الصفحات

أسير داخل الوطن..! قصة قصيرة ...* بقلم اسماعيل آلرجب - العراق

⏪⏬
قيدوني في الأسر ، غطو عيوني بالبرقع ، رشو الماء البارد على صدري ، ، للسيطرة على هيجاني وثورتي ، هم يشعرون بالثقة في ترويض شخصية حادة ، كانوا يقومون بترويضي ، كما يروّض الصقر ، يربطون احد اقدامه بحبل طويل ، ثم يطلقون له حمامة ، ، ولانّي اريد ان اكون سيدا ، حاولت ولمرات متعددة الافلات من الاسر ،
خمسة اشهر على تجرر الاحتمالات ، وانسداد الافق بوجه وجودي الضئيل ، وجسدي المشدود الى البلاط ، كجثة سقطت من حبل مشنقة ، تمر الشمس خلف الجدران الصّلدة ، اشعر بها ، اتحسسها ، فتجتاحني رغبة في الانبثاق الى اعلى ، بقوة تخرق السّقف .ولن تمنعني تلك الجدران من التجوال في الشوارع التي احبها، تلك الأماكن التي مشيت بها يوما ، واظنّ إن من تركتهم خلفي سيحتفظون بمكاني على تلك الأرصفة، ، سيهبط السواد في أكثر نهارات عائلتي إشراقا ،وانا بعيد عنهم ، ولو جاز ان لايحدث كل هذا في خيالي ، وقتها قدأشعر بأنّي محاصر ومريض وربما سأصاب بوباء المسافة، ذلك الذي لا يستطيع أحد التّخلّص منه ، سوى بالتصوّر المختلف والجميل في ذاكرة الطرف الآخر من الحياة. ، ذلك أن “الإنسان لا يموت إلا حينما لا يتذكرهُ أحد”، في مرض المسافة أمنيات مُشدودة الى يد السجان ، وقرقعة المفاتيح وهويشرع بغلق أبواب السجن وفتحها ، يشاركني أبسط تفاصيل الحديث، زميل استقبلني بتودد عند دخولي فصرنا اصدقاء ، يستمع احدنا للآخر الى تفاصيل دقيقة واحيانا مملة وروتينية، إن مجرد سماع تلك التفاصيل يجعلها تبدو ملونة، تنمو فتمنح قدرة على البقاء فترة اطول ، يسمع تفاصيل صغيرة واحيانا سخيفة ، يصغي لها باهتمام دون مقاطعة ، هذه التفاصيل تعدم المسافة ، وتشجّع على البوح ، ذلك أنّي أكافح للحفاظ على كل عالمي من الماضي، ولا أشعر بإذلال في مقاومة واقع الأسر.

*اسماعيل آلرجب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.