم أنّها ليلة القدر ..فجعلت أطلب وأعيد وأكرّر بسرعة مخافة أن تنصرف ليلة القدر قبل أن تسمع كامل طلباتي ...
من الغد استيقظت سعيدة وقضيت اليوم أنتظر تحقيق الأماني انتظت في ذلك اليوم و في الأيام التي تلتها إلى أن نسيت الأمر كما كنت أنساه في كل سنة
ظللت أفعل هذا طوال سنوات طفولتي والسّنوات الأولى من مراهقتي البريئة و كنت أنتظر .
طال الانتظار ... وكبرت وأدركت أن الحياة إنّما تؤخذ غلابا ... لكن أوجاع الحياة الّتي اكتظّت بها حياتي شغلتني عمّا سواها ..وانتبهت فجأة إلى أنّ بعض الأماني والأحلام قد وقفت طويلا عند بابي و لماّ لم أفتح لها رحلت إلى الأبد ....أمّا بعضها الاخر فإنّه يولد كل يوم في حياتنا ويستمر معنا.. يشد إزرنا و نحب الحباة من خلاله .

نسيمة الهادي اللجمي
صفاقس .. تونس