اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الكتابة فوق صفيح بارد... *سعيد الغافري


في شتاء الغربة.. كل شيء في ساحات لندن غارق في الضباب الكثيف والبرد النافذ حتى العظم.. وأنا متدثر بقميصي الثقيل الدافىء وبمعطف أحمر ألفه حول رقبتي بنفس طريقة تروتسكي الحالم.. لم أتصور أن لندن الجميلة والأنيقة والأرستقراطية في أناقتها ممكن
أن تخفي وراءها وجها آخر شرسا وحادا جدا كالسكين.. حين تأتي لندن في عز شتاء كانون الثاني أول ما ستنصدم به هو البرد والثلج والضباب.. كل شيء فيها بارد حتى الصفر بدرجة لاسعة.. الأرصفة.. الشوارع.. السيّارات.. القطارات.. المباني العالية.. الأشجار.. محطات الترانزيت.. حتى أكواب الشاي.. ونهر التِيمز الرائع الجمال في جميع فصول السنة يبدو في الشتاء أشبه برجل عجوز ميت ممدد وبارد جدا وتعلوه أبخرة الضباب ليوهم من يراه أنه زفيره ولكنك حتما ستتحاشى لمس مياهه التي يطفو في بعض جوانبها زجاج الثلج بشكل متأرجح وأحيانا في صورة غافية..

البرودة المزعجة تعم كل شيء.. حتى سكانها.. أكثر ما يضايقني فيهم هو برود عواطفهم وحبهم الشديد للنظام.. إلى حد أنني ظللت لفترة معتقدا وبصورة محبطة أنّ الحرية في بريطانيا حرية زائفة وأن ليس ثمة فرق بينهم وبين الآلات التي أمامهم والتي يستخدمونها في حياتهم اليومية فكل شيء مقيد بسلاسل النظام الدقيق.. نظام.. نظام.. نظام في كل شيء حتى في الأكل والشرب والنوم..

ياله من جحيم لم أستطع كرجل شرقي مغترب أن أكيف نفسي معه (لاحقا ومع توفر أصدقاء طيبين تلاشى هذا الانطباع الوهمي إلى الأبد).. خذ مثلا الوقت.. كل حياتهم محسوبة ومرتبطة بالضبط والوقت أي باليوم والساعة والدقيقة والثانية، عندما تضرب موعدا لأمر رسمي أو حتى للقاء عادي إذن عليك أن تكون في الموعد المحدد بالضبط بالزمان والمكان والشخص أو الأشخاص، ولو جئت متأخرا ولو دقيقة فقد لا يستقبلك الشخص الذي ضربت معه موعدا خاصة إذا كان شخصًا متزمتًا وشديد البيروقراطية.. وهم قليلو الابتسام خاصة في فصل الشتاء.. تنظر لوجوههم الحمراء تحت ثيابهم الجلدية السميكة والثقيلة فتراها وجوها جامدة منكمشة وكئيبة ومتصلبة مثل قطعة لحم موضوعة داخل ثلاجة باردة ولاشيء يتحرك فيها الا أعينهم الزرق وبخار زفيرهم الكثيف حين يتكلمون أحيانا بشكل مقتضب..

ويحدث العكس وعلى نحو أخف وأقل وطأة حين تدخل النوادي الليلية والمراقص والمطاعم أو المتاجر الأنيقة الغاية في النظافة والتنظيم أو المكتبات أو دور العروض السينمائية أو البيوت.. كل شيء في الداخل دافىء إلى حد لابأس به.. واذا كنت مندمجا معهم ومع طبائعهم وطريقة حياتهم الاجتماعية ستجدهم مرحين جدا (وخاصة جيل الشباب منهم من الجنسين) وقد تسمع منهم نكتة مضحة أو جوابا ساخرا..

حاذر أن تنفعل أو تغضب.. فقطعا هم لا يقصدون إيذاءك ولكنها روحهم الشكسبيرية الساخرة وطبيعتهم التي جبلوا عليها.. ولذلك ستدهشك المفارقة الغريبة حين تودعهم وتخرج عنهم بعد انتهاء سهرتكم، إذ ستجدهم لطفاء حيث يبادرون ويتصلون بك بعد عدة دقائق ليطمئنوا عليك وعلى سلامة وصولك إلى حيث تسكن، ودائمًا ما يبادرونك بهذا السؤال: هل أنت بخير؟ نتمنى أن تكون سعدت الليلة معنا.. ليلة سعيدة.

** أنت وقصيدتي الشعرية

حبيبة عمري.. أيّتها الأنيقة دائمًا.. تعودت كل صباح جميل أن أصحو من نومي أفتح نافذتا عيناي وأطل بهما على غيم عينيك الرمادي.. أزجي سحاب كلماتي نحو عينيك.. فيلتحم غيم الكلمات مع غيمك وسرعان ما تنطلق شحنات البوح.. شرارة من برق يتبعها رعد مسبح فمطر.. هي ذي القصيدة إذن في أجمل وأروع لحظات هطولها.. لا وقت لمطر القصيدة.. إنها الاستثناء الجوي الوحيد الذي يصعب التنبؤ به أو معرفته أوالإنذار بقدومه بوقت مبكر.. إنها تأتي بغتة وبشكل فجائي وبدون سابق إنذار.. من فقاعة شاي تنفجر داخل فنجان.. من دمعة حزن تنسل على خد يتيم أو بائس.. من ثوب دانتيلي أزرق أنيق يخرج مختالا فجأة من صالون كبحر يجتاح الشارع والأنظار والقلوب.. من ضحكة طفلة تحلق في أرجوحة طفولتها نحو سماوات الطهر والبراءة.. من صوت يخرج من حنجرة ثائرة.. من زهرة تتثاءب كعروس حسناء مع أول خيط للنور.. من آهة يغالبها الدمع الحارق.. من أمل نزرعه عودًا من زيتون في أرض اليأس.. من كل هذه الصور وما أكثرها وأغزرها ممكن أن تأتي قصيدة أو ديوانًا من أشعار لا تنسى.. حمدًا للرب.. إذ أهداني أنت.. أنت أيا حبيبة عمري يا أصل الشعر والألحان.. فلولاك ما قلت بيتا أو شطرًا من شعر ولكان النثر أثقل ثوب ألبسه في شهر تموز الحارق وكل العمر كعذاب مكتوب.. فلعينيك الرماديتين الحلوتين كل الفضل في جعل قصيدتي في خير وعافية وجميلة مثلك.. على الأقل هذا بيني وبينك وبين نفسي.. وهذا يكفيني.. يكفيني ولله الحمد..

** النص الشعري

ليس عندي ولا في قاموس لغتي (شاعر كبير) و(شاعر صغير).. ذلك أنّ أكثر شيء يضايق الشعر ويشعره بالإحراج هو شخصنته وفق الأهواء والأمزجة والميول والشللية.. أنا لا يهمني منك كم قدما عرضك ولا كم مترا طولك فليست حرفتي ورنشة الشعراء.. ولا كنت خياط ملابس تهمه المقاسات قبل أن يضع الثوب تحت أسنان الماكينة.. ولا يهمني من تكون وما اسمك، فلست منقب آثار أو عالم إحاثة (متحجرات) يبحث في التراب عن الماضي.. فرب قصيدة شعرية لشاعر مجهول من القرن الألف قبل الميلادي تحدث ثورة وانقلابًا في الشعر العالمي الحديث هي خير وأبقى من قصيدة معاصرة من القرن 21 الميلادي مكونة من ألف بيت ولكنّها لا تقدر أن تحرك وترًا واحدًا لوجدان أمة بأكملها..

أنا هذه البهارج المهراجية لا تعنيني في شيء.. كل ما يهمني ويعني وجداني المتلقي هو النص المكتوب الذي أمامي.. وهذا النص الذي أمامي هو (البيت) وأنا يهمني جدا أن أتلمس وأتأكد جيدا بحسي الفطري إن كان هذا البيت مسكونا وبه حياة وناس وجمال.. أم أنّه خرابة من خرائب العصر الحجري القديم داخلها جثة لكيان ميت أو يسكنها شيطان أخرس وقبيح المنظر.

ليس شعرا أبدا من لا يقدر وعن صدق أن يتحول في لحظة ومن أول بيت أو شطر فيه إلى منديل فرح يمسح دمعة حزينة منسكبة على وجه حزين.. ليس شعرًا أبدًا من لا يستطيع أن يصير برقًا ثائرًا يحول الهزيمة إلى نصر واليأس إلى أمل والحلم إلى حقيقة والظلام الدامس إلى ضياء يسير عليه وبه جيل الفجر الجديد.. ليس شعرا مطلقا من لا يقدر أن يصبح بمفرداته حورية جميلة تهبط من سماء الإبداع لتطرد بجمالها وأناقتها كل قبح وكل بشاعة لا تتلاءم مع الجمال ولا تنسجم مع النفس التواقة دوما إلى كل ما هو جميل ومريح في الوجود.. ليس شعرا حقيقيا من لا يقدر وبعفوية ومن تلقاء نفسه أن يكون مرايا عاكسة صافية ونقية يستطيع القارىء من خلالها أن يرى نفسه بكل ما فيها من خلجات وتناقضات وصراع، وأن يرى فيها قلبه بكل ما في هذا القلب من حب وجمال وعذاب وألم وثورة ودموع وغضب.. هو هذا النص الشعري الذي يستحق تعظيم سلام ومليون طلقة مدفع يسمعها كل العالم.

*سعيد الغافري

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...