الصفحات

حلم شجرة البلوط ــ قصة قصيرة || فوز الكلابي

مدتْ جذورها عميقاً في الارض , شعورها بالامان جعلها ترفعُ أغصانها المورقة عاليا نحو السماء , فاحتضنت بحنان جميع الطيور التي أتخذت من تلك الاغصان موطنا لها ولصغارها من بعدها , لم ينل منها شيئاً تقلب الفصول عليها , فريح الخريف لا تغنم منها بعد كل معركة الا ببضع وريقات صفراء متمردة تحملها الريح لتتركها تواجه قساوة الشتاء ووحشيته بالصبر والامل متعللة بمقدم الربيع ليهبها الحياة مرة أخرى , لكن , هذه المرة أهداها شيئاً أخر , فذات نهار, حين رأت شجرة البلوط ظلها يتمايل برشاقة وخفة تحيطهُ أشعة الشمس الوهاجة , وقعَ حبهُ في نفسها عميقاً حتى لامس الجذور , سرتْ في
أوصالها رعدةٌ قوية أهتزتْ لها الاغصان والاوراق , تساءلت عن سرها العصافير التي كانت تطير فوقها , لم يعدْ يراودها منذ تلك اللحظة سوى حلمٌ واحد, أن تعانقَ ذلكَ الظل , أمسى ليلها ساعات أنتظار مؤلمة موحشة لا ينجيها من أنيابه شيء سوى مقدم النهار الذي يحضره اليها , وتقضي النهار في مراقبته والحسرة تخرج من أعماقها ليملأ المكان عبير زهورها , كل هذا وهو لاه عنها منشغل ماداً أغصانهِ الطويلة لمراقصة كل نسمة تسري بجانبه, دبت الغيرة في جسدها وسرت مسرى الماء في الجذور, فكرت مرارا في الاقتراب منه, وما ان فعلت ذلك حتى زحف بعيدا عنها وتلاشى بهدوء تحت عتمة الليل تاركاً الوحدة تمزقها , نال الجزع منها والبكاء فتساقطت دموعها ورقة اثر ورقة لتحيط بالجذع الذي فقد كل رغبة في الحياة ,هجرتها الطيور بعد ان تيبست اغصانها وتشققت , اثار منظرها رعب الزهور التي تحيط بها , حتى جاء ذلك الصباح ليسمع الجميع انين حفيفها وهي تهوي على الارض التي احتضنتها منذ ظهور اول جذر لها بعد ان نالت منها ضربات فاس قوية, أنذاك فقط , عانقت شجرة البلوط ظلها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.