الصفحات

زجاجة فارغة ...*متولي محمد متولي

⏪⏬
استغرق وقتا طويلا ؛ ليصعد إلى سطح العمارة ! كان يتوقف قليلا في نهاية كل طابق ؛ ليلتقط أنفاسه ، وكأنه يلتقط أنفاسه الأخيرة !متزعندما وصل ، رفع زجاجة الخمر التي يمسكها بيده ، وأفرغ كل ما بها داخل فمه دفعة واحدة ، ثم ألقى بها في الهواء ؛ لتسقط في الشارع !
لم تستغرق أكثر من ثوان معدودة لتصل إلى الأرض ، لكن يبدو أنها بدلا من أن تصطدم بالأرض اصطدمت برأس أحد المارة ، فأصابته إصابة بالغة ؛ وفجَّرت نافورة من الدماء ، فسقط على وجهه في نهر الطريق وسط الأمطار الغزيرة ، شاهد الناس الرجل وهو يهوي مضرجا في دمائه ؛ فأصيب الجميع بالذعر ، وطفقوا يجرون في كل اتجاه ، وهم يظنون أنه إطلاق نار ، واصطدمت السيارات ببعضها !
ابتسم وهو يشاهد – من عل ٍ- كل هذا الهرج والمرج الذي أحدثته الزجاجة الفارغة !
بعد قليل ، ووسط مزيج عجيب من أصوات سيارات الإسعاف ، وسيارات الشرطة ، وعربات المطافئ ، ظهر صوت مذيع النشرة الإخبارية لإحدى القنوات التليفزيونية ، وهو يعرض تفاصيل الحادث الإرهابي مستعينا برواية شاهد عيان .
على شاشة القناة ظهر وجه الشاهد الذي أخذ يروي تفاصيل الحادث ، وكأنه كان يشاهده لحظة بلحظة ، إنه نفس الرجل ! ومع أنه كان يترنح أمام الجميع ، ورائحة الخمر تفوح من فمه ، إلا أن المذيع أشاد به قائلا : - هذا الرجل الذي شاهد تفاصيل الحادث الإرهابي عن كثب من فوق سطح هذه العمارة ، ورأى الإرهابيين وهم يطلقون النار فيقتلون رجلا ويصيبون عددا آخر من الضحايا الأبرياء ، كما ترون لا تزال آثار الصدمة والخوف والفزع واضحة على وجهه ، من موقع الحدث نقلنا لكم تفاصيل الجريمة الإرهابية حصريا ، وقبل أي قناة أخرى !.
-
*متولي محمد متولي بصل
دمياط
ـــــــــــــــــــــــ
➤من المجموعة القصصية " الديك ذو العرف الأبيض "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.