مِن هذا البلد كلٌّ أخذ نصيبَه.
حبيبةٌ تقول له أحبكَ كما يعرفها
مشبعةً بماء الصنوبر
وبالوحل الذي يتجمّع أواخر الشتاء
ربما حفنةٌ من الرمل بقيت في جيوبه
وهو يركض عبر المعابر
فوق حشرجة الأسلحة المبعثرة بلمعان مدهش تحت شعاع الشمس
يستحثّهُ كما حبات القمح للطيور
الكامدة.
ربما صورةُ رجل ميت وإذا سألتَه مَن هو، قال: كان أبي
أخي
أختي التي مزقتها الإبر على الشجر،
لما لم تطلْها،
والدموع.
ربما طريقٌ طويلٌ من الزيتون تحت شعاع الليل القاتم
وكتلةٌ من النجوم تنمو تحت أحشائه
أينما رآها في أي سماء تذكّرَ عينَه الأولى
طرقَه الأولى ومعابرَه
تعثّرَه في السيارات ثم خروجَه للهواء الطلقِ ذئباً جريحاً
مقصوصَ الأطراف
موصولاً لبعضها
وها هي تنمو في المنفى
وتؤلمه
هناك.
ابقَ واحداً
قالت له أنا لا أحبكَ
أحب مرآتي فيك
لا تصبح زهرةً
وتحيّر شَعري مشتّتاً يسأل عن قِطع وجهك
ابقَ واحداً
كالشجرة
متماسكاً
كريح تمرّ فيها.
تلة بلدي
مثل التراب صار الأموات في بلدي،
في تلة بلدي
والرمل يتزحزح عنها مثل الأنهار
والبحر يداعبها مثل شعرٍ أشقرَ لجسدٍ بريٍّ خلف الجبال
والورد لا يتفتح من مساماتها
والصوت
كلامٌ بشريٌّ مغروزٌ بالإبر.
فزاعات لا تعي معنى الحروب
في الأخبار
في الأخبار القديمة والأخبار التي تمشي إلينا مثل الزواحف
بعينين محترقتين من ورق الجوز
ثمة الكثير من المآسي
والدماء المتراكمة على الغبار
مثل زهرة عفنة
برائحة تشبه ثدياً بضّاً خرجَ ناجياً من المجزرة
من المآسي أحاول الخروج كالريح لما تخرج من المنزل المضطرب
أكتب عن الماء المُحتجزِ في البئر كأنه صرخةُ عروس لم تصل زفافها
عن العشب الطريّ
أهرب من البيت كي أكتبَ عن فزّاعاتِ القمح التي لا تعي معنى الحروب
ومع هذا واقفة
عن قدمين ذهبيتين لامرأة تنمو مثل الرمل قرب الماء حتى تصير حاجزاً أراقب القمر من ورائه
والكواكب
أهرب
ثم أقف أمام المرآة وأنا أتساءل
هل الشعر هروبٌ أم مواجهة؟
نزيفٌ أم تبخّر؟
شغفٌ أم أسى؟
أعود لطاولتي وتسبقني المراكب
وأحلم بها
كما تحلم شجرةٌ بأغصان لها..
الأخضر يحترق
البارحة دخلتُ في حلمك مثل قطرة عرق من جبينك
مزقت ستارة كانت تفصل عينيك عن الرؤيا وتجلّيتُ
مثل الأشباح أتراقص حيث توجد ظلالٌ
عفوتُ عن الكلام الكبير..سيّجتُه في قلبي مثل عصفورٍ
تركتُ طاسات الدم تلون عينيّ وتزيد اسودادهما
كالأخضر في الليل يحترق ويحترق
البارحة اختلّيتُ
كما العالم وتأرجحتُ
كما الأغنية.
ملح البحر المر
ضائعة في الوقت
تبحثين عن ساعة رملية
لترتديها
تبحثين عن منديل ورقي لتضعيه مثل زنبقة
على قبركِ
لما ترحلين.
تبحثين لرؤية البلاد كما يجب، مقسومة قسمين
لكنّ البحر يبعدكِ عنكِ
بالصرخات
بالملح المرّ.
-
*ميس الريم قرفول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق