الصفحات

البروفسور و الراقصة | عبد الحميد دلعو ـ راوند

عندما مات بروفسورنا العظيم و باحثنا الكبير الذي كان ينام في المخابر متكئاً على يراعه، ثم يفيق و العلم مشرشراً من أكواعه ، لم تنعاه أي محطة فضائية لا رئيسية و لا عابرة ، و لم تهتز من أجله لراقصة أيّة خاصرة ، و لم ينبعث له مسيحاً لا من أورشليم و لا الناصرة .... بل لم يدر جفنه الأيسر ما وُسِّدَ جفنه الأيمن ... ! حيث دفنه أبو عبدو المقبرجي وحيداً إذ شحطه إلى قبره شحطاً ... و مَعَطَهُ بالتراب و الرّمل معطاً .

أما عندما ماتت الراقصة شين قاف ميم و التي لعبت دور البطولة في فلم (عاهرات ولكن) ..... فاهتزت لموتها أركان الإِعلام و شامخ الأَعلام (بمرفوعها و منكوسها )، و فارت لها بحور الله بكاملها و مجزوئها و ارتعدت لها فرائص المجتمع العلمي بأبحاثه و مخابره و فئران تجاربه و دمي و دموعي و ابتسامتي ... و هَدَرَت بنعوَتها وكالات الأنباء و منابر الدين و حناجر الشعراء من المحيط إلى المحيط ، حتى أن ثريّا القاعة الكبرى في معهد (اللّوفر) سقطت فأتلفت أقدم قطعة فنية في التاريخ ، و خرج قطار عن سِكَّتِه لأجلها في المريخ .
ثم أشرف على دفنها الملوك و الوزراء و الحواشي العظماء من أكلة المحاشي الظُّرَفاء، صانعي التاريخ و راسمي الحدود و مخططي السياسات الدولية مائة عام إلى الأمام.
ثم كفِّنت رضي الله عنها بالعلم الوطني و عزف على شرف ثدييها النشيد الوطني و أطعمت على روحها كل الكلاب في المعمورة.
رحم الله شين قاف ميم فقد كانت شين كبيرة و قاف رهيبة و ميم تهز الكوكب !
كوكب مجنون يهتز لموت راقصة و يزف العظماء بصمت إلى رثِّ قبورهم.

 عبد الحميد دلعو ـ راوند

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.