الصفحات

عزيزة ــ قصة قصيرة ... *بقلم عبير صفوت


زاغت عينيها في براح النشوة والحب الذي احتكرها قائلة بصوت اقرب إلي النحيب وهي ، توصد خلفها الباب الضخم بقوة : سيبوني يناس ، سيوبني بقة في همي وحالي وخيبتي .

شعرت والدة عزيزة التي كانت تقف بالخارج بشئ من الحزن والرثاء قائلة بصوت اقرب الي النحيب : ونبي ياعزيزة الولد رجال ، ربنا يهديك افتح الباب يابنتي .
بكت عزيزة وهي تطهق حين تجسدت عيون حبيبها تهتز ب رموشها قائل بالصدق : عزيزة ، بحبك ياعزيزة ، بحبك ، بحبك قوي .
ترقرت مأقي عزيزة ، وانتفخت الاوداج قائلة بشفتيها المقلوبة الملتهبة : بحبك يامحمد ، انا كمان بحبك ، وحياة سيدي المنصوري بحبك ، بحبك يامحمد بحبك .
حينها تركها محمد وقفز فوق الساقية ، حتي زعرت عزيزة وصرخت: محمد حاسب يامحمد .
نظرها محمد بلامبالاة قائلا كأنه يتحدي العالم بشفتاة الناعمة الوردية النضرة : الناس عايزة اية من محمد ، محمد ياعزيزة ، محمد .
بكت عزيزة وهي تنشج بصوتها الناعم : لا يامحمد ، لا متقولش كدة ، انا هاموت نفسي علشانك دلوقتي .
دبت الكلمة في قلب محمد كالصاعقة ، حتي قفز في ثانية بخفة الصبا ورشاقة الفحولة حتي صارت عزيزة بين زرعاه قائلا لها وهو ينظر في بحور عينها : عزيزة ، بحبك يابت ، بحبك قوي ، قوي قوي قوي ياعزيزة .

استفاقت عزيزة وهي تحتضن وسادة لدنة ، بانامل مرتعشة متشبثة بعنف ، وعيون دامية كاجمرة نار ، وصوت يهتز كا سلك عريان يلفظ محبة الأنفاس الأخيرة .
وهي تردد بحرقة وقهر ميؤوس كاثور ملجم بالنهاية ، حتي ادمت شفتيها : محمد ، محمد ، محمد .
..........
وقف الأب وهو يشير لأبنة الوحيد ويستحلفة بكهولته المسنه الضعيفة ، بصوت أضاعت ملامحة الهن : كده يامحمد ، كده يابني ، العمر راح ياولدي ، انا وامك عجايز يابني ، يرضيك الشيبة يامحمد .
شعر محمد بوخز الضمير ، حتي قال بسعة قلبة وكل رجولته المتفجرة : لا يابا متخفش انت وامي ، دانا محمد ، محمد يناس ، انا العزة والكرامة يابا ، انا ابنك وهفضل ابنك محمد .
خرج العجوز عن صمته وهو يبحث عن ابنه الوحيد قائلا : ابوك ضرير يامحمد ، وانت سندي يابني .
وخزت الخناجر اضلاع محمد ، وشعر بالمسؤلية قائلا : ال يحتاجة البيت يابا يحرم علي الجامع .
ابتسم الأب بعتمة عينية ، وهو يحتضن محمد ، قائلا : سند ابوك يابني ، ابوك يامحمد ، سامحني يابني .
محمد وكاد يبكي : ابدا يابا ، سمحني انت يابا ، سمحوني يناس ، سمحيني يانفسي ، علشان حبيت ونسيت نفسي .
..............
تجلي النهار ، حين دخلت الأم مكللة بالإفراج والزغاريد مهللة لابنتها التي مازلت حتي وقت متأخر نائمة: انهاردة يوم السعادة والهنا ، يومك ياحبيبتي ، استيقظي ياعروسة .
استمعت الأم لنحيب من البيت المجاور ، حتي تركت ابنتها قيظ غفوتها نائمة ، حتي تطلعت وايقنت الخبر الذي جزعها ، حتي دبت بقفص صدرها قائلا : يلهوي علي شبابك ياولدي .
............
اتي الليل وتمضعت الاقاويل ، حين قال احدهم: ياعين يولداه ، علي ال حب ولا طالشي .
ثم قال رجلا مجاور له : ماتوا من حسرة الفراق .
ثم قال اخر : زينة الشباب وست العرايس يناس .
وامتلاء المكان بالنحيب والحزن .
حتي ارتسمت ملامح الفقيد والفقيدة ، محمد وعزيزة حتي قاما بإداعهما مثوي طريقهم الأخير .

*عبير صفوت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.