الصفحات

الإنسان و الصراع المادّي ...*نصر الدين بن نبي

⏬⏪
إن التقدم الحضاري الذي تزعم امريكا وأروبا وغيرهما أنهم أحرزوه في شتى المجالات
وخدموا به البشرية ، وحققوا لها الرفاهية ،ليس في حقيقته تقدما ولا رقيا ،بل هو خطوة عملاقة إلى الوراء، ورجوع بالإنسان إلى
جاهلية القرن الواحد و العشرين ، ذلك لأن المادة انتصرت فيه على الإنسان ،فاستعبدته،وأصبحت قيمته أرخص من بضع فرنكات...
ومن هنا وجدنا أنفسنا ندفع ثمن هذا التطور هدما للقيم ، وتفسخا للعلاقات الإنسانية ،
و الأخطر من هذا أننا دخلنا في دوّامة من الجدل السوفسطائي بحيث أصبحنا لا ندري أنحن نمشي إلى الأمام أم إلى الوراء ،تحت تخدير بهارج الحضارة التكنولوجية وأضوائها الآخذة بالألباب.
من أجل المادة ،استرخصت الدّماء ، فسالت أودية وهانت النفوس ،فصارت الجثث البشرية تدفن بالجملة ، أو تلقى للكلاب في الشوارع و الأرصفة ، وبهذا فقد الانسان إنسانيته في الحروب الضارية التي خاضها ضد أخيه الإنسان فأهلك الحرث و النسل ، ودمر كل مظاهر الحسن
و الجمال.
لقد نسي الإنسان أوقل تناسى أن رقيه لا يكمن في صنع آلة تؤخر الزمن أو تلغيه ، ولا في اختراع قنبلة هيدروجينية تبيد مدنا بأكملها ... إنما رقيه يكمن في جمال أخلاقه وسموّ إنسانيته
و مدى إحساسه بمعاناة الآخرين ، و متى وصل الإنسان إلى هذا المستوى من السمو الروحي ،صارت المادة تابعة له ولم يعد عبدا لها ، واستطاع أن يملك العالم دون حروب هجومية توسعية.
إنّ نواميس الكون كلها ، وسننه الأزلية قضت أن يكون الإنسان سيد المخلوقات بدون منازع لكن الدول التي تقدمت تقدما ماديا ،قلبت الآية فجعلته تابعا لا سيدا، ومن ثم ّكان شقاء الإنسان الذي زاغ عن مقصده الحقيقي ، ورسالته المقدسة في هذا الكون.
لقد أثبت التاريخ بما ليس فيه مجال للريب ، أن الإنسان قد وجد نفسه عند بزوغ نور محمد عليه الصلاة و السلام ، فهو الرجل الوحيد الذي خلّصه من أدران النفس البشرية ، وسما به إلى أعلى المراتب ، وأرشده إلى مقصده ،و رسالته في هذه الحياة ،وبذلك استطاع محمد عليه الصلاة
و السلام أن يملك العالم في وقت قياسي ، وصنع رجالا أقل ما يقال عنهم أنهم عظماء استطاعوا أن يقودوا البشرية إلى بر الأمان ، لا لشيء إلا لأنهم لم يعيشوا لأنفسهم بل سخروا حياتهم لإسعاد الآخرين، فلم تتوقف سمعتهم عند مغادرتهم لهذه الحياة ، بل امتدت واستمرت بتعاقب الأجيال البشرية ، وسجلّ التاريخ أسماءهم في سجل عظماء الإنسانية بأحرف من ذهب .

*نصر الدين بن نبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.