الصفحات

الأرامل ... في ( جامعة المنارة ) الدفعة الأولى لكلية فنون الأداء - قسم التمثيل

⏪⏬
أحداث العرض
في أجواء كافتيرا ( فسحة المنصة ) لا يتجاز عدد طاولاتها الثلاثة تدور أحداث عرض الأرامل ..
ومن البداية تدخل الأرملة الأولى ( مها الشيخ ) بلباس الحداد الأنيق .. ثم تتبعها من الجهة الأخرى الأرملة الثانية ( رغد ديب ) وهي أيضاً بلباس الحداد الأنيق .. وبعد أن تتبادلا النظرات خلسة وتسترق كل منهما قراءة حالة الأخرى ، تسأل الأرملة الثانية الأرملة الأولى عن كونها أيضاً أرملة ، ثم يبدأ الحوار بنبرة التعالي لنكتشف أن هناك أمراً مشتركاً بينهما ، وبالتدريج يتبين أن كل واحدة منهما يخونها زوجها مع الأخرى ..
ومن طبيعة الحوار الندي يكتشف المتلقي بأن اهتمام الأرملتين مجرد حالة شكلية ، وبتعبير آخر أقرب للسطحية على مستوى شكل اللغة .. وليتبين بالتدريج أن معد ومخرج العرض الدكتور عمران قد تعمد أن تكون تلك اللغة متشابهة ، وكذلك الأمر في السلوك والإيحاء بأن معظم شباب اليوم ـ وهذا لدى الصبايا أكثر وضوحاً بالطبع ـ يتشابهون بالسلوك واللغة والشكل .. فلم تعد هناك سمات واضحة للفرد ... وذلك ليس فقط ببلد معين وإنما بمعظم بلدان العالم ... ذات الشفاه ، نفس الأنف المصنوع ، الخدود المنفوخة ، كذا الأثداء والأرداف .. وهذا ينطبق على كل شيء حالياً على مستوى الإهتمام بشكل عام ..
ولأن ذلك بدا جلياً منذ المشهد الأول فقد تم الاسقاط على ما سبق ، من خلال وضع الأرملتين المكياج وتغيير شكلهما من أول المشهد لنهايته ، في حين تشيران في حوارهما أنهما قد دفنتا زوجيهما للتو .
النادل ( الليث الكحيلي ) فجأة مخاطباً الجمهور بشكل مباشر ودون مقدمات .. بأنه يعرف الإثنتين وأنهما تأتيان دائماً إلى المكان لكن مع صحبة .. وكل فتاة في ميعاد ، واحدة قبل الظهر وواحدة بعده ..
ومع مرور الوقت والحوار السطحي الأقرب إلى التفاهة والسخافة .. وأيضاً الصراع حول من هو زوج الأرملتين الذي خان الأخرى أو أحبها ، يصلا وبشكل مباغة إلى نتيجة مفادها أن هناك ثالثة ( لين انجام الطالبة في السنة الثانية ) تصادق الزوجين ...
ومع فضول الأرملتين لمعرفة شكل الثالثة ـ والتي كانت قد دخلت أيضاً إلى الكافيتيريا ـ وهي أيضاً بلباس الحداد الأنيق ... يرفعان نقاب الحداد عن وجهها لنشاهد جمجمة ـ إنها الموت ـ وتنصرف الأرملتان من المكان ، ليصل الرجل الأول ( خالد عضيمة ) إلى الكافيتيريا ، ويجلس على الطاولة الوسطى ، لكن النادل الحذر من جلوسه يحاول إقناعه بأن الطاولة محجوزة لشخصية مهمة لها موقعها ، ومع ذلك لا يصل إلى جدوى كونه شخصية شعبية عبثية تكذب كثيراً وتخترع بطولات لامعقولة وتتاجر بالممنوعات بمستوى صغير ، لذلك يمكن أن نصفه بالمشاكس أو البلطجي الصغير ، وهو عادة ما يقوم ببيع الممنوعات وشرائها في حديقة الحيوان.. ومع خروجه من الكافتيريا لإجراء مكالمة عبر هاتفه الجوال، يدخل الرجل الثاني ( عقيل سليمان ) بشخصيته الوقورة الدالة على أنه قارئ نهم ولديه اطلاع واسع ، لكن يبدو مدّعي الثقافة ـ أو على الأقل أنا هكذا قرأته ... ويجلس على الطاولة الوسطى ، مما يستدعي الأمر تدخل النادل ، الذي يحاول مجدداً وبشتى الوسائل إقناعه بأن يجلس على طاولة ثانية ، مشيراً أن الجلوس على الطاولة الوسطى فيه خطر ، لكن دون فائدة مع هذا الرجل الثاني الذي يلقي محاضرة تنظيرية حول قيمة الجلوس في المركز وأهمية ذلك .. وما أن يعود الرجل الأول ثانية ويتم التعارف بين الشخصيتين تصل الأرملة الثالثة فيستقبلها النادل بحفاوة ، ويجلسها على الطاولة الوسطى .. وعلى الفور يسعى كل من الرجلين الأول والثاني التقرّب من الأرملة الأخيرة ، فيبدأ الأول بقصة خيالية يذكرها من خلالها بنفسه يوم قتل تمساح كبير ، والثاني يقص حكاية مليئة بلغة مثقفة لكنها فارغة علها تتذكره في الحديقة ..
ترقص الأرملة الثالثة مع الرجلين الذين يحاولان التدافع لنيل فرصة الرقص معها .. ثم يتبارزان فيسقط الرجل الأول ميتاً نتيجة زحلقته على موزة مرمية ـ كان النادل خلال مونولوجه أمام الجمهور قد أكلها ورماها خلفه ـ مع مساعدة الرجل الثاني للنادل بحمل جثة الأول يسقط هو الأخر ميتاً كونه مريض قلب وقد شرب الدواء مع الكحول ..
هنا يصرح النادل ما يختلج بصدره في تحذيره المسبق بأن لا يجلسا على الطاولة المركزية .. ثم يبوح بمونولوج وجداني آسر ينبش من خلاله ذاكرة العرض : أنا زلمة ماني طريف ولا مهضوم بس مضطر حط هالقناع لإني بدونه ما حدا بيجي لهون لعندي ..
هدول التنين مفكرين أنهن الوحيدين يللي بيروحه على حديقة الحيوان .. أنا كمان بروح على حديقة الحيوانات ، بس مو منشان تاجر بالممنوعات متل هاد .. ولا منشان إتصفن وقول إني سوداوي قدام الآخرين متل هاد ..
أنا بروح على حديقة الحيوان لإني بحب الحيوانات ، وأكتر شي بحبن هنن القرود ... أنا تعبت من البشر تعبت من التطليع عليهن كل يوم تمن ساعات .. عرفت المنيح والقبيح ، عرفت السخيفة والعميقة والتافهة .. عرفت المثقف ومدعي الثقافة .. البني آدم ما عاده بني آدم .. نحنا عايشين بعصر الإنحطاط ، يا حبيبي إذا ركبت مرسيدس مو معناها إنت مهم ، لأ ، المرسيدس هي المهمة .
هلأ صار المهم إنو كل واحد يغير تفاصيل جسمه وصار هادا هوه معيار الجمال والأهمية .. حفل الزواج صار أهم من الحب ، اللباس أهم من الجسد ، حتى المعبد صار أهم من المعبود ... لهيك قررت إبتعد وروح على حديقة الحيوانات .

-

*الياس الحاج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• من مادتي في الحياة المسرحية ( 3 ) .
الياس الحاج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.