الصفحات

لا لا _ قصّة قصيرة | طاهر الهاشمي

استقليت حافلة أحلامي التي تداخلت نوافذها حتى باتت أشبه بخلاء فقد جهاته , وانحدر إلى غور سحيق ..
لم تكن الابتسامة التي تورّدت على الشفتين اختلاساً لحالة استعصت على التفسير , قادرة على مفارقتي , فأنّى يمّمت وجهي تتخايل أطيافها وتتراقص ظلالها ناشرة حولي أبخرة سحريّة , سرعان ما يبدّدها صوت عابر , أو طلقة ضالّة ..

أدفع عمري ثمناً لأعرف لماذا تركتها ترحل , وكيف لم ألتقط شارتها البرقية حين أزهر في عينيها شتاء موقوف على قارعة المفارقة .. كنت ملتبساً بما يضارع انقلاباً لفصول رواية قاربت النهاية , بل بتّ أرنو مستشفّاً ما وراء هاتيك البحيرتين الواعدتين بغرق القلب في محيط التفسير .
_ انتظري .. لحظة من فضلك , ما رأيك بكأس عصير على ناصية بالجوار ؟
_ شكراً .. إنني على عجلة من أمري , فقد أزف موعد سفري ..
لوّحت لي بكفّ وداعتها منطلقة إلى غيابات هواجسي وتخميناتي اللامنتهية
ضربّت راحتيي الواحدة بالأخرى فأحدثت فرقعة جفلت لها جوارحي الموشكة على البكاء ..
كنت وحيداً إلّا من حضورها الذي ملأ المكان ألواناً وعطوراً لا أظنّ أنيّ سأدركها يوماً آخر في تلك الحياة ..
_ عفواً .. هل تسمح قليلاً لأستطيع العبور ؟
تنحيّت غير مكترث لنبرة الصّوت التي خلتها آتية من أعماقي , أفقت مدهوشاً لتلك الحالة الغريبة , تلفّت أستطلع العابرة متنحّياً قاب ضلعين من شرود .. عبرت ملتصقة باستدارة قلبي المشغول بأخرى غادرت للتّو .. لفحت حساسيتي أنفاسها الليلكية , تناثرت دررها على سواد ارتيابي ..
تسمّرت ذاكرتي على وقع خطواتها ... انتفضت روحي تريد اللحاق بظلّها , استدركت أنني مشدود إلى نقّالة ينطلق بها ماردان من بياض وكافور , وإحدى يديّ تلوّح لها بمنديل من دموع وحرائق لا تريد الانطفاء ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.