6
نعم قرأنا رسالة الخادم ، اخترقت غشاء صدرينا أحاسيس مختلفة تتأرجح بين الشعور بالفزع والفضول ، إنه خادم العائلة منذ ولادة ساندي أو ربما قبل بكثير . لما يا ترى لم يفكر كثيرا قبل أن يمدّ لنا يد العون .... ؟
--هما احتمالين : الأول أنه يعتبر نفسه عراب ساندي ويريدنا أن نعثر عليها .
والثاني : أن والد ساندي شعر بأننا سنكتشف أمره وسنعود لنفتش عن الأمور الغامضة فأعدّ لنا كمين ليتخلص منا .
وبدأت الظنون تتلاعب في ذهني على طاولة الشرود كحجر الشطرنج ، غالبة أنا أم مغلوبة ترى ماذا عساني أن أفعل .....!!!! لا لا لا ..... ابتعدي أيتها الوساوس البلهاء لن أستكين للفزع ، الإِتِّقَاد الذي يعتصرني في الحنايا أجج نار الإرادة بالمواصلة مما دعاني أتغلب على كل المخاوف .
ينتابني فضول كبير كشراسة اللبؤة لأفك فتيلة شيفرة هذا اللغز ، ورجال المباحث ليسوا ساذجين أو أغبياء ، من المؤكد أن الخادم يعلم بأننا سنأخذ حذرنا جيدا ونحتاط .
على أية حال لن نستسلم ، وصلنا إلى مديرية الأمن وسلمنا البرقية للضابط ، قصصنا على مسامعه ما لاحظناه بزيارتنا لسيدة الفيلا ، التي تخفي وراء نظارتها السوداء ألف ألف قنلبة قابلة للإنفجار في أي حين .
همهم الضابط ببعض العبارت ، فإندثرت كلماته من ثغره كالسهام مخترق كل محيطات الامعقول .
قال : سيدة الفيلا يبدو أنها ليست والدة ساندي هذا الإحتمال وارد جدا أتكلم من منطلق خبرتي في المباحث ، لا يوجد أم في هذه الدنيا حتى لو كانت مجرمة إلى واهتز قلبها لأولادها ، إذا سيداتي / سادتي الأمر في غاية الخطورة . غدا سنستمع ماهو السر الذي يكمنه الخادم في جعبة شدقيه . هذه أول الخطوات التي سنتصرف على أساسها .
في اليوم التالي ذهبنا إلى بيت الخادم وكان يوم عطلته ، حيث أدركنا قريته قُبيل غروب الشمس ، وعندما بلغنا الهدف وإذا في القرية حداد الكل يصرخ وتعالت حشرجات البكاء ، يا للهول الخادم وجدته زوجته في اسطبل فرسه مقتولا واسنان المنجل مخترقة ودجه .
جلسنا بقرب المعزين و الأقارب نأخذ بالخاطر حتى خرج أخر ضيف من بيت الخادم المغدور ، تحدثنا إثرها إلى أرملته فطلبت منا أن نصطحبها إلى مكان غريب جدا قبل ذلك لتتأكد من صحة حديثنا عن الموعد المسبق مع زوجها المغدور طلبت منا الورقة التي خطها الخادم بيده لنا .
قرأتها اطمأن قلبها فاصطحبتنا إلى حيث تبتدأ نهاية الحكاية المُعضلة .
يا إلاهي المكان مخيف يشبه المغارات ، داخل الإسطبل تحت التبن تتوسطه بوابة أرضية لها سلالم تأخذنا لمخبأ سري تحت الأرض ، لحقنا بها نحمل سراجا لشدّة دُجنّة المَرْبَع ، طبعا لم نكن بمفردنا أنا وسيدة المباحث بل رافقنا ضابطين متنكرين بزي قروي لإزالة أي شكوك ، وحفاظا على أمننا وأماننا .
أدركنا الزاوية المستهدفة في ذلك المكان الخرافي الشمائل ، فاخرجت الأرملة من صندوق خشبي أوراق مصفرة لعتقها .
قالت : ربما سالقى حتفي كزوجي ، لكن الإحتمال ضعيف لأن الرجل المرموق (( والد ساندي )) لا يعرفني ولا يعلم أن خادمه متزوج لأنني الزوجة الثانية زوجته الأولى أختفت بعد موت والدة ساندي .
أوقفتها في الحال عند عبارة (( موت والدة ساندي ))
قلت : ما.......ذا واااالدة ساندي توفيت ؟؟؟؟ كيف ؟؟؟
أجابت الأرملة : لا أحد يعلم فقط ما وصلني من زوجي قبل وفاتها أنه يخشى عليها كثيرا وفي حناياه شعور كبير بأنها ستقع بين أضراس الذئاب ، لكن لم نكن نتوقع موتها بهذه الطريقة السريعة ، هي كانت تخبر زوجي كل شيء لأنه كان خادم والدها فاصطحبته معها إلى بيت الزوجية ، واختارته عرابا لساندي لأنه المقرب إلى قلبها .
قلت : إذا والد الساندي الرجل المرموق تزوجها على طمع لحالتها الإجتماعية الثرية ... ؟
قالت : والد ساندي احترقت به سيارته وهبطت من الطريق إلى منحدر الوادي ولا أحد يعلم من قتله لأنهم وجدوا رصاصة في رأسه وقيد المحظر ضد مجهول .
قاطعها زميلنا
قال : أين تعرفت والدة الرهينة على زوجها الثاني ... ؟
قالت : لا أحد يعرفه ربما زوجي كان يعلم أكثر فخشي علي من المجهول لم يقص علي كل الأحداث وأنا لا أتقن قراءة الفرنسية .
قال : الفرنسية ... ؟؟؟ لما بالفرنسية وأين ستقرأين .
قالت : بين يديكم هذه كل المستندات التي سجلتها الأم قبل وفاتها واستأمنتهم بين كفي خادمها وعراب ابنتها ، وها هو يدفع ثمن السر الذي كان مكنون في صدره وعلى الورق .
صمتنا جميعنا ذهولا مما سمعنا ، ثم طلبت الزميلة من الأرملة أن تؤّمن نفسها وأن ترحل من هذه القرية حتى لا يعثر عليها المجرمين ولا يشتموا رائحة الموضوع أو المستندات . خرجنا في منتصف الليل وأهل القرية نيام هاتفنا ضابط المباحث فتلقينا منه الأوامر باصطحاب أرملة الخادم إلى قرية بعيدة بعد أن أعدت محتجياتها ، مبدأي أسكناها في نُزُل لننظر في حالتها فيما بعد .
اتجهنا إلى المدينة قاصدين مقر المباحث حيث هناك ينتظرنا الضابط بفارغ الصبر .
وصلنا فأوجزنا على مسامعه ماذا جرى معنا ، وكانت خطوتنا التالية هي أننا يجب أن نبحث وراء الرجل المرموق وبكل حذر لأنه معروف إعلاميا فلا نريد ضجة الصحافة الآن . أيضا سوف نحضر مترجما للمستندات التي حصلتم عليها ليحولها بلغتنا .
هيا هيا إلى العمل ، أما أنت ميرا ستذهبين فورا للبيت راحتك مطلوبة فأنت لا زلت متع......قاطعته قبل أن ينهي الكلمة ....بة .
قلت : لا مستحيل أن أذهب للنوم الآن كيف سأغمض عيني !!!! ونحن على أدراج فك اللغز الكبير ، لكن عندي سؤال مهم سيدي ، كيف أخفى الخادم أمر زوجته الثانية ...؟ وإذا كان صاحبنا المجرم بهذا الذكاء الخارق كيف يمرّ أمامه أمر كهذا ولا يفتش فيه ...؟
قال : أنت ذكية جدا سؤال وجيه ، يجب أن تعلمي ليس هناك جريمة مكتملة الأركان إلا وسيقع القاتل في شر أعماله . والأن أريحي دماغك من التفكير ، ..... ههههه ..... يكفي ثرثرة هيا أدخلي مكتب زميلتك هناك متكأ خذي قسطا من الراحة .
ضحكت .
وقلت : حسنا قبلت ، بالإذن سيدي .
ألقيت جسدي كجثة خامدة لا أعلم كم من الساعات غفوت ، صحوت مذعورة من صوت زميلنا أقبل هارعا .
قال : سيدي سيدي وصلنا تقريبا إلى ماضي الرجل المرموق ، سنذهب إلى بلده القديم مسقط رأسه لقد عرفت من أين هو ، هناك سوف نعلم كل شيء .
قلت : حسنا سنتحرك ليلا دون إحداث أي جَلْجلة استعدوا وسأكون على رأسكم في هذه المهمة .
نظر الضابط إلى النافذة ضاربا كفه بالأخرى ... متمتما (( ستقع أيها الوغد .... أخيرا سيُهدم الصرح على رأسك الذي صنعته من النهب والإجرام ))
و جاءت اللحظة الحاسمة ، ويا للهول ماذا يستطيع بني البشر من الفعل إن ماتت ضمائرهم .
7
اليوم التالي في منتصف الليل تحركنا من مقر الرئاسة للمباحث وكلنا أمل أن نحظى بأجوبة على كل تساؤلاتنا .
الغريب في الأمر أننا لم نتوصل لأي معلومات نستدل من خلالها عن إقامة ساندي ، هل هي مقتولة أم لا ، لكن شيء ما بداخلي يقنعني بأنها لازالت على قيد الحياة ، وأنها الكرت الأخير الذي سيحركه المجرم للخلاص من العدالة ، لذلك لن يتخلص منها بهذه السرعة .
هذه القضية أخذت منا الوقت الكثير ودربها حافل بالأشواك والمفاجآت .
وصلنا إلى مسقط رأس الرجل المرموق على حسب الخطة المرسومة لقد تصرفنا ، تفرقنا إلى فوجين لنعبر من مدخلين مختلفين للقرية عندما أدركنا صدر المكان ، توقفنا عند مقهى صغير مبني من أعواد القصب جدرانه والأرضية ترابية . الناس هناك بسطاء جدا وفي غاية الكرم والإستعداد للمساعدة .
خرج الضابط من السيارة وجلس على كرسي أمام المقهى طالبا كوب من الماء ، عندما أحضر له صاحب المقهى الكوب جلس مقابله ليتحدث مع الضابط والفضول نخر عينيه الجاحظتين في طاقم رجال المباحث القابعين في السيارة .
(( للتنويه أننا نرتدي ملابس عادية جدا )) ليس لها علاقة بالزي لرجال المباحث والجنايات .
لم يستطع القَهوَجيّ على الصبر فذرف أنفاسه تتلقط الأخبار لتنطق شفتيه بما يتغلغل في حشاه من أسئلة .
صاحب المقهى : أنتم من أين أشكالكم تقول أنكم أغراب عن هذه القرية . لم أرى أحد منكم هنا من قبل .
الضابط : نعم نحن رجال أعمال نوَد شراء قطعة أرض لبناء مستوصف لأهالي القرية ، سيكون العلاج فيه شبه مجانا .
القهوجي : هل أنت جاد فيما تقول ...؟
الضابط : أجل ولما لا إنني أملك ثروة طائلة وأريد أن أصرفها في الخير ومساعدة المحتاجين .
القهوجي : بارك الله فيك وفي مالك .
همس بينه وبين نفسه يتمتم بصوت خافت ولكن خانته حباله الصوتية فارتفعت شتائمه ليستمع له الضابط . فالتفت نحوه .
الضابط : ما بك يا رجل تتحدث مع نفسك أراك تملأ من الوهن أقداح .
القهوجي : نعم سيدي أنت ليس كالملعون رجل التلفاز المرموق ، الذي كبر على أكتاف أهل بلده سرقهم ونهب أموال المحتاجين بالبلطجة وتكبر عليهم بعد أن كان مُهْتَرِئ الملابس صعلوك متسول .
الغريب في الأمر أنه تزوج الأميرة الحسناء أرملة الرجل الفاضل الذي كنا نحترمه ونحبه جدا كان رحيم القلب طيب الطباع أصيل .
الضابط : ما الغريب في الأمر عادي جدا ..... ؟
القهوجي : نعم عادي إذا كانت الأوضاع بينهما عادية .
الضابط : كيف أفصح أكثر .
القهوجي : اقترب الي لا أريد أي أحد يستمع ويعلم ما سأخبرك ، كانا خصمين واحد طيب الأخلاق ، والثاني رديئ الأخلاق ، طيلة حياته كان يغار ويحسد ويحقد على المرحوم لرقيه وثرائه وعلمه ، وفي يوم زفافه على الأميرة الحسناء الثرية كان هو ورفاقه عند صالة الإحتفال ، وهدده بكلمات إجرامية قال له على مسمع بعض أصدقائهم (( يوما ما سوف أقتلك وأتزوجها و أنعم بنقودك أيها الثري المغرور )) ثم انصرف ليعربد في حانة الرقص التي يلتقي فيها ليلا مع أصدقاء الشؤم .
الضابط : آآآآآآه هكذا إذا .....!!!
القهوجي : ما هو ....؟
الضابط : لا عليك لا تكترث للأمر ، فقط تذكرت أننا على سفر وسنموت جوعا أين مطاعمكم ... ؟
ثم ربت الضابط على كتب صاحب المقهى ... ومازحه
قال : دلنا على مطعم جيد لا تكن بخيلا هههههه
القهوجي : يا سيدي أنتم تأمرون تفضلوا ، سأقول لأمي أن تعد لكم أفخر مأكولات قريتنا .
الضابط : ههههههه لا لا ليس لدينا وقت ، سأضع العرض المغري في ذهني و أعدك سترانا مرّة أخرى .
ثم مدّ يده في جيبه ، ناوله نقودا ليشرب الشاي والقهوة ضيوف المقهى تلك الساعة مجانا ، فرح القهوجي ودلنا على مطعم قريب ، صعد الضابط إلى السيارة كدنا نتحرك حتى توقف فجأة وعاد إلى المقهى ، ثم أخرج من جيبه صورة كانت في مستندات والدة ساندي ، وسأل القهوجي ما إن يعرفها أم لا .
الضابط : أعتذر لقد أعطاني صديقي هذه الصورة و طلب مني أن أسأل
عنها في قريتكم والقرى المجاورة لكم ، كان يحبها كثيرا وافترقت دروبهم ، أنظر فيها جيدا أتعرفها ....؟
ذهل القهوجي عندما أدركت عينيه الصورة وفتح فاهه وكأنه يريد ابتلاع موجة من إعصار قادمة نحوه .
القهوجي : يا إلاهي ... !!!! من هو صديقك ؟ ومن أين تعرفون هذه الفتاة ....؟
الضابط : صديقي رجل مهم جدا تعرف عليها في إحدى الحنات ، كانت تقضي أمورا وتشتري بعض الإحتياجات ، فعزمها على الغداء وبعد أن انتهوا رحلت ومن ذلك اليوم وهو يبحث عنها . هل تعرفها ...؟
القهوجي : أحمد ربك أنه لم يعثر عليها ، إنها سوء لكل من تقترب منه ، هذه دمية الرجل المرموق ، أتفهمني ...؟ كانت كظله ترافقه في كل مكان و أحيانا كانت ترقص على الطاولات مع المُومِسَات ، كانت تضرب والدتها وتأخذ نقودها لتشتري النبيذ للمتسول حبيبها .... ماذا أقول (( الرجل المرموق )) الآن في وضعه هذا ...!!! يستحيل أن ينظر لهذه الشاكلة من النساء ولو أنها على شاكلته .
بعد فترة رحلت من هنا وهو رحل ولا أحدا يعرف لها طريق . بعدها بأيام قلائل فقدنا والدتها لأنها غابت عن أعيننا أيام وجدناها ميتة في فراشها ربما قتلها الحزن من عار ابنتها .
الضابط : لا حول ولا قوة إلا بالله ، نعم شيء محزن للغاية . إذا صديقي نعتذر يجب أن نذهب الآن إلى اللقاء .
تمتم الضابط في صوت منخفض وهو يخطو نحو السيارة يقول ´´ ´´ لو تعرف من هي الأن وكيف تعيش ´´ ´´
تحركنا متجهين إلى المطعم ، نأ قسطا من الإسترخاء نملأ معدنا التي أصبحت تغرد كالعصافير من الجوع وطول السفر أيضا لنفكر ولنرسم خارطة نخطط على إثرها يدور محمور مسارنا القادم .
قرر الضابط بإحضار إذن من النيابة العامة لفتح قبري والد الرهينة ووالدتها الحقيقيين هذه أهم الخطى .
من ثَم يتم القبض على المجرم لكفاية الأدلة والبراهين إذا إكتشفنا كيف قُتِلا والأمر ليس سهلا أبدا وهذه مهمتي لإقناع سرايا المحكمة بأهمية إذن النيابة بحفر القبرين لهذه القضية .
قبل ذلك كله قررنا شراء أرض صغيرة باسم الحكومة تمويهية ، لنبعد شك القهوجي الذي حتما سيتسائل وتكثر ظنونه ، ولنتمركز في القرية دون هواجس وتخمينات القرويين . لتكون خطتنا محكمة يجب أن لن نترك فاردة أو واردة إلا و وضعناها في مكانها المناسب ، طبعا طاقم المباحث سيتغير والضابط وخاصة أنا لا يجب أن نظهر في الصورة .
اليوم التالي ذهبت أنا والضابط وزميلي المحامي إلى سرايا المحكمة لنقنع القاضي بالسماح لنا بحفر القبرين و أن يختم لنا التصريح بذلك .
بعد ساعات من إجتماع مغلق ودراسة كل الأمور ، إقتنع القاضي و سرح بالحفر .
علم والد ساندي المزيف أو(( الرجل المرموق )) بالأمر ولكنه لم يتفوه بكلمة ، أقبل إلى مقر المباحث متصنعا الحزن وأنه يريد معرفة آخر مجريات الأحداث . لمحني في دهليز المبني فجاء يرمح بخطوات سريعة نحوي ، وينادي باسمي .
الرجل المرموق : ميرا ... ميرا ابنتي انتظري .
ميرا : أهلا وسهلا سيدي . كيف حالك ..؟
الرجل المرموق : بخير بخير ... أعتذر عزيزتي لم أسأل منذ فترة عن القضية ، هل علمتم شيء عن ساندي ...؟
ميرا : لا يا سيدي ، كيف سنعلم والمجرم القبيح لم يتفوه بكلمة واحدة إثر زيارتي له في سجنه ، بل سخر منا .
بدت على وجهه علامات الإرتياح ، وكأنه كان واثقا من كلابه ، أنهم أوفياء له . نظرت له باشمئزار وفورة غضب تتملكني يا إلاهي كم أرغب في لكمه أو صفعه .
الرجل المرموق : أها .. أها ، نعم كيف سيخبركم وهو متأكد أنه سيعدم ليس لديه ما يخشى عليه .
ميرا : صدقت سيدي .
الرجل المرموق : إذا أعتذر منك ابنتي سأذهب لمكتبي لدي اجتماع مهم .
ميرا : تفضل سيدي ، وإن أصبح في حوزتي أي معلوماتي سوف أخبرك بها ، لن أبخل عليك .
تعتصرني موجة من الإحتدام ، لكن يجب أن نكمل الدرب إلى نهايته ، وأنا أحدث نفسي وأتسائل أي نوع من الأقنعة يرتدي هذا حتى جاء الضابط يتحدث إلي .
الضابط : حدسه في مكانه يا له من ذئب ، يجب أن نحتفظ بالسرية التامة ، اليوم سنذهب للحفر وإحضار الجثتين . سأبلغكم فور عودتنا .
ميرا : نعم سيدي وفقكم الله سننتظركم بفارغ الصبر .
ياااااااا الله كم اشتقت لأمي ، أنا أهاتفها كل يوم لكن هذا لا يغنيني عن أحضانها ، ومائدتها الشهية ، وعينيها المملوءة بالحنين .
فقررت أن أذهب إلى أمي ، أحضر ملابسا أخرى و أسلم عليها ثم أعود فتكون مهمة الضابط في الحفر قد انتهت .
ركبت سيارتي متجهة إلى بيتنا ، وفي الطريق و أنا سائقة شدّ انتباهي في المرآه الخلفية أن هناك سيارة تلاحقني خفضت السرعة لأبقى بين السيارات على إشارات المرور حتى لا أعبر الزقاق الخالية من الناس ، هاتفت الضابط فأرسل سيارة شرطة ورائي ، وأن أتصرف بهدوء وأكون طبيعية جدا .
في قرارة نفسي شعور بالعودة إلى مقر المباحث ، عتراني الخوف فخشيت أن أقع في مكر ملاحقيني ، أوقفت سياراتي عند حانة لشراء بعض الملابس ثم آلَيت إلى عملي وسيارة الشرطة ورائي دون أن أنظر إليهم أو أكلمهم .
بعد وصولي بساعة تقريبا عاد الضابط ، ومعه التابوتين سلمت الجثتين لقسم التشريح ، والآن ليس علينا إلا الإنتظار أيضا نترقب ترجمة مستندات والدة ساندي المكتوبة بالفرنسية .
الساعة الكبرى تقرع أجراسها على أبواب الفضول ، الكل في لحظات توتر وتكهن ما إن القضية ستفك فتيلة حبالها أو سنغرق في بحر الغموض أكثر فأكثر .
8
توزعنا كل لمكتبه لنكمل مشاغلنا الفرعية و إملاء بعض الإستمارات القضائية ، لكن التوتر سبغ لونه الرمادي على أذهاننا وقيّد التفكير لدينا . عرض علينا الضابط أن نذهب معه لتناول وجبة الغداء ، لأن نتائج المختبر ستأخذ بعض الوقت ونحن في حالة هيستيريا من الإضطراب وكلنا فضول لما سينبثق من ثغر النتائج . وصلنا إلى المطعم المجاور لمبنى المباحث وطلبنا وجبة الغداء ونحن منهمكين في الحديث عن ما إن كانت تكهناتنا لمفاتيح القضية صائبة أم خاطئة . قرع جرس الهاتف المحمل لضابط المباحث ، عمّ الصمت علينا وكلنا إصغاء تام للمتحدث في المحمول ، بعد أن أنهى الضابط المكالمة : قال : مستعدين للجولة ما قبل الأخيرة .... ؟ "بصوت مرتفع قلنا أجل " فتحركنا كلنا من أماكننا لنتوجه إلى المقر كلنا عزيمة وإصرار على المواصلة يُكلفنا الأمر ما يكلف ، أكثر من هدر أعصابنا وذهولنا المستمر ماذا سيحدث ، وكأنني واثقة من أن الحكاية كلها أوراق وتحاليل و استنتاجات لم أكن أعلم حينها أنني كنت أعوم في بحر المخاطر . المهم أدركنا سرايا المباحث ، وعارض طريقنا زميلنا المحلل المخبري ابتسامته تشق شدقيه من عرضها . الضابط : هات ما عندك ، أفرح قلوبنا لقد جارت علينا الأسابيع الماضية وسرقت النوم من مآقينا ، أه أنتظر لنغلق الباب . المحلل : أولا هذه نتيجة الجثتين ، الرجل مات شنقا ثم تعرض لكسر في الرقبة قبل أن يطلق عليه الرصاص ، والرصاصة التي وجدت أنذاك في رأس المغدور الوالد الحقيقي للرهينة موجودة ، ها هي أحضرتها من أرشيف المباحث للقضايا المسجلة ضد مجهول . قاطعه الضابط منبهرا ....!!! قال : عظيم عظيم ، هذه خطوتنا القادمة سنقوم بالبحث عن المسدس الذي أطلق منه النار وانبثقت منه الرصاصة . ميرا : أوا تظن يا سيدي أنه محتفظ به لحد الأن .....؟ الضابط : أيتها المحامية الرقيقة أنا أتكلم من منطلق خبراتي العملية ، عندما يكون لك في هي المجال اعوام طويلة ستفهمين المجرم جيدا وتستطعين تحليل شخصيته وتكوني نظرة عامة عن الحالة ككل . ميرا : حسنا سيدي تفضل أكمل . الضابط : هذه النوعية من المجرمين تربى في داخلهم الحقد وفي عقلهم الباطن يشعرون بالنقص والإهانة ، وهذا المسدس بالنسبة للرجل المرموق هو الشيء الجوهري الذي شيد كيانه وبنى له صرحا جعله مرموقا مشهورا ذو نفوذ وسلطان . المحلل : أما السيدة ماتت بسم بطيء هذا النوع من السم يجعل الإنسان غير قادر على التحكم في اعصابه ، يؤدي إلى القشعرية والحمى ، فقدان الشهية والتوازن ، لم يكن أحد يستطيع أكتشافه قبل وقتنا الحالي ومن سوء حظ القاتل الأن عندنا كل الأجهزة اللازمة لمعرفة ما إن كان الجسم مسموما أم لا . الضابط : إذا وجدنا المسدس سنصل إلى شوط كبير لفك فتيل القضية الشائكة . المحلل : بقي بعض الوقت لخطاط اللغة كي يرتب أوراق والدة الرهينة ، حينها سنعرف كل شيء . الضابط : حسنا لنقتسم إلى فرق ، فريق منا يذهب لقرية الرجل المرموق ، وفريق يبحث في سرايا الفيلا والحديقة ومكتب الرجل المرموق وكل الأماكن التي يتردد عليها . ميرا : سيدي بهذا نحن نعلن الحرب على والد ساندي ونأكد بأنه متهم . الضابط : لا تقلقي سنستدعيه هو وزوجته للتحقيق معهم ، أنتم في هذا الوقت تفتشون الفيلا طبعا بأوراق رسمية موقعة من القاضي للتصريح لنا بالتنقيب دون إزعاج . أكمل الضابط قائلا : نعم فلنعلن الحرب عليه لكن بصمت حتى نمسك بالخيط الأساسي لا تقلقي ميرا عندنا أدلة كافية للتشكيك في برائته ، الصورة التي وجدناها في رسالة الوالدة المغدورة ، وبأنها كانت زوجته . ولا تنسي زوجة العراب هي كرتنا الرابح سنستعمله في الخطوة الأخيرة ، لأنها تعرف والدة ساندي الحقيقية . إذا فل نتحرك الساعة الثامنة صباحا ، لنبحث على المسدس لنرى ما إن كانت الرصاصة التي في حوزتنا أُطلقت منه أو لا هذه خطوة مهمة جدا حينها سنرى كيف سيقيم عندنا أربعة أيام تحت ذمة التحقيق . بزغ الصباح وكأن ساعاته طولها شهر ، ما أصعب الإنتظار والتوتر يتدفق من أحشائنا كالنهر الفائض . الساعة تشير إلى الثامنة ، تحرك أول فريق لقرية الرجل المرموق(( المتهم )) قلبوها رأسا على عقب في المكان القديم أين ما كان يتعاطى ويسكر ، أيضا في بيتهم المهجور حفروا تحت الأطلال لم يعثروا على شيء . ذهب الضابط مع رجال الأمن لضبط واحظار الوالد للإستجواب . والفريق الثالث منهم أنا ذهبنا للفيلا ، تفحصنا كل ركن فيها ، لم نجد شيء وكم شعرنا بخيبة الأمل . أحضر الضابط المتهم إلى سرايا المباحث ، دخل المحلل عليه يحمل رسالة والدة ساندي المترجمة ، هاتفنا الضابط لنعود كلنا فورا إلى المقر ، عدنا وفي طريقي إلى المكتب لمحت والد ساندي المزعوم (( المتهم )) يجلس في غرفة التحقيق شاحب اللون ، غاضب ، ويسأل كل ثانية الحارس الأمني متى سيطلق سراحه ليعود إلى مكتبه . المهم إجتمعنا وبدأ الضابط في قراءة محتوى الرسالة .............. (( ~~حبيبتي الغالية ساندي لقد ملأتِ علي حياتي ، ماذا أقول والدك حبيبي وتوأمي كان في عمله الذي لا ينتهي ، لقد أهداني إياك الرحمن وأنت أجمل هدية من حبيبي أبوك . اليوم عيد ميلادك ، عرابك وزوجته يصنعون الكيك اللذيذ و يقومان بتزيين الحديقة . أنت تلعبين في الحديقة بين الأزهار كالفراشة بل كالأميرة الصغيرة كم أنت جميلة يا جوهرتي الثمينة ، لا أخفي عليك يا ابنتي قلبي تشتعل فيه نيران من الارتعاب لا أعرف من أين جائني هذا الإحساس أشعر أنني أختنق ، ربما انا فرحة جدا لهذا اليوم فلا سعادة تعادل سعادتي بوجودك في حياتي . بدأت أكلم نفسي وأقول : نعم سأطرد هذه الوساوس وأفرح معك ولَك ماذا سيجري كل شيء على ما يرام أحاول إقناع نفسي بذلك . آآآآه يا حبيبتي وكأنني كنت أعلم ماذا سيجري لوالدك كنّا ننتظره بفارغ الصبر أنهى عمله واشترى لعبتك التي كنت تحبينها جدا ، وفي طريقه إلينا أغتيل من بعض المجرمين لا نعرف من هم ، جاء رجال المباحث على الفور بعد الإنتهاء من نقل والدك إلى التشريح ، عندما لمحتهم أغمي علي عرفت أن هناك أمر خطير . أخبروني بما حدث ، و تحول عيد ميلادك إلى عزاء . في العزاء لم أكن في وعيي مجرد جثة جسد تجلس على الأريكة تستقبل المعزين . ذهب الناس وعدنا من الدفن ، لحق بِنَا رجل وقال بأنه صديق مقرب للمرحوم زوجي ، استقبلته وأخذ واجبه وعرض علي المساعدة لإنهاء أمور الورث و إجراءات المحكمة ، رحبت به . كان يتردد علينا كثيرا ، وكان يستقبله عرابك ، لا أكذب عليك يا ابنتي شعرت معه أنني أنثى من جديد ، لكن عرابك لم يكن يطيقه ولا يحبه أبدا ، فجاء هذا الصديق في يوم ليطلب يدي للزواج وافقت عليه حتى لا تتربي وحيدة . عرابك غضب لكنه لم يغير رأيي يا ابنتي فكرت بك أنت ابنتي وفكرت في نفسي كامرأة ، تزوجته وَيَا ليتني لم أفعل . كان معي في بادء الأمر رائعا كان يدللك و يحبك فشعرت معه بالارتياح . أحيانا كنت الاحظ اللؤم في عينيه ، فقط أفسره بالتعب من العمل والإرهاق . فالتمست له الأعذار . في يوم كان عرابك في قريته ، أنا كنت نائمة لا أعرف لما رقدت هكذا ربما أسقاني عقاقير حتى أغفو ولا أشعر بشيء . لسوء حظي وحسن حظه أفقت على صوت قهقهات في غرفة مكتبه ، سرت على رؤوس الأصابع لأرى ماذا هناك ، من وراء الباب لمحت واحدة تجلس على ركبتيه ، يتحدثان بلغة سوقية لم أعهده يتكلم هكذا ، و تلك الإمرأة كانت بالية الثياب تشرب الخمر وبكثرة . عدت إلى غرفتي ، فتشت ملابسه ، تحت رف من رفوف خزانته وجدت علبة خشبية مغلقة . تركتها مكانها وانتظرت حتى ينصرف للعمل ويعود عرابك من قريته لنفتحها سويا فوجدت عنه كل شيء يا إلاهي انه شيطان بل الشيطان يتعلم منه ، عرفت من هو من أين أتى ايضا في العلبة مسدسا وصورة الفتاة التي زارته في الليل . حينها عرفت بأني مغفلة جدا وبدات في كتابة هذه المذكرة فان مت حينها ستعرفين ان الثراء والفيلا والسيارات كلها لك و الشركة التي يترأسها هي لي ولولادك . يا ابنتي انا حالتي تسوء وتسوء ولا أعرف لماذا .... !! طلبت طبيب أحظر لي طبيبا للبيت ، او يُزعم أنه طبيب ربما من عملاءه و كلماطلبت شربة ماء يصر على ان يحضرها هو ، فأيقنت ان نهايتي قربت . عرابك لم يكن يستطيع فعل أي شيء كنّا مراقبان منه كل تحركاتنا كانت محسوبة علينا ، يجب ان تعلمي انني احبك جدا جدا انت قطعة من روحي يجب ان تعرفي يا حبيبتي إن لم أكن موجودة وأراك تكبرين أمامي تابعي للبحث عن الحقيقة الرسالة ستكون بحوزة عرابك وزوجته ، لا تدعي حقك يذهب سرابا ، تعلمي وديري أمور شركة والدك بنفسك ، عيشي حياتك وانتبهي لنفسك جيدا ، وعندما تتزوجين تريثي يا روح الروح قبل أن تسلمي نفسك لذئب يسرق مالك ويقتلك ، لا تسلمي رقبتك لمجرم . الذي قتل والدك هو زوجي والذي يحاول قتلي هو ربما بادر في ذلك هو وشريكته السوقية . يا عمري أنت هناك مخبئ في الحديقة وراء الشجرة الكبيرة البيت الخشبي الصغير لكم كنت أحبه ، عدة مرات راقبتك وأنت تلعبين بداخله وكأنك صاحبة البيت والدُمى هم أولادك عيناك تكاد تنطق من الضحك ووجهك وردي كالزهور ، أنت فرحة عمري التي ستُسرق مني كم أشعر بالنهاية تقترب لا أقوى على السير كثيرا . الأهم هناك بوابة صغيرة تحتها المسدس الذي قتل به والدك يجب أن تعلني الحرب على القاتل وتسلميه للعدالة ، أحمي نفسك جيدا وكوني محتاطة دائما . قلبي يؤلمني على فراقك أمك التي تحبك ~~ )) .... يا إلاهي كانت تعرف كل شيء لكنها لم تستطع إنقاذ نفسها ، خوفها على ابنتها كان أكبر من أن تعرضها للخطر . الإبنة كبرت وربما علمت كل ما جرى لعائلتها . لكن هناك سؤال مهم يجب أن تجيب عليه زوجة العراب المغدور . إنتظروا في الحلقة القادمة وماذا سيحدث . هل المحامية ميرا في خطر ... ؟ سنرى ...
9
عَلمنا بمحتوى رسالة الأم المغدورة ، وما أصعبها عندما يشعر الإنسان بأنه سيُقتل وينتظر حتفه في أية لحظة . أشرفت الشمس على الغروب ، والوالد أو القاتل ,, بالأصح ...!! أجل إنه القاتل مازال ماكثا في غرفة الإستجواب منذ ساعات . نشبت نيران قلقه ، وجحظت عينيه ومن عصبيته المفرطة انتفخت أوداجه ، بَكَّتَ رجال الأمن ووبّخَهم أكثر من مرّة وفي كل لحظة يطلب مقابلتي . الضابط رافض تماما ان يتيح لي مقابلته والتحدث إليه ، أيضا زف إليه خبر أنه ضيف على المباحث هذه الليلة بتهمة اغتيال والد ووالدة الرهينة واختتطاف ساندي . صرخ في وجه الضابط وقال القاتل : ماذا ....أنا ...؟ ماذا تقول ... أنا والدها أيها الوغد ، كيف تتهمني بقتل من ليس لهم وجود وخطف ابنتي....؟ أريد محامي العائلة حالا . الضابط :أولا أنت أخطأت في حق رجل القانون ، ثانيا لك الحق في ذلك ولن نستجوبك دون محاميك ، مقر المباحث الآن مغلق عليك الإنتظار للغد . القاتل : سوف أُدّفعك الثمن غالي ، سوف أحطمكم جميعا ، أتعرف من أنا .... !! أنـــــ........ااا. قاطعه الضابط . قال : أنت الملك ونحن الحرس غدا نرى من أنت تفضل إلى الزنزانة في صمت أحتفظ بشيء من الاحترام لذاتك . ذهبنا كلنا لنستعد ليوم مُمْتَلِىء بالعمل ونتَأَهَّبَ لنهاية القضية التي كرَّسنا فيها كل جهودنا وقوانا ، مع ان الخيوط كلها تشير إلى الجاني ولكن هناك بعض المُعضلات والمخاوف . ذهبت مع زميلتي لبيتها وهذا كان أمر من الضابط حتى نتفادى أية عرقلات أو مخاطر . لم أستطع أن أقفل جفني طوال الليل ، يعتريني شعور غريب ، أكاد أن أتقيء ، رياح هوجاء بداخلي بل كل الفصول تقابلت في معدتي التفكير يداهمني دماغي يكاد ينفجر كالبركان لكن سأحاول استغراق بعض الوقت من التفكير لأنام . مرّت ليلتنا بأعجوبة ، أشرقت شمس الصباح على عيني تداعب مخاوفي و كأن أشعتها تريد أن تمسح معالم الفزع من وجهي . أحضرت زميلتي الفطور ودعتني إلى المائدة ما إن لمحت الزاد حتى هرعت أستفرغ كل ما في معدتي ثم أصابني ارتباك ورعشة برد في أصابعي ، أسرعت زميلتي إلي لترى إذ أنا بخير . قالت : إجلسي ما بك أأنت مريضة ؟ قلت : لا عليك مجرد توتر وهذه ردّة فعل طبيعية ، اليوم يومنا يجب أن نعثر على ساندي . قالت : أنت متأكدة أنك بخير ...؟ قلت : نعم ... نعم لا تقلقي سأكون أفضل بعد حين . قالت : إذا استعدي إتصل الضابط ، سنذهب فورا إلى سرايا المباحث . إتجهنا دُون إِبْطاء إلى مقر المباحث . يا له من شعور لا يريد أن يهجرني ، وصلنا إلى آخر المطاف في هذه الظِنَّة فلا تراجع الآن لنستقبل ما تبقى من مُلابسات الْحادِثَة وليذهب كل من شارك في هذه الجريمة إلى الجحيم . المهم الأن يجب أن نقصد زوجة العراب ، وأن نعود إلى الفيلا لنكتشف المخبئ السري الذي ذكرته الوالدة المغدورة . وجدنا الضابط في انتظارنا وكله أمل أن نربط كل الخيوط لنمسك برأس الثعبان الذي دبّر وخطط واستولى على حقوق عائلة الرهينة وأن نوقف قطار الخسائر الذي ألحقها بهم المجرم ، وكم نتمنى جميعنا أن تكون ساندي على قيد الحياة . الضابط : هيا فليذهب الفريق الأول إلى الفيلا ، وأريد هذه المرّة نتائج سارّة أريد المسدس . ميرا : نعم ومن سيذهب إلى مخبأ زوجة العراب .... ؟ الضابط : لا تكوني عجولة كل في وقته . ميرا : أجل سيدي . الأَمْر شَدِيد الأَهَمِّيَّة مفتاح القضية كلها في المسدس ، أدركنا الفيلا فقدمنا أنفسنا للسيدة أطلعناها على قرار المحكمة بالتفتيش ، يا إلاهي كم كانت غاضبة تركتنا وشأننا وصعدت إلى الطابق العلوي ، من هناك بدأت تراقب ما نفعل ، من وراء الستار لنافذة حجرتها أرسلت نظراتها المسمومة هناك لمحها الضابط في بادء الأمر ، لكن الغريب أنها كانت تهاتف أحدا ونحن غارقين في الحفر بعد أن عثرنا على البيت الخشبي الصغير ، تصعّدت أمور النقب لكثرة الصخور ، نحتاج لعدة حتى نقص الأعشاب البرية التي تحوٍط الباب الصغير ولكسر الصخور يهل علينا الوصول لمدخل تحت الأرض ، ذهبت إلى اسطبل الخيول لأحضر مقص تقليم الأشجار . دخلت الإسطبل وما أحسست إلى أحدا يمسك يدي بشدّة قبل أن أحدث صوت وضع منديلا أغلق به فمي . لم أشعر بشيء إلا عندما وصلوا بسيارتهم النقل إلى مكان منفي حينها بدأت أن استعيد رشدي من الإغماء فحملوني وألقوا بي في غرفة مظلمة و يدايا مكبلتين بحبل غليظ ، صرخت وبكيت لكن لا جدوى لا أحد يسمعني وكأنني في آخر الدنيا ، وأنا منهمكة بمحاولتي فك الحبل ، حتى سمعت جَلبَة شهقات وزفرات بهمس مختنق ، تلفت ورائي فلم أشعر بنفسي كيف وصلت زحفا إلى مصدر الصوت من دجنة الغرفة لم ألمح صاحب أو صاحبة الصَخَب وضعت وجهي على الجسد الملقى على الأرض ، حتى بكت وحاولت أن تتحرك ، خاطبتها . ميرا : من أنت .... ؟ وماذا جاء بك إلى هنا .... ؟ فردت علي بصوت حزين تتلعثم بالكلام وكل جسدها يرتعش . قالت : أنا المحامية ساندي فرنك . ذهلت فاعترتني مشاعر كثيرة لا توصف ، ولا أعرف هل أفرح لأني عثرت على ساندي أخيرا ، أم أحزن على نفسي وحالها . ميرا : سااااااندي حبيبتي صديقتي أنا ميرا ، كنت واثقة أنك على قيد الحياة ، كيف ... وماذا حدث حتى أصبحت في هذه الحالة رهينة للأوغاد .... ؟ بكت كثيرا وقالت . ساندي : في يوم من الأيام سألت التي كنت أظنها أمي لماذا هي باردة المشاعر نحوي ماذا فعلت لتكرهني أنا ابنتها لما لا تحن علي كباقي الأمهات . ميرا : بالتأني حبيبتي أكملي . ساندي : في لحظة غضب ، علا صوتها قائلة : ومن أخبرك أنني أمك ..!!! حينها انتابتني الدهشة لكن كلامها بقي راسخا في ذهني ، قصدت عرابي الذي لا أفارقه الا في أوقات عملي كم أحبه أرافقه وأجلس عنده كثيرا ، أشعر في قربه بالأمان وكأنه والدي . بعد أن أعد لي كوبا من الشكولاتة الساخنة جلس بقربي يمازحني وكأنني طفلة صغيرة ، حتى فرت من عيني دمعة لم أشعر بهروبهم من بين أهدابي فسألني ماذا يشغلني فتحدثت إليه وقلت له ماسمعته من تلك المجرمة . سكت طويلا ثم تنهد وقال يا ابنتي اهتم بعملك ودعك من خزعبلاتها ، انها سيدة صعبة لا عليك منها من شدّة احتدام نار غيظها تهلوس بأي شيء . ميرا : نعم أكملي غاليتي . ساندي : لمحت في عينيه تعاسة وكدر ، فأشغلت نفسي بمعرفة ما وراء جدار الصمت و الفزع لدى عرابي . ذهبت إلى الحمام الخاص بمن كنت أظنها أمي أخذت فرشاتها الأسنان ولملمت شعرها من على مشطها ، ثم قصدت المخبر الخاص بنا في مبنى المحكمة . حينها عرفت أنه يستحيل أن أكون ابنتها ، فأخذت الأوراق واتجهت إلى شركة والدي وكلي غضب لما أخفى عني أنها ليست أمي فقال لي أهدأي سأخبرك كل شيء في وقته ، فأحضر لي كوبا من عصير الليمون ألقيت بالكوب أرضا حتى كسر فتصنعت أنني الملم شرائح الزجاج ، جاء ليساعدني فجرح أصبعه وجدتها فرصة لا تعوض لأعرف هل هو أيضا والدي أم لا أخذت القطعة التي طليت بدماءه ، لا أعرف لما وسوست لي نفسي بأنه ليس والدي . عدت إلى المحمة أيضا حللت دمي ودمه فتأكدت إنه حتما ليس أبي ، بدأت أجمع الأدلة ولكن لم ألحق بأي شيء غير أنني في تلك الليلة تهجم على شقتي لصوص وها أنا ذا كما ترينني . لكن أنت ما جاء بك إلى هنا يا ميرا . ميرا : لحسن حظك أنني كنت في الخارج ولمحت لصا يحمل كيسا قماشي كبير فتابعت القضية الأهم أنك بخير ويجب أن نحاول الهرب ، أصبحنا اثنتان . ساندي : لكن كيف ....؟ ميرا : اسمعي أولا يجب أن تفكي لي هذا الحبل في رأسي مشبك للشعر هاتيه و حتي به الحبل حتى يقطع . ساندي : حسنا هيا أنزلي برأسك إلى حجري أنا لا استطيع الوقوف . ميرا : لا لالا احذري كلمة لا أستطيع لا تكرريها ثانية واحدة انسي انك رهينة ومقيدة يجب أن نتخلص منهم ، لأنهم سيقتلوننا رقابهم في كفينا على خارطة الاعتراف تقريبا ، ولدينا من المعلومات والأدلة الكثير . في ذاك الوقت اكتشف رجال المباحث أن ميرا غير موجودة . زميلة ميرا : أين ميرا تأخرت كثيرا أحدا منكم يذهب ليرى ماذا حلّ بها . أَفِلَ اثنان من رجال المباحث فلم يعثرا عليها . ووجدا هناك أثار لأقدام مختلفة وغريبة على أَديم أرض الإسطبل ، بسرعة فائقة هاتفت الضابط . قلت : سيدي ميرا خطفت . دوى صوته غاضبا كجرس سيارته . الضابط : أين أنتم عنها وكيف حدث هذا .... ؟ ماذا تفعلون أوجدتم علبة المسدس ...؟ قلت : سيدي عثرنا على العلبة الخشبية هي مغلقة بقفل كبير . وأنا أتحدث للضابط حتى أبصرت السيدة تحاول الهرب . قلت : سيدي ... سيدي المرأة صاحبة الفيلا تحاول الهرب . الضابط : اقبضوا عليها فورا لا تعودوا إلا وهي معكم أريدها حية ترزق ، أسمعتم أريييدها حية ترزق ....!!! قلت : أمرك سيدي . فتحركنا إلى موقف سيارة السيدة كادت تفلت من أيدينا لكننا كنا أسرع منها فتم القبض عليها ، واتجهنا إلى مديرية المباحث . أُحضر الرجل المدعي أنه والد الرهينة ، ودخل عليه الضابط حَانِق تكاد أوتار رقبته أن تتمزق وتخترق جلده . الضابط : حكايتك أوشكت على النهاية ، أنطق الآن أمرت من بخطف ميرا ...؟ القاتل : لا أعرف ألست ضيفكم إبحث أنت على من قام بخطفها . الضابط : لا عليك زوجتك المصون ضبطناها وهي تنوي على الهرب ، عاجلا سنعرف كل شيء أيها اللص المجرم ، أنكشف أمرك وفٍضح سرك . محامي القاتل دخل الغرفة محاولا الإطاحة بالضابط مهددا بأنه سوف يحاكم الجميع لسوء معاملتهم لموكله وزوجته لأنهم من الطبقة المرموقة وشهرتهما تثبت جدارتهما و حسن سلوكهما . فتمتم الضابط قائلا . الضابط : سنرى من يحاكم قريبا . أخذ الضابط رجال المباحث واتجهوا إلى مخبأ زوجة العراب ، فقبل أن تفتح لهم أسمعوها كلمة السر (( العراب )) فذهبت ومعها مفاجأة من العيار الثقيل لم تفصح عنها من قبل ، وضعتها كوديعة حفاظا على نفسها من القتل . طلبت من الضابط لتحضر باقي المفاجأة من حيث تتواجد . ثم توجهت دورية المباحث إلى القهوجي ليتم إحضاره للشهادة فقط . عندما رآهم القهوجي و لمح الضابط بزييه ، انخطف لونه برد جسده وتدلت شفتيه من الدهشة قال : .... القهوجي : هذا اااااااااانت .... ؟ لا أكاد أصدق . الضابط : ألم أخبرك أننا سنتقابل قريبا ، هيا جهز نفسك لتذهب معنا كشاهد ملك . القهوجي : على ماااااااذا ...؟ الضابط : ستعرف كل شيء ريثما ندرك مبنى مباحث الجنايات . سكت القهوجي وهو في صهوة الذهول مما يجري حوله . نظر إليه الضابط وسأله . الضابط : حتما تذكر الرجل المرموق . القهوجي : أجل سيدي وكيف أسهو عنه وهو أساس بلاء قريتنا . الضابط : حسنا بل ممتاز ، هل تعرف شيء عن أماكن كان يتردد عليها الرجل المرموق ...؟ أو مخبأ كان يتعاطى فيه غير مكانه المعتاد في بلدتكم . ...؟ القهوجي : نعم سيدي أذكر أن هناك ما يشبه بمغارة عندها بيت خشبي تحوطه الأشجار ويتدفق من هناك نبع يصب في الوادي الكبير للبلدة . هو ليس بعيد من هنا . الضابط : دلنا عليه بسرعة . القهوجي : دع السائق يعود للوراء قليلا هناك طريق فرعي ترابي يستعمله رعاة الغنم دائما . سيروا على طول الدرب الترابي قبل نهايته هناك كومة من صخور كبيرة من ثَم تكمل السير على الأقدام بالسيارات لا تستطيعون الدخول لضيق الطريق . الضابط : عظيم وصلنا ، أنت تبقى في السيارة و معك السيدة برفقتها طفلة وسيبقى معكم السائق ورجل أمن . القهوجي : أمرك سيدي . تسلل الضابط و رجال المباحث مسلحين قبل وصلهم إلى الكوخ أكملوا الدرب زحفا حتى لا يبصرهم أحد . تمركزوا وحوطوا الكوخ مصوبين اسلحتهم نحوه ، ثم راقبوا عدد الموجودين هناك . الضابط : استعدوا هناك رجلين جالسين على أريكة وواحد منهم يقف ناحية الباب ، هيا نكمل الزحف ، نصفنا يبقى في الأمام والنصف الآخر خلف الكوخ . هزوا رؤسهم بالتأكيد . النصف الذي من الناحية الخلفية قبعوا تحت الشجر عند الكوخ تماما ، فنظر أحدهم بحذر شديد من النافذة واذا به يهمس لزملائه ، بأنه يرى أحدا هناك يتحرك ، فأخذ مطوى كبيرة يحاول فك الشخب الهش ليعبر للداخل لأن الغرفة معتمة لا يحسن رؤية من فيها . شعرت ميرا بوشوشات من الخارج فتحركت نحوى النافذة بعد أن نجحت ساندي بتمزيق الحبل وفك قيدها ، ثلبت من قميصها قطعة صغيرة مسحت بها النافذة ليعبر منها قليلا من شعاع الشمس ، حتى ترى من في الخارج لمحها رجل المباحث ، فطلب منها أن تلتزم الصمت وتبتعد عن النافذة ، وتحاول جاهدة مساعدته في تكسير بعض الشيء من الخشب المهترء نجحا بحفر طاقة صغير تكفي أن تعبر منها إلى الخارج ، ذهبت إلى ساندي بوجس ... قالت ميرا : ساندي هيا حبيبتي اتكئي علي ذراعي وحاولي الزحف قليلا ، أرجوك لا نريد إشعارهم بشيء أعدك أن كل الأمور ستكون على ما يرام . ساندي : حسنا ميرا أنا معك . ساعدت ميرا ساندي حتى أوصلتها للحفرة وضعت رأسها ثم سحبها رجال المباحث بمساعدة ميرا لها . ثم خرجت ميرا فتحررت المحاميتان . وميرا تزحف لتصل إلى الضابط أحدثت صوتا أيقض المجرمين حتى هرع واحد منهم ليلقي نظرة على الرهينتين لكنه فَجَع بما حدث فصرخ يتحلف بأن يمسك بهما خرج واحد منهم ليلحق بميرا وساندي حتى وجد المباحث أمامه ، سلم نفسه دون أن يتفوه بكلمة ، لكن الأبله الذي في الداخل من فزعه وقلة تدبيره أطلق النار على المباحث فتصاوب رجل منهم برصاصة قاتلة ، فهجم رجال المباحث عليهم وعلت الأصوات والضجيج وردد الضابط قوما بتسليم أنفسكم أنتم محاوطون لا مجال للفرار هي سلما أنفسكم وتبادلوا إطلاق النار حتى تصاوب القاتل . عاد رجال المباحث إلى مقر النيابة ، وكلهم عزيمة و في يدهم الرهينة وميرا يا ليتعاسة الرجل المرموق وزوجته . نظر الضابط لميرا ابتسم قال : أيتها المشاكسة الذي تعرف عليك وأنت في المشفى لن يصدق أبدا أنها هي بنفسها اللبؤة المتمردة التي تقف أمامي الآن . ضحكت بغبطة وسعادة كبيرة تغمرني أنني كنت بحدسي على حق أن ساندي ما زالت على قيد الحياة . ميرا : سيدي كل الإحترام لحضرتك لقد تعلمت منكم الكثير في هذه الفترة الوجيزة . ذهبت لزيارة ساندي في المشفى ، أطمأننت عليها حالتها الصحية في تحسن ملحوظ أما النفسية فما زالت محبطة قليلا ، لم أشأ أن أخبرها عن ما توصلنا إليه من معلومات حتى تستعيد صحتها ، ولكي تواجه الإعصار الأخير في المحكمة لنقفل باب هذه القضية التي طما فيها ماء نهر الكره لما صنعه الجاني المتصنع الأبوة . ثم توجهت إلى سرايا المباحث لأقابل أرملة العراب لا أعرف لما أشعر بأنها تخفي سرا ما زال في حوزتها . طرقت باب غرفة الجلوس والإنتظار طرحت عليها السلام ، ثم لحق بي الضابط ومعه زميلة من المباحث مصطحبة صبية تكاد تكون في الرابعة عشر من عمرها أو أكثر . نظرت إلى الضابط باستغراب ، فابتسم . قال : ستعلمين كل شيء لا تقلقي ، هيا كلنا لغرفة المتابعة من وراء الزجاج ستتلقوا كل المعلومات سنقوم باستجواب الجاني أولا ثم شركاؤه وزوجته . أما القهوجي وأرملة العراب والصبية فهم مدعوين للشهادة . فُتح المحضر بساعته وبدأنا التحقيق بعد أن أكتملت لدينا كل الأدلة ضد المجرم وأعوانه . التحاليل تؤكد بأن الرصاصة التي قتل بها والد ساندي من المسدس الذي عثرنا عليه في حديقة الجاني ، هو من أطلق النار والذي قام بكسر الرقبة فهي الجانية زوجته المغدور لم يمت فورا فمن غلها كسرت رقبته ، هذا اعترافها ، أما هو فكابر حتى ألقينا أمام محاميه تحاليل دم ساندي يستحيل أن تكون ابنتهم . أيضا بصماته على أداة الجريمة واضحة و من سوء حظه السم الذي قتلت به والدة ساندي احتفظ بقارورته مع المسدس وكان كل سنة يحتفل مع زوجته بانتصارهم وكان يضع المسدس والقارورة ليشكرهم لأنهم سبب ثرائه ، يا للجنون وقباحة الإجرام . حولوا جميعا للنيابة ، بإنتظار أول المحاكمة . وجاءت الساعة الكبرى والمفاجأة الثقيلة ستفجر في قاعة المحكمة ، أول من سئل القهوجي وضعنا أمامه صورة الجاني في ريعان شبابه فتعرف عليه و أشار بأصبعه نحو الجاني بأنه هو الرجل المشهور صاحب الصورة . أيضا تكلم عن حالة من الفوضى التي عيّش فيها أهل البلدة لسنوات وعن التّخريب والخروج عن القانون ومحاربة الحكومة وارتكاب الجرائم والتزوير والبلطجة وكانت زوجته الحالية شريكة له وبعض أصدقاء السوء . ثم جاء دور أرملة العراب . عندما دخلت سئلت هي الأخرى عن الجاني فأجابت ، ثم وضعت على طاولتي ومكتب القاضي صورا للزوجين المغدورين ، وإذا بها تستأذن بإدخال الصبية التي رافقتها ، سئلتها من الصبية .... ؟ قالت : دعيها تدخل ، وسترين . ميرا : حسنا فلتتفضل مشكورة . ما إن دخلت الفتاة حتى ضاج الجاني و أول مرة تتفاعل مع الحدث زوجته وصرخا كلاهما ابنتي . جلست من هول المنظر والقاضي يطلب منهما الكتمان فورا واعادة الهدوء في القاعة ، لكن الجاني جن عقله وكاد يقفز من بين المقاعد ، لم أفهم تصرفهم حتى نطقت أرملة العراب . قالت : هذه ابنتهم الوحيدة ، وأنا في منفاي الذي أمنني فيه الضابط والاستاذة ميرا خرجت لأقضي بعض الحاجات ، كانت تجلس هذه الصبية على مقعد يتوسط المدينة عند مطعم كبير وتبكي بحرقة حتى أشفقت عليها ، جلست بجانبها وشدني الفضول لأكلمها وأعرف ما بها فردت علي . الصبية : أتعرفين هذا الرجل الذي في التلفاز ....؟ أرملة العراب : نعم اسمع عنه كثيرا . الصبية : إنه والدتي ووالدتي تعيش معه لا أراه إلا كل سنة ساعتين ، يتفقد أحوالي ويذهب لم أشعر يوما بحنانه ، أيضا مي قاسية الطباع جدا . وضع وديعة بإسمي وكتب لي شركة كبيرة و أطيان لكن لا استلذ منهم بفلس واحد . أرملة العراب : حينها أيقنت أنه احتاط لنفسه وعرف أن فضيحته قربت ونهايته على الأبواب حتى لا تذهب ثروة ساندي لها كتب كل شيء بإسم ابنته . ميرا : أشكرك جدا جدا لقد أنقضت ساندي من الإفلاس وضياع أتعاب والديها . ثم دخلت ساندي وهي آخر المدعوين و أكثر المتضررين . فقالت ساندي : لا أطلب سوى شيء من عدالتكم الموقرّة ، أن يعدما ليُشفى غليلي . لكم أحتقرهم حرمت من والدي وأُختطفت وسرقت أموالي لن أسامحهم أبدا . ميرا : الأدلّة كلها ضدهم اطمئني لن يروا جميعهم ضوء النهار بعد اليوم . خرجنا من سرايا المحكمة تنتابنا مشاعر اختلطت بالحزن و الفرح والإرتياح والانتصار لا أعرف كيف أعبر عنها . أما ساندي فطلبت من أرملة العراب أن تمكث معها في الفيلا ، ابنة المجرمين تولت أمرها لجنة رعاية اليتيم . وساندي كانت كريمة معها تركت لها وديعة قييمة حتى تبلغ سن الرشد تبتدأ حياتها بها ، هي ليس لها ذنب ولم تختر والديها . والقهوجي عزمنا عنده وقال والدته ستطبخ لنا ضحكنا جميعا وقبلنا العزومة . أما أنا سأرتمي في حضن أمي لكم اشتقت لحنانها ، واشتقت لأشتم عطرها وأقبلها آآآآه أمي حبيبتي . توجه كل منا إلى حياته العادية وانتهت القضية .
النـــــــــــــــــــــــــــــــهايـــــــــــــــة
نعم قرأنا رسالة الخادم ، اخترقت غشاء صدرينا أحاسيس مختلفة تتأرجح بين الشعور بالفزع والفضول ، إنه خادم العائلة منذ ولادة ساندي أو ربما قبل بكثير . لما يا ترى لم يفكر كثيرا قبل أن يمدّ لنا يد العون .... ؟
--هما احتمالين : الأول أنه يعتبر نفسه عراب ساندي ويريدنا أن نعثر عليها .
والثاني : أن والد ساندي شعر بأننا سنكتشف أمره وسنعود لنفتش عن الأمور الغامضة فأعدّ لنا كمين ليتخلص منا .
وبدأت الظنون تتلاعب في ذهني على طاولة الشرود كحجر الشطرنج ، غالبة أنا أم مغلوبة ترى ماذا عساني أن أفعل .....!!!! لا لا لا ..... ابتعدي أيتها الوساوس البلهاء لن أستكين للفزع ، الإِتِّقَاد الذي يعتصرني في الحنايا أجج نار الإرادة بالمواصلة مما دعاني أتغلب على كل المخاوف .
ينتابني فضول كبير كشراسة اللبؤة لأفك فتيلة شيفرة هذا اللغز ، ورجال المباحث ليسوا ساذجين أو أغبياء ، من المؤكد أن الخادم يعلم بأننا سنأخذ حذرنا جيدا ونحتاط .
على أية حال لن نستسلم ، وصلنا إلى مديرية الأمن وسلمنا البرقية للضابط ، قصصنا على مسامعه ما لاحظناه بزيارتنا لسيدة الفيلا ، التي تخفي وراء نظارتها السوداء ألف ألف قنلبة قابلة للإنفجار في أي حين .
همهم الضابط ببعض العبارت ، فإندثرت كلماته من ثغره كالسهام مخترق كل محيطات الامعقول .
قال : سيدة الفيلا يبدو أنها ليست والدة ساندي هذا الإحتمال وارد جدا أتكلم من منطلق خبرتي في المباحث ، لا يوجد أم في هذه الدنيا حتى لو كانت مجرمة إلى واهتز قلبها لأولادها ، إذا سيداتي / سادتي الأمر في غاية الخطورة . غدا سنستمع ماهو السر الذي يكمنه الخادم في جعبة شدقيه . هذه أول الخطوات التي سنتصرف على أساسها .
في اليوم التالي ذهبنا إلى بيت الخادم وكان يوم عطلته ، حيث أدركنا قريته قُبيل غروب الشمس ، وعندما بلغنا الهدف وإذا في القرية حداد الكل يصرخ وتعالت حشرجات البكاء ، يا للهول الخادم وجدته زوجته في اسطبل فرسه مقتولا واسنان المنجل مخترقة ودجه .
جلسنا بقرب المعزين و الأقارب نأخذ بالخاطر حتى خرج أخر ضيف من بيت الخادم المغدور ، تحدثنا إثرها إلى أرملته فطلبت منا أن نصطحبها إلى مكان غريب جدا قبل ذلك لتتأكد من صحة حديثنا عن الموعد المسبق مع زوجها المغدور طلبت منا الورقة التي خطها الخادم بيده لنا .
قرأتها اطمأن قلبها فاصطحبتنا إلى حيث تبتدأ نهاية الحكاية المُعضلة .
يا إلاهي المكان مخيف يشبه المغارات ، داخل الإسطبل تحت التبن تتوسطه بوابة أرضية لها سلالم تأخذنا لمخبأ سري تحت الأرض ، لحقنا بها نحمل سراجا لشدّة دُجنّة المَرْبَع ، طبعا لم نكن بمفردنا أنا وسيدة المباحث بل رافقنا ضابطين متنكرين بزي قروي لإزالة أي شكوك ، وحفاظا على أمننا وأماننا .
أدركنا الزاوية المستهدفة في ذلك المكان الخرافي الشمائل ، فاخرجت الأرملة من صندوق خشبي أوراق مصفرة لعتقها .
قالت : ربما سالقى حتفي كزوجي ، لكن الإحتمال ضعيف لأن الرجل المرموق (( والد ساندي )) لا يعرفني ولا يعلم أن خادمه متزوج لأنني الزوجة الثانية زوجته الأولى أختفت بعد موت والدة ساندي .
أوقفتها في الحال عند عبارة (( موت والدة ساندي ))
قلت : ما.......ذا واااالدة ساندي توفيت ؟؟؟؟ كيف ؟؟؟
أجابت الأرملة : لا أحد يعلم فقط ما وصلني من زوجي قبل وفاتها أنه يخشى عليها كثيرا وفي حناياه شعور كبير بأنها ستقع بين أضراس الذئاب ، لكن لم نكن نتوقع موتها بهذه الطريقة السريعة ، هي كانت تخبر زوجي كل شيء لأنه كان خادم والدها فاصطحبته معها إلى بيت الزوجية ، واختارته عرابا لساندي لأنه المقرب إلى قلبها .
قلت : إذا والد الساندي الرجل المرموق تزوجها على طمع لحالتها الإجتماعية الثرية ... ؟
قالت : والد ساندي احترقت به سيارته وهبطت من الطريق إلى منحدر الوادي ولا أحد يعلم من قتله لأنهم وجدوا رصاصة في رأسه وقيد المحظر ضد مجهول .
قاطعها زميلنا
قال : أين تعرفت والدة الرهينة على زوجها الثاني ... ؟
قالت : لا أحد يعرفه ربما زوجي كان يعلم أكثر فخشي علي من المجهول لم يقص علي كل الأحداث وأنا لا أتقن قراءة الفرنسية .
قال : الفرنسية ... ؟؟؟ لما بالفرنسية وأين ستقرأين .
قالت : بين يديكم هذه كل المستندات التي سجلتها الأم قبل وفاتها واستأمنتهم بين كفي خادمها وعراب ابنتها ، وها هو يدفع ثمن السر الذي كان مكنون في صدره وعلى الورق .
صمتنا جميعنا ذهولا مما سمعنا ، ثم طلبت الزميلة من الأرملة أن تؤّمن نفسها وأن ترحل من هذه القرية حتى لا يعثر عليها المجرمين ولا يشتموا رائحة الموضوع أو المستندات . خرجنا في منتصف الليل وأهل القرية نيام هاتفنا ضابط المباحث فتلقينا منه الأوامر باصطحاب أرملة الخادم إلى قرية بعيدة بعد أن أعدت محتجياتها ، مبدأي أسكناها في نُزُل لننظر في حالتها فيما بعد .
اتجهنا إلى المدينة قاصدين مقر المباحث حيث هناك ينتظرنا الضابط بفارغ الصبر .
وصلنا فأوجزنا على مسامعه ماذا جرى معنا ، وكانت خطوتنا التالية هي أننا يجب أن نبحث وراء الرجل المرموق وبكل حذر لأنه معروف إعلاميا فلا نريد ضجة الصحافة الآن . أيضا سوف نحضر مترجما للمستندات التي حصلتم عليها ليحولها بلغتنا .
هيا هيا إلى العمل ، أما أنت ميرا ستذهبين فورا للبيت راحتك مطلوبة فأنت لا زلت متع......قاطعته قبل أن ينهي الكلمة ....بة .
قلت : لا مستحيل أن أذهب للنوم الآن كيف سأغمض عيني !!!! ونحن على أدراج فك اللغز الكبير ، لكن عندي سؤال مهم سيدي ، كيف أخفى الخادم أمر زوجته الثانية ...؟ وإذا كان صاحبنا المجرم بهذا الذكاء الخارق كيف يمرّ أمامه أمر كهذا ولا يفتش فيه ...؟
قال : أنت ذكية جدا سؤال وجيه ، يجب أن تعلمي ليس هناك جريمة مكتملة الأركان إلا وسيقع القاتل في شر أعماله . والأن أريحي دماغك من التفكير ، ..... ههههه ..... يكفي ثرثرة هيا أدخلي مكتب زميلتك هناك متكأ خذي قسطا من الراحة .
ضحكت .
وقلت : حسنا قبلت ، بالإذن سيدي .
ألقيت جسدي كجثة خامدة لا أعلم كم من الساعات غفوت ، صحوت مذعورة من صوت زميلنا أقبل هارعا .
قال : سيدي سيدي وصلنا تقريبا إلى ماضي الرجل المرموق ، سنذهب إلى بلده القديم مسقط رأسه لقد عرفت من أين هو ، هناك سوف نعلم كل شيء .
قلت : حسنا سنتحرك ليلا دون إحداث أي جَلْجلة استعدوا وسأكون على رأسكم في هذه المهمة .
نظر الضابط إلى النافذة ضاربا كفه بالأخرى ... متمتما (( ستقع أيها الوغد .... أخيرا سيُهدم الصرح على رأسك الذي صنعته من النهب والإجرام ))
و جاءت اللحظة الحاسمة ، ويا للهول ماذا يستطيع بني البشر من الفعل إن ماتت ضمائرهم .
7
اليوم التالي في منتصف الليل تحركنا من مقر الرئاسة للمباحث وكلنا أمل أن نحظى بأجوبة على كل تساؤلاتنا .
الغريب في الأمر أننا لم نتوصل لأي معلومات نستدل من خلالها عن إقامة ساندي ، هل هي مقتولة أم لا ، لكن شيء ما بداخلي يقنعني بأنها لازالت على قيد الحياة ، وأنها الكرت الأخير الذي سيحركه المجرم للخلاص من العدالة ، لذلك لن يتخلص منها بهذه السرعة .
هذه القضية أخذت منا الوقت الكثير ودربها حافل بالأشواك والمفاجآت .
وصلنا إلى مسقط رأس الرجل المرموق على حسب الخطة المرسومة لقد تصرفنا ، تفرقنا إلى فوجين لنعبر من مدخلين مختلفين للقرية عندما أدركنا صدر المكان ، توقفنا عند مقهى صغير مبني من أعواد القصب جدرانه والأرضية ترابية . الناس هناك بسطاء جدا وفي غاية الكرم والإستعداد للمساعدة .
خرج الضابط من السيارة وجلس على كرسي أمام المقهى طالبا كوب من الماء ، عندما أحضر له صاحب المقهى الكوب جلس مقابله ليتحدث مع الضابط والفضول نخر عينيه الجاحظتين في طاقم رجال المباحث القابعين في السيارة .
(( للتنويه أننا نرتدي ملابس عادية جدا )) ليس لها علاقة بالزي لرجال المباحث والجنايات .
لم يستطع القَهوَجيّ على الصبر فذرف أنفاسه تتلقط الأخبار لتنطق شفتيه بما يتغلغل في حشاه من أسئلة .
صاحب المقهى : أنتم من أين أشكالكم تقول أنكم أغراب عن هذه القرية . لم أرى أحد منكم هنا من قبل .
الضابط : نعم نحن رجال أعمال نوَد شراء قطعة أرض لبناء مستوصف لأهالي القرية ، سيكون العلاج فيه شبه مجانا .
القهوجي : هل أنت جاد فيما تقول ...؟
الضابط : أجل ولما لا إنني أملك ثروة طائلة وأريد أن أصرفها في الخير ومساعدة المحتاجين .
القهوجي : بارك الله فيك وفي مالك .
همس بينه وبين نفسه يتمتم بصوت خافت ولكن خانته حباله الصوتية فارتفعت شتائمه ليستمع له الضابط . فالتفت نحوه .
الضابط : ما بك يا رجل تتحدث مع نفسك أراك تملأ من الوهن أقداح .
القهوجي : نعم سيدي أنت ليس كالملعون رجل التلفاز المرموق ، الذي كبر على أكتاف أهل بلده سرقهم ونهب أموال المحتاجين بالبلطجة وتكبر عليهم بعد أن كان مُهْتَرِئ الملابس صعلوك متسول .
الغريب في الأمر أنه تزوج الأميرة الحسناء أرملة الرجل الفاضل الذي كنا نحترمه ونحبه جدا كان رحيم القلب طيب الطباع أصيل .
الضابط : ما الغريب في الأمر عادي جدا ..... ؟
القهوجي : نعم عادي إذا كانت الأوضاع بينهما عادية .
الضابط : كيف أفصح أكثر .
القهوجي : اقترب الي لا أريد أي أحد يستمع ويعلم ما سأخبرك ، كانا خصمين واحد طيب الأخلاق ، والثاني رديئ الأخلاق ، طيلة حياته كان يغار ويحسد ويحقد على المرحوم لرقيه وثرائه وعلمه ، وفي يوم زفافه على الأميرة الحسناء الثرية كان هو ورفاقه عند صالة الإحتفال ، وهدده بكلمات إجرامية قال له على مسمع بعض أصدقائهم (( يوما ما سوف أقتلك وأتزوجها و أنعم بنقودك أيها الثري المغرور )) ثم انصرف ليعربد في حانة الرقص التي يلتقي فيها ليلا مع أصدقاء الشؤم .
الضابط : آآآآآآه هكذا إذا .....!!!
القهوجي : ما هو ....؟
الضابط : لا عليك لا تكترث للأمر ، فقط تذكرت أننا على سفر وسنموت جوعا أين مطاعمكم ... ؟
ثم ربت الضابط على كتب صاحب المقهى ... ومازحه
قال : دلنا على مطعم جيد لا تكن بخيلا هههههه
القهوجي : يا سيدي أنتم تأمرون تفضلوا ، سأقول لأمي أن تعد لكم أفخر مأكولات قريتنا .
الضابط : ههههههه لا لا ليس لدينا وقت ، سأضع العرض المغري في ذهني و أعدك سترانا مرّة أخرى .
ثم مدّ يده في جيبه ، ناوله نقودا ليشرب الشاي والقهوة ضيوف المقهى تلك الساعة مجانا ، فرح القهوجي ودلنا على مطعم قريب ، صعد الضابط إلى السيارة كدنا نتحرك حتى توقف فجأة وعاد إلى المقهى ، ثم أخرج من جيبه صورة كانت في مستندات والدة ساندي ، وسأل القهوجي ما إن يعرفها أم لا .
الضابط : أعتذر لقد أعطاني صديقي هذه الصورة و طلب مني أن أسأل
عنها في قريتكم والقرى المجاورة لكم ، كان يحبها كثيرا وافترقت دروبهم ، أنظر فيها جيدا أتعرفها ....؟
ذهل القهوجي عندما أدركت عينيه الصورة وفتح فاهه وكأنه يريد ابتلاع موجة من إعصار قادمة نحوه .
القهوجي : يا إلاهي ... !!!! من هو صديقك ؟ ومن أين تعرفون هذه الفتاة ....؟
الضابط : صديقي رجل مهم جدا تعرف عليها في إحدى الحنات ، كانت تقضي أمورا وتشتري بعض الإحتياجات ، فعزمها على الغداء وبعد أن انتهوا رحلت ومن ذلك اليوم وهو يبحث عنها . هل تعرفها ...؟
القهوجي : أحمد ربك أنه لم يعثر عليها ، إنها سوء لكل من تقترب منه ، هذه دمية الرجل المرموق ، أتفهمني ...؟ كانت كظله ترافقه في كل مكان و أحيانا كانت ترقص على الطاولات مع المُومِسَات ، كانت تضرب والدتها وتأخذ نقودها لتشتري النبيذ للمتسول حبيبها .... ماذا أقول (( الرجل المرموق )) الآن في وضعه هذا ...!!! يستحيل أن ينظر لهذه الشاكلة من النساء ولو أنها على شاكلته .
بعد فترة رحلت من هنا وهو رحل ولا أحدا يعرف لها طريق . بعدها بأيام قلائل فقدنا والدتها لأنها غابت عن أعيننا أيام وجدناها ميتة في فراشها ربما قتلها الحزن من عار ابنتها .
الضابط : لا حول ولا قوة إلا بالله ، نعم شيء محزن للغاية . إذا صديقي نعتذر يجب أن نذهب الآن إلى اللقاء .
تمتم الضابط في صوت منخفض وهو يخطو نحو السيارة يقول ´´ ´´ لو تعرف من هي الأن وكيف تعيش ´´ ´´
تحركنا متجهين إلى المطعم ، نأ قسطا من الإسترخاء نملأ معدنا التي أصبحت تغرد كالعصافير من الجوع وطول السفر أيضا لنفكر ولنرسم خارطة نخطط على إثرها يدور محمور مسارنا القادم .
قرر الضابط بإحضار إذن من النيابة العامة لفتح قبري والد الرهينة ووالدتها الحقيقيين هذه أهم الخطى .
من ثَم يتم القبض على المجرم لكفاية الأدلة والبراهين إذا إكتشفنا كيف قُتِلا والأمر ليس سهلا أبدا وهذه مهمتي لإقناع سرايا المحكمة بأهمية إذن النيابة بحفر القبرين لهذه القضية .
قبل ذلك كله قررنا شراء أرض صغيرة باسم الحكومة تمويهية ، لنبعد شك القهوجي الذي حتما سيتسائل وتكثر ظنونه ، ولنتمركز في القرية دون هواجس وتخمينات القرويين . لتكون خطتنا محكمة يجب أن لن نترك فاردة أو واردة إلا و وضعناها في مكانها المناسب ، طبعا طاقم المباحث سيتغير والضابط وخاصة أنا لا يجب أن نظهر في الصورة .
اليوم التالي ذهبت أنا والضابط وزميلي المحامي إلى سرايا المحكمة لنقنع القاضي بالسماح لنا بحفر القبرين و أن يختم لنا التصريح بذلك .
بعد ساعات من إجتماع مغلق ودراسة كل الأمور ، إقتنع القاضي و سرح بالحفر .
علم والد ساندي المزيف أو(( الرجل المرموق )) بالأمر ولكنه لم يتفوه بكلمة ، أقبل إلى مقر المباحث متصنعا الحزن وأنه يريد معرفة آخر مجريات الأحداث . لمحني في دهليز المبني فجاء يرمح بخطوات سريعة نحوي ، وينادي باسمي .
الرجل المرموق : ميرا ... ميرا ابنتي انتظري .
ميرا : أهلا وسهلا سيدي . كيف حالك ..؟
الرجل المرموق : بخير بخير ... أعتذر عزيزتي لم أسأل منذ فترة عن القضية ، هل علمتم شيء عن ساندي ...؟
ميرا : لا يا سيدي ، كيف سنعلم والمجرم القبيح لم يتفوه بكلمة واحدة إثر زيارتي له في سجنه ، بل سخر منا .
بدت على وجهه علامات الإرتياح ، وكأنه كان واثقا من كلابه ، أنهم أوفياء له . نظرت له باشمئزار وفورة غضب تتملكني يا إلاهي كم أرغب في لكمه أو صفعه .
الرجل المرموق : أها .. أها ، نعم كيف سيخبركم وهو متأكد أنه سيعدم ليس لديه ما يخشى عليه .
ميرا : صدقت سيدي .
الرجل المرموق : إذا أعتذر منك ابنتي سأذهب لمكتبي لدي اجتماع مهم .
ميرا : تفضل سيدي ، وإن أصبح في حوزتي أي معلوماتي سوف أخبرك بها ، لن أبخل عليك .
تعتصرني موجة من الإحتدام ، لكن يجب أن نكمل الدرب إلى نهايته ، وأنا أحدث نفسي وأتسائل أي نوع من الأقنعة يرتدي هذا حتى جاء الضابط يتحدث إلي .
الضابط : حدسه في مكانه يا له من ذئب ، يجب أن نحتفظ بالسرية التامة ، اليوم سنذهب للحفر وإحضار الجثتين . سأبلغكم فور عودتنا .
ميرا : نعم سيدي وفقكم الله سننتظركم بفارغ الصبر .
ياااااااا الله كم اشتقت لأمي ، أنا أهاتفها كل يوم لكن هذا لا يغنيني عن أحضانها ، ومائدتها الشهية ، وعينيها المملوءة بالحنين .
فقررت أن أذهب إلى أمي ، أحضر ملابسا أخرى و أسلم عليها ثم أعود فتكون مهمة الضابط في الحفر قد انتهت .
ركبت سيارتي متجهة إلى بيتنا ، وفي الطريق و أنا سائقة شدّ انتباهي في المرآه الخلفية أن هناك سيارة تلاحقني خفضت السرعة لأبقى بين السيارات على إشارات المرور حتى لا أعبر الزقاق الخالية من الناس ، هاتفت الضابط فأرسل سيارة شرطة ورائي ، وأن أتصرف بهدوء وأكون طبيعية جدا .
في قرارة نفسي شعور بالعودة إلى مقر المباحث ، عتراني الخوف فخشيت أن أقع في مكر ملاحقيني ، أوقفت سياراتي عند حانة لشراء بعض الملابس ثم آلَيت إلى عملي وسيارة الشرطة ورائي دون أن أنظر إليهم أو أكلمهم .
بعد وصولي بساعة تقريبا عاد الضابط ، ومعه التابوتين سلمت الجثتين لقسم التشريح ، والآن ليس علينا إلا الإنتظار أيضا نترقب ترجمة مستندات والدة ساندي المكتوبة بالفرنسية .
الساعة الكبرى تقرع أجراسها على أبواب الفضول ، الكل في لحظات توتر وتكهن ما إن القضية ستفك فتيلة حبالها أو سنغرق في بحر الغموض أكثر فأكثر .
8
توزعنا كل لمكتبه لنكمل مشاغلنا الفرعية و إملاء بعض الإستمارات القضائية ، لكن التوتر سبغ لونه الرمادي على أذهاننا وقيّد التفكير لدينا . عرض علينا الضابط أن نذهب معه لتناول وجبة الغداء ، لأن نتائج المختبر ستأخذ بعض الوقت ونحن في حالة هيستيريا من الإضطراب وكلنا فضول لما سينبثق من ثغر النتائج . وصلنا إلى المطعم المجاور لمبنى المباحث وطلبنا وجبة الغداء ونحن منهمكين في الحديث عن ما إن كانت تكهناتنا لمفاتيح القضية صائبة أم خاطئة . قرع جرس الهاتف المحمل لضابط المباحث ، عمّ الصمت علينا وكلنا إصغاء تام للمتحدث في المحمول ، بعد أن أنهى الضابط المكالمة : قال : مستعدين للجولة ما قبل الأخيرة .... ؟ "بصوت مرتفع قلنا أجل " فتحركنا كلنا من أماكننا لنتوجه إلى المقر كلنا عزيمة وإصرار على المواصلة يُكلفنا الأمر ما يكلف ، أكثر من هدر أعصابنا وذهولنا المستمر ماذا سيحدث ، وكأنني واثقة من أن الحكاية كلها أوراق وتحاليل و استنتاجات لم أكن أعلم حينها أنني كنت أعوم في بحر المخاطر . المهم أدركنا سرايا المباحث ، وعارض طريقنا زميلنا المحلل المخبري ابتسامته تشق شدقيه من عرضها . الضابط : هات ما عندك ، أفرح قلوبنا لقد جارت علينا الأسابيع الماضية وسرقت النوم من مآقينا ، أه أنتظر لنغلق الباب . المحلل : أولا هذه نتيجة الجثتين ، الرجل مات شنقا ثم تعرض لكسر في الرقبة قبل أن يطلق عليه الرصاص ، والرصاصة التي وجدت أنذاك في رأس المغدور الوالد الحقيقي للرهينة موجودة ، ها هي أحضرتها من أرشيف المباحث للقضايا المسجلة ضد مجهول . قاطعه الضابط منبهرا ....!!! قال : عظيم عظيم ، هذه خطوتنا القادمة سنقوم بالبحث عن المسدس الذي أطلق منه النار وانبثقت منه الرصاصة . ميرا : أوا تظن يا سيدي أنه محتفظ به لحد الأن .....؟ الضابط : أيتها المحامية الرقيقة أنا أتكلم من منطلق خبراتي العملية ، عندما يكون لك في هي المجال اعوام طويلة ستفهمين المجرم جيدا وتستطعين تحليل شخصيته وتكوني نظرة عامة عن الحالة ككل . ميرا : حسنا سيدي تفضل أكمل . الضابط : هذه النوعية من المجرمين تربى في داخلهم الحقد وفي عقلهم الباطن يشعرون بالنقص والإهانة ، وهذا المسدس بالنسبة للرجل المرموق هو الشيء الجوهري الذي شيد كيانه وبنى له صرحا جعله مرموقا مشهورا ذو نفوذ وسلطان . المحلل : أما السيدة ماتت بسم بطيء هذا النوع من السم يجعل الإنسان غير قادر على التحكم في اعصابه ، يؤدي إلى القشعرية والحمى ، فقدان الشهية والتوازن ، لم يكن أحد يستطيع أكتشافه قبل وقتنا الحالي ومن سوء حظ القاتل الأن عندنا كل الأجهزة اللازمة لمعرفة ما إن كان الجسم مسموما أم لا . الضابط : إذا وجدنا المسدس سنصل إلى شوط كبير لفك فتيل القضية الشائكة . المحلل : بقي بعض الوقت لخطاط اللغة كي يرتب أوراق والدة الرهينة ، حينها سنعرف كل شيء . الضابط : حسنا لنقتسم إلى فرق ، فريق منا يذهب لقرية الرجل المرموق ، وفريق يبحث في سرايا الفيلا والحديقة ومكتب الرجل المرموق وكل الأماكن التي يتردد عليها . ميرا : سيدي بهذا نحن نعلن الحرب على والد ساندي ونأكد بأنه متهم . الضابط : لا تقلقي سنستدعيه هو وزوجته للتحقيق معهم ، أنتم في هذا الوقت تفتشون الفيلا طبعا بأوراق رسمية موقعة من القاضي للتصريح لنا بالتنقيب دون إزعاج . أكمل الضابط قائلا : نعم فلنعلن الحرب عليه لكن بصمت حتى نمسك بالخيط الأساسي لا تقلقي ميرا عندنا أدلة كافية للتشكيك في برائته ، الصورة التي وجدناها في رسالة الوالدة المغدورة ، وبأنها كانت زوجته . ولا تنسي زوجة العراب هي كرتنا الرابح سنستعمله في الخطوة الأخيرة ، لأنها تعرف والدة ساندي الحقيقية . إذا فل نتحرك الساعة الثامنة صباحا ، لنبحث على المسدس لنرى ما إن كانت الرصاصة التي في حوزتنا أُطلقت منه أو لا هذه خطوة مهمة جدا حينها سنرى كيف سيقيم عندنا أربعة أيام تحت ذمة التحقيق . بزغ الصباح وكأن ساعاته طولها شهر ، ما أصعب الإنتظار والتوتر يتدفق من أحشائنا كالنهر الفائض . الساعة تشير إلى الثامنة ، تحرك أول فريق لقرية الرجل المرموق(( المتهم )) قلبوها رأسا على عقب في المكان القديم أين ما كان يتعاطى ويسكر ، أيضا في بيتهم المهجور حفروا تحت الأطلال لم يعثروا على شيء . ذهب الضابط مع رجال الأمن لضبط واحظار الوالد للإستجواب . والفريق الثالث منهم أنا ذهبنا للفيلا ، تفحصنا كل ركن فيها ، لم نجد شيء وكم شعرنا بخيبة الأمل . أحضر الضابط المتهم إلى سرايا المباحث ، دخل المحلل عليه يحمل رسالة والدة ساندي المترجمة ، هاتفنا الضابط لنعود كلنا فورا إلى المقر ، عدنا وفي طريقي إلى المكتب لمحت والد ساندي المزعوم (( المتهم )) يجلس في غرفة التحقيق شاحب اللون ، غاضب ، ويسأل كل ثانية الحارس الأمني متى سيطلق سراحه ليعود إلى مكتبه . المهم إجتمعنا وبدأ الضابط في قراءة محتوى الرسالة .............. (( ~~حبيبتي الغالية ساندي لقد ملأتِ علي حياتي ، ماذا أقول والدك حبيبي وتوأمي كان في عمله الذي لا ينتهي ، لقد أهداني إياك الرحمن وأنت أجمل هدية من حبيبي أبوك . اليوم عيد ميلادك ، عرابك وزوجته يصنعون الكيك اللذيذ و يقومان بتزيين الحديقة . أنت تلعبين في الحديقة بين الأزهار كالفراشة بل كالأميرة الصغيرة كم أنت جميلة يا جوهرتي الثمينة ، لا أخفي عليك يا ابنتي قلبي تشتعل فيه نيران من الارتعاب لا أعرف من أين جائني هذا الإحساس أشعر أنني أختنق ، ربما انا فرحة جدا لهذا اليوم فلا سعادة تعادل سعادتي بوجودك في حياتي . بدأت أكلم نفسي وأقول : نعم سأطرد هذه الوساوس وأفرح معك ولَك ماذا سيجري كل شيء على ما يرام أحاول إقناع نفسي بذلك . آآآآه يا حبيبتي وكأنني كنت أعلم ماذا سيجري لوالدك كنّا ننتظره بفارغ الصبر أنهى عمله واشترى لعبتك التي كنت تحبينها جدا ، وفي طريقه إلينا أغتيل من بعض المجرمين لا نعرف من هم ، جاء رجال المباحث على الفور بعد الإنتهاء من نقل والدك إلى التشريح ، عندما لمحتهم أغمي علي عرفت أن هناك أمر خطير . أخبروني بما حدث ، و تحول عيد ميلادك إلى عزاء . في العزاء لم أكن في وعيي مجرد جثة جسد تجلس على الأريكة تستقبل المعزين . ذهب الناس وعدنا من الدفن ، لحق بِنَا رجل وقال بأنه صديق مقرب للمرحوم زوجي ، استقبلته وأخذ واجبه وعرض علي المساعدة لإنهاء أمور الورث و إجراءات المحكمة ، رحبت به . كان يتردد علينا كثيرا ، وكان يستقبله عرابك ، لا أكذب عليك يا ابنتي شعرت معه أنني أنثى من جديد ، لكن عرابك لم يكن يطيقه ولا يحبه أبدا ، فجاء هذا الصديق في يوم ليطلب يدي للزواج وافقت عليه حتى لا تتربي وحيدة . عرابك غضب لكنه لم يغير رأيي يا ابنتي فكرت بك أنت ابنتي وفكرت في نفسي كامرأة ، تزوجته وَيَا ليتني لم أفعل . كان معي في بادء الأمر رائعا كان يدللك و يحبك فشعرت معه بالارتياح . أحيانا كنت الاحظ اللؤم في عينيه ، فقط أفسره بالتعب من العمل والإرهاق . فالتمست له الأعذار . في يوم كان عرابك في قريته ، أنا كنت نائمة لا أعرف لما رقدت هكذا ربما أسقاني عقاقير حتى أغفو ولا أشعر بشيء . لسوء حظي وحسن حظه أفقت على صوت قهقهات في غرفة مكتبه ، سرت على رؤوس الأصابع لأرى ماذا هناك ، من وراء الباب لمحت واحدة تجلس على ركبتيه ، يتحدثان بلغة سوقية لم أعهده يتكلم هكذا ، و تلك الإمرأة كانت بالية الثياب تشرب الخمر وبكثرة . عدت إلى غرفتي ، فتشت ملابسه ، تحت رف من رفوف خزانته وجدت علبة خشبية مغلقة . تركتها مكانها وانتظرت حتى ينصرف للعمل ويعود عرابك من قريته لنفتحها سويا فوجدت عنه كل شيء يا إلاهي انه شيطان بل الشيطان يتعلم منه ، عرفت من هو من أين أتى ايضا في العلبة مسدسا وصورة الفتاة التي زارته في الليل . حينها عرفت بأني مغفلة جدا وبدات في كتابة هذه المذكرة فان مت حينها ستعرفين ان الثراء والفيلا والسيارات كلها لك و الشركة التي يترأسها هي لي ولولادك . يا ابنتي انا حالتي تسوء وتسوء ولا أعرف لماذا .... !! طلبت طبيب أحظر لي طبيبا للبيت ، او يُزعم أنه طبيب ربما من عملاءه و كلماطلبت شربة ماء يصر على ان يحضرها هو ، فأيقنت ان نهايتي قربت . عرابك لم يكن يستطيع فعل أي شيء كنّا مراقبان منه كل تحركاتنا كانت محسوبة علينا ، يجب ان تعلمي انني احبك جدا جدا انت قطعة من روحي يجب ان تعرفي يا حبيبتي إن لم أكن موجودة وأراك تكبرين أمامي تابعي للبحث عن الحقيقة الرسالة ستكون بحوزة عرابك وزوجته ، لا تدعي حقك يذهب سرابا ، تعلمي وديري أمور شركة والدك بنفسك ، عيشي حياتك وانتبهي لنفسك جيدا ، وعندما تتزوجين تريثي يا روح الروح قبل أن تسلمي نفسك لذئب يسرق مالك ويقتلك ، لا تسلمي رقبتك لمجرم . الذي قتل والدك هو زوجي والذي يحاول قتلي هو ربما بادر في ذلك هو وشريكته السوقية . يا عمري أنت هناك مخبئ في الحديقة وراء الشجرة الكبيرة البيت الخشبي الصغير لكم كنت أحبه ، عدة مرات راقبتك وأنت تلعبين بداخله وكأنك صاحبة البيت والدُمى هم أولادك عيناك تكاد تنطق من الضحك ووجهك وردي كالزهور ، أنت فرحة عمري التي ستُسرق مني كم أشعر بالنهاية تقترب لا أقوى على السير كثيرا . الأهم هناك بوابة صغيرة تحتها المسدس الذي قتل به والدك يجب أن تعلني الحرب على القاتل وتسلميه للعدالة ، أحمي نفسك جيدا وكوني محتاطة دائما . قلبي يؤلمني على فراقك أمك التي تحبك ~~ )) .... يا إلاهي كانت تعرف كل شيء لكنها لم تستطع إنقاذ نفسها ، خوفها على ابنتها كان أكبر من أن تعرضها للخطر . الإبنة كبرت وربما علمت كل ما جرى لعائلتها . لكن هناك سؤال مهم يجب أن تجيب عليه زوجة العراب المغدور . إنتظروا في الحلقة القادمة وماذا سيحدث . هل المحامية ميرا في خطر ... ؟ سنرى ...
9
عَلمنا بمحتوى رسالة الأم المغدورة ، وما أصعبها عندما يشعر الإنسان بأنه سيُقتل وينتظر حتفه في أية لحظة . أشرفت الشمس على الغروب ، والوالد أو القاتل ,, بالأصح ...!! أجل إنه القاتل مازال ماكثا في غرفة الإستجواب منذ ساعات . نشبت نيران قلقه ، وجحظت عينيه ومن عصبيته المفرطة انتفخت أوداجه ، بَكَّتَ رجال الأمن ووبّخَهم أكثر من مرّة وفي كل لحظة يطلب مقابلتي . الضابط رافض تماما ان يتيح لي مقابلته والتحدث إليه ، أيضا زف إليه خبر أنه ضيف على المباحث هذه الليلة بتهمة اغتيال والد ووالدة الرهينة واختتطاف ساندي . صرخ في وجه الضابط وقال القاتل : ماذا ....أنا ...؟ ماذا تقول ... أنا والدها أيها الوغد ، كيف تتهمني بقتل من ليس لهم وجود وخطف ابنتي....؟ أريد محامي العائلة حالا . الضابط :أولا أنت أخطأت في حق رجل القانون ، ثانيا لك الحق في ذلك ولن نستجوبك دون محاميك ، مقر المباحث الآن مغلق عليك الإنتظار للغد . القاتل : سوف أُدّفعك الثمن غالي ، سوف أحطمكم جميعا ، أتعرف من أنا .... !! أنـــــ........ااا. قاطعه الضابط . قال : أنت الملك ونحن الحرس غدا نرى من أنت تفضل إلى الزنزانة في صمت أحتفظ بشيء من الاحترام لذاتك . ذهبنا كلنا لنستعد ليوم مُمْتَلِىء بالعمل ونتَأَهَّبَ لنهاية القضية التي كرَّسنا فيها كل جهودنا وقوانا ، مع ان الخيوط كلها تشير إلى الجاني ولكن هناك بعض المُعضلات والمخاوف . ذهبت مع زميلتي لبيتها وهذا كان أمر من الضابط حتى نتفادى أية عرقلات أو مخاطر . لم أستطع أن أقفل جفني طوال الليل ، يعتريني شعور غريب ، أكاد أن أتقيء ، رياح هوجاء بداخلي بل كل الفصول تقابلت في معدتي التفكير يداهمني دماغي يكاد ينفجر كالبركان لكن سأحاول استغراق بعض الوقت من التفكير لأنام . مرّت ليلتنا بأعجوبة ، أشرقت شمس الصباح على عيني تداعب مخاوفي و كأن أشعتها تريد أن تمسح معالم الفزع من وجهي . أحضرت زميلتي الفطور ودعتني إلى المائدة ما إن لمحت الزاد حتى هرعت أستفرغ كل ما في معدتي ثم أصابني ارتباك ورعشة برد في أصابعي ، أسرعت زميلتي إلي لترى إذ أنا بخير . قالت : إجلسي ما بك أأنت مريضة ؟ قلت : لا عليك مجرد توتر وهذه ردّة فعل طبيعية ، اليوم يومنا يجب أن نعثر على ساندي . قالت : أنت متأكدة أنك بخير ...؟ قلت : نعم ... نعم لا تقلقي سأكون أفضل بعد حين . قالت : إذا استعدي إتصل الضابط ، سنذهب فورا إلى سرايا المباحث . إتجهنا دُون إِبْطاء إلى مقر المباحث . يا له من شعور لا يريد أن يهجرني ، وصلنا إلى آخر المطاف في هذه الظِنَّة فلا تراجع الآن لنستقبل ما تبقى من مُلابسات الْحادِثَة وليذهب كل من شارك في هذه الجريمة إلى الجحيم . المهم الأن يجب أن نقصد زوجة العراب ، وأن نعود إلى الفيلا لنكتشف المخبئ السري الذي ذكرته الوالدة المغدورة . وجدنا الضابط في انتظارنا وكله أمل أن نربط كل الخيوط لنمسك برأس الثعبان الذي دبّر وخطط واستولى على حقوق عائلة الرهينة وأن نوقف قطار الخسائر الذي ألحقها بهم المجرم ، وكم نتمنى جميعنا أن تكون ساندي على قيد الحياة . الضابط : هيا فليذهب الفريق الأول إلى الفيلا ، وأريد هذه المرّة نتائج سارّة أريد المسدس . ميرا : نعم ومن سيذهب إلى مخبأ زوجة العراب .... ؟ الضابط : لا تكوني عجولة كل في وقته . ميرا : أجل سيدي . الأَمْر شَدِيد الأَهَمِّيَّة مفتاح القضية كلها في المسدس ، أدركنا الفيلا فقدمنا أنفسنا للسيدة أطلعناها على قرار المحكمة بالتفتيش ، يا إلاهي كم كانت غاضبة تركتنا وشأننا وصعدت إلى الطابق العلوي ، من هناك بدأت تراقب ما نفعل ، من وراء الستار لنافذة حجرتها أرسلت نظراتها المسمومة هناك لمحها الضابط في بادء الأمر ، لكن الغريب أنها كانت تهاتف أحدا ونحن غارقين في الحفر بعد أن عثرنا على البيت الخشبي الصغير ، تصعّدت أمور النقب لكثرة الصخور ، نحتاج لعدة حتى نقص الأعشاب البرية التي تحوٍط الباب الصغير ولكسر الصخور يهل علينا الوصول لمدخل تحت الأرض ، ذهبت إلى اسطبل الخيول لأحضر مقص تقليم الأشجار . دخلت الإسطبل وما أحسست إلى أحدا يمسك يدي بشدّة قبل أن أحدث صوت وضع منديلا أغلق به فمي . لم أشعر بشيء إلا عندما وصلوا بسيارتهم النقل إلى مكان منفي حينها بدأت أن استعيد رشدي من الإغماء فحملوني وألقوا بي في غرفة مظلمة و يدايا مكبلتين بحبل غليظ ، صرخت وبكيت لكن لا جدوى لا أحد يسمعني وكأنني في آخر الدنيا ، وأنا منهمكة بمحاولتي فك الحبل ، حتى سمعت جَلبَة شهقات وزفرات بهمس مختنق ، تلفت ورائي فلم أشعر بنفسي كيف وصلت زحفا إلى مصدر الصوت من دجنة الغرفة لم ألمح صاحب أو صاحبة الصَخَب وضعت وجهي على الجسد الملقى على الأرض ، حتى بكت وحاولت أن تتحرك ، خاطبتها . ميرا : من أنت .... ؟ وماذا جاء بك إلى هنا .... ؟ فردت علي بصوت حزين تتلعثم بالكلام وكل جسدها يرتعش . قالت : أنا المحامية ساندي فرنك . ذهلت فاعترتني مشاعر كثيرة لا توصف ، ولا أعرف هل أفرح لأني عثرت على ساندي أخيرا ، أم أحزن على نفسي وحالها . ميرا : سااااااندي حبيبتي صديقتي أنا ميرا ، كنت واثقة أنك على قيد الحياة ، كيف ... وماذا حدث حتى أصبحت في هذه الحالة رهينة للأوغاد .... ؟ بكت كثيرا وقالت . ساندي : في يوم من الأيام سألت التي كنت أظنها أمي لماذا هي باردة المشاعر نحوي ماذا فعلت لتكرهني أنا ابنتها لما لا تحن علي كباقي الأمهات . ميرا : بالتأني حبيبتي أكملي . ساندي : في لحظة غضب ، علا صوتها قائلة : ومن أخبرك أنني أمك ..!!! حينها انتابتني الدهشة لكن كلامها بقي راسخا في ذهني ، قصدت عرابي الذي لا أفارقه الا في أوقات عملي كم أحبه أرافقه وأجلس عنده كثيرا ، أشعر في قربه بالأمان وكأنه والدي . بعد أن أعد لي كوبا من الشكولاتة الساخنة جلس بقربي يمازحني وكأنني طفلة صغيرة ، حتى فرت من عيني دمعة لم أشعر بهروبهم من بين أهدابي فسألني ماذا يشغلني فتحدثت إليه وقلت له ماسمعته من تلك المجرمة . سكت طويلا ثم تنهد وقال يا ابنتي اهتم بعملك ودعك من خزعبلاتها ، انها سيدة صعبة لا عليك منها من شدّة احتدام نار غيظها تهلوس بأي شيء . ميرا : نعم أكملي غاليتي . ساندي : لمحت في عينيه تعاسة وكدر ، فأشغلت نفسي بمعرفة ما وراء جدار الصمت و الفزع لدى عرابي . ذهبت إلى الحمام الخاص بمن كنت أظنها أمي أخذت فرشاتها الأسنان ولملمت شعرها من على مشطها ، ثم قصدت المخبر الخاص بنا في مبنى المحكمة . حينها عرفت أنه يستحيل أن أكون ابنتها ، فأخذت الأوراق واتجهت إلى شركة والدي وكلي غضب لما أخفى عني أنها ليست أمي فقال لي أهدأي سأخبرك كل شيء في وقته ، فأحضر لي كوبا من عصير الليمون ألقيت بالكوب أرضا حتى كسر فتصنعت أنني الملم شرائح الزجاج ، جاء ليساعدني فجرح أصبعه وجدتها فرصة لا تعوض لأعرف هل هو أيضا والدي أم لا أخذت القطعة التي طليت بدماءه ، لا أعرف لما وسوست لي نفسي بأنه ليس والدي . عدت إلى المحمة أيضا حللت دمي ودمه فتأكدت إنه حتما ليس أبي ، بدأت أجمع الأدلة ولكن لم ألحق بأي شيء غير أنني في تلك الليلة تهجم على شقتي لصوص وها أنا ذا كما ترينني . لكن أنت ما جاء بك إلى هنا يا ميرا . ميرا : لحسن حظك أنني كنت في الخارج ولمحت لصا يحمل كيسا قماشي كبير فتابعت القضية الأهم أنك بخير ويجب أن نحاول الهرب ، أصبحنا اثنتان . ساندي : لكن كيف ....؟ ميرا : اسمعي أولا يجب أن تفكي لي هذا الحبل في رأسي مشبك للشعر هاتيه و حتي به الحبل حتى يقطع . ساندي : حسنا هيا أنزلي برأسك إلى حجري أنا لا استطيع الوقوف . ميرا : لا لالا احذري كلمة لا أستطيع لا تكرريها ثانية واحدة انسي انك رهينة ومقيدة يجب أن نتخلص منهم ، لأنهم سيقتلوننا رقابهم في كفينا على خارطة الاعتراف تقريبا ، ولدينا من المعلومات والأدلة الكثير . في ذاك الوقت اكتشف رجال المباحث أن ميرا غير موجودة . زميلة ميرا : أين ميرا تأخرت كثيرا أحدا منكم يذهب ليرى ماذا حلّ بها . أَفِلَ اثنان من رجال المباحث فلم يعثرا عليها . ووجدا هناك أثار لأقدام مختلفة وغريبة على أَديم أرض الإسطبل ، بسرعة فائقة هاتفت الضابط . قلت : سيدي ميرا خطفت . دوى صوته غاضبا كجرس سيارته . الضابط : أين أنتم عنها وكيف حدث هذا .... ؟ ماذا تفعلون أوجدتم علبة المسدس ...؟ قلت : سيدي عثرنا على العلبة الخشبية هي مغلقة بقفل كبير . وأنا أتحدث للضابط حتى أبصرت السيدة تحاول الهرب . قلت : سيدي ... سيدي المرأة صاحبة الفيلا تحاول الهرب . الضابط : اقبضوا عليها فورا لا تعودوا إلا وهي معكم أريدها حية ترزق ، أسمعتم أريييدها حية ترزق ....!!! قلت : أمرك سيدي . فتحركنا إلى موقف سيارة السيدة كادت تفلت من أيدينا لكننا كنا أسرع منها فتم القبض عليها ، واتجهنا إلى مديرية المباحث . أُحضر الرجل المدعي أنه والد الرهينة ، ودخل عليه الضابط حَانِق تكاد أوتار رقبته أن تتمزق وتخترق جلده . الضابط : حكايتك أوشكت على النهاية ، أنطق الآن أمرت من بخطف ميرا ...؟ القاتل : لا أعرف ألست ضيفكم إبحث أنت على من قام بخطفها . الضابط : لا عليك زوجتك المصون ضبطناها وهي تنوي على الهرب ، عاجلا سنعرف كل شيء أيها اللص المجرم ، أنكشف أمرك وفٍضح سرك . محامي القاتل دخل الغرفة محاولا الإطاحة بالضابط مهددا بأنه سوف يحاكم الجميع لسوء معاملتهم لموكله وزوجته لأنهم من الطبقة المرموقة وشهرتهما تثبت جدارتهما و حسن سلوكهما . فتمتم الضابط قائلا . الضابط : سنرى من يحاكم قريبا . أخذ الضابط رجال المباحث واتجهوا إلى مخبأ زوجة العراب ، فقبل أن تفتح لهم أسمعوها كلمة السر (( العراب )) فذهبت ومعها مفاجأة من العيار الثقيل لم تفصح عنها من قبل ، وضعتها كوديعة حفاظا على نفسها من القتل . طلبت من الضابط لتحضر باقي المفاجأة من حيث تتواجد . ثم توجهت دورية المباحث إلى القهوجي ليتم إحضاره للشهادة فقط . عندما رآهم القهوجي و لمح الضابط بزييه ، انخطف لونه برد جسده وتدلت شفتيه من الدهشة قال : .... القهوجي : هذا اااااااااانت .... ؟ لا أكاد أصدق . الضابط : ألم أخبرك أننا سنتقابل قريبا ، هيا جهز نفسك لتذهب معنا كشاهد ملك . القهوجي : على ماااااااذا ...؟ الضابط : ستعرف كل شيء ريثما ندرك مبنى مباحث الجنايات . سكت القهوجي وهو في صهوة الذهول مما يجري حوله . نظر إليه الضابط وسأله . الضابط : حتما تذكر الرجل المرموق . القهوجي : أجل سيدي وكيف أسهو عنه وهو أساس بلاء قريتنا . الضابط : حسنا بل ممتاز ، هل تعرف شيء عن أماكن كان يتردد عليها الرجل المرموق ...؟ أو مخبأ كان يتعاطى فيه غير مكانه المعتاد في بلدتكم . ...؟ القهوجي : نعم سيدي أذكر أن هناك ما يشبه بمغارة عندها بيت خشبي تحوطه الأشجار ويتدفق من هناك نبع يصب في الوادي الكبير للبلدة . هو ليس بعيد من هنا . الضابط : دلنا عليه بسرعة . القهوجي : دع السائق يعود للوراء قليلا هناك طريق فرعي ترابي يستعمله رعاة الغنم دائما . سيروا على طول الدرب الترابي قبل نهايته هناك كومة من صخور كبيرة من ثَم تكمل السير على الأقدام بالسيارات لا تستطيعون الدخول لضيق الطريق . الضابط : عظيم وصلنا ، أنت تبقى في السيارة و معك السيدة برفقتها طفلة وسيبقى معكم السائق ورجل أمن . القهوجي : أمرك سيدي . تسلل الضابط و رجال المباحث مسلحين قبل وصلهم إلى الكوخ أكملوا الدرب زحفا حتى لا يبصرهم أحد . تمركزوا وحوطوا الكوخ مصوبين اسلحتهم نحوه ، ثم راقبوا عدد الموجودين هناك . الضابط : استعدوا هناك رجلين جالسين على أريكة وواحد منهم يقف ناحية الباب ، هيا نكمل الزحف ، نصفنا يبقى في الأمام والنصف الآخر خلف الكوخ . هزوا رؤسهم بالتأكيد . النصف الذي من الناحية الخلفية قبعوا تحت الشجر عند الكوخ تماما ، فنظر أحدهم بحذر شديد من النافذة واذا به يهمس لزملائه ، بأنه يرى أحدا هناك يتحرك ، فأخذ مطوى كبيرة يحاول فك الشخب الهش ليعبر للداخل لأن الغرفة معتمة لا يحسن رؤية من فيها . شعرت ميرا بوشوشات من الخارج فتحركت نحوى النافذة بعد أن نجحت ساندي بتمزيق الحبل وفك قيدها ، ثلبت من قميصها قطعة صغيرة مسحت بها النافذة ليعبر منها قليلا من شعاع الشمس ، حتى ترى من في الخارج لمحها رجل المباحث ، فطلب منها أن تلتزم الصمت وتبتعد عن النافذة ، وتحاول جاهدة مساعدته في تكسير بعض الشيء من الخشب المهترء نجحا بحفر طاقة صغير تكفي أن تعبر منها إلى الخارج ، ذهبت إلى ساندي بوجس ... قالت ميرا : ساندي هيا حبيبتي اتكئي علي ذراعي وحاولي الزحف قليلا ، أرجوك لا نريد إشعارهم بشيء أعدك أن كل الأمور ستكون على ما يرام . ساندي : حسنا ميرا أنا معك . ساعدت ميرا ساندي حتى أوصلتها للحفرة وضعت رأسها ثم سحبها رجال المباحث بمساعدة ميرا لها . ثم خرجت ميرا فتحررت المحاميتان . وميرا تزحف لتصل إلى الضابط أحدثت صوتا أيقض المجرمين حتى هرع واحد منهم ليلقي نظرة على الرهينتين لكنه فَجَع بما حدث فصرخ يتحلف بأن يمسك بهما خرج واحد منهم ليلحق بميرا وساندي حتى وجد المباحث أمامه ، سلم نفسه دون أن يتفوه بكلمة ، لكن الأبله الذي في الداخل من فزعه وقلة تدبيره أطلق النار على المباحث فتصاوب رجل منهم برصاصة قاتلة ، فهجم رجال المباحث عليهم وعلت الأصوات والضجيج وردد الضابط قوما بتسليم أنفسكم أنتم محاوطون لا مجال للفرار هي سلما أنفسكم وتبادلوا إطلاق النار حتى تصاوب القاتل . عاد رجال المباحث إلى مقر النيابة ، وكلهم عزيمة و في يدهم الرهينة وميرا يا ليتعاسة الرجل المرموق وزوجته . نظر الضابط لميرا ابتسم قال : أيتها المشاكسة الذي تعرف عليك وأنت في المشفى لن يصدق أبدا أنها هي بنفسها اللبؤة المتمردة التي تقف أمامي الآن . ضحكت بغبطة وسعادة كبيرة تغمرني أنني كنت بحدسي على حق أن ساندي ما زالت على قيد الحياة . ميرا : سيدي كل الإحترام لحضرتك لقد تعلمت منكم الكثير في هذه الفترة الوجيزة . ذهبت لزيارة ساندي في المشفى ، أطمأننت عليها حالتها الصحية في تحسن ملحوظ أما النفسية فما زالت محبطة قليلا ، لم أشأ أن أخبرها عن ما توصلنا إليه من معلومات حتى تستعيد صحتها ، ولكي تواجه الإعصار الأخير في المحكمة لنقفل باب هذه القضية التي طما فيها ماء نهر الكره لما صنعه الجاني المتصنع الأبوة . ثم توجهت إلى سرايا المباحث لأقابل أرملة العراب لا أعرف لما أشعر بأنها تخفي سرا ما زال في حوزتها . طرقت باب غرفة الجلوس والإنتظار طرحت عليها السلام ، ثم لحق بي الضابط ومعه زميلة من المباحث مصطحبة صبية تكاد تكون في الرابعة عشر من عمرها أو أكثر . نظرت إلى الضابط باستغراب ، فابتسم . قال : ستعلمين كل شيء لا تقلقي ، هيا كلنا لغرفة المتابعة من وراء الزجاج ستتلقوا كل المعلومات سنقوم باستجواب الجاني أولا ثم شركاؤه وزوجته . أما القهوجي وأرملة العراب والصبية فهم مدعوين للشهادة . فُتح المحضر بساعته وبدأنا التحقيق بعد أن أكتملت لدينا كل الأدلة ضد المجرم وأعوانه . التحاليل تؤكد بأن الرصاصة التي قتل بها والد ساندي من المسدس الذي عثرنا عليه في حديقة الجاني ، هو من أطلق النار والذي قام بكسر الرقبة فهي الجانية زوجته المغدور لم يمت فورا فمن غلها كسرت رقبته ، هذا اعترافها ، أما هو فكابر حتى ألقينا أمام محاميه تحاليل دم ساندي يستحيل أن تكون ابنتهم . أيضا بصماته على أداة الجريمة واضحة و من سوء حظه السم الذي قتلت به والدة ساندي احتفظ بقارورته مع المسدس وكان كل سنة يحتفل مع زوجته بانتصارهم وكان يضع المسدس والقارورة ليشكرهم لأنهم سبب ثرائه ، يا للجنون وقباحة الإجرام . حولوا جميعا للنيابة ، بإنتظار أول المحاكمة . وجاءت الساعة الكبرى والمفاجأة الثقيلة ستفجر في قاعة المحكمة ، أول من سئل القهوجي وضعنا أمامه صورة الجاني في ريعان شبابه فتعرف عليه و أشار بأصبعه نحو الجاني بأنه هو الرجل المشهور صاحب الصورة . أيضا تكلم عن حالة من الفوضى التي عيّش فيها أهل البلدة لسنوات وعن التّخريب والخروج عن القانون ومحاربة الحكومة وارتكاب الجرائم والتزوير والبلطجة وكانت زوجته الحالية شريكة له وبعض أصدقاء السوء . ثم جاء دور أرملة العراب . عندما دخلت سئلت هي الأخرى عن الجاني فأجابت ، ثم وضعت على طاولتي ومكتب القاضي صورا للزوجين المغدورين ، وإذا بها تستأذن بإدخال الصبية التي رافقتها ، سئلتها من الصبية .... ؟ قالت : دعيها تدخل ، وسترين . ميرا : حسنا فلتتفضل مشكورة . ما إن دخلت الفتاة حتى ضاج الجاني و أول مرة تتفاعل مع الحدث زوجته وصرخا كلاهما ابنتي . جلست من هول المنظر والقاضي يطلب منهما الكتمان فورا واعادة الهدوء في القاعة ، لكن الجاني جن عقله وكاد يقفز من بين المقاعد ، لم أفهم تصرفهم حتى نطقت أرملة العراب . قالت : هذه ابنتهم الوحيدة ، وأنا في منفاي الذي أمنني فيه الضابط والاستاذة ميرا خرجت لأقضي بعض الحاجات ، كانت تجلس هذه الصبية على مقعد يتوسط المدينة عند مطعم كبير وتبكي بحرقة حتى أشفقت عليها ، جلست بجانبها وشدني الفضول لأكلمها وأعرف ما بها فردت علي . الصبية : أتعرفين هذا الرجل الذي في التلفاز ....؟ أرملة العراب : نعم اسمع عنه كثيرا . الصبية : إنه والدتي ووالدتي تعيش معه لا أراه إلا كل سنة ساعتين ، يتفقد أحوالي ويذهب لم أشعر يوما بحنانه ، أيضا مي قاسية الطباع جدا . وضع وديعة بإسمي وكتب لي شركة كبيرة و أطيان لكن لا استلذ منهم بفلس واحد . أرملة العراب : حينها أيقنت أنه احتاط لنفسه وعرف أن فضيحته قربت ونهايته على الأبواب حتى لا تذهب ثروة ساندي لها كتب كل شيء بإسم ابنته . ميرا : أشكرك جدا جدا لقد أنقضت ساندي من الإفلاس وضياع أتعاب والديها . ثم دخلت ساندي وهي آخر المدعوين و أكثر المتضررين . فقالت ساندي : لا أطلب سوى شيء من عدالتكم الموقرّة ، أن يعدما ليُشفى غليلي . لكم أحتقرهم حرمت من والدي وأُختطفت وسرقت أموالي لن أسامحهم أبدا . ميرا : الأدلّة كلها ضدهم اطمئني لن يروا جميعهم ضوء النهار بعد اليوم . خرجنا من سرايا المحكمة تنتابنا مشاعر اختلطت بالحزن و الفرح والإرتياح والانتصار لا أعرف كيف أعبر عنها . أما ساندي فطلبت من أرملة العراب أن تمكث معها في الفيلا ، ابنة المجرمين تولت أمرها لجنة رعاية اليتيم . وساندي كانت كريمة معها تركت لها وديعة قييمة حتى تبلغ سن الرشد تبتدأ حياتها بها ، هي ليس لها ذنب ولم تختر والديها . والقهوجي عزمنا عنده وقال والدته ستطبخ لنا ضحكنا جميعا وقبلنا العزومة . أما أنا سأرتمي في حضن أمي لكم اشتقت لحنانها ، واشتقت لأشتم عطرها وأقبلها آآآآه أمي حبيبتي . توجه كل منا إلى حياته العادية وانتهت القضية .
النـــــــــــــــــــــــــــــــهايـــــــــــــــة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق